أبوظبي (الاتحاد)

أكدت ندوة دولية لمركز تريندز للبحوث والاستشارات على ضرورة وقف تدفقات التمويل العابر للحدود، التي تستفيد منها جماعة الإخوان المسلمين وشبكاتها، محذّرة من التهديدات الفكرية والأمنية المترتبة على ذلك، وداعية إلى تعاون أوروبي - عربي واسع لرسم خريطة طريق شاملة لمكافحة هذه الظاهرة المعقّدة.
وعُقدت الندوة بتنظيم مشترك بين مركز تريندز للبحوث والاستشارات والسيناتورة الفرنسية ناتلي جوليه، عضو مجلس الشيوخ، في قاعة «مونوري» بمجلس الشيوخ الفرنسي، تحت عنوان: «العمل معاً لوقف تمويل الإخوان المسلمين في أوروبا: التحديات والفرص»، بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين والمسؤولين الأوروبيين والعرب.


وفي كلمته الافتتاحية، رحّب الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالحضور، مؤكداً أن تمويل الجماعات المتطرفة – وفي مقدّمتها جماعة الإخوان المسلمين – يُعد أحد أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة.
وأشار إلى أن مركز تريندز تبنى منذ تأسيسه مشروعاً بحثياً معمّقاً لتحليل البنية الاقتصادية السرية لهذه الجماعة، باعتبار أن فهم آلياتها المالية هو المدخل الأساسي لاحتواء تمددها الأيديولوجي والتنظيمي.
واستعرض الدكتور العلي نتائج الحلقة البحثية الأولى التي عقدها المركز في أبوظبي، والتي خلُصت إلى أن وقف التمويل يُمثّل نقطة انطلاق ضرورية لتحصين المجتمعات الأوروبية من الاختراق التنظيمي والإيديولوجي. وأوضح أن ندوة باريس تُعد امتداداً لذلك الجهد، مضيفةً بُعداً أوروبياً أعمق بمشاركة نخبة من المختصين في مجالات الأمن والاقتصاد والفكر.
في كلمتها الترحيبية، أعربت السيناتورة ناتلي جوليه عن قلقها من تضخّم التمويلات المخصصة للدراسات الإسلامية في أوروبا، مشيرة إلى استغلال هذه الموارد في الترويج للإسلاموية وتجميل صورتها، مؤكدة أن هذا الاستغلال يمثل تهديداً مباشراً لجهود مكافحة التطرف، ويعيق الاستقرار محلياً ودولياً، داعية إلى إعادة النظر في منظومة التمويل البحثي المرتبط بالإسلام السياسي.
وتضمنت الندوة، التي جاءت في صورة (ورشة عمل)، محاور عدة تركزت حول توصيف الشبكات ومعوقات وقف التمويل وخريطة الطريق، وناقشت هيكل التمويل لدى جماعة الإخوان المسلمين، وأنماط وديناميكيات التمويل في أوروبا، وتحديات وقف التدفقات المالية عبر البلوك تشين، والدروس المستخلصة من التجربة العربية، وأهمية التعاون الأوروبي العربي، وخريطة طريق، إضافة إلى دور كل من الإعلام ومراكز الفكر. 

سياسات فعالة
وقد أدار ورشة العمل الدكتور وائل صالح، مستشار شؤون الإسلام السياسي في «تريندز»، والذي أكد خلال الندوة الأولى التي أدارها موضوعاً استراتيجياً ذا أهمية بالغة، تمثل في «شبكات التمويل والتحديات المتعلقة بوقف التدفقات المالية في ظل التعقيدات الأمنية والهجينة العابرة للحدود. وشدّد خلال مداخلته على خطورة جماعة الإخوان المسلمين، التي تتميز بهيكلية مالية متشعبة وقدرة فائقة على التكيف، مما يجعل فهم آليات تمويلها شرطاً جوهرياً وأساسياً لوضع سياسات فعالة وشاملة تتيح مواجهتها بفعالية.

التجربة الإماراتية 
قدّم  الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، مداخلة بعنوان «دروس من التجربة العربية»، سلّط فيها الضوء على النموذج الإماراتي في تفكيك تنظيم الإخوان، ودعم خطاب الاعتدال والمواطنة.
وأوضح أن الإسلام دين محبة ورحمة وأخلاق، وليس مشروعاً سياسياً أو منظومة حكم، مشيراً إلى تأثر تنظيم الإخوان بحركات عنيفة، وإنشاء منظمات سرية تسعى لفرض التغيير بالقوة تحت شعار «تغيير المنكر».

أخبار ذات صلة 18 وجهة صيفية للناقلات الوطنية لعام 2025 فيليبسن «الأسرع» في «طواف فرنسا»


الإعلام 
تحدث في ورشة العمل تحت قبة مجلس الشيوخ الفرنسي، أوليفييه فيال، مدير المركز الجامعي للدراسات والبحوث، وتطرق إلى التأثير المتزايد للإعلام المرتبط بجماعة الإخوان، مشيراً إلى أن بعض القنوات، مثل AJ، تُروّج لأجنداتها بين الشباب المهاجرين والفئات المهمشة. وحذّر من وجود تحالف بين الحركات الإسلاموية وبعض التيارات الاجتماعية الغربية – ما يُعرف بـ «الإسلامو–ووكيسم» – يسهم في ترسيخ الفكر المتطرف في المجتمعات الأوروبية. 

الهيكل المالي للإخوان 
وفي ورقة عمل تحليلية، كشف الباحث حمد الحوسني، رئيس قسم دراسات الإسلام السياسي في «تريندز»، أن الإخوان يعتمدون على نموذج مالي مركزي ومستدام، يرتكز على اشتراكات الأفراد، والتبرعات، وشبكات اقتصادية منتشرة في أوروبا وكندا وسويسرا. وأشار إلى أن الجماعة لا تزال قادرة على التكيف مع القيود القانونية، مستخدمة أدوات غير تقليدية لتحريك الأموال، مما يفرض تحديات أمنية متزايدة على الدول الأوروبية. وذكر أن الاقتصاد الإخواني شهد تطوراً منذ مرحلة التأسيس التي ارتبطت بشركة «المعاملات الإسلامية»، ومرّ بمحطات عدة من دعم مادي داخلي إلى محاولات تجفيف المنابع بعد 30 يونيو 2013. 

مراكز الفكر 
وفي مداخلة مشتركة، أوضحت الباحثتان شمسة القبيسي وشيخة النعيمي من «تريندز» أن التقارير الأوروبية، ومنها تقرير «TE-SAT» الصادر عن اليوروبول، ترصد أكثر من 140 مليون يورو يُشتبه في استخدامها في تمويل الإرهاب.
وأكدتا على أهمية دور مراكز الفكر في رصد التمويلات «الرمادية» عبر أدوات تحليل متقدمة كالذكاء الاصطناعي، وتطوير الأطر التشريعية، وتقديم الدعم المعرفي لصنّاع القرار.  وأشارتا إلى أن مركز تريندز يشكّل نموذجاً عالمياً في كشف شبكات تمويل الإسلام السياسي، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين. عبر دراسات مثل «الهيكل الاقتصادي للإخوان». كما كشف المركز من خلال دراسات متعددة عن تعقيد البنية. وبفضل لغاته المتعددة وانتشاره البحثي، وفر TRENDS أرضية معرفية مشتركة تعزز التعاون الدولي وتساعد صُنّاع القرار على مواجهة التهديدات المتغيرة بفعالية. 

تعاون شامل ومستدام 
وقد اختُتمت أعمال الورشة بالتأكيد على أهمية بناء تحالفات بحثية وسياسية وإعلامية أوروبية–عربية، لإنتاج فهم مشترك حول طبيعة التمويل المتطرف، وتجفيف منابعه، ووضع استراتيجية موحدة لمكافحة جماعة الإخوان وشبكاتها.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مركز تريندز للبحوث والاستشارات تريندز فرنسا الإخوان محمد عبدالله العلي مجلس الشيوخ الفرنسي الإخوان المسلمون جماعة الإخوان المسلمین الإسلام السیاسی فی أوروبا إلى أن

إقرأ أيضاً:

جامعة صحار توقّع اتفاقية تمويل دعمًا لمسيرة البحث والابتكار

صحار- الرؤية

وقّعت جامعة صحار اتفاقية خاصة لإطلاق برنامج تمويل بحثي باسم الدكتور الراحل سليمان الحوقاني؛ وذلك خلال حفل وضع حجر الأساس لمبنى مركز الابتكار في الحرم الجامعي.

ويأتي ذلك في إطار التزامها الراسخ بتعزيز البحث العلمي وترسيخ ثقافة الابتكار في المجتمع الأكاديمي. وكان للدكتور سليمان الحوقاني- رحمه الله- دور كبير في دعم الاستثمار العلمي في عدد من الجامعات الخاصة في سلطنة عمان وتمثل هذه المبادرة الطيبة من عائلة المرحوم التزامهم العالي بمواصلة مسيرة العطاء والدعم الأكاديمي.

وقّع الاتفاقية كلٌّ من الدكتور حمدان بن سليمان الفزاري، رئيس جامعة صحار، والدكتورة شيخة سليمان الحوقاني ممثلة عن عائلة الدكتور سليمان الحوقاني، وذلك تحت رعاية معالي الأستاذة الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وحضور عدد من أصحاب السعادة والأكاديميين والباحثين والمهتمين بمجالات البحث والابتكار.

ويهدف البرنامج إلى دعم المشاريع البحثية النوعية في جامعة صحار لبناء القدرات البحثية للباحثين ودعم طلبة الدكتوراة من العمانيين وكذلك لتطوير الإمكانيات البحثية للباحثين لما بعد الدكتوراة. وتُعد هذه المنحة البحثية خطوة مضافة في تعزيز جودة الإنتاج العلمي ودعم تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040" التي تركز على بناء اقتصاد قائم على المعرفة وتمكين الكفاءات البحثية الوطنية وتشجيع الدراسات التطبيقية التي تسهم في إيجاد حلول مستدامة للتحديات التنموية.

وتسعى الاتفاقية إلى تحفيز الباحثين والطلبة المتميزين للمشاركة في مشاريع بحثية ذات أثر مجتمعي واقتصادي، وتوسيع مجالات التعاون بين الجامعة والمؤسسات الوطنية والإقليمية في الابتكار والتنمية المستدامة. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية جامعة صحار الخمسية (2023- 2028)، التي تضع البحث العلمي والابتكار في صميم رسالتها الأكاديمية، لتكون الجامعة مركزًا إقليميًا رائدًا في تطوير المعرفة وتوظيفها لخدمة المجتمع وتعزيز تنافسية سلطنة عُمان على المستويين الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • الديهي ناعيًا أحمد عمر هاشم: دافع عن الحق.. ولم يسع لمنصب أو جاه
  • بعد وفاة أحمد عمر هاشم.. نشأت الديهي يفتح النار على شماتة الإخوان
  • جامعة صحار توقّع اتفاقية تمويل دعمًا لمسيرة البحث والابتكار
  • الدكتور أحمد عمر هاشم في حوار«للوفد»: الفكر لا يواجه إلا بالفكر والحجة لا تواجه إلا بالحجة
  • نبراس من منابر الفكر الإسلامي.. رئيس قضايا الدولة ينعى الدكتور أحمد عمر هاشم
  • مجلس حكماء المسلمين ينعى العالم الراحل الدكتور أحمد عمر هاشم
  • وزير الخارجية: مصر رشحت الدكتور خالد العناني لما يمتلكه من مؤهلات عالية
  • بوشر الوقفية تكشف خطة التمويل والاستثمار
  • 52 عاما على نصر أكتوبر المجيد.. ملحمة العبور التي أحدثت تغييرا في الفكر العسكري العالمي
  • المسكوت عنه