أثار إعلان والي ولاية الجزيرة، الطاهر إبراهيم الخير، عن محاكمة خمسة آلاف مواطن بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، موجة واسعة من الجدل في الشارع السوداني، حيث اعتبره ناشطون ومحامون خطوة تستهدف الأبرياء أكثر مما تعالج جذور الأزمة.

ود مدني: التغيير

تزامن تصريح الوالي مع معلومات رسمية تفيد بأن محكمة جنايات ود مدني شرعت بالفعل في النظر في قضايا 950 متهماً من بين آلاف القضايا التي سُجلت ضد متعاونين مفترضين مع قوات الدعم السريع.

وتشير تقديرات قانونية إلى وجود أكثر من خمسة آلاف معتقل في سجون ولاية الجزيرة وحدها، بينما تحدثت النيابة العامة سابقاً عن تدوين نحو 15 ألف بلاغ على نطاق أوسع يشمل ولايات أخرى.

تؤكد الحكومة أن هذه الخطوة تأتي في إطار ملاحقة المتخابرين والمتعاونين مع قوات الدعم السريع، بهدف حفظ الأمن وإعادة الاستقرار للولاية. لكن منظمات حقوقية وناشطين يرون أن العدد المعلن للمحاكمات يعكس توسعاً في دائرة الاتهامات، قد يشمل مواطنين لم يكن لهم خيار سوى البقاء في مناطق سيطرة القوات، بعد انسحاب وحدات من الجيش منها.

انتقادات حقوقية

المحامية والناشطة نفيسة حجر انتقدت ما وصفته بـ”العدالة الانتقائية”، وقالت في تعليق على فيسبوك إن الحكومة بدلاً من أن تحاسب المسؤولين عن انسحاب حامية ود مدني، الذي أفسح المجال أمام دخول قوات الدعم السريع، تتجه لمحاكمة آلاف من المواطنين. وأضافت أن “أبناء الجزيرة أصبحوا ضحية لصراع عسكري طويل الإعداد”، مطالبة بوقف هذه الإجراءات التي وصفتها بـ”الجائرة”.

محامية: الحكومة بدلاً من أن تحاسب المسؤولين عن انسحاب حامية ود مدني، الذي أفسح المجال أمام دخول قوات الدعم السريع، تتجه لمحاكمة آلاف من المواطنين

قضية المتعاونين مع الدعم السريع تحمل أبعاداً مقلقة لحقوق الإنسان في السودان. فالمحاكمات الجماعية بهذا الحجم تثير تساؤلات حول ضمانات العدالة، بدءاً من حق المتهمين في الحصول على محامين، مروراً بشفافية إجراءات المحاكمة، وانتهاءً بخطر استخدام التهم كأداة للانتقام السياسي أو لتصفية الحسابات.

تقارير من داخل الجزيرة تحدثت عن اعتقالات واسعة نفذت بشكل عشوائي، شملت حتى نازحين عادوا إلى منازلهم بعد توقف المعارك، أو عمالاً ظلوا في مناطق سيطرة الدعم السريع مجبرين بسبب انعدام الطرق الآمنة. حقوقيون اعتبروا أن “التعاون” في هذه السياقات مفهوم فضفاض قد يُفسَّر بطريقة تضع الأبرياء في قفص الاتهام.

مفارقات وازدواجية الاتهامات

من أبرز المفارقات التي برزت في هذه القضية حالات لأشخاص تعرضوا للاعتقال والتعذيب مرتين متتاليتين، مرة على يد قوات الدعم السريع بتهمة التعاون مع الجيش، ومرة أخرى على يد الجيش والسلطات الحكومية بتهمة التعاون مع الدعم السريع.

هذه الازدواجية، بحسب ناشطين، تجسد العبث الذي يعيشه المدنيون العالقون بين طرفي الصراع، وتؤكد أن المواطن البسيط هو الخاسر الأكبر

أحد الشهود تحدث عن شاب من قرية قرب المناقل، اُعتقل لأشهر لدى قوات الدعم السريع بتهمة إبلاغ الجيش بتحركاتهم، وبعد انسحابها اعتقلته السلطات الحكومية بنفس التهمة لكن بالعكس. هذه الازدواجية، بحسب ناشطين، تجسد العبث الذي يعيشه المدنيون العالقون بين طرفي الصراع، وتؤكد أن المواطن البسيط هو الخاسر الأكبر.

انقسام حاد

وبينما ترى السلطات أن هذه المحاكمات تمثل رادعاً ضرورياً للمتعاونين مع قوات الدعم السريع، يعتبر ناشطون أنها محاكمات سياسية قد تطال الأبرياء وتفاقم الانقسام المجتمعي، في وقت يعاني فيه سكان الجزيرة من تداعيات الحرب وانعدام الخدمات.

ويرى محللون أن المضي قدماً في هذه الإجراءات دون معايير واضحة للعدالة سيزيد من فقدان الثقة بين المواطنين والسلطة، ويضعف فرص أي مصالحة مستقبلية، ما يعمق الأزمة السودانية المستمرة منذ اندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع.

الوسومالمتعاونين ولاية الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المتعاونين ولاية الجزيرة مع قوات الدعم السریع بتهمة التعاون ود مدنی

إقرأ أيضاً:

سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق النفط.. متغيرات جديدة في حرب السودان

بدخول قوات الدعم السريع إلى حقل هجليج النفطي بغرب كردفان، أكبر حقول البترول في السودان، تصبح كل مناطق النفط في غرب السودان تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

تقرير: التغيير

الجيش السوداني – وبحسب مصادر عسكرية – أكد انسحاب اللواء (90) التابع لبابنوسة من المنطقة باتجاه دولة الجنوب، حيث سبقته إلى هناك قوات الفرقة (22) بابنوسة واللواء (89) مشاة واللواء (170) مدفعية، تجنبًا للخسائر المادية والبشرية، برفقة عدد من المهندسين والعاملين بالحقل.

الهجوم المتكرر بالطائرات المسيّرة والمدافع من قبل قوات الدعم السريع على حقول النفط بغرب كردفان دفع العاملين والشركات العاملة إلى مغادرة حقول الإنتاج منذ وقت مبكر، حيث توقف العمل.

تراجع وأرقام

إنتاج النفط السوداني تراجع إلى (60) ألف برميل يوميًا قبل الحرب، وتوقف تمامًا أثناء الحرب. وكان حقل هجليج ينتج (70) ألف برميل قبل أن يتراجع إلى حوالي (40) ألف برميل، في منطقة تقع فيها حوالي (70) بئرًا وترتبط بحقول النفط في حقول (نيم) و(دفرة) و(كنار)، بخط الأنابيب الرئيسي، وبالمنشآت النفطية ووحدة المعالجة المركزية في هجليج.

قوات الدعم السريع أكدت في بيان صحفي أن سيطرتها على الحقل لصالح الشعب السوداني، فيما راجت أنباء عن اعتزام قوات تأسيس التنسيق مع حكومة الجنوب فيما يتعلق بالنفط المُصدّر للخارج.

وقال القيادي بتحالف (تأسيس) محمد بشير، إن تحرير منطقة هجليج بولاية غرب كردفان يمثل مرحلة جديدة في الحرب، باعتبار أن المنطقة لديها ثقل اقتصادي واستراتيجي يتمثل في حقول النفط، الداعم الأبرز للاقتصاد، والسيطرة عليها تعني امتلاك ورقة استراتيجية في أي عملية بناء للدولة السودانية بشكلها الجديد.

وأضاف: في الجانب العسكري، موقع المنطقة الحيوي يجعلها نقطة ارتكاز تتحكم في خطوط الإمداد وحركة القوات، مما يغيّر ميزان القوى على الأرض بشكل أوضح.

وأشار بشير إلى أن سيطرة قوات تأسيس على كامل ولاية غرب كردفان تعني بداية مرحلة الحرب على ولايات شمال كردفان ووسط السودان.

هجليج حسابات واتفاقيات

الباحث الاقتصادي عبد الله محمد أكد لـ(التغيير) أن السودان سيفقد ما بين (300) و(400) مليون دولار سنويًا جراء توقف نفط الجنوب.

مشيرًا إلى أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الصادرات، حيث كانت الحكومة السودانية تأخذ حصتها كمواد بترولية وتصدر بقية النفط، وبالتالي ستضطر لتعويض ذلك بالاستيراد.

وأوضح عبد الله أنه حتى في حالة اتفاق قوات الدعم السريع والجنوب على تشغيل الحقول، لا يمكن تعديل الاتفاقيات الموقعة من جانب حكومة السودان، التي تمتلك ورقة ضغط مهمة تتمثل في امتلاك الخط الناقل وصولًا إلى الميناء في بورتسودان.

وأبدى تخوفه من أن يؤدي الصراع على النفط إلى انفصال جديد لغرب السودان على غرار ما حدث في جنوب السودان، حيث كان النفط أحد محفزات الانفصال.

تجنب المخاطر

العقيد المتقاعد النور سعد، وصف لـ(التغيير) الوضع بالخطير بعد سيطرة قوات الدعم السريع على اللواء (90) آخر معاقل الجيش في ولاية غرب كردفان، مشيرًا إلى أن الانسحاب كان لا بد منه في ظل سقوط الفرقة في بابنوسة، كما أن القتال في منطقة حيوية واستراتيجية كان سيوقع خسائر كبيرة في المنطقة، حتى لو كان اللواء (90) يمتلك إمكانيات قتالية، إذ كان سينسحب تجنبًا للخسائر كما ذكرنا.

#غرب_كردفان | محلية هجليج

◉ سيطرت مليشيا الدعم السريع على منطقة هجليج النفطية، بما في ذلك مقر قيادة اللواء 90 مشاة عقب انسحاب القوات المسلحة ليلًا تجنبًا لوقوع دمار في المنطقة، مع إجلاء العمال السودانيين والصينيين من الموقع النفطي.

◉ توغلت مليشيا الدعم السريع نحو 22 كيلومترًا… pic.twitter.com/Qnvh1ED1DM

— VISTA (@VistaMaps) December 8, 2025

وأكد سعد أن خطوط إمداد الدعم السريع باتت مفتوحة من ولاية شرق دارفور (الضعين)، مما يضيّق الخناق على مناطق جنوب كردفان المحاصرة وهي كادوقلي والدلنج. وأشار  إلى ضرورة تحرك سريع ومدروس للجيش لفك حصار جنوب كردفان.

قائلًا: مرحلة الاستنزاف يجب ألا تطول حتى لا تتمكن قوات الدعم السريع – بمساعدة الإمارات – من بناء منظومات دفاعية في مناطق سيطرتها الجديدة كما حدث في نيالا.

وتابع: دولة جنوب السودان أيضًا متضررة من توقف النفط، وربما سيتم الضغط عليها من قبل داعمي قوات الدعم السريع لفتح خطوط إمداد جديدة من هناك للسودان، ولكن لا ننسى أن الحكومة في بورتسودان تمتلك أيضًا ميزة خطوط الصادر شرقًا، وبالتالي الوضع معقد جدًا.

وأضاف: الدعم السريع تقاتل بلا أخلاق، وهي جهة غير مؤتمنة على ممتلكات السودانيين، تمارس النهب والسرقة، وكلنا شهود عيان على الدمار والسرقات في حقول وشركات النفط. وأكد سعد ثقته في خطة قيادة الجيش السوداني في قلب الطاولة وتغيير المعادلة على الأرض.

الوسومإنتاج النفط في السودان حقل هجليج ولاية غرب كردفان

مقالات مشابهة

  • الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات على شبكة كولومبية تدعم الدعم السريع
  • الجيش ينسحب من حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع في السودان
  • سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق النفط.. متغيرات جديدة في حرب السودان
  • الدعم السريع يسيطر على أهم منطقة نفطية في السودان
  • الجيش السوداني يكشف عن دولة إقليمية تدعم قوات الدعم السريع
  • الدعم السريع تعلن السيطرة على حقل نفط استراتيجي جنوب كردفان
  • يضم مناجم ذهب.. "الدعم السريع" تسيطر على أكبر حقل نفطي في السودان
  • الجيش السوداني ينسحب من حقل هجليج النفطي والدعم السريع تهاجم
  • قوات الدعم السريع تسيطر على حقل نفطي غربي السودان
  • «الدعم السريع» يقصف المدنيين في كردفان