قال الكاتب الصحفي ديفيد ريمنيك إن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل ومصر هي رحلة عن التعاقدية السياسية وليس عن السلام التحويلي، فمن السهل الإعلان عن "شرق أوسط جديد" بقدر تحقيقه.

وأضاف ريمنيك خلال مقال له في مجلة "ذي نيويوركر" الأمريكية إن طائرة ترامب هبطت في مطار بن غوريون في 13 تشرين الأول / أكتوبر ومع تسليم حماس آخر أسير حي لديها، وتوقف القصف الإسرائيلي في حرب استمرت عامين وكان يمكن أن تنتهي قبل ذلك بوقت طويل.



وتابع أنه تم الترحيب بترامب في طريقه للكنيست باليافطات مثل كورش العظيم الذي سمح لليهود في 538 قبل الميلاد بالعودة من السبي البابلي إلى الأرض المقدسة، وفي أثناء خطابه أثنى على طريقة تعامل الأمن مع نائبين، يهودي وعربي طالباه بالاعتراف بدولة فلسطين، قبل أن يتحول لشكر مبعوثه ستيفن ويتكوف وممولته مريام أديلسون (لديها 60 مليار دولار في حسابها البنكي) ثم مهاجمة جو بايدن، أسوأ رئيس لأمريكا في تاريخها وباراك أوباما الذي يأتي بعده في السوء.

وعلق الكاتب أنه من المستحيل ألا يشعر الواحد بالراحة لنهاية هذه الحرب الطويلة والرهيبة، مثلما من الصعب أيضا تجاهل أن قرار الرئيس باستخدام نفوذه ومكره على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يكن مدفوعا باستراتيجية متسقة أو تعاطف أو قناعة راسخة.


وأضاف أنه في الواقع، أججت تأملاته المجنونة في وقت سابق من هذا العام حول جعل غزة "ريفييرا الشرق الأوسط" خيالات اليمين الإسرائيلي بإعادة التوطن في القطاع وضم الضفة الغربية، كما أنها زادت من غضب العالم.

وجاءت اللحظة الحاسمة في 9 أيلول / سبتمبر، عندما أمر نتنياهو بشن غارة جوية على مبنى سكني في الدوحة، على أمل قتل أربعة من قادة حماس كانوا منخرطين آنذاك في مفاوضات وقف إطلاق النار، أخطأت الضربة أهدافها، لكنها هزت ترامب بوضوح.

وأضاف أن تعامل نتنياهو مع دعم الرؤساء الأمريكيين السابقين للرئيس ترامب بأنه واقع مسلم به، لكن الضربة على الدوحة لمست جانبا أكثر حساسية من المبادئ، وأن النتيجة النهائية، تتشابك مشاريع عائلة ترامب التجارية بشكل متزايد مع رأس المال القطري والخليجي، وهو ما دفع ترامب لإجبار نتنياهو على تقديم اعتذار مكتوب للقطريين، بشكل أعاد لهم ثقتهم وكرامتهم، وطمأن تركيا ومصر، ودفع هذين النظامين إلى الضغط على حماس لقبول اتفاق وقف إطلاق النار المرتقب.
في النهاية، كانت الضربة الجوية الإسرائيلية الفاشلة هي العامل الأكثر تأثيرا في الحرب.


وتابع أنه الآن يتحدث ترامب عن "فجر جديد للشرق الأوسط"، وعندما استخدم شمعون بيريز هذه العبارة، خلال سنوات اتفاقيات أوسلو الواعدة، سخر منه لسذاجته. أما رواية ترامب، فتعود إلى ثرثرة العقارات أكثر من الدبلوماسية، وهي روح "إن صدقت، فهو كذلك" التي استند إليها عندما أصر على أن برج ترامب يتألف من ثمانية وستين طابقا، مع أنه في الواقع يتألف من ثمانية وخمسين طابقا.

 وقال كاتب المقال إن الرئيس يقدم "خبراء الصفقات" على الدبلوماسيين المتزمتين، إلا أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط ليس بهذه البساطة كإفراغ كازينو مغلق منذ وقت.

وتابع أنه ولا يمكن للإدارة أن تعلن نهاية ما يسميه الرئيس "ثلاثة آلاف عام" من الصراع، ثم تنتقل إلى مشروعها المحلي لتقويض سيادة القانون، فالتاريخ يقاوم الحيل القصيرة.

وأردف ريمنيك أنه يظل الحديث عن "شرق أوسط جديد" هو سمة كلام نتنياهو المثالي، وبخاصة بعد حروبه مع حزب الله وحماس وإيران، في محاولة منه أن يتزيا زي تشرتشل، لكن ماذا عن الفشل في  7 تشرين الأول/أكتوبر 2023؟ فقد نسي الجميع، فهذه الرؤية القائمة على الأمنيات، أو بتعبير أدق، برنامج إعادة الانتخاب، تتجاهل التكلفة على إسرائيل في الرأي العام العالمي، إلى جانب التصدعات الأخلاقية والسياسية داخل إسرائيل نفسها. كما أنها تتجاهل الغضب الذي يغلي في قلوب الشباب الفلسطيني، الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم وأصدقائهم، لكنهم لم يفقدوا إصرارهم على الكرامة والوطن.

وأضاف ريمنيك أن التقدم الحقيقي في المنطقة، والعدالة والاستقرار الحقيقيين، يتطلبان التعافي من الجراح والثبات والخيال، والصبر، يوما بعد يوم، وعاما بعد عام، ومدة لا ترتبط بأي إدارة أمريكية.

وطرح الكاتب أسئلة حول مستقبل حماس ومن سيدفع تكاليف إعادة إعمار غزة؟ من سيحكمها؟ هل ستبقى القوات الإسرائيلية في القطاع؟ وفوق كل شيء، ما مصير "المسار الموثوق لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة" الذي يستحضره اتفاق وقف إطلاق النار بشكل غامض؟ لطالما رفض الحديث عن حل - دولتين أو كونفدرالية، أو أي احتمال تقريبا لتعايش آمن وحر، باعتباره إما ادعاء ساذجا أو تمثيلية ساخرة أو لفتة فارغة نحو مستقبل لا يتوقع أحد رؤيته.


وقال ريمنيك إن مراقبة ترامب وننتياهو في الكنيست تذكر بزمن آخر، عندما ذهب أنور السادات إلى إسرائيل وألقى خطابا وإلى جانبه مناحيم بيغن، وكلا الرجلين لم يكونا محبوبين، فالأول كان مطلوبا للإستعمار البريطاني لتعاطفه مع النازية، أما بيغن فقد كان متطرفا صهيونيا مطلوبا للبريطانيين، وما جمعهما هي جهود الرئيس جيمي كارتر.

ويعلق ريمنيك أن "لفتة السادات تنتمي إلى عصر آخر، حين كانت الشجاعة تعني تقبّل المخاطرة بدلا من التباهي، ما حدث في القدس الأسبوع الماضي بدا أقرب إلى تكرار لأقدم أنماطه، وليس "شرق أوسط جديد": غرور القادة الذين يخلطون بين إعلانات النصر والقرار الحقيقي، وصمود من تركوا ليتحملوا العواقب، إن مهمة العدالة، كعادتها، لا تقع على عاتق من يعلنون بزوغ فجر التاريخ ثم لا يواصلون السير، بل على عاتق من يصرون على مواصلة السير الطويل والمجهد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب حماس نتنياهو الشرق الأوسط الشرق الأوسط حماس نتنياهو ترامب سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

محلل سياسي إسرائيلي: نتنياهو ترك العصابات التي موّلها في غزة تواجه مصيرها

#سواليف

قال المحلل السياسي الإسرائيلي بن كسبيت إن رواية بنيامين #نتنياهو عن طفولته مع “أوري صفنيا” تصلح لفهم سلوكه اليوم: طفلٌ يتعرّض للتنمّر لا يواجه بيده، بل يستدعي الأخ الأكبر “يوني” ليحلّ المشكلة، ثم يروي لاحقًا “أنا ويوني أنهينا القصة”.

في القياس على #حرب-غزة، يقول كسبيت، لم ينجح نتنياهو في إنهائها بقراره، وكان يعلم أن الحرب استُنفدت منذ زمن وأن كل يوم إضافي يكلّف دمًا ومالًا ومكانة دولية، لكنه خشي من انهيار ائتلافه تحت ضغط بن غفير وسموتريتش وقاعدته اليمينية. من قطع العقدة الغزّية ليس “رئيس #حكومة_الاحتلال” بل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ وهكذا تحوّل شعار نتنياهو من “أنا ويوني” إلى “أنا وترامب حققنا الانتصار الكامل” فيما الحقيقة على الأرض أبعد ما تكون عن “نصرٍ حاسم”.

يكتب كسبيت أنّ حماس تسيطر ميدانيًا على مناطق يسكنها نحو 85% من أهالي القطاع، وأن آلاف المقاتلين انتشروا في المحافظات، ينفّذون إعدامات علنية ويستخدمون آليات هندسية ثقيلة، فيما سيطرت الحركة على عشرات المركبات وكميات كبيرة من السلاح والذخيرة التي موّلتها “إسرائيل” للعصابات كي تتحدى #حماس.

مقالات ذات صلة الأمن: موقوف بقضية شروع بالقتل مضرب عن الطعام ويرفض العلاج 2025/10/18

بدل “اليوم التالي” الذي طالبت به المؤسسة الأمنية والصحافة مرارًا — أي بناء بديلٍ إداري وأمني — فضّل نتنياهو إنكار ذكر “السلطة” حتى تلميحًا، وحلمت أوساطه بمشاهد خيالية من نوع “مشروع ريفييرا” وعودة مستوطنات “غوش قطيف” وحكم عسكري دائم. النتيجة — كما يسخر كسبيت — “كلام فارغ”: سلّحوا #العصابات على حساب دافع الضرائب ثم تركوها تُسحَق، تمامًا كخُطط سابقة فاشلة مثل “جيش لبنان الجنوبي” و”روابط القرى”.

ويضيف أن ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح سيخضعان عمليًا لقوات تابعة ومقرّبة من الرئيس محمود عباس؛ وأن “حكومة تكنوقراط” لإدارة غزة يجري تركيبها برعاية حسين الشيخ. فوق ذلك، وافق نتنياهو — بخلاف عقودٍ من الرفض الإسرائيلي لـ”تدويل الأمن” — على مسارٍ يُدخل رعاة حماس الإقليميين إلى إدارة المشهد: دور تركي مباشر، وتمويل قطري، ومظلّة دولية. أنصار نتنياهو يروّجون لفكرة أنه “إذا نكثت حماس بنود الاتفاق نعود للحرب فورًا”، لكن كسبيت يذكّر بأن هذا بالضبط ما كانت المعارضة المدنية تطالب به منذ عام: أولًا إنقاذ الأسرى/المختطفين، ثم العودة للضغط إذا خالفت حماس، بدل مطاردة وهم “الانتصار المطلق”.

يفنّد كسبيت ادعاء نتنياهو أنه “وحده” أصرّ على إعادة الأسرى وأن الجميع قالوا له إن ذلك مستحيل؛ فهدف إعادة الأسرى لم يكن ضمن “أهداف الحرب” التي صاغها نتنياهو يوم 7 أكتوبر، بل أُضيف يوم 16 أكتوبر بإصرار غادي آيزنكوت. أمّا سجِلّ إفشال صفقات جزئية فطويل، وغالبًا ما تباهى بن غفير، وأحيانًا سموتريتش، بأنهما مَن أوقفها. ومع ذلك أخبر نتنياهو الناجي من الأسر أفينطان أور مؤخرًا أنه كان “يرفض التقطيع إلى شرائح” ويريد صفقة واحدة شاملة — بينما سلوكه لعامين كان العكس. وعندما وافقت حماس أخيرًا على “جزئية”، انقلب نتنياهو ليطالب بـ”شاملة”، ثم قصف وفد قيادة حماس الذي ناقش المقترح في الدوحة، وهو ما دفع ترامب — بحسب كسبيت — لفقدان الصبر.

ويمتد نقد كسبيت إلى ما يسميه “الطائفة البيبيّة” داخل اليمين: عامان من شعارات “لا وقف إطلاق إلا بعد استسلام آخر مقاتل”، “لا قوّة دولية”، “نزع سلاح كامل” — ثم انقلابٌ كامل الخطاب بين ليلة وضحاها لتسويق “اتفاق تاريخي”. في المقابل يواصل نتنياهو، كما يرى الكاتب، حملة شيطنة ضد قيادات الأمن والجيش والسلطة القضائية، ويسعى لالتفافٍ على محاكمته حتى حدّ إدخال رئيسٍ أجنبي في نقاش “عفوٍ” محتمل، وهو سلوك يصفه كسبيت بأنه “حرب استنزاف ضد دولة إسرائيل نفسها” لتأمين خروجه القضائي والسياسي.

يرى كسبيت أن “الفضل” في عودة 20 أسيرًا أحياء لا يعود لنتنياهو ولا لائتلافه، بل لعائلات الأسرى والحراك الشعبي الواسع الذي حرّك البيت الأبيض ودوائر ترامب — رجال أعمالٍ نافذين ومستشارين سابقين — لفرض مسارٍ ينهي الحرب ويعيد الأسرى. هذه اللحظة الإنسانية المؤثرة لا تُلغي الحقائق: 42 أسيرًا قُتلوا أو ماتوا في الأسر، والدولة — بقيادة نتنياهو — قصّرت وأخفقت وتركت عائلات بألمٍ مفتوح. لذلك، كما يخلص، لا يملك نتنياهو حق المطالبة بـ”الشكر”، وهو الذي بنى سنواتٍ من “إدارة الأزمة” على تغذية حماس بالمال القطري وسياسات “الاحتواء”.

أخيرًا، يحذّر كسبيت من أن “ترامبيكو” — النسخة الترامبية لإعادة رسم خرائط الإقليم — يُدخل تركيا كلاعبٍ عسكري من الشمال إلى سوريا ومن الجنوب إلى غزة، ويمنح قطر مفاتيح التمويل، ويعيد “السلطة” إلى الواجهة، فيما تُوقَّع اتفاقات كبرى في شرم من دون حضور “إسرائيل” الفعلي كلاعبٍ مقرِّر. قد تكون الحرب انتهت كما أعلن ترامب، وقد تعود إذا تصادمت الأوهام الجديدة مع الواقع.

لكن المؤكد عند كسبيت أن من أعاد الأسرى هو الجمهور الإسرائيلي، وأن الطريق ما تزال طويلة لاستعادة الجثامين وإغلاق الجراح، وأن ما جرى يكشف مرةً أخرى: كلما تعرّى الفرق بين العرض الدعائي والواقع، يميل نتنياهو إلى إشعال النار للهروب من الحساب — وهذه المرة، يؤكد الكاتب، يجب أن تنتهي اللعبة.

مقالات مشابهة

  • صحيفة تكشف سبب استمرار نتنياهو في منع فتح معبر رفح
  • نتنياهو: حرب غزة لم تنته.. تبادل اتهامات وتحذيرات أمريكية من انهيار الهدنة
  • محلل سياسي إسرائيلي: نتنياهو ترك العصابات التي موّلها في غزة تواجه مصيرها
  • الجلاد: لا يمكن الرهان على نتنياهو كـرجل سلام.. والاتفاق الحالي مجرد قبول مؤقت للضغوط
  • ويتكوف: على حماس نزع سلاحها بشكل قاطع وليس لها مستقبل في غزة
  • بعد تهديده لـحماس.. ترامب يوضح ما إذا كان سيرسل قوات أمريكية لقتالها
  • ترامب: سيتدخل أحد ما ضد حماس إذا لزم الأمر برعاية أمريكية
  • ترامب: لم أقل إننا سندخل غزة.. ولكن هناك من سيدخلها إذا لم توقف حماس عمليات القتل
  • الحرب انتهت لكن الصراع قائم