علماء يجمعون أكبر فهرس في التاريخ لعناقيد المجرات
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
في خطوة تعتبر من أضخم ما أنجز في علم الفلك الحديث، أعلن فريق دولي من العلماء عن إعداد أكبر فهرس لعناقيد المجرات في تاريخ الرصد الكوني، وهو مشروع طَموح قد يُعيد رسم خريطتنا عن "الكون المظلم".
يطلق اصطلاح "الكون المظلم" على ذلك الجزء الغامض الذي يشكل أكثر من 95% من محتوى الكون، بين مادة مظلمة وطاقة مظلمة، وكلاهما لا نراه ولكن نلمس آثاره في كل مكان أثناء الرصد بأكبر وأقوى التلسكوبات.
اعتمد الفريق على بيانات من مشروع "مسح الطاقة المظلمة"، وهو مسح فلكي ضخم استمر 6 سنوات باستخدام كاميرا الطاقة المظلمة المثبّتة على تلسكوب "بلانكو" البالغ قطره 4 أمتار في تشيلي.
جمعت تلك الكاميرا صورا لسماء الليل، تظهر فيها مجرات تمتد عبر 8 مليارات سنة ضوئية، لتكشف عن عشرات آلاف العناقيد المجرّية، وهي مناطق في الكون تضمّ مئات أو آلاف المجرّات المترابطة بالجاذبية، مثل عقد من الضوء في شبكة كونية هائلة.
النتيجة كانت خريطة ثلاثية الأبعاد لكيفية تجمّع المادة عبر الزمن، وهي أشبه بـ"بصمة نمو" للكون نفسه منذ نشأته بعد الانفجار العظيم وحتى اليوم.
تجمعات المجرات ليست مجرد مشاهد خلابة في أعماق الفضاء، بل هي مخبر طبيعي لتجربة قوانين الفيزياء الكونية، فكل تجمّع يضمّ كميات هائلة من المادة، مرئية ومظلمة، تبطئ التوسع في مناطقها بفعل الجاذبية.
وبتحليل توزّع هذه التجمعات عبر الزمن، يمكن للعلماء اختبار ما إذا كان الكون يتوسع وفق النماذج النظرية الحالية أم أن هناك شيئا غامضا يبطئ أو يسرّع نمو البنى الكونية.
البيانات الجديدة اختُبرت وفق ما يُعرف بنموذج "لامدا سي دي إم" أو النموذج القياسي لعلم الكونيات، وهو النموذج الذي يصف كيف يتكوّن الكون من: حوالي 70% من طاقة مظلمة تدفع التوسّع المتسارع للكون، و25% من مادة مظلمة تُمسك المجرّات ببعضها، و5% فقط من المادة العادية التي تتضمن النجوم، والكواكب، ونحن.
توتر الكونوأظهرت النتائج أن ما رُصد من تجمعات يتطابق تقريبا مع ما يتنبّأ به هذا النموذج. أي أن الكون، رغم غموضه، ما زال يتصرف كما نتوقّع، على الأقل ضمن حدود ما نستطيع رصده اليوم.
إعلانورغم هذا التطابق، لا تزال هناك إشارة غامضة تقلق العلماء، تتمثل فيما يعرف بـ"توتر إس 8″، وهو اختلاف بسيط بين مدى "تكتل" المادة الذي نرصده اليوم وما كان متوقعا بناء على إشعاع الكون القديم (الذي رصدته بعثة بلانك التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية).
هذا التوتر قد يكون مجرد خطأ إحصائي، أو علامة على فيزياء جديدة تماما، مثل نوع مختلف من المادة المظلمة أو طاقة مظلمة متغيّرة عبر الزمن.
ومن ثم فالأمر لن يتوقّف هنا، فالمراصد مثل فيرا روبن وتلسكوب نانسي غريس رومان الفضائي الذي سينطلق مستقبلا، ستبدأ في جمع بيانات أدق وأعمق، وستتمكن هذه الأدوات من رصد مليارات المجرّات بدقة غير مسبوقة، مما سيسمح باختبار أكثر حسما لتاريخ تمدد الكون ونمو البنى المجرية فيه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
علماء يبتكرون علاج واعد للوقاية من فقدان البصر لدى مرضى السكر
تمكَن علماء بريطانيون من التوصل إلى علاج جديد من شأنه حماية مرضى السكري من فقدان البصر، وهو السبب الرئيس لهذه الآفة حالياً على مستوى العالم، حيث إن مئات الآلاف وربما الملايين من البشر يفقدون القدرة على الرؤية سنوياً بسبب تداعيات وتطورات مرض السكري الذي ينتشر في كل مكان من العالم.
وبحسب التقرير الذي نشرته جريدة "إيفننج ستاندرد" البريطانية، فقد خلصت دراسة طبية جديدة إلى التوصل لعلاج دوائي قد يُساعد في حماية مرضى السكري من فقدان البصر.
ووجد البحث، الذي أجرته جامعة "كوينز بلفاست" وبتمويل من جمعية السكري في بريطانيا، أنه من خلال استهداف الضرر المُبكر للعين قبل أن يُصبح غير قابل للعلاج، يُقدم هذا العلاج طريقة جديدة مُحتملة لإبطاء أو منع فقدان البصر لدى مرضى السكري.
وأشرف على الدراسة البروفيسور تيم كورتيس والدكتورة جوسي أوغسطين من معهد ويلكوم-ولفسون للطب التجريبي في كوينز، وشارك فيها فريق من الباحثين من كلية كينجز كوليدج لندن، وكلية ميدواي للصيدلة، والجامعة الطبية في ساوث كارولينا.
ويُعد مرض الشبكية السكري سبباً شائعاً لفقدان البصر لدى البالغين من المصابين بالمرض. ويحدث عندما يُلحق ارتفاع نسبة السكر في الدم الضرر بالأوعية الدموية والخلايا العصبية في شبكية العين، وهي الجزء من العين المسؤول عن استشعار الضوء وبدون علاج، يُمكن أن يؤدي هذا إلى مشاكل خطيرة في البصر والعمى.
وقال البروفيسور كورتيس: "غالباً ما يبدأ مرض الشبكية السكري دون أعراض، حيث يحدث تلفا مبكرا للخلايا العصبية والأوعية الدموية في الشبكية قبل وقت طويل من ملاحظة المرضى لأية مشاكل في الرؤية".
وأضاف: "تميل العلاجات الحالية إلى استهداف المراحل المتأخرة من المرض، عندما يكون قد حدث بالفعل تلف كبير، وغالباً ما يكون غير قابل للإصلاح. ومن خلال هذه الدراسة، أردنا استكشاف ما إذا كان التدخل الدوائي المبكر قادراً على إيقاف المرض في مساره قبل أن يؤدي إلى فقدان خطير للبصر".
وباستخدام نموذج جرذ لمرض السكري، اختبر الفريق دواءً يُسمى (2-HDP)، ووجدوا أنه يحمي الخلايا العصبية والأوعية الدموية في الشبكية، ويُقلل الالتهاب، ويُساعد في الحفاظ على الوظيفة البصرية.
ويعمل الدواء عن طريق تحييد الجزيئات الضارة التي تتراكم في الشبكية أثناء الإصابة بالسكري وتُسهم في فقدان البصر. كما فحص الفريق أنسجة الشبكية من مرضى السكري، واكتشفوا وجود نفس الجزيئات السامة التي يستهدفها الدواء.
وقال الباحثون إن هذا يُشير إلى أن الدواء قد يكون لديه القدرة على استهداف هذه الجزيئات لدى البشر أيضاً.
وقال الدكتور أوغسطين: "تكشف دراستنا عن علاج جديد محتمل لحماية البصر لدى مرضى السكري من خلال معالجة الضرر المبكر في شبكية العين قبل أن يصبح دائماً. ويمكن أن يؤدي هذا إلى جيل جديد من الأدوية التي تهدف إلى الحد من ضعف البصر وتحسين جودة حياة ملايين الأشخاص حول العالم".
وتضمن المشروع أيضاً استخدام محاكاة حاسوبية أظهرت أن الدواء يمكن أن يدخل بسهولة إلى خلايا الجسم، مما يزيد من إمكانية تطوير علاجات تعتمد على الأقراص في المستقبل.
وقال البروفيسور كورتيس: "يُبرز هذا الاكتشاف أهمية التدخل المبكر في مرض شبكية العين السكري، والحاجة المُلحة إلى علاجات جديدة ومُستهدفة يمكنها حماية البصر قبل حدوث ضرر دائم".
وقالت ميكايلا هو، من جمعية السكري في المملكة المتحدة: "تُعتبر مشاكل الرؤية وفقدان البصر أمراً مُدمراً لمرضى السكري، والعلاجات الحالية لا تُعالج تغيرات الشبكية بالسرعة الكافية. نفخر بدعمنا لهذه الدراسة، التي تشير إلى إمكانية وجود علاج جديد لإزالة المواد الضارة من شبكية العين، والتدخل لحماية بصر المرضى في وقت أبكر بكثير مما هو ممكن حالياً".