عن فاروق حسني والمتحف الكبير.. سألوني
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
أيام قليلة وتشهد مصر حدثًا فريدًا ينتظره العالم، حين يُفتح المتحف المصري الكبير على ضفاف التاريخ، تحت شمس نوفمبر، ليعلن عن ميلاد صرح حضاري لا يشبه سواه.
هنا، حيث يلتقي الحاضر بالماضي، وتعود ملامح الملوك إلى الضوء، يبدأ فصل جديد من حكاية مصر مع الزمان.
سألوني عن صاحب الحلم الأول، عن تلك الفكرة التي وُلدت في عقل فنانٍ رأى أن ذاكرة الأمة لا تُحفظ في الأوراق بل في الحجر والنور والجمال.
قلت لهم إن اسمه فاروق حسني، لم يكن يومًا وزيرًا تقليديًا، بل عاشقًا للفن يرى في الجمال ضرورة كالهواء، وفي الثقافة سلاحًا لا يقل شأنًا عن كل أسلحة القوة.
في التسعينيات، كان العالم يتغير، وكانت مصر تبحث عن نافذة تليق بتاريخها الممتد آلاف السنين، ومن مكتبه في وزارة الثقافة، انطلقت الفكرة: أن يُقام متحف يليق بالحضارة الأولى، على مقربة من الأهرامات، ليكون شهادة على عبقرية المكان والإنسان، كان المشروع وقتها حلمًا فوق الخيال، يحتاج إلى شجاعة وإيمان.
آمن الرجل أن المتحف ليس جدرانًا من حجر، بل رؤية لوطن يعرف قدر تاريخه، بذل جهده وسنواته في رسم ملامحه الأولى، فتح قنوات التعاون مع متاحف العالم، واستدعى من ذاكرة الفن ما يُعيد صياغة المكان ليغدو أيقونة عالمية.،وعندما خرج من الوزارة، ظل المتحف في قلبه كما يظل الحلم في عيون الحالمين.
واليوم، ونحن على أعتاب افتتاح المتحف في مطلع نوفمبر، يقف التاريخ ليقول كلمته: إن الفكرة تبقى أقوى من أصحابها، وإن الإبداع لا يشيخ، كم من الأسماء مرت بالمكان، وكم من الأيدي امتدت لتكمل البناء، لكن البذرة الأولى كانت له، زرعها بإصرار فنان لا يطلب مجدًا شخصيًا، بل يرى في الإنجاز مجد الوطن كله.
من يزور المتحف الكبير سيجد في كل زاوية توقيعًا غير مرئي لفاروق حسني: في اختيار الموقع، وفي التكوين المعماري، وفي تلك الروح التي تجعل الزائر يشعر أنه يدخل إلى قلب التاريخ لا إلى مبنى من زجاج. هنا يقف رمسيس الثاني شامخًا في البهو الرئيسي، وكأن الزمان عاد ليصافح صانعيه، وتتحرك القطع الأثرية في عرض مهيب يزاوج بين أصالة الماضي ودهشة الحاضر.
لقد أدرك حسني أن الثقافة لا تُختزل في الكتب أو المهرجانات، بل في مشروع يغيّر نظرة العالم إلى مصر، ولذلك لم يكن المتحف مشروعًا أثريًا فحسب، بل مشروعًا حضاريًا، أراد من خلاله أن يقول للعالم: “هذه هي مصر، لا تروي تاريخًا، بل تصنعه من جديد”.
لكن السؤال الذي يلحّ اليوم: لماذا لا تكرم الدولة هذا الرجل الذي بدأ الحلم؟ لماذا لا يُذكر اسمه في سياق الافتتاح، وقد كان أول من رسم ملامح الفكرة ووضع حجرها الأول؟ ليس تكريمًا لشخص، بل اعترافًا بفضل من رأى المستقبل قبل أن يأتي.
إن تكريم فاروق حسني هو تكريم لمرحلة كاملة من الوعي، كانت فيها الثقافة مشروع وطن، وليست نشاطًا عابرًا. فالرجل الذي أطلق مكتبة الأسرة، وجدّد المسارح، ورمم الآثار، وفتح نوافذ الفن على العالم، يستحق أن يُذكر يوم يحتفل المصريون بانتصار فكرته الكبرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المتحف المصري الكبير فصل جديد من
إقرأ أيضاً:
أثرية: المتحف المصري الكبير يروي قصة الحضارة المصرية بأسلوب يجمع بين العلم والجمال
أكدت آيات فاروق، الأثرية بإدارة العرض المتحفي بالمتحف المصري الكبير، أن المتحف لا يُعد مجرد مكان لعرض القطع الأثرية، بل يقوم على فلسفة متكاملة تهدف إلى تقديم قصة الحضارة المصرية القديمة بأسلوب يجمع بين الدقة الأكاديمية وجاذبية العرض البصري.
تفاصيل المتحف المصري الكبير:وأوضحت “فاروق”، خلال لقاءه ببرنامج “هذا الصباح”، عبر شاشة “إكسترا نيوز”، أن المتحف المصري الكبير، يضم أكثر من منطقة عرض، تبدأ من ميدان المسلة المعلقة، وهي الأولى من نوعها في العالم، حيث تتيح للزائر فرصة مشاهدة خرطوش الملك رمسيس الثاني أسفل بدن المسلة من خلال تصميم هندسي فريد يعتمد على قاعدة خرسانية مضادة للاهتزازات لضمان سلامتها.
وأضافت أن البهو العظيم يمثل ثاني مناطق العرض، وقد تم تخصيصه للقطع الأثرية الضخمة التي تتناسب مع ارتفاعه الكبير، مشيرةً إلى أن تمثال الملك رمسيس الثاني يتصدر البهو ليكون أول ما يستقبل الزائرين، في تجسيد رمزي لعظمة هذا الملك وإنجازاته.
وأشارت إلى أن الدرج العظيم يربط بين المتحف ومنطقة الأهرامات، حيث ينتهي بمنظر بانورامي مهيب للأهرامات، مما يخلق تجربة بصرية مميزة ترافق الزائر أثناء صعوده نحو القاعات الرئيسية، وعلى رأسها قاعات الملك توت عنخ آمون.