سلفي يُحرّم تريند صور الفراعنة.. وعالم أزهري: جائز وفتواه لا أصل لها في الشرع
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
استنكر الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، التصريحات المُتشددة التي أطلقها الداعية السلفي محمد جودة، والتي حرّم فيها «تريند» صور المصريين المُستخدم لتقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي ظهروا فيه بملابس أجدادهم المصريين القدماء، تعبيرًا عن اعتزازهم بالحضارة وعظمة مناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير.
وقال «الجندي» في تصريح لـ«صدى البلد»: إن هناك خللًا ناتجًا لدى المُتشددين بسبب سوء فهمهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبَّه بقومٍ فهو منهم»، مشددًا على أنه لا يجوز بحالٍ أن يُتخذ هذا الحديث الشريف ذريعةً لتكفير المسلمين، أو أن يكون أصلًا لترسيخ الجمود لديهم وانفصالهم عن الواقع.
وأضاف: «لا ريب أن هذه الدعاوى، وهي الحكم بالتكفير بمجرد مشابهة الغير، إنما هي دعاوى عارية عن الدليل والفهم الصحيح، ومجافية للواقع، وخارجة عن عمل المسلمين سلفًا وخلفًا؛ لأن مجرد وقوع المشابهة في أمرٍ مباحٍ في نفسه – كالعادات التي لا تتعارض مع الشرع الشريف – لا يستلزم وقوع التشبّه المنهي عنه شرعًا».
وشدد على أن الزعم بأن تريند صور الفراعنة ينطبق عليه حديث «من تشبَّه بقومٍ فهو منهم» هو كلام باطل، منبهًا إلى أن المصريين القدماء كان فيهم أناس صالحون، كما عاش في مصر أنبياء كـسيدنا إدريس، وسيدنا إبراهيم عليهما السلام، الذي دخل مصر واستقبله ملكها، ومر بها في رحلته، وسيدنا يوسف عليه السلام، الذي عاش في مصر بعد أن بيع فيها وبلغ أعلى المناصب، وسيدنا موسى عليه السلام، الذي وُلد ونشأ في مصر، ومنها خرج لاحقًا، وكلمه الله في سيناء، وهارون عليه السلام، شقيق سيدنا موسى، وكان معه في مصر، ولعب دورًا كبيرًا في الدعوة.
أدهش العالم بحضارة استثنائية.. شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والشعب بافتتاح المتحف المصري الكبير
تحذير يهز القلوب.. شيخ الأزهر: حين يُسْلَب الضَّعيف حَقَّه ويُكَرَّم الظَّالم فاعلم أنَّ الحقَّ غربت شمسُه
وأكمل: إن أنبياء الله – عليهم السلام – الذين عاشوا في مصر لم يرفضوا ملابس المصريين التي ارتدوها، ولم يهدموا الآثار التي بناها الفراعنة، مشيرًا إلى أن الملك أخناتون دعا إلى التوحيد والإيمان بالله الواحد.
ونبّه إلى أن تحريم تريند صور الفراعنة لا أصل له في الدين أو الموروث الحضاري الإنساني، فلا يوجد نص في القرآن الكريم يحرّم الاحتفاء بالموروث الحضاري الإنساني، بل على العكس، فإن من يتأمل بعض آيات القرآن الكريم يجد فيها دعوةً للإنسان إلى النظر في هذا الملكوت، وإلى قيمة العقل الإنساني الذي يفكر ويبدع، ويترك بصماتٍ من منجزاته وقيمه من خلال التعمير والبناء.
وبيّن أن ما يوجد في المتحف المصري الكبير أو في الآثار إنما هو نوعٌ من الإعمار، وصورةٌ يُستحب أن ننظر فيها ونضيف إليها.
وتابع: إن الإسلام دعا إلى عمارة الأرض وحفظ معالمها، وإن العناية بالآثار والتراث الإنساني تأتي في إطار حفظ الأمانة التي استخلف الله فيها الإنسان، مشيرًا إلى أن المتحف المصري الكبير سيكون منارةً عالمية للحضارة الإنسانية، ونافذةً تُطلّ منها مصر على العالم بروحها المبدعة وحضارتها الراسخة.
التحذير من التكفيروحذّر من تكفير الناس، مشددًا على أنه لا يجوز لمسلمٍ أن يتهم أخاه المسلم بالكفر، لأن ذلك من أعظم الذنوب التي يرتكبها المسلم، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أيُّما امرئٍ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما؛ إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه» (رواه مسلم).
وطالب بضرورة استلهام مشاعر الفخر من هذا الإنسان المصري القديم الذي أدهش العالم بحضارةٍ استثنائية لا تزال أسرارها في مختلف الفنون عصيّةً على الفهم والإدراك، رغم ما توصل إليه إنسان اليوم من تقدمٍ تقنيٍّ وتكنولوجيٍّ مذهل.
ولفت إلى أن الأزهر نصّ في البيان الختامي لمؤتمره العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي على أن الحفاظ على التراث والآثار واجبٌ دينيٌّ وإنسانيٌّ، وأن الإسلام دعا إلى صون مظاهر الإعمار في الأرض، وأن الآثار موروثٌ ثقافيٌّ يُعرّف بتاريخ الأمم والحضارات، ولا يجوز الاعتداء عليها أو تغيير طبيعتها الأصلية، بل يجب حمايتها بوصفها شاهدًا على حضارات الأمم وسيرتها ومسيرتها.
الفتاوى المتشددة تُثير البلبلةوتعجب ممن يفتون بغير علم، قائلًا: «لقد نصبوا أنفسهم مفتين، وبذلك اغتصبوا حق المؤسسات الدينية المنوطة بالفتوى في القانون المصري»، منبهًا إلى أن الفتاوى المتشددة تُثير البلبلة والحيرة بين الناس.
وختم بتوجيه رسالةٍ لمن يفتون بغير علم، قائلًا: «اتقوا الله في مقولاتكم، واهتموا بالتنمية والقضايا التي تتقدم بها الأمة الإسلامية، حتى يتحقق التمكين الذي قال الله عز وجل عنه: «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ» (سورة الحج: 41).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صور الفراعنة المتحف المصري الكبير الآثار محمد الشحات الجندي المتحف المصری الکبیر ا إلى أن دعا إلى فی مصر على أن
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري يحذر: إفشاء أسرار الحياة الزوجية جريمة أخلاقية تُغضب الله
قال الدكتور أسامة قابيل، أحد علماء الأزهر الشريف، إن من أخطر ما يهدد استقرار المجتمع ويمس قيمه الدينية هو التعدي على خصوصية الحياة الزوجية، مشددًا على أن من ينشر أسرار بيته أو يتحدث بما يقع بينه وبين زوجه، يُعد من أشرّ الناس عند الله يوم القيامة.
وأوضح الدكتور قابيل أن الزواج في الإسلام ليس مجرد علاقة بين رجل وامرأة، بل هو ميثاق إلهي عظيم، وصفه الله تعالى في كتابه الكريم بقوله: «وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا»، مؤكدًا أن هذا العهد الرباني يستوجب صيانة كاملة من أي خرق أو انتهاك، لأنه يقوم على المودة والرحمة والستر، لا على الفضائح والإفشاء.
وأشار إلى أن الحياة الزوجية في جوهرها قائمة على الأمانة، وأن كشف أسرارها خيانة لهذه الأمانة العظيمة التي كرّمها الله ورفع شأنها، مضيفًا أن الله سبحانه وتعالى جعل من الزواج آية من آياته في قوله: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا»، أي أن النسب والصهر من تجليات القدرة الإلهية، ومن يعبث بهما فقد اعتدى على قدسية الميثاق الإلهي نفسه.
وشدد الدكتور قابيل على أن نشر خصوصية الزوجين أو تسريب ما يدور بينهما يُعتبر جريمة دينية وأخلاقية واجتماعية، تستوجب العقوبة والمحاسبة، ليس فقط أمام القانون، ولكن أمام الله عز وجل أيضًا، لأن في ذلك إهانة صريحة للقيم الأسرية التي أراد الإسلام الحفاظ عليها.
وأكد أن الحديث النبوي الشريف يحسم هذا الأمر تمامًا، حيث قال النبي ﷺ:
«إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِندَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»، رواه مسلم.
موضحًا أن هذا الحديث يُبيّن مدى قبح هذا الفعل عند الله، وأن من يرتكبه يسقط في دركٍ أخلاقي خطير يُغضب الخالق ويفسد المجتمع.
وأضاف أن المجتمع كله مسؤول عن مواجهة مثل هذه الأفعال المشينة، سواء بالتوعية أو بالردع القانوني، لأن تركها دون حساب يفتح الباب أمام انهيار القيم، وضياع خصوصية البيوت التي هي لبنة المجتمع الأساسية.
وختم الدكتور قابيل بدعاء مؤثر قائلاً: «اللهم يا ستّار العيوب، احفظ بيوتنا من الفتن، واجعلها عامرة بالمودة والرحمة، وصُن أسرار الأزواج كما حفظت ميثاقهم الغليظ، ومن أراد نشر الفتنة أو كشف الستر فاكفنا شره، واسترنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة، إنك وليّ ذلك والقادر عليه».