في افتتاح ملتقاه الثالث: شعر العامية له دور بارز لتأكيد الهوية المصرية
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
منذ نشأته، وهو يجاهد ليذيب تلك الفجوة التي فرضتها أسباب وظروف شتى، بينه وبين شعر الفصحى.. هكذا راح شعر العامية يتطور تطورا متلاحقا ملحوظا، ربما منذ انطلاقه من عباءة فن الموشحات الأندلسية وفن الزجل عن طريق الشعراء الجوالين فى الأندلس، حيث خرج شعر العامية من بين يدي تلك الطائفة وذلك لانتشارها واختلاطها بالعامة مما بهرهم بالموشحات وبالنظام النسقى واللحنى الخاص بها وبتكوين أوزانها السهل، التي اختلفت عن شعر العرب لاختلاف البيئة والثقافة مما أدى لاختلاف الرؤية الشعرية ومحاولة وضعها فى نمط مختلف يستسيغه الناس، فبدأ العامة يتمثلون الموشحات لكن بلغة عامية، وإن كانت تقترب من الفصحى فى بادئ الأمر، ومع انتشار العامية تدريجيا بدأت تأخذ شكل المربعات أو فن الواو، وتعد مربعات ابن عروس من أقدم وأشهر ما وضع فى هذا الفن.
ويعد الجيل الرائد لشعر العامية هو اللبنة الأكثر وضوحا لذلك التطور الملاحظ والمتسارع، والذي بلور الشعر العامي في قوالب أبدا لم تكن جامدة، وهو ما فعله فؤاد حداد، الذي يعد رائدًا في كتابة "الشعر الحر" بالعامية المصرية، حيث نقل فن الزجل إلى مستوى جديد من الشعرية، سار على دربه أسماء عدة، وإن اختلفت مدارسهم الشعرية، مثل صلاح جاهين وعبدالرحمن الابنودى وسيد حجاب وفؤاد قاعود وعبدالرحيم منصور.
ثم جاء مجدي نجيب على رأس الجيل الثاني لشعر العامية، والذي سعى للوصول بشعر العامية لذلك المستوى الذى بلغته قصيدة الفصحى مع صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى وأمل دنقل. وبالفعل أمكنه تقليل الفجوة بين مستوى تطور قصيدة الفصحى وتطور قصيدة العامية، حيث راهن نجيب على الاختلاف والتميز ربما منذ طرح ديوانه الأول
(صهد الشتا) الذى نشر فى العام 1964.
وتتويجا لها، حملت الدورة الثالثة من ملتقى العامية المصرية، اسم الشاعر الكبير مجدي نجيب، والتي اتخذت من بيت الشعر -برئاسة الشاعر سامح محجوب- حاضنا لها، مشرعا أبوابه -كعادته- لشباب ورواد شعر العامية المصرية، بأمانة الشاعر سعيد شحاتة ومشاركة شعراء من مختلف ربوع مصر.
فعلى مدار ثلاثة أيام كان مبتدؤها أمس السبت، تتبارى أصوات شعرية متباينة ومميزة في آن، كلها يعبر عن صدى وروح الشعب المصري الحارس الأمين للهجة تخطت حدود اللهجات، إلى كونها لغة مستقلة ذات خصوصية.
يأتي ذلك الملتقى رغم ما يجابهه الشعر العامي من تحديات وعقبات، وصلت في إحداها لتلك الجلبة التي دارت حول "استبعاده" من فروع جوائز الدولة لعام ٢٦، قبل أن تصدر تصريحات المسئولين، لتؤكد أن الأمر ليس استبعادا وإنما تداول وتبادل بين شعر العامية والشعر المسرحي، لإتاحة الفرصة للأنواع الشعرية كافة، خاصة مع قصور وقلة عدد الجوائز المطروحة.
فما بين مؤتمرات وملتقيات عدة عقدت وتعقد لشعر العامية منذ سنوات، يظل الشعر العامي صوتا عاليا لهوية الشعب المصري، ومعبرا أول عن مشاعره وأفكاره وكينونته.
هكذا افتتح بيت الشعر العربي (مركز إبداع الست وسيلة)، التابع لصندوق التنمية الثقافية، مساء أمس السبت 8 نوفمبر، فعاليات الدورة الثالثة من ملتقى العامية المصرية «دورة مجدي نجيب»، بمشاركة نخبة من أبرز شعراء العامية المصرية.
بدأ الحفل بكلمات افتتاحية لكلٍّ من الشاعر سامح محجوب مدير بيت الشعر العربي، والشاعر سعيد شحاتة أمين الملتقى، والشاعر د.مسعود شومان.
بداية قال الشاعر سامح محجوب إن الملتقى يأتي استمرارًا لنهج بيت الشعر العربي في الاحتفاء بالتجارب الإبداعية الأصيلة التي أثرت الوجدان المصري والعربي، مشيرًا إلى أن اختيار اسم الشاعر الكبير مجدي نجيب يأتي تقديرًا لتجربته الفريدة التي ربطت بين الشعر والغناء وأرست حضور العامية المصرية كلغة نابضة بالحياة.
فيما أكد د.مسعود شومان، أن الملتقى يعكس الوعي العميق بدور شعر العامية في التعبير عن الهوية المصرية والوجدان الجمعي، باعتباره أحد أهم تجليات الثقافة الشعبية وأدواتها في حفظ الذاكرة الوطنية.
بينما تحدث الشاعر سعيد شحاتة عن بزوغ فكرة مؤتمر شعر العامية كحلم راوده وتحدث عنه على الفيسبوك، مطلقا عليه اسم (مؤتمر شارع العامية)، ليتحقق هذا الحلم عام ٢٠٠٩، بعقد مؤتمر العامية الأول باتحاد كتاب مصر، ثم تمر سنوات كثيرة ليعقد المؤتمر الثاني لشعر العامية، وتعقد موازاة معه مؤتمرات في محافظات مختلفة، فيتحول لعرس يجوب أرجاء مصر، بعدها تنطلق فكرة الملتقى بعد توقف انعقاد المؤتمر.
موضحا أن الدورة الثالثة من ملتقى العامية والتي تعقد حاليا ببيت الشعر، "دورة مجدي نجيب"، تحمل أمسياتها أسماء الشعراء: نجيب شهاب الدين، جاد الباز محمد خميس - مجدي عطية - حسني منصور - جابر سلطان علي نظير، وسيكرم فيها اسم الشاعر عماد علي قطري واسم الشاعر كامل عيد، كما سيتم تكريم عدد من الشعراء في اليومين الثاني والثالث: سعيد عبدالمقصود، أمل عامر، جاسر جمال الدين، محمد مطر.
واختتم سعيد شحاتة، مؤكدا أن ملتقى شعر العامية ليس مجرد احتفاء بالشعر العامي، بل هو احتفاء بالعامية ذاتها، شعرا ونثرا.
وقد شهد اليوم الأول للملتقى تكريم عدد من الشعراء الذين أسهموا في إثراء المشهد الشعري المصري، وهم: علية طلحة، أمينة عبدالله، ناجي شعيب، محمود الطويل.
كما قُدمت فقرة فنية للفنان مصطفى زرْكة احتفى خلالها بأشعار مجدي نجيب التي غناها كبار المطربين المصريين.
وفى جلسة نقدية، عن مجدي نجيب قال الشاعر والكاتب الصحفي سيد محمود إن تجربة مجدي نجيب تمثّل علامة فارقة في شعر العامية المصرية، لقدرته على المزج بين الحس الشعبي والرؤية الفنية العميقة.
واختُتم اليوم الأول بعقد أمسية شعرية لمجموعة من شعراء العامية مثلوا أجيالا مختلفة من عدة محافظات، حيث ألقوا نصوصهم من أشعارهم، لاقت استحسان الجمهور، من هؤلاء الشعراء: علية طلحة، نجلاء سيد، عبدالرحمن الخطيب، مؤمن ممدوح، حسّان البربري، ماركو مادح، مصطفى عباس زيكو، إبراهيم أبو سمرة، بسمة شعبان، أيمن هيبة، علاء جمال، علي عبدالعزيز، حسام العقدة،عبدالمنعم الديهي، ريهام شمس، مروة فرحات، وآخرون، قدمت الأمسية الشاعرة بسمة شعبان.
يذكر أن الملتقى يأتي ضمن خطة صندوق التنمية الثقافية الرامية إلى دعم الإبداع وإتاحة المنصات الثقافية أمام المبدعين في مختلف المجالات، وترسيخ مفهوم العدالة الثقافية من خلال نشر الفعل الإبداعي في جميع المحافظات، بما يسهم في بناء وعي وطني وثقافي متجدد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ملتقى العامية الدورة الثالثة مجدى نجيب بيت الشعر الشاعر سامح محجوب شعراء العامیة المصریة لشعر العامیة شعر العامیة اسم الشاعر سعید شحاتة بیت الشعر مجدی نجیب
إقرأ أيضاً:
"الهوية المصرية بين التأثير والحماية بالذكاء الاصطناعي".. فعالية ثقافية بمكتبة القاهرة الكبرى (غدا)
تستعد مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك، غدًا الأحد الموافق 9 نوفمبر 2025، لاستقبال واحدة من أهم الفعاليات الفكرية في ختام عام الثقافة والتكنولوجيا، من خلال ملتقى “الذكاء الاصطناعي والهوية الثقافية”، الذي يربط بين الماضي العريق والمستقبل الذكي في رحلة عنوانها: “كيف نحمي هويتنا المصرية في زمن السرعة الرقمية”، وذلك في تمام الساعة 3 مساءً بقصر الأميرة سميحة كامل.
من قلب قاعات المكتبة التاريخية، تتناغم الأصوات بين علماء الآثار، والمفكرين، والشباب، في ثلاث جلسات حوارية متتابعة تمزج بين عبق التاريخ ونبض الحاضر.
الجلسة الأولى تنطلق تحت عنوان: “الهوية المصرية بين التأثير والحماية بالذكاء الاصطناعي”،ويشارك فيها نخبة من كبار المتخصصين، من بينهم:أ.د/ أيمن وزيري – رئيس اتحاد الأثريين المصريين،أ.د/ خالد سعد – مدير إدارة آثار ما قبل التاريخ بوزارة السياحة والآثار،
أ.د/ عماد فكري – أستاذ اللغات الشرقية القديمة والكتابات المسمارية،أ.م.د/ محمود الحصري – أستاذ مساعد بجامعة الوادي الجديد، وذلك بإدارة متميزة من الأستاذة أميرة عبد التواب.
تفتح هذه الجلسة أبواب الحوار حول تأثير التقنيات الحديثة على حفظ التراث، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح درعًا يحمي الذاكرة المصرية من الاندثار.
أما الجلسة الثانية، فهي بعنوان “التحديات والفرص في عصر التكنولوجيا الحديثة”، وفيها يناقش الخبراء والمثقفون فرص استثمار التكنولوجيا في الثقافة دون أن تفقد أصالتها.
يتحدث خلالها كل من: الأستاذ عبد الله نور الدين – مدير الأنشطة الثقافية بالمكتبة،أ.د/ سيد مكاوي – أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة المنوفية،الأستاذة أميرة فكري – كاتبة وباحثة،المهندس هشام توحيد – استشاري ترميم المباني التاريخية،المهندس مصطفى بخيت – المدير التنفيذي لشركة منتور جروب ممثلًا عن مؤسسة “إيچبتوس”،والأستاذ تامر محمد – باحث في علوم المكتبات والملكية الفكرية.
ويُدير الحوار الأستاذ عبد الله نور الدين، الذي يفتح آفاقًا جديدة للقاء الفكر بالتكنولوجيا. وفي ختام اليوم، تتجه الأنظار إلى الجلسة الثالثة بعنوان “دور المبادرات الشبابية في نشر الوعي الأثري والثقافي”, والتي تمنح الكلمة لجيل جديد يؤمن بأن الهوية المصرية لا تُحفظ إلا بالوعي.
يشارك فيها:أ. محمد أشرف – مؤسس مبادرة “كنوز الـ٢٧”،د. ياسمين حسين – رئيس مجلس إدارة مؤسسة “إيچبتوس”،أ. محمد حمادة – رئيس فريق “أحفاد الحضارة المصرية”،أ. رنا الشريف – من فريق “ميريت”،أ. محمد حلاوة – رئيس فريق “كنوز أثرية”،وأ. طه محمد – رئيس فريق “دهاليز”، بإدارة الأستاذ محمد أشرف.
ستتحول مكتبة القاهرة الكبرى في هذا اليوم إلى ملتقى حى للأفكار، يجتمع فيه الماضي العريق والحاضر الرقمي في حوار واحد من قلب العاصمة، ليرسم ملامح المستقبل الثقافي لمصر.