النقابة أكد أن استمرار الحرب أدى لتشريد أعداد كبيرة من الصحفيات والصحفيين السودانيين في ظروف بالغة السوء، بينما البقية يواجهون القذائف والقنابل وقصف الطائرات والمسيرات.

الخرطوم: التغيير

أصدرت نقابة الصحفيين السودانيين، تقريرها رقم «11» بشأن أوضاع الصحفيات والصحفيين، ويغطي الفترة من الأول وحتى الحادي والثلاثين من أغسطس الماضي.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في 15 ابريل الماضي بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، ظلت النقابة تصدر تقارير دورية ترصد اوضاع الصحفيين والانتهاكات التي يتعرضون لها من طرفي الصراع.

وأبرز ما تضمنه التقرير حادثة مقتل المصور الصحفي عصام الحاج، وزوجة وابن المصور بصحيفة (قوون) علي جن خلال الاشتباكات، فضلاً عن الاعتقالات والتضييق.

«التغيير» تنشر نص التقرير:

تقرير رقم «11»

رصد أوضاع الصحفيات والصحفيين السودانيين في الفترة من 1- 31 أغسطس 2023

تمهيد:

كلما استمر الصراع تفاقمت الأزمة وضاق السودان بأهله جراء الحرب الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع التي دخلت منتصف شهرها الخامس والمواطن تحت وطأتها يحصد كل يوم صنوفاً من المآسي والمعاناة والأحزان جراء القتل والقهر والظلم والنهب والتنكيل، وفي قلب ذلك تسوء أوضاع الصحفيين والصحفيات وتتزايد الانتهاكات التي يتعرضون لها جراء استمرار المعارك وتوسع رقعتها الجغرافية في أنحاء مختلفة من بقاع السودان.

وأدى استمرار الحرب وتوسعها إلى اختفاء معالم الحياة في السودان بشكل شبه كامل وتوقفت إثر ذلك الغالبية العظمى من وسائل الأعلام في السودان الأمر الذي أدى إلى تشريد أعداد كبيرة من الصحفيين والصحفيات، بنزوحهم إلى خارج ولاية الخرطوم أو اللجو عبر الحدود إلى خارج السودان في ظروف بالغة السوء، بينما بقيت أعداد من الصحفيين والصحفيات داخل ولاية الخرطوم بين القذائف والقنابل وقصف الطائرات والمسيرات يبحثون عن الحقيقة وسط الركام.

وفي خضم ذلك يعيش الصحفيون والصحفيات في غرب السودان أوضاعاً أشد سوءً خاصة في المناطق التي تشتد فيها المعارك والاشتباكات، وعلى الرغم من المحاولات المستمرة لرصد الانتهاكات هناك، إلا أنه لا يزال مصير عشرات الصحفيين بولايات دارفور المشتعلة مجهولاً وذلك لصعوبة الاتصال. ويواجه الصحفيون والصحفيات الذين فروا من الحرب وويلاتها بولاية غرب دارفور عبر الحدود إلى دولة تشاد ظروف بالغة الصعوبة ابتداء من قطع عشرات الأميال سيرا على الأقدام نحو الحدود مع دولة تشاد والمكوث في معسكرات النزوح على الرغم من الإعياء والمرض دون توفر الرعاية الصحية والطبية المطلوبة علاوة على أن معظم الفارين قد فقدوا أفراداً من أسرهم وفلذات أكبادهم أثناء الصراع.

وتقدم نقابة الصحفيين رصدا دوريا للانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين والصحفيات وتشكل تهديداً لحيواتهم وسلامتهم وتضييقاً على حرية الإعلام.

سنورد في هذا التقرير مجمل الانتهاكات التي تم رصدها في الفترة المحددة، وهي مصنفة بحسب طبيعة كل انتهاك.

1/ القتل مقتل المصور الصحفي عصام الحاج متأثراً باصابته برايش دانة في الاشتباكات التي دارت بين قوات الجيش والدعم السريع بتاريخ الأحد 20 أغسطس بمنطقة جبرة والشجرة. مقتل زوجة وابن المصور بصحيفة قوون علي جن إثر سقوط قذيفة في منزلهم بحي العباسية بأم درمان مطلع أغسطس الماضي. 2/ الاعتقال: اعتقل جهاز المخابرات العامة بمدينة سنجة بولاية سنار الصحفي “علي طارق العرش” على خلفية نشره تقريراً صحفياً بصحيفة الجريدة منتصف أغسطس الماضي عن مضايقات يتعرض لها نازحي الحرب في سنار من قبل الأجهزة الأمنية. تعرض الصحفي بالتلفزيون القومى ناصر النور للأسر والتعذيب من قبل قوات الدعم السريع ببحري بتاريخ 2 أغسطس. اعتقلت قوات الدعم السريع الصحفي سبت إسماعيل ود كربوس محرر الأخبار بالتلفزيون القومي أثناء محاولته الانتقال من محل إقامته في أم درمان إلى مدينة كوستي بتاريخ 17 أغسطس وتم الافراج عنه بعد أيام. اعتقلت قوات الدعم السريع الصحفي حسين سحري بتاريخ 18 اغسطس وتم الإفراج عنه بعد يومين. 3/ التهديد:

لم يتم تسجيل حالات

4/ الاختفاء:

لم يتم تسجيل حالات اختفاء

5/ الإصابة: تعرضت الصحفية فاطمة علي سعيد للاعتداء والتحرش الجنسي من قبل قوات الدعم السريع في منزل ذويها بمنطقة الصالحة بأم درمان. إصابة الصحفي بالإذاعة السودانية وليد شهلابي بمسيرة تسببت له في كسر بالرجل وجروح بجسدة بتاريخ 22 أغسطس. 6/ إطلاق النار: سقوط دانة بمنزل الصحفي أباذر مسعود بمدينة نيالا أودت بحياة شقيقه بتاريخ الإثنين 28 أغسطس. 7/ الاعتداء ونهب ومصادرة الممتلكات الشخصية: تعرض الصحفي محمد نور الدين المصور برويترز لاعتداء بالضرب والنهب من قبل قوات الدعم السريع في منزله بالحلفايا وبعد ضربه نهب سيارته ومعدات عمله وممتلكات منزله. 8/ الاعتداء على مقار ومؤسسات إعلامية: أنباء عن تعرض محطة الإرسال الإذاعي إلى التلف بسبب الحرب ولا تزال الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون منطقة نزاع وساحة معركة بين طرفي الصراع ما يعرض مكتبتيها الصوتية والمرئية للتلف وجميع الأجهزة والاستوديوهات الموجودة في الهيئة كما يصل التهديد إلى القنوات التلفزيونية المجاورة للمبنى وهي قناة الخرطوم وقناة الخرطوم الفضائية وقناة النيل الأزرق. تعرض مقر شركة “تانا” للإنتاج الإعلامي بالخرطوم للاحتلال من قبل قوات الدعم السريع وأظهرت صور استخدام المقر لأغراض عسكرية. 9 / الاعتداء على المنازل: الاعتداء ونهب كامل لمقتنيات منزل الصحفي بهاء الدين عيسى. تمت سرقة كامل مقتنيات منزل المصمم الصحفي محمد بابكر بالفتيحاب بامدرمان. اقتحام ونهب وتخريب منزل الصحفية هانم آدم عضو المكتب التنفيذي بالنقابة بحي شمبات ببحري بتاريخ 19 أغسطس. نهب منزل الصحفية نضال عجيب عضو المكتب التنفيذي للنقابة بمنطقة امتداد ناصر بالخرطوم بتاريخ 21 أغسطس. نهب منزل الصحفي الإذاعي مجدي على حسب الدائم بمحلية أمبده بأمدرمان بتاريخ 29 أغسطس. الوسومأمدرمان الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان انتهاكات حقوق الإنسان دافور صحيفة قوون عصام الحاج نقابة الصحفيين السودانيين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمدرمان الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان انتهاكات حقوق الإنسان عصام الحاج نقابة الصحفيين السودانيين من قبل قوات الدعم السریع الصحفیین السودانیین

إقرأ أيضاً:

من يقرر مستقبل الدعم السريع ؟

 

من يقرر مستقبل الدعم السريع ؟

خالد فضل

هتافات الشباب الثوري في شوارع الخرطوم رددت (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل) وأردفت (الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب)، كان هذا الهتاف وما يزال مطلبا موضوعيا ومدخلا لعملية سياسية معقّدة تضمّنت حزما عديدة تفضي إلى تحقيق الشعار الحلم (حرية سلام وعدالة) لإعادة بناء السودان الذي يسع جميع أهله بقيادة مدنية بحتة في ظل نظام ديمقراطي يكفل ويصون حقوق الإنسان، تلك أحلام نشأت عليها أجيال مستنيرة من السودانيين/ات   منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا . الثوار وأدبيات الثورة هم من حددوا مستقبل القوتين الرديفتين ، بلزوم الثكنات، والحل . الرئيس المخلوع عمر البشير القائد العام للقوات المسلحة كان يقول حتى صبيحة خلعه في 11أبريل 2019م إنّ حميدتي حمايتي . كما ظلّ خلفه ؛ الفريق البرهان يزود عن حماها ويضعها موضع الابن من رحم أمه . تلك وقائع لم تمض عليها سوى ست سنوات فقط ، وقائع وليست تحليلات أو خزعبلات خبراء استراتيجيين أو إعلاميين متعاميين عن الوقائع إن لم نقل يضللون عمدا .

ابتدأت تلك المحاولات السياسية السلمية لتحقيق الشعار الحلم ، بإبرام الوثيقة الدستورية مع المكون العسكري بشقيه ، القوات المسلحة والدعم السريع , في العام 2019م لم تك قوات المشركة، وغيرها ضمن المكون العسكري الذي زعم قادته الإذعان لرغبة الشعب في الإطاحة بحكم جماعة الإسلام السياسي (المؤتمر الوطني) والجماعات الموالية له . لم يك في المكون العسكري ، فيلق البراء أو درع السودان أو أيّا من المليشيات الموجودة الآن بما في ذلك المليشيات التي تم تدريبها وتخريجها في دولة إرتريا الشقيقة أو مليشيات التقراي المناضلة من أجل حرية الشعب السوداني . كان هناك حسن نيّة من جانب قوى إعلان الحرية والتغيير ، أشاعته ظروف الثورة السلمية ، أو خطأ في التقدير، أو مؤامرة كما يوغل المتطرفون،أو خيانة كما يزعم التطهريون !!

العسكر يقصد به القوات المسلحة والجنجويد مقصود به قوات الدعم السريع .

وعندما أذاع الفريق البرهان بيان إنقلابه في 25أكتوبر2021م كان باسم القوات المسلحة والدعم السريع . لم يشر من بعيد أو قريب إلى المستنفرين أو كتائب العمل الخاص أو مليشيات الإسلاميين في دار حمر أو شيبة ضرار في بورتسودان ، بل كان التنويه والإشادة بالشيخ عبدالرحيم حمدان لدوره في توقيع الإتفاق مع د. عبدالله حمدوك . ولم تك هناك أي إشارة إلى الدعم السريع تحديدا كمخلب قط لدويلة الشر أو قرن في رأس شيطان العرب، بل كان الولد البار من رحم أبيه الجبّار . أ ليس المجد للبنادق هو شعار الجبابرة !!!

التوقيع على إعلان المبادئ للإتفاق الإطاري , تم بوساطة المكون العسكري الثنائي، الجيش /الدعم السريع . وفي ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي خصصت لكيفية تنفيذ مطلب الثوار المار ذكره ، قدّم الجيش ورقته وكذا الدعم السريع ولم يُدع المصباح طلحة ليطرح رايه كخبير في شؤون المليشيات منذ عقود طويلة .

ظهر تباين في كيفية تنفيذ المبدأ المتفق عليه والموقع بإمضاءات البرهان وحميدتي،وكان الخلاف حول مدة الدمج , وتكوين القيادة أثناء تلك الفترة، ولم تكن قضية المرتزقة الكولمبيين وآل دقلو من ضمن بنود الإختلاف .

في أثناء المفاوضات والنقاشات الطويلة حول برتوكولات الإتفاق الإطاري , نشطت مجموعات مناوئة للإتفاق، المنظمات السياسية مثل تحالف التغيير الجذري استخدم الوسائل السلمية للتعبير عن مواقفه مثل البيانات والمواكب . الكتلة الديمقراطية كانت متأرجحة ؛ خاصة مني أركو مناوي الذي كان أقرب للتوقيع ، بينما كان د. جبريل متمترسا في موقف إخوانه في تنظيم الإسلام السياسي (المؤتمر الوطني) بلافتة الجبهة الثورية والكتلة الديمقراطية، فيما كانت هناك مواقف متباينة بين بقية التنظيمات التي تمثل في الغالب شخصا واحدا أو شخصين .

وحدهم جماعة الإسلام السياسي ،من كانوا يعبئون في كتائبهم الجهادية ويتوعدون بالحرب ، ويقيمون المعسكرات في العيلفون والجريف وغيرها من مناطق، ويسجل عاصرهم القصائد الجهادية والهتافات والأدبيات التي ستستخدم لاحقا منذ اللحظة الأولى لإشعال الحرب . ويحددون تواريخ إندلاعها من خلال آخر الإفطارات الرمضانية قبل يومين . وبالفعل منذ اليوم الأول كان الخطاب موحدا بين عضوية التنظيم، أذكر أنني تناقشت مع شخص في قرية مجاورة في مناسبة عزاء ، في أواخر أبريل 2023م، وبعده بشهر أو أقل،صدف مقابلتي لأحد أقربائي في قرية أخرى بعيدة في مناسبة عزاء كذلك، لدهشة إخواني الذين كنت برفقتهم في المناسبتين , كان خطاب (الكوزين) موحدا حد التطابق , علّق شقيقي الكبير حينها بأنّ الجماعة ديل يمتلكون تنظيما قويا يسيطر على عضويته حتى على مستوى الكلمات والعبارات المستخدمة !!

الدعم السريع ، تحول إعتبارا من 15أبريل إلى مليشيا ، رغم وجود توقيعات قائده على كثير من دوسيهات الحكم والإتفاقات المحلية والإقليمية والدولية بما في ذلك انتدابه بالاسم والصفة ضمن قوات التحالف الدولي في اليمن في عاصفة الحزم ، وقبلها انتدابه بوساطة الإتحاد الأوربي لسد ثغرة الصحراء الواسعة أمام المهاجرين غير النظاميين صوب شواطئ القارة العجوز . وإرشيف كامل في التلفزيون والإذاعة وسونا وإعلام القصر الجمهوري ومجلس السيادة ، وما تزال آثار خطاه على البساط الأحمر، ومقعده في كابينة الطائرة الرئاسية؛ وكلها مؤسسات حكومية . فجأة صار قائد عصابات آل دقلو الإرهابية ، هكذا يتم تحديد وضعية ومستقبل قوات بهذا الحجم والقوة والنفوذ !! وهل كانت هذه الوضعية المليشياوية الإرهابية غائبة يوم تم تكوينها وتسليحها وتمكينها ، هل اكتشف القوم فجأة صبيحة 15أبريل 2023م ما ظل عسيرا كشفه منذ بضع عشرة سنة ماضية ؟

أصبح التقرير بشأن مسقبل هذه القوات الضاربة رهنا بما يقرره ياسر العطا ومناوي وكتائب الظل بإمرة (شيخنا) علي عثمان _ والإشارة والصفة مما قال به قائد فيلق البراء المصباح طلحة مؤخرا_ هل هذا الأمر منطقي وممكن ؟ وما هي النائج العملية وليس المتوهمة لمثل هذا التصور العدمي ؟ أول تلك النتائج اسمرار الحرب الطاحنة لأكثر من خمسة وعشرين شهرا حى الآن، تتضاءل فرضية حسمها عسكريا مع فجر كل يوم إضافي ؛ تستولي فيه القوات الموصوفة بالمليشيا على مدن ومحليات جديدة، وتنضم إليها عشائر ومجموعات كبيرة تمتد مراتعها من سهول دارفور وكردفان إلى تخوم الهضبة الإثيوبية وتلال البحر الأحمر , وتطال طائراتها الإسترايجية والمسيرة المطار والميناء وقاعدة فلامنجو العسكرية في بورتسودان . وتتطور سياسيا إلى إبرام ميثاق سياسي لتأسيس الدولة السودانية من أول جديد، اتفق من اتفق أو اختلف آخرون حوله ، لكن لا يمكن غض الطرف عنه وكأنه لم يك .ولا يمكن تجاهل الموقعين عليه بوصفهم خونة وعملاء ومرتزقة، كل هذه الأدبيات الفاحشة وخطاب الكراهية والتضليل لا يغني عن الحقيقة , وهي أنّ الدعم السريع اليوم يتبنى مشروعا سياسيا معلنا ومنشورا يمكن إحالته إليه، صدق فيما يدعيه أو كذب ، يؤازره فيه طيف لا يستهان به من الحركة /الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال/قيادة الحلو،  وحركتان من الجبهة الثورية بقيادة عضوين سابقين بمجلس السيادة الإنتقالي وثالثهما الأساذ محمد حسن التعايشي، وقسم كبير من حزب الأمة القومي بقيادة رئيسه المكلف اللواء (م) فضل الله برمة ناصر ، وحركة الأسود الحرة في شرق السودان بزعامة مبروك سليم، ومؤتمر البجا /أسامة سعيد وفصيلين من الإتحادي الديمقراطي (الأصل)إبراهيم الميرغني و (الموحد) محمد عصمت وفصيل في حركة العدل والمساواة ؛ صندل، وقيادات إدارة أهلية من سلطان الفور أحمد أيوب إلى ناظر رفاعة بولاية سنار مالك أب روف،  وتحالف قمم، وشخصيات مهنية وسياسية أخرى بمن فيهم وزير العدل السابق . هؤلاء كلهم بتنظيماتهم وفصائلهم المدنية والعسكرية ؛ بحكم الميثاق المعلن باتوا مسهدفين بالضرورة بالسحق والمحق ومصيرهم الاستئصال التام وفق ما يشيع قادة الجيش وكتائب وفيالق جماعات الإسلام السياسي، الذين منحوا قواتهم المسلحة ومليشياتهم الحق الحصري في تحديد وتقرير من يريدون ومن يزيلون من قائمة الشرف الوطني السوداني . وقد رأيناهم يزيلون منها بالفعل كل من قال لا للحرب أو ناصر الثورة، بتهمة الخيانة وغرابة الوجه .

إنّ الدعوات المتكررة ،والتصريحات المتواترة من السودانيين ومن غير السودانيين على مستوى الدول والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، كلها تؤكد على استحالة الحل العسكري،  وتطلب الجلوس للتفاوض بين الطرفين (الجيش والدعم السريع) لوقف إطلاق النار وابتدار عملية سياسية لوضع حد للحرب الطاحنة في البلاد .بل أبرم الجيش إتفاق (جدّة)، والمنامة مع نفس المليشيا الإرهابية التي يرجو محقها . هذا يعني عمليا أنّ مستقبل البلاد مرهون بشكل مباشر بما ستؤول إليه المفاوضات، ولأنّ الدعم السريع هو الطرف الأساس في التفاوض،  ومن شأنه التقرير في مستقبل البلاد كلها، فكيف يكون مستقبله هو في يد مصطفى تمبور أو كيكل والإنصرافي ؟ كفاية تضليل، وغش، وألاعيب صغيرة خبيثة مكررة،  هناك في الحقيقة جهة واحدة هي جماعة الإسلام السياسي بات مستقبلها هي، مرهونا باستمرار الحرب؛ لأنها جماعة عنفية بامتياز تعتنق العنف كوسيلة للسيطرة والهيمنة، ليس قول قالوا وقلنا بل تجربة عاشها السودانيون منذ العام1989م على الأقل، وما يزالون .وهي لم تنشئ الدعم السريع أساسا كرافد سياسي لتعظيم حظوظها في انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، أما مسألة الانتهاكات التي ارتكبها الدعم السريع وهي مدانة بأقصى درجات الإدانة ويجب عدم السماح بإفلات مرتكبيها من العقاب، وقد طالتني شخصيا وأسرتي الممتدة في أعزّ ثرواتنا ؛ بفقد أخينا الشاب الشيخ ابن خالي غدرا في النهود، وبالطبع فقد آلاف الناس أرواحهم وأرواح أحبائهم في أتون هذه الحرب الضروس، الإنتهاكات ليست جديدة إلا في اتساع مناطق وقوعها، فمنشأ الدعم السريع كان في دارفور،  فهل كانت عناصره تحفّظ ا(لفقرا) في خلاوي جبل مرّة سورة المطففين !! وهل نسي الناس في الخرطوم مجزرة فض الإعتصام التي كان الدعم السريع أحد مكونات القوات المشتركة لتي ارتكبتها،ضمن تشكيلات عسكرية وأمنية ضمت الجيش والشرطة وجهاز الأمن ، وربما كتائب الظل !! لو أنّ تلك الفصائل تصدت يومذاك لعناصر الدعم السريع ودافعت عن (شعبها) ضد الأوباش كما يقولون الآن لكانت تلك حرب الكرامة بالفعل، ولكانت سردية الحرب قد اتخذت مجراها الصحيح ولجاز وصفها بأنها حرب مقدّسة من أجل الشعب وثورته ومستقبله، ليس التصدي ؛ بل لو فتحت ابواب أسوار القيادة العامة لدخول الشباب/ات المذعورين وحمايتهم لكانت النظرة غير ، فلماذا تحديد الدعم السريع دون بقية المكونات الوالغة في الإنتهاكات، لماذا التطفيف في الميزان والمسلمون يقرأون (ويل للمطففين) !! اليوم فالوضع مغاير , يبدو فيه الدعم السريع بموجب إعلان التأسيس ؛ أقرب لخطاب وأهداف الثورة وإنْ توحش وارتكب الفظائع؛ ومن حق الناس التحفظ والتوجس بالطبع ، بينما يبدو الجيش كأنه مليشيا خاضعة لكتائب الظل . يبدو كرافعة لإعادتهم للحكم والهيمنة والبطش بالشعب . ولدرجة تطاول قائد مليشياتها على الثوار و وصفه لهم بالشفع قليلين الأدب ، و وعيده المستمر بملاحقة الثوار . فيما قال قائد الجيش نفسه (لا مجال لعمل سلمي توّاق للحرية السلام والعدالة، ولا مجد للوسائل الثورية السلمية بل المجد للبنادق) .

الدعم السريع بات حقيقة وجودية ر مثله مثل الجيش نفسه وبقية المليشيات، أي تفكير في حلول قابلة للتطبيق على الأرض لابد أن تأخذ هذه الحقائق على مرارتها، فكتائب الإسلاميين حقيقة،والمليشيات كلها موجودة على الأرض غض الطرف عن موالاتها لهذا الطرف أو ذاك، وفي تجربة ليبيا الراهنة ما تزال قضية المليشيات وسبل معالجتها تشغل اهتمام العالم والأمم المتحدة، وتعقد المؤتمرات الدولية وتنفض لهذا الغرض .

الموقف من الدعم السريع لا يعني إلغاء حقيقة وجوده ونفوذه،  فهو يتكون من مجموعات كبيرة من السودانيين لهم أسر وأهل وعشائر وقبائل،  ولهم الآن مشروع سياسي مطروح، لا أحد يتعامل مع الحقائق يمكنه التقرير مسبقا في شأن الآخرين دون مشورتهم ورضائهم، تلك هي خبرات الماضي الطويل في سياق الحروب الأهلية السودانية , بداية الحل في العقل ،والعقل يتعامل مع الواقع كما هو وليس كما يتصوره أو يتمناه .ومن هنا كان النظر الحصيف الذي بدأ سلميا وكاد يبلغ مداه المنشود لولا أن حدث ما حدث، وعوضا عن بند واحد مطروح في الإتفاق الإطاري ينص صراحة على دمج الدعم السريع في الجيش، صار المطروح اليوم أكبر بكثير من مسألة الدمج بات الهدف تأسيس جيش جديد وبلد جديد , إنها نفس عقلية البصيرة أم حمد،وتطبيق حرفي للمقولة الشعبية تابها مملحة تكوسا قَروُضْ، وتكرار لسيناريوهات حاضرة في تاريخ حرب الجنوب، عندما انقلبت الجبهة الإسلامية القومية على الإجماع الوطني النادر حول مبادئ مبادرة السلام السودانية(1988م) المعروفة باتفاق الميرغني /قرنق، لتبرم اتفاقا أشد مرارة بعد 16سنة من الجهاد كان نتيجته إستقلال/ انفصال الجنوب . فهل نبحث عن شعب البوربون الذي لا ينسى ولا يتعلم !!!

 

الوسومالدعم السريع خالد فضل مستقبل نهاية

مقالات مشابهة

  • مذكرة تطالب بإعادة تبعية نادي الصحفيين النهري للنقابة
  • قصف لـالدعم السريع يقتل 5 سودانيين في مدينتي الأبيّض والفاشر
  • عودة أكثر من 200 ألف سوداني من مصر طوعياً
  • علومات عن توافقات بين جوبا ومليشيا الدعم السريع المتمردة حول أبيي
  • شاهد.. الفنانة إنصاف مدني تثير ضحكات الجمهور بعد مطالبتها البرهان بــ(ختان) النساء المتخصصات في الإساءة على السوشيال ميديا وتهاجم المليشيا: (انعل أبو الدعم السريع وأبو حميدتي وأبو الحرب)
  • من يقرر مستقبل الدعم السريع ؟
  • رايتس ووتش: 3 سنوات من الانتهاكات في جنوب السودان دون محاسبة
  • مسؤول حكومي سابق يكشف علاقة الإمارات بالنحاس المسروق من السودان.. برفقة حراسة مشددة من قيادات الدعم السريع
  • نقابة الصحفيين تبحث سبل التعاون مع منصة إي فواتيركم
  • وزير الداخلية السوداني يصدر توجيهاً بشأن الوجود الأجنبي في الخرطوم