إيران: لا يوجد تخصيب نووي غير معلن وأمريكا ليست مستعدة لمفاوضات متكافئة وعادلة
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
طهران "وكالات":
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم إن نهج الولايات المتحدة الحالي تجاه إيران لا يظهر أي استعداد لإجراء "مفاوضات متكافئة وعادلة"، وذلك بعد أن ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي إلى احتمالية عقد مباحثات.
وفي أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران في يونيو حزيران، والذي شهد أيضا تنفيذ هجمات أمريكية على منشآت نووية وصاروخية إيرانية، باءت محاولات استئناف الحوار بشأن برنامج طهران النووي بالفشل.
وعقدت طهران وواشنطن خمس جولات من المحادثات النووية غير المباشرة قبل الحرب التي استمرت 12 يوما، لكهنا واجهت عقبات مثل مسألة تخصيب اليورانيوم محليا، وهو ما تريد الولايات المتحدة من إيران التخلي عنه.
وقال عباس عراقجي، خلال مؤتمر عقد في طهران بعنوان (القانون الدولي تحت الهجوم) "لا يمكن للولايات المتحدة أن تتوقع الحصول عبر المفاوضات على ما عجزت عن كسبه في الحرب".
وأضاف "إيران ستكون دائما مستعدة للانخراط في الدبلوماسية، ولكن ليس في مفاوضات يراد منها الإملاء".
وخلال نفس المؤتمر، اتهم سعيد خطيب زاده نائب وزير الخارجية واشنطن بالسعي إلى تحقيق أهداف حربها من خلال "مفاوضات شكلية".
من جهة أخرى قال عراقجي اأن ليس لدى بلاده أي منشأة غير معلنة لتخصيب اليورانيوم، وأن كل منشآتها تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وقال عراقجي خلال المنتدى في طهران "ليس هناك منشأة تخصيب نووي غير معلنة في إيران. كل منشآتنا تخضع لحماية الوكالة ومراقبتها"، مضيفا أن "لا تخصيب" في الوقت الراهن، لأن المواقع المعنية تضررت في الحرب التي استمرت اثني عشر يوما مع إسرائيل.
و قال عراقجي إن رسالة إيران بشأن برنامجها النووي مازالت "واضحة".
وأضاف وزير الخارجية أن "حق إيران في التخصيب والاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية، بما في ذلك التخصيب، لا يمكن إنكاره. لدينا هذا الحق ونواصل ممارسته ونأمل أن يعترف المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة بحقوقنا ويفهم أن هذا حق غير ثابت لإيران ولن نتنازل عنه أبدا".
واستضاف معهد الدراسات السياسية والدولية الإيراني، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية المنتدى الذي حمل عنوان "القانون الدولي تحت الهجوم: العدوان والدفاع عن النفس". وتضمن المؤتمر أوراقا من محللين سياسيين إيرانيين تقدم رؤية طهران بشأن الحرب التي استمرت 12 يوما في يونيو. وانتهز كثيرون منهم الفرصة للتطرق إلى تعليقات المستشار الألماني فريدريش ميرتس، التي أشاد فيها بإسرائيل لقيامها "بالعمل القذر" في شن هجومها.
وكتب محمد كاظم سجادبور، استاذ العلاقات الدولية "كان رد الفعل الإيراني الدفاعي رائعا وملهما وتاريخيا وفوق كل ذلك نقيا. كيف يمكن لأحد أن يقارن أفعال إسرائيل القذرة بالأفعال النبيلة والنظيفة للأمة الإيرانية؟"
وانتشرت صور الأطفال الذين قتلوا من قبل إسرائيل، خلال الحرب على طول الممشى خارج القمة، التي عقدت داخل مبنى الجنرال قاسم سليماني، والذي سمي على اسم قائد الحرس الثوري الإيراني، الذي قتل في غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار في عام 2020 .
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
زيادة مبيعات النفط الإيراني رغم تفعيل آلية الزناد فما الأسباب؟
طهران – لم تمض سوى أيام على إعلان إيران تسجيل صادرات نفطية قياسية بالتزامن مع تفعيل الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) آلية الزناد وعودة العقوبات الدولية عليها، حتى كشفت شركة "تانكر تراكرز" لتتبع شحنات البترول عن بلوغ مبيعات طهران النفطية رقما غير مسبوق منذ عام 2018.
وعلى النقيض من الاعتقاد السائد لدى الرأي العام الإيراني بأن مبيعات النفط ستواجه تحديا خطيرا مع عودة العقوبات الدولية وأن الاقتصاد الوطني المثقل بالعقوبات سيتأثر سلبا، جاءت الإحصاءات الدولية معاكسة لهذه التوقعات.
فقد أكدت "تانكر تراكرز" -في منشور على منصة إكس– أن "إيران صدّرت خلال سبتمبر/أيلول الماضي نحو 2.3 مليون برميل من النفط الخام، وهو رقم قياسي غير مسبوق خلال السنوات السبع الماضية"، منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي واعتماد سياسة العقوبات الأشد على طهران.
وتظهر البيانات الرسمية لوزارة النفط الإيرانية أن صادرات البلاد الشهرية بلغت 66.8 مليون برميل، بمعدل يومي يناهز 2.15 مليون برميل، في حين رفض وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد الكشف عن حجم مبيعات بلاده النفطية.
.
أسباب الزيادة
وقال باك نجاد -على هامش اجتماع المجلس الوزاري في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- "للأسف لا أستطيع الكشف عن أرقام صادرات النفط، لكن لو كنت قد ذكرتها، لعرفتم أن الوضع أفضل بكثير من السابق".
ويرجع حميد حسيني، رئيس نقابة مصدري النفط والغاز والبتروكيميائيات في إيران، أسباب ارتفاع المبيعات إلى الزيادة المتزامنة في الإنتاج وتعديل مسارات التسويق، إضافة إلى سياسة تخزين الفائض على الأراضي الصينية.
وفي حديث للجزيرة نت، يرى حسيني أن سلوك إدارة ترامب تجاه إيران والصين عزز التنسيق بين الطرفين لمواجهة الضغوط الأميركية، مؤكدا أن تزايد الطلب على النفط مكّن طهران من بيع كميات كبيرة من نفطها العائم في المياه الدولية وتسجيل رقم قياسي في مبيعاتها.
إعلانويصف حسيني إحصاءات الشركات الدولية المعنية بتتبع شحنات النفط بأنها "موضوعية"، لكنه يستدرك بأن نظام تتبع ناقلات النفط -بعد إعادة تشغيله- أظهر أن كمية النفط الإيراني العائم لا تتجاوز 20 مليون برميل، وأن عدد سفن الأسطول الإيراني لا يتجاوز 70 سفينة بين محملة وأخرى عائدة بعد تفريغ حمولتها.
إرادة سياسيةوفي حين ترى شريحة من المراقبين في إيران أن البيانات الدولية حول مبيعات طهران النفطية تشكّل فشلا لتفعيل آلية الزناد وتحقيق هدفها الأساسي، يقول الباحث الاقتصادي محمد إسلامي إن إعادة العقوبات الدولية تم تفعيلها في سبتمبر/أيلول الماضي، لكنها تحتاج وقتا أطول لتأخذ فاعليتها.
ويشير إسلامي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن الخلاف بين القوى الشرقية والغربية في مجلس الأمن حول القرار الأممي 2231 حال دون تشكيل اللجان المعنية بتنفيذ العقوبات، وأنه لا يوجد إجماع دولي بشأنها.
كما يرى أن روسيا والصين تعتقدان بانتهاء القيود على إيران منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو تاريخ نهاية بعض بنود الاتفاق النووي لعام 2015.
وبرأيه، فإن إيران سبق وتأقلمت مع أساليب إدارة ترامب في الضغط الاقتصادي، وقد تكون وضعت حلولا مسبقة للرد على خطوة الأوروبيين في تفعيل آلية الزناد. ويؤكد أن المعارضة الروسية والصينية لعودة العقوبات الأممية تدفع وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين للعمل على إقناع الدول بتنفيذ العقوبات خارج إطار الأمم المتحدة.
ويضيف إسلامي أن العقوبات الأميركية لن تستطيع تصفير صادرات النفط الإيراني، لأن طهران لا تصدّر نفطها وفق التجارة الكلاسيكية ولا تعتمد القنوات المالية التقليدية لتحصيل عوائده، فضلا عن إصرار المشتري الصيني على عدم الامتثال للضغوط الأميركية. لكنه لا يستبعد لجوء واشنطن إلى أساليب مبتكرة لتقليص المبيعات.
من جهته، يقلل الباحث الاقتصادي سعيد ليلاز من أهمية الزيادة المتقطعة في مبيعات النفط ما لم تكن نابعة من زيادة فعلية في الإنتاج، موضحا وجود فجوة كبيرة بين بيع النفط وإدخال عوائده إلى البلاد بسبب الصعوبات المالية.
ولاحظ ليلاز -في حديثه للجزيرة نت- وجود إرادة سياسية إيرانية صينية تقف خلف ارتفاع المبيعات بالتزامن مع تفعيل آلية الزناد، معتبرا أنها تأتي في إطار تحدي السياسات الغربية الهادفة إلى تقويض القوى الشرقية. ويشير إلى أن "الولايات المتحدة سبق وأن استهلكت جميع طلقات بندقية آلية الزناد قبل تفعيلها، وبالتالي لا تأثير كبيرا لها على صادرات النفط والاقتصاد الإيراني".
وبحسب قوله، فإن إحباط مفعول الضغوط الأميركية لن يكون دون مخاطر، إذ قد يدفع ذلك خصوم طهران إلى التفكير بالخيار العسكري كما حصل في يونيو/حزيران الماضي، حين شعرت الإدارة الأميركية بأن ضغوطها فشلت في كبح البرنامج النووي الإيراني. ويضيف أن التصريحات السياسية في طهران وبكين قد تعكس توافقا على مقايضة الطاقة بالسلاح.
ويتابع ليلاز أنه إذا قررت الصين مواصلة شراء النفط الإيراني، فلن تتمكن العقوبات الغربية من تركيع الاقتصاد الإيراني، مضيفا أنه حتى في حال انخراط بكين في السياسة الأميركية، ستكون طهران قادرة على إدارة البلاد ببيع نحو 500 ألف برميل يوميا.
إعلانوبناء على تفعيل آلية الزناد وتصاعد الضغوط الأميركية، يضع الباحث السيناريوهات التالية لمستقبل مبيعات النفط الإيراني:
زيادة المبيعات، إذا تراجعت الضغوط الغربية على إيران، وهو سيناريو مستبعد. تراجع الصادرات، في حال خفض التوتر بين بكين وواشنطن، وهو احتمال ضعيف أيضا. الثبات أو التأرجح عند مستويات الكمية الحالية، إذا استمر الوضع السياسي على ما هو عليه.