ناقشت وكالة أسوشيتد برس العلاقة التي وصفتها بالحساسة بين الصحفيين ومصادرهم، بمناسبة الكشف عن الرسائل الإلكترونية من وإلى رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المتهم بارتكاب جرائم جنسية الأسبوع الماضي.

وأشارت إلى أن الرسائل المتبادلة بين إبستين الذي انتحر في عام 2019، والصحفييْن مايكل وولف ولاندون توماس جونيور، اتسمت بالودية، وفي إحدى الحالات، ظهر وولف وهو يقدم نصيحة لإبستين بشأن كيفية التعامل مع وسائل الإعلام.

وغالبا ما يرى الناس الصحفيين في الأماكن العامة، وهم يجرون مقابلات أو يطرحون أسئلة في مؤتمرات صحفية، أما المكالمات الهاتفية الخاصة والرسائل النصية، حيث يحاول الصحفيون كسب ود مصادرهم التي ربما لا تكون مستعدة لتقديم معلومات، فهي مختلفة بطبيعتها، لكن تحكمها القواعد الأخلاقية التي يتبعها معظم الصحفيين الأميركيين، وفق أسوشيتد برس.

خبراء وصفوا الرسائل المتبادلة بين الصحفي وولف (الصورة) ورجل الأعمال إبستين بأنها خيانة لأخلاقيات الصحافة (أسوشيتد برس)رسالة الصحفي وولف لإبستين

وجاءت نصيحة وولف في محادثة جرت في ديسمبر/كانون الأول 2015، حيث قال إنه سمع عن نية شبكة سي إن إن طرح سؤال على المرشح الرئاسي آنذاك دونالد ترامب بشأن علاقته بإبستين.

وتساءل إبستين إذا كان بالإمكان صياغة إجابة لهذا السؤال، فماذا ستكون؟ وأجاب وولف: "أعتقد أن عليك أن تدعه يشنق نفسه"، أي دع ترامب يوقع نفسه في مشكلة بكلامه، مفصّلا كيفية استغلال إجابة ترامب في حال نفى أو لم ينفِ العلاقة.

وأثارت الرسائل المتبادلة دهشة بعض الخبراء، إذ قال الكاتب والأستاذ في جامعة نورث إيسترن، دان كينيدي لـ"أسوشيتد برس" إن الاستقلالية أمر حيوي للصحفي، وولف خانها.

وقالت مديرة مركز أخلاقيات الصحافة في جامعة ويسكونسن، كاثلين بارتزن كولفر، إن هناك الكثير من القضايا الأخلاقية التي يجب التعامل معها كل يوم، مثل ما إذا كان على المراسل أن يعطي 20 دولارا بعد إجراء مقابلة مع شخص فقير فقد مزاياه خلال إغلاق الحكومة، مؤكدة أن "إعطاء نصيحة علاقات عامة لمجرم جنسي مدان ليس أحدها".

"وول ستريت" تكشف ظهور اسم ترامب في ملفات "إبستين".. والرئيس الأمريكي يصف الاتهامات بـ"المفبركة" pic.twitter.com/zNcveeLtxE

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) July 27, 2025

وفي مرحلة ما من عام 2016، طلب وولف الحائز على جائزة مجلة ناشيونال مرتين، مشورة من إبستين بشأن ما يجب أن يسأله خلال مقابلة قادمة مع ترامب، وعقلت أسوشيتد برس بأن هذه ممارسة صحفية مشروعة، وهي جزء من التغطية الصحفية التي تدخل في التحضير للمقابلة.

إعلان

لكن المحادثة مع إبستين تضمنت طلبا لإجراء مقابلة مع بعض النصائح، إذ جاء في بعضها "هناك فرصة للتقدم هذا الأسبوع والتحدث عن ترامب بطريقة يمكن أن تجلب لك تعاطفا كبيرا وتساعد في القضاء عليه، هل أنت مهتم؟"

وقال وولف الذي ألف كتبا مثل "النار والغضب" عن الأيام الأولى لإدارة ترامب الأولى، و"الرجل الذي يملك الأخبار"، وهي سيرة حياة قطب الإعلام روبرت مردوخ، إن جزءا من دوره هو "التمثيل" للحصول على مصادر تكشف عن أشياء لن يخبروا بها الآخرين.

وبرر بأنه يتميز عن سائر الصحفيين الذين يقومون بعمل يومي ضمن قواعد محددة للغاية في المؤسسات الإعلامية، وأضاف "أنا كاتب أتمكن من إقامة علاقات تسمح لي بسرد قصة بطريقة لا تستطيع صحيفة نيويورك تايمز أو غيرها من المؤسسات الصحفية ذات السمعة الطيبة سردها".

 

محادثات الصحفي توماس وإبستين

وشددت وكالة أسوشيتد برس في تقريرها على أهمية أن لا يختلف تصرف الصحفي في الأماكن العامة أو الخاصة.

وأشارت إلى أن كثيرا من المحادثات بين إبستين والصحفيين عبارة عن ثرثرة، ومليئة بالشائعات، وتبدو غير ضارة، لكنها ليست من النوع الذي يرغب المرء في رؤيته منشورا بعد سنوات.

وفي إحدى الرسائل الإلكترونية، ذكر توماس، المراسل السابق لصحيفة نيويورك تايمز أنه يتلقى مكالمات من صحفي آخر يكتب كتابا عن إبستين، وكتب "يبدو أنه مهتم جدا بعلاقتك مع وسائل الإعلام وأخبرته أنك رجل رائع".

ولم يخفِ توماس أيضا مشاعره تجاه ترامب في إحدى المحادثات، وهو رأي شخصي يُفترض أن يحتفظ به معظم الصحفيين لأنفسهم.

وتوقف توماس عن العمل في صحيفة نيويورك تايمز في عام 2019 بعد أن اكتشف المحررون انتهاكا لمعاييرها الأخلاقية، وأفادت الإذاعة العامة أن توماس طلب من إبستين تبرعا بقيمة 30 ألف دولار لصالح مؤسسة خيرية يدعمها.

وفي محادثة انتشرت على نطاق واسع على الإنترنت، سأل إبستين توماس في عام 2015 عما إذا كان يرغب في الحصول على صور لترامب وفتيات يرتدين البيكيني التُقطت في مطبخه، وأجاب الصحفي "نعم"، لكن نيويورك تايمز قالت إن مثل هذه الصور لم تظهر.

الصحفي والمصدر: علاقة حذرة

وأكدت الوكالة الأميركية أهمية حفاظ الصحفيين على الحدود، خاصة عند التواصل مع أشخاص ليس لديهم خبرة في التعامل مع وسائل الإعلام، وأشارت إلى أن ثمة خطا رفيعا، حيث يحتاج الصحفي إلى ثقة المصدر، ولكن الأمر يصبح خداعا إذا بدأ المصدر في اعتبار الصحفي صديقا لن يخونه أبدا.

وقالت الأكاديمية كولفر إن التحيز يظهر في كثير من الأحيان في العلاقات، سواء كان الصحفي يحب أو يكره الشخص الذي يتعامل معه، وأضافت "أنصح طلابي بأن يتعاملوا مع مصادرهم بإنسانية، لا أن يكونوا ودودين أو لطفاء، بل أن يتعاملوا معهم باحترام وتفهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات نیویورک تایمز أسوشیتد برس

إقرأ أيضاً:

بعد طلب من ترامب.. فتح تحقيق في علاقة إبستين ببيل كلينتون

أعلنت وزارة العدل الأميركية الجمعة أنها ستنفذ طلب الرئيس دونالد ترامب بالتحقيق في علاقات جيفري إبستين المزعومة مع الرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون وبنك "جيه بي مورغان".

ويأتي الطلب بعد أن أصدرت لجنة في الكونغرس آلاف الوثائق التي أثارت تساؤلات جديدة حول علاقة ترامب بإبستين، ويمثل أحدث مطالبة من الرئيس الأميركي لأجهزة إنفاذ القانون الاتحادية بملاحقة خصومه السياسيين.

وقالت المدعية العامة بام بوندي إن جاي كلايتون، كبير المدعين الاتحاديين في مانهاتن، سيقود التحقيق.

ويعتقد كثيرون من ناخبي ترامب أن الحكومة حجبت علاقات إبستين بشخصيات نافذة، ولم تكشف عن تفاصيل تتعلق بانتحاره في سجن مانهاتن عام 2019.

ويقول مراقبون أن ترامب سخّر وزارة العدل لاستهداف خصوم سياسيين آخرين، من بينهم مدير مكتب التحقيقات الاتحادي السابق جيمس كومي والمدعية العامة لولاية نيويورك ليتيتيا جيمس، ووُجهت إليهما تهم بعد أن استبدل ترامب المدعي العام الذي يقود القضايا.

ووفق خبراء قانونيين فإن مطالب ترامب قد تقوّض القضايا الجنائية التي تنبثق عن تلك التحقيقات، إذ يُمكن للقضاة رفض القضايا التي يُثبت أنها بدافع "الملاحقة الانتقامية"، وهو ما أثاره كل من كومي وجيمس، على الرغم من أن القضاة لم يصدروا قرارا بعد بشأن طلباتهما برفض القضايا.

وقال المدعي الاتحادي السابق باتريك جيه كوتر إنه "من غير اللائق تماما" أن يأمر ترامب الوزارة بالتحقيق مع مواطنين، مضيفا: "ليس هكذا يُفترض أن تسير الأمور".

وإلى جانب كلينتون، الذي كان على علاقة بالراحل إبستين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قال ترامب إنه طلب من وزارة العدل التحقيق في علاقات إبستين أيضا بوزير الخزانة الأسبق لاري سمرز وريد هوفمان، مؤسس موقع لينكد إن، وهو أيضا متبرع ديمقراطي بارز.

وورد ذكر الرجال الثلاثة في 20 ألف وثيقة متعلقة بإبستين أصدرتها لجنة الرقابة في مجلس النواب يوم الأربعاء.

وكتب ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي "كان إبستين ديمقراطيا، مما يجعله يمثل مشكلة للديمقراطيين وليس الجمهوريين. جميعهم يعرفون ما كان يفعل، لا تضيعوا وقتكم مع ترامب. لدي بلد أديره!".

من جانبه، قال بنك "جيه بي مورغان" في بيان: نأسف لأي علاقة ربطتنا بهذا الرجل، لكننا لم نساعده على ارتكاب أفعاله الشنيعة. أنهينا علاقتنا به قبل سنوات من اعتقاله بتهمة الاتجار بالجنس".

ضغوط متواصلة بشأن إبستين

كان ترامب وإبستين صديقين خلال تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن ترامب يقول إنه قطع علاقته به قبل أن يُقر إبستين بالذنب عام 2008 في تهم تحريض قاصر على ممارسة الدعارة.

وينفي ترامب باستمرار علمه بانتهاكات إبستين المرتبطة بالفتيات القاصرات والاتجار الجنسي بهن.

ومع ذلك، اتهم بعض أشد مؤيدي ترامب إدارته بالتستر على الأمر.

ورفض ترامب الإجابة على أسئلة خلال الأيام القليلة الماضية مع ظهور معلومات جديدة عن إبستين.

ومن المتوقع أن يصوت مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، الأسبوع المقبل على تشريع من شأنه أن يُجبر وزارة العدل على الكشف عن جميع المواد التي بحوزتها عن إبستين، الذي كان يواجه اتهامات اتحادية بالاتجار الجنسي بالقاصرات وقت انتحاره.

كذلك يتوقع إقرار هذا الإجراء، حتى بعد مناورات رئيس مجلس النواب مايك جونسون المتكررة لعرقلة التصويت.

ويتطلب الأمر إقرار مجلس الشيوخ لتشريع مماثل، وموافقة ترامب من أجل إجبار وزارة العدل على التحرك.

وفي استطلاع رأي أجرته "رويترز- إبسوس" في أكتوبر، أبدى أربعة من كل عشرة جمهوريين فقط موافقتهم على تعامل ترامب مع ملفات إبستين، وهي نسبة أقل بكثير من تسعة من كل 10 يوافقون على أدائه العام في البيت الأبيض.

ودفع بنك "جيه بي مورغان" 290 مليون دولار في 2023 لبعض ضحايا إبستين لتسوية اتهامات بالتغاضي عن إتجاره بالجنس.

وجاءت هذه الصفقة عقب الكشف عن تجاهل بنك "جيه بي مورغان" لتحذيرات داخلية وتغاضيه عن مؤشرات خطر متعلقة بإبستين، الذي كان عميلا لدى البنك بين عامي 1998 و2013.

ولم يُقر البنك بأي مخالفات في التسوية، ولم تظهر أي أدلة موثوقة على ضلوع كلينتون أو سمرز أو هوفمان في الاتجار الجنسي مع إبستين، ونفى جميعهم سابقا ارتكاب أي مخالفات وعبّروا عن ندمهم على علاقاتهم به.

وسافر كلينتون على متن طائرة إبستين الخاصة عدة مرات قبل إدانته عام 2008، بينما قبل سمرز هدايا خيرية من إبستين في أثناء عمله رئيسا لجامعة هارفارد، وأقر هوفمان بلقاء إبستين عدة مرات في مناسبات رسمية.

وقبل إدانته عام 2008، عمل إبستين وتواصل اجتماعيا مع قائمة طويلة من الشخصيات المعروفة، بما في ذلك الأمير البريطاني السابق آندرو، الذي جُرد من لقبه الملكي جزئيا لارتباطه بإبستين.

مقالات مشابهة

  • تصعيد حاد بين ترامب ونائبة جمهورية بسبب بملفات إبستين
  • أسماء ذكرت في ملفات إبستين؟
  • نيويورك تايمز: ما الذي يخشاه ترامب من كشف وثائق جيفري إبستين؟
  • فضيحة إبستين .. مرض مزمن يلازم رئاسة ترامب
  • واشنطن بوست: قضية إبستين تتضخم وتتحول إلى كرة نار سياسية
  • ماذا قال ترامب عن الفتيات المشار إليهن في رسالة إبستين؟
  • بعد طلب من ترامب.. فتح تحقيق في علاقة إبستين ببيل كلينتون
  • شرير ومجنون وخطير.. رسائل جديدة لإبستين تكشف عن رأيه تجاه ترامب
  • وثائق جديدة تكشف أسرار علاقة إبستين بترامب وغيره من الشخصيات البارزة