لجريدة عمان:
2025-11-11@13:41:28 GMT

نوافذ :هل فارقتنا السعادة؟

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

في هذا العصر بتنا نمتلك ما لم يمتلكه قارون في ملكه الواسع، ونترف في أثواب العز والجاه ما لم يترفه قيصر في عصره، وننحت من البيوت والقصور ما لم تستطع عليه ثمود ومَن جاء بعدها من نحت الجبال وتسويتها للسكنى، وبلغنا من مراتب المُلك والترف ما لم تبلغه أمم قبلنا، ومع هذا النعيم كله إلا أن السعادة غادرت الكثيرين منا وتلاشى الفرح والسرور من قلوب البعض وبات إنسان هذا الزمان بقدر ما ينعم به من ملذات لم تتَح لمَن قبله من الأمم إلا أنه صار حزينا بائسا يائسا لا يجد للفرح بابا أو نافذة يطل منها وإن أتته السعادة فهي قصيرة لا يستطيع الاستمتاع بها وسرعان ما ينقلب على عقبه ليعود إلى سيرته في الشقاء والحزن.

في كتابه «خراب: كتاب عن الأمل» يتحدّث مارك مانسون مؤلف كتاب «فن اللامبالاة» عن موضوع السعادة والأمل في واقعنا المعاصر ليُثير تساؤلا عما يجعل الناس تشعر بالقلق والتعاسة أكثر من السعادة على الرغم من أن الحياة صارت أكثر يُسرا وأتيح للبشر في هذا العصر ما لم يتَح لأسلافهم من قبل من التطور التقني والعلمي والمعرفي والطبي وبلغوا من الراحة ما لم يكن يحلم به آباؤهم وأجدادهم من قبل، ليصل المؤلف إلى تلخيص لفكرته بأن الحياة المادية وحياة الرخاء وحياة الكسل والتقدم العلمي بكافة أشكاله ما هي إلا واجهة للسعادة في حين أن السعادة الحقيقية تكمن في التواصل الإنساني والبشري والقناعة، ليلخص بقوله «كلما حصلنا على أشياء أفضل بدونا أكثر يأسا، هي مفارقة التقدم» ليختم فصلا من فصول كتابه بالقول «كلما كان المكان الذي تعيش فيه أكثر ثراءً وأمانًا ازداد احتمال إقدامك على الانتحار».

من المفارقات التي يسردها هذا الكتاب ونراها ماثلة بصورة يومية أمام أعيننا أننا بقدر ما نُحرز تقدما في الجوانب المادية لتحسين معيشة الإنسان وفي المجالات العلمية والطبية لإطالة العمر وفي الجوانب التقنية لجلب الراحة للإنسان على هذه الأرض إلا أن الأرقام تشير إلى عكس ذلك؛ فبدلا من أن ينعكس كل الرفاه والتقدم على الإنسان إيجابا لينعم بحياة أكثر رخاءً بات إنسان هذا الزمان أكثر قلقًا وأقل سعادة وأكثر عُرضة للأمراض النفسية والاجتماعية وللظواهر السلوكية الغريبة التي لم تكن موجودة في الأمم السابقة.

في حوار مع وائل حلاق، المفكّر الكَندي من أصل فلسطيني، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة كولومبيا والمتخصص في التاريخ وتحديدا تاريخ الفكر الإسلامي أجراه معه بودكاست ثمانية عن موضوع الدولة والحرية وتفكك المجتمع تحدّث حلاق عن موضوع الدولة الحديثة باعتبارين: الإنسان في مشروع هذه الدولة هو مجرد رقم لا أكثر تحرّكه مصالح المتنفذين من الشركات والتجّار وأصحاب الثروات الكبرى الذين يغلّبون مصالحهم المالية على مصلحة الفرد وسعادته، وأن الدولة الحديثة بكل ما فيها من مظاهر الترف والغنى ما هي إلا استعباد للإنسان وسلب لسعادته وحريته الشخصية باعتبار أن الإنسان في الأزمنة السابقة لهذا الزمان كان أكثر سعادة وفرحا ربما لأسباب تعود في مجملها إلى عدم تغليب الماديات على الروحانيات.

قد يكون موضوع السعادة والشقاء غير جديد في نقاشه؛ فقد أوسعه الفلاسفة والعلماء والمختصون في علوم الإنسان والسلوك بحثا ودراسة، وأجزم أنهم لم يصلوا إلى قناعة تامة عما يجلب السعادة وما يجلب الشقاء، فبقدر ما كان الأوائل من أجدادنا سعداء في شيء فهُم تعساء وأشقياء في أشياء أخرى ربما لم نقف عليها في زمانهم، ولو جاءوا إلى زماننا هذا لتمنّوا أن يعيشوا فيه لتوافر كل مقومات الراحة والرخاء والأمن والسلام، ولكن كما يقال لكل عصر داؤه ودواؤه، وأيضا لكل شقاء علاجه، وعلاج شقائنا في هذا العصر بالعودة إلى منابع الإنسان الأولى في الأُلفة والاجتماع والاعتدال والانضباط ومراعاة قواعد القيم والأخلاق وغيرها من الوصفات التي يمكنها أن تضمن استدامة السعادة في حياتنا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بهدايا وحنان أبوي.. وزيرا التعليم العالي والتضامن يمنحان السعادة لأطفال السرطان بالأقصر

لم تكن زيارة وزيري التعليم العالي والتضامن الاجتماعي إلى مستشفى شفاء الأورمان بالأقصر مجرد جولة رسمية، بل كانت لحظات إنسانية صادقة حملت بين طياتها الكثير من الرحمة والدعم والأمل للأطفال الذين يواجهون مرض السرطان بكل شجاعة

وجلس الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي وسط الأطفال المرضى، كل منهما يحمل هدية صغيرة بيده، يمدها لطفل يفتحها بابتسامة مترددة تتحول بعدها إلى ضحكة صافية تملأ المكان دفئًا وفرحًا. وكان المشهد بسيطًا في مظهره، لكنه عميق في معناه، يجسد معنى الإنسانية في أرقى صورها

اقترب الوزيران من الأطفال بحنان واضح، يتحدثان إليهم ويمازحانهم كما لو كانوا أبناءهما، يتبادلون الضحكات والحديث العفوي في لحظات نادرة من الفرح داخل أروقة المستشفى التي تعج بالأمل رغم الألم. لم تكن تلك الدقائق كلمات رسمية أو صور بروتوكولية، بل كانت رسالة دعم حقيقية تسري في قلوب الصغار قبل الكبار.

وزيران ومحافظ الأقصر يشهدون توقيع اتفاقية تطوير مستشفى شفاء الأورمانتموين الأقصر: صرف 82.5 مليون رغيف خبز بلدي خلال أكتوبرالأقصر تستضيف ملتقى عن قضايا المناخ وتحديات التنمية الحضرية والسياحية

وأشاد الوزيران بالرعاية الطبية والإنسانية التي تقدمها مستشفى شفاء الأورمان لأطفال الصعيد، مؤكدين أن هذا الصرح الطبي أصبح رمزًا للعطاء المجاني والخدمة الراقية لكل من يحتاجها.

وأكد الدكتور أيمن عاشور أن الاهتمام بالجانب النفسي للأطفال المرضى لا يقل أهمية عن العلاج الطبي، فهو جزء من رحلة الشفاء الحقيقية.

من جانبها أعربت الدكتورة مايا مرسي عن سعادتها بما شاهدته من روح التفاني داخل المستشفى، قائلة إن أجمل ما في المكان تلك الابتسامة التي تعود إلى وجه كل طفل بعد لحظات من الخوف والتعب.

وأضافت أن دعم هذه الفئة مسؤولية إنسانية قبل أن تكون واجبًا رسميًا، فكل لمسة حنان وكل كلمة تشجيع قادرة على صناعة فرق كبير في قلوبهم.

طباعة شارك الأقصر اخبار الاقصر شفاء الاورمان

مقالات مشابهة

  • رئيس حقوق الإنسان بالنواب: الإقبال الكبير على الانتخابات ترجمة لوعي المصريين
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: خلق السعادة
  • بهدايا وحنان أبوي.. وزيرا التعليم العالي والتضامن يمنحان السعادة لأطفال السرطان بالأقصر
  • لن تتوقع مكانها.. معلومات مهمة لإفراز جسمك هرمون السعادة وتحسين صحتك
  • فرقة تلاتة أخوات وميشيل مساك نجم كاستنج في ضيافة صاحبة السعادة.. الليلة
  • محافظ أسيوط: إزالة 40 حالة تعد واسترداد أكثر من 108 أفدنة
  • أنس جابر تكشف عن معاناتها مع الاكتئاب: لم أعد وزيرة السعادة
  • الرئيس.. الإنسان
  • أنس جابر تكشف معاناتها من الاكتئاب: لم أعد وزيرة السعادة!
  • “لم أعد وزيرة السعادة”.. أنس جابر تكشف معاناتها من الاكتئاب