مدغشقر: نفي تجمع للمعارضة قبل الحملة الانتخابية
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
منعت مجموعة من 11 مرشحا للرئاسة في مدغشقر من عقد تجمع قبل الحملة الانتخابية في قصر الرياضة في العاصمة أنتاناناريفو.
يأتي ذلك بعد أن حاول المدعون اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا بشأن تخلي الرئيس راجولينا عن مهامه للسعي لولاية أخرى، ورفض قضاة المحكمة الدستورية العليا طلبهم.
أعرب هاجو أندريانيناناريفيلو، المرشح الرئاسي، أراد تجمع المرشحين معرفة البرامج الجديدة للقصر حتى نتمكن من استخدامها في الأيام القليلة المقبلة ولكن للأسف، منعتنا قوات القانون والنظام من القيام بذلك، وهكذا، إذا لم يكن هناك مجال لنا للتعبير عن أنفسنا، حسنا، سنذهب إلى الساحة العامة حيث عبر الجميع عن أنفسهم، لإنقاذ الديمقراطية في مدغشقر» .
ولا تتعارض قرارات المحكمة الدستورية العليا واستقالة الرئيس مع الدستور المدغشقري، وفقا للسلطة الدستورية.
أضاف جان مايكل بادي، أنصار المرشحين الـ 11، "لا يقتصر الأمر على حقيقة أن البعض يسمح لهم بدخول القصر لعقد اجتماعات والبعض الآخر لا يسمح لهم، هذا ليس عدلا على الإطلاق هناك شعور بعدم المساواة حول الوضع. ولكن لا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال ذلك».
تم استقبال أحد عشر من المرشحين الثلاثة عشر ، مساء الثلاثاء ، من قبل رؤساء كنيسة الجزيرة الكبيرة.
وقد وضع الجيش في حالة تأهب برتقالية، وتؤكد التصاريح الشفهية بين المرشحين الرسميين الأحد عشر والرئيس المنتهية ولايته تصاعد التوترات وسط الانتخابات الرئاسية المقبلة.
في بلد يفرض التخلي عن الجنسية الملغاشية في حال الحصول على أخرى أجنبية فإن مراكمة جنسيتين تصبح تهمة خصوصا حين يكون "المتهم" هو الرئيس.
يحصل ذلك في مدغشقر، إحدى أكبر جزر العالم الواقعة أقصى الجنوب الشرقي لسواحل أفريقيا، هناك حيث زلزلت مواقع التواصل على وقع تسريب يقال إنه لمرسوم تجنيس الرئيس أندري راجولينا.
وبحسب الجدل المتفجر بتلك المواقع والذي بات موضوع مناقشات محتدمة بالأوساط السياسية والرأي العام، تظهر الوثيقة حصول راجولينا في عام 2014 على الجنسية الفرنسية.
والوثيقة المتداولة - والتي لم يتسن التأكد من صحتها- موقّعة من رئيس الوزراء ووزير الداخلية الفرنسيين (الأسبقين)، ومنشورة بالجريدة الرسمية بفرنسا.
رغم عاصفة الجدل التي فجرتها الوثيقة المسربة، إلا أن راجولينا ودائرته المقربة حافظوا على الصمت مفضلين عدم الخوض في الموضوع، فيما تواترت الاتهامات له بعدم الشفافية.
في بلد آخر، لم تكن الجنسية المزدوجة لتثير أي إشكال، فمعظم كبار المسؤولين يحملون جنسية أجنبية، لكن الأمر لا يبدو كذلك بالدولة الواقعة بالجزء الغربي من المحيط الهندي.
وتنص المادة 42 من قانون الجنسية الملغاشية على أنه "يفقد الجنسية الملغاشية البالغ الذي يكتسب طواعية جنسية أجنبية"، لكن هذا القانون تتخلله استثناءات، والجدل الآن يدور حول تفسير هذه الاستثناءات.
مناورة سياسية؟وسط الجدل المحتدم، ترتفع أصوات تدعو الرئيس لحسم الاتهامات الموجهة إليه، خصوصا أنه لطالما كان شخصية مثيرة للجدل منذ ترشحه للرئاسة في 2018.
"الحركة متعددة الجنسيات"، الحزب الذي يتزعمه حاجو أندريانيناريفيلو، أشار أيضا إلى المادة 46 من دستور مدغشقر، والتي تنص على أن "مهام رئيس الجمهورية يمكن أن تقع فقط على عاتق مواطن من الجنسية الملغاشية".
وفي بيان صحفي صدر قبل يومين، دعا حزب وزير التخطيط المكاني والأشغال العامة السابق لأندري راجولينا من 2019 إلى 2022، رئيس الدولة إلى "التحدث عن هذا الموضوع الذي ينتهك سيادة مدغشقر".
من جانبها، رأت مديرة مكتب الرئيس الملغاشي، رومي فوس أندرياناريسوا، في ردها على طلب إعلام فرنسي التعليق حول الجدل الدائر، أن ما يحدث "مناورة سياسية بلا شك.
وأضافت أن "الرئيس ولد من أب وأم ملغاشيين، إنه ملغاشي"، مستدركة في الآن نفسه أن "الرئيس كان فرنسيًا منذ جده الأكبر وبالنسب نسبة كبيرة من الملغاشيين ثنائيو القومية ويعيشون في انسجام تام مع خياراتهم ومواقفهم السياسية".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مدغشقر الحملة الانتخابية أنتاناناريفو المحكمة الدستورية العليا
إقرأ أيضاً:
ثورة «الجيل زد» فى مدغشقر.. من انقطاع الكهرباء إلى الإطاحة بالرئيس
شهدت مدغشقر مؤخرًا تحولًا سياسيًا دراماتيكيًا، لم يكن محركوه التقليديون من الأحزاب السياسية أو النخب الاقتصادية، بل جيل جديد يحمل اسم «الجيل زد» (Gen Z). فما بدأ كاحتجاجات عفوية على تردى الخدمات الأساسية، سرعان ما تحول إلى حركة شبابية منظمة أدت فى نهاية المطاف إلى الإطاحة بالرئيس أندرى راجولينا وتولى الجيش للسلطة فى أكتوبر 2025. هذه القصة ليست مجرد أزمة سياسية محلية، بل هى تأكيد على دور الشباب العابر للحدود فى صياغة مستقبلهم.
تعود جذور الأزمة إلى نهاية سبتمبر 2025، حيث كان الملغاشيون يعانون من انقطاعات مزمنة فى الكهرباء والمياه فى العاصمة أنتاناناريفو ومدن أخرى، فى بلد يعيش فيه نحو 80% من السكان تحت خط الفقر. لم يكن الغضب جديدًا، لكن ما غيّر المعادلة هو ظهور حركة «الجيل زد مدغشقر»، وهى مجموعة شبابية «بلا قيادة» تتراوح أعمار أفرادها بين 18 و30 عامًا.
بدأت الحركة احتجاجها بمطالب بسيطة ومباشرة: «نريد كهرباء وماءً»، لكنها سرعان ما رفع سقف مطالبها ليصبح «إسقاط النظام»، مستلهمة بذلك حركات احتجاجية مماثلة قادها الشباب فى نيبال وسريلانكا، وواجهت تحديات اقتصادية مشابهة.
ما ميّز ثورة «الجيل زد» هو أسلوبها التنظيمى. بعيدًا عن الهياكل الحزبية التقليدية، اعتمد النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعى ومنصات التنسيق الرقمى للتعبئة السريعة، وتبادل النصائح حول كيفية مواجهة قمع قوات الأمن.
كما استخدموا رموزًا بصرية قوية، مثل علم الجمجمة والعظام (المستوحى من مسلسل الأنمى اليابانى «ون بيس»)، ليعكسوا رفضهم للنظام القديم وشعورهم بأنهم «الأمل الأخير» لبلادهم. لقد جسّدت هذه الرموز حركة احتجاجية عابرة للثقافات، تشعر بالارتباط بقضايا الشباب حول العالم.
ولم تكن الاضطرابات السياسيه الأخيرة فى مدغشقر هى الاولى من نوعها بل أبرز ما يميز المشهد السياسى فى مدغشقر هو الدورات المتقطعة للأزمات السياسية، والتى غالبًا ما تكون عنيفة وتؤدى إلى انقلابات أو تغييرات غير دستورية فقد شهدت البلاد عدة فترات من الاضطراب، أبرزها الأزمة السياسية فى عام 2009 التى أدت إلى إزاحة الرئيس المنتخب وتولى سلطة انتقالية. مثل هذه الأحداث تقوض الشرعية الديمقراطية وتؤدى إلى عزلة دولية مؤقتة، ما يعطل تدفق المساعدات والاستثمارات الحيوية.
وقد كان للفساد أيضًا دور كبير لما له من جذور عميقة فى جميع مستويات الإدارة الحكومية كما تواجه الأنظمة القانونية والقضائية تحديات فى الحفاظ على استقلاليتها، ما يؤدى إلى تطبيق غير متساو للقانون ويُصعّب مكافحة الجريمة المنظمة، خاصة فيما يتعلق بالاستغلال غير القانونى للموارد الطبيعية (مثل قطع الأخشاب الثمينة أو صيد الحيوانات النادرة).
هذا إلى جانب المركزية المفرطة فهناك تركيز للسلطة فى العاصمة «أنتاناناريفو» وفى يد النخبة الحاكمة، ما أدى إلى تهميش المناطق والأقاليم الريفية التى تعانى من نقص فى الخدمات والموارد، وزاد من حدة التوترات بين المركز والمحيط.
كما أن هناك فجوة كبيرة بين النخبة السياسية الثرية والمدن الكبرى، وبين غالبية السكان الذين يعيشون فى فقر مدقع فى المناطق الريفية، مما يخلق بيئة خصبة للاحتجاجات الاجتماعية والاستقطاب السياسى.
ولعبت الخلافات الإثنية دور كبير على الرغم من أن مدغشقر تتمتع بتجانس نسبى، إلا أن التوترات بين المجموعات الإثنية القادمة من الهضبة (ميرينا) والمجموعات الساحلية (كوتيرز) يمكن أن تُستغل سياسيًا خلال فترات الأزمات والانتخابات، ما يزيد من صعوبة بناء هوية وطنية موحدة.
وعلى الرغم من نجاح حركة الجيل زد فى إحداث تغيير جذرى، لكنها وضعت البلاد تحت حكم عسكرى انتقالى. التحدى الأكبر اليوم يكمن فى ضمان عدم سرقة ثمار هذه «الثورة».