الأميرة رشا يسرى تكتب: انفلات الهدنة
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
جهود مصرية حثيثة تُبذل الآن لاحتواء انفلات تمديد الهدنة، فقد استيقظنا صباح الجمعة على انتهاء الهدنة بين إسرائيل وحماس التى تم تمديدها يوماً بعد يوم مقابل دخول المساعدات الإنسانية الإغاثية والاستمرار فى الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين والذى تم الأيام الماضية بنجاح رغم الصعوبات التى أحاطت بكل يوم على حدة، واستطاعت مصر، بفضل جهودها المتلاحقة، التغلب على العديد من نقاط الخلاف بين الطرفين.
تذرعت إسرائيل بانتهاك الهدنة من قبَل «حماس» صباح يوم الجمعة الأول من ديسمبر لتنطلق فى قصف خان يونس جنوب قطاع غزة المأهول بالسكان فى جريمة تنضم إلى قائمة جرائمها الطويلة.
ورغم خطورة المشهد وما يمكن أن يحدث من تداعياته حول استئناف القتال وانفلات الهدنة والوصول إلى نقطة اللاعودة، ورغم أن أمس الجمعة الأول من ديسمبر 2023 هو عرس ديمقراطى بالنسبة للمصريين، حيث تشهد سفارات مصر فى كل دول العالم افتتاح صناديق الاقتراع لممارسة الواجب الوطنى لمواطنى مصر المقيمين فى الخارج بالتصويت فى الانتخابات الرئاسية، فإن المساعى المصرية تسير على قدم وساق لاحتواء الانفلات فى اللحظة التى أكتب فيها مقالى هذا.
وعلى الجانب الآخر، فى إسرائيل من المنتظر أن نشهد مزيداً من الانقسام، حيث تم الإفراج عما يزيد على ثمانين محتجزاً إسرائيلياً فى الأيام الماضية التى شهدتها الهدنة بين إسرائيل وحماس، وأصبح الأمل فى أعلى درجاته لدى باقى الأسر الإسرائيلية، متمنين الإفراج عن ذويهم الباقين المحتجزين لدى «حماس» فى أسرع وقت ممكن، الأمر الذى سيشكل ضغوطات شعبية هائلة على الحكومة الإسرائيلية من أجل استعادة باقى الأسرى، سواء من المدنيين أو من الجنود، حيث إن تمديد الهدنة فى مرحلتها الأولى كان أملاً لكل الجوانب بشكل عام وللأسر الإسرائيلية بشكل خاص، إلا أن فشلها الآن يُعد أزمة حقيقية والعودة لنقطة الصفر.
إنه لم يكن من السهل الوصول للهدنة الإنسانية، فمن خلال الجهود المصرية الأمريكية القطرية، تم وقف الأعمال القتالية لمدة سبعة أيام، بعد شهر ونصف الشهر من بداية التصعيد العسكرى الذى أسفر عن خسائر فادحة فى الأرواح، فقد كان الوضع داخل غزة قد وصل إلى كارثة إنسانية رغم الجهود المصرية منقطعة النظير فى إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة.
ولكن يظل السؤال الجوهرى الذى يطرح نفسه: هل سيشكل استئناف إسرائيل للقتال وارتكاب المزيد من المجازر جحر عثرة أمام استئناف التفاوض، أم أن تلك المجازر التى ترتكبها إسرائيل ستسير جنباً إلى جنب مع التفاوض؟ بات الهدف أكثر وضوحاً، المزيد من القتلى والبدء فى ضرب جنوب قطاع غزة والعمل على الدفع بالفلسطينيين إلى سيناء.
هذا الأمر الذى رفضه الرئيس عبدالفتاح السيسى صراحة وبوضوح تام فى الكثير من المناسبات، وكان آخرها فعالية (تحيا مصر وغزة) التى عُقدَت تحت رعايته، حيث أكد أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء خط أحمر؛ كررها الرئيس أربع مرات، فى رسالة ضمنية أن الأهداف الإسرائيلية من استمرار الحرب على غزة فى دفع الفلسطينيين للهروب إلى سيناء ستواجَه بكل حزم، فى رسالة واضحة من الدولة المصرية، معناها أن استمرار الحرب على غزة لن يحقق طموحات الإسرائيليين.
لا شك أن الحكومة الإسرائيلية لا تُلقى بالاً لا للحفاظ على أرواح الفلسطينيين ولا الأسر الإسرائيلية الطامحة إلى الإفراج عن أسراها، الذين من المنتظر أن يشكلوا أزمة داخلية ملحة فى الساعات القادمة بسبب استئناف القتال، حيث يتعين على قادة إسرائيل إعادة باقى الأسرى إلى بيوتهم، كما تمت إعادة ما يزيد على ثمانين أسيراً إسرائيلياً بفضل جهود مصرية أمريكية قطرية. إن الهدنة بين إسرائيل وحماس تشكل أهمية قصوى للداخل الإسرائيلى قبل خارجه، وهى نواة جيدة لاحتواء التصعيد فى المنطقة وإيقاف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى.
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
كريمة أبو العينين تكتب: سرقة السعادة
يقولون أن عند بدء الخليقة وزعت الأرزاق والأعمار وحوصرت السعادة ووقف أمامها كل من على يقين انها لا تجعلهم يقومون بعملهم على أكمل وجه.
وقف فى وجه السعادة الحزن ، وخيبة الأمل ، والتعاسة ، وقلق البال وغيرهم ممن تزيل السعادة أثرهم ووجودهم ؛ وقفوا كلهم يحاوطونها من كل جانب وحدب وصوب كى تظل مكانها ولا تبرح خطوة .
السعادة وقفت مكتوفة الأيدي تدافع عن نفسها وتستحلفهم ان يتركوها تمضى ففى انتظارها الكثيرين ممن يبحثون عنها ويتمنونها معهم الى آخر العمر . توسلات السعادة زادت الاخرين عنادا واحكموا حصارهم وأبدوا بغضهم وكراهيتهم لها وقال لها الحزن انتِ عدوتى البغيضة فكلما طوقت الشخص اليائس الرافض لقضاء الله من كل جانبه وجعلته اقرب ما يكون إلى القنوط وربما الكفر جئتِ انتِ ومنحتيه نفحة أمل وهونتِ عليه مصابه وذكرتيه بنعم أخرى حوله وأعدتيه الى مرحلة الرضا والايمان ، فكيف أتركك تفسدين عملى الذى يباركه شياطين الانس والجن .
زاحمت خيبة الأمل الحزن وقالت بصوت يائس متألم لقد حاولت طوال عمرى ان انزع من الأشخاص الواقعين فى متاهات الحياة انزع منهم أي بريق من الامل يجعلهم يواصلون الحياة بعزم وايمان ، وكل مرة انجح فيها وانزع منهم التفاؤل وأضعهم فى نقطة اللاعودة تأنى أنتِ أيتها الملعونة وتفسدين عملى وتنجحى بكل براعة بإزالة مجهود طويل بذلته أنا لكى أجعلهم من الداخل أعجاز نخل خاوية .
التعاسة هى الأخرى جرت مسرعة نحو السعادة وحاولت ان تشتبك معها وربما ارادت ان تقتلها وتتخلص منها الى الابد وقالت بعد محاولة الملتفين حول السعادة تخليص الاشتباك قالت لها لم اكره فى حياتى شخصا ولا معنى ولا محتوى بقدر كراهيتى لكِ ، كم من أناس نجحت أنا بمجهودى الجبار بأن أجعلهم تعساء ، رافضين الحياة ، بل انى حولت بعضهم الى أناس مؤذيين يبثون سمومهم فى كل مكان ويفرقون الملتفين ويفعلون كل ما من شأنه زيادة أعداد التعساء ، ولكن كنت أنتِ تلك الشخصية وذلك الوهم الذى يفسد عملهم ويضئ لهم طريق الحب ويكسر حوائط الانهزامية التى جعلتهم انا يبنوها ويشيدوها بأنفسهم .
أما راحة البال فقد ربت على كتف السعادة وقالت لها ان معكِ أينما تكونين نقيضى هو الذى يكرهك ويحاربك قلق البال والريبة والشك يرونك معرقل لعملهم وادائهم وهم وكلونى نيابة عنهم بأن أمثل نقطة ارتكاز عندك واجعلهم يمرون من خلالي لأداء واجبهم فى تغيير نمط الخبر فى الحياة واعلاء الشر وجعل البشر فى ألم وحزن.
السعادة وقفت لاتدرى ماذا تفعل وكيف تهرب من كل هؤلاء وبعد تفكير وقلق استطاعت السعادة ان تفرغ محتواها وتتسرب فى بصيص وشعاع ينتشر بين البشر ويفر ممن يحاوطونها ، أصبحت السعادة منذ ذلك الحين بصيصا وجزءا وأصبح مفهومها نسبى عند البشر ، وتجزأت مفاهيم السعادة ومقاديرها وأصبح كل شخص يشعر بها ويفهمها بطريقته وعلى هواه كما يقال ، فبعضنا يرى سعادته فى المال وأخرين فى الذرية الصالحة وأُخر يرونه فى المناصب والسلطة والترقى والعلو والاعتلاء
بعضنا يشعر ان سعادته اكتملت بعلمه ومنزلته العلمية ، ومن هذه التفسيرات لمفهوم السعادة كان لزاما علينا ان نقتنص لحظات السعادة ، وإن عز ذلك فلنسرقها فسرقة السعادة هى السرقة الوحيدة المشرعة دينا ودنيا ، اسرق سعادتك لا تتوقف عن البحث عما يسعدك مهما كان البحث مضنيًا فان وميض السعادة كفيل بأن يهون عليك تعب البحث ويجعلك تهنأ بما حصلت عليه فى نهاية مطافك ومجهودك للبحث عن السعادة .
السعادة وان كانت نسبية الا أنها ضرورية فلنجعلها من اساسيات حياتنا وليست من الكماليات .