الضغوط الدولية تتزايد..نتنياهو في مأزق..وخسائر الاحتلال تتفاقم في غزة
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
مع دخول الحرب في غزة أسبوعها الحادي عشر تتصاعد الخلافات بين أعضاء حكومة نتنياهو بشأن إدارة إسرائيل للمعركة في ظل عدم تحقيقها للأهداف المعلنة حتى الآن.
ومع استمرار الحرب يتصاعد السخط الشعبي في إسرائيل ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يصر على مواصلة القتال رغم التكلفة الباهظة للحرب والخسائر الكبيرة في صفوف الجيش.
كما تتزايد الضغوط الدولية والإقليمية على إسرائيل في محاولة التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار، خاصة في ظل محادثات للفصائل الفلسطينية في القاهرة والحديث عن مبادرة مصرية من 3 مراحل للحل.
مصر صمام الأمان للقضيةوفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه أجرى زيارة لقطاع غزة الإثنين، لافتًا إلى أنه «التقى بلواء احتياط موجود في الميدان».
وأضاف نتنياهو، خلال اجتماع مع حزب الليكود، مساء الإثنين: "عدت الآن من غزة، التقيت بلواء احتياط في الميدان، والجميع طلبوا شيئًا واحدًا فقط: ألا نتوقف ونستمر حتى النهاية"، وأشار إلى أن بلاده مستمرة في حربها على القطاع المحاصر، معقبًا: "سنعمق القتال في الأيام المقبلة، الحرب في غزة ستستمر وقتا طويلا ونهايتها ليست وشيكة".
ورغم مرور 80 يومًا من الحرب الإسرائيلية غير المبررة على قطاع غزة، ومع حجم التدمير الشامل للقطاع، والتكلفة البشرية العالية التي تبلغ قرابة 21 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 54 ألف مصاب، وتدمير البنية الأساسية، لا تزال إسرائيل ترفض كل الضغوطات والتحركات الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار، ولا تزال تصر على استراتيجية الأرض المحروقة، رغم فشلها في تحقيق أهدافها المعلنة، خاصةً المتعلقة بتحرير الأسرى والرهائن لدى الفصائل الفلسطينية، وهو ما يؤكد فشل الرهان على القوة والخيار العسكري في تحقيق الأهداف.
وتعد مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية، حيث أن الهدنة السابقة نجحت عبر التفاوض في تحرير عدد كبير من الأسرى الإسرائيليين، وفي المقابل، فشلت القوة العسكرية في تحرير الباقين، وهو ما يدفع إلى ضرورة وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات لإبرام صفقة لتبادل الأسرى، وهو ما تعمل عليه مصر حاليًا لتحقيق التهدئة.
ولا شك في أن التحرك المصري للوصول إلى هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار يأتي في سياق الاستراتيجية المصرية التي تتحرك على ثلاثة مسارات متوازية ومتكاملة:
هدنة إنسانية ووقف إطلاق النارأولها: المسار الإنساني والمتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للفلسطينيين في قطاع غزة الذين يواجهون ظروفًا إنسانية قاسية، في ظل استهداف إسرائيل المدنيين والمنشآت المدنية، ونجحت الدبلوماسية المصرية في تمرير قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2722 الذي ينص على إدخال المساعدات الإنسانية لغزة بحرًا وبرًا وجوًا فورًا دون عوائق، ويتضمن آلية تعيين مبعوث أممي لإنفاذ إدخال المساعدات، وهو ما يمثل أهمية كبيرة في تخفيف المعاناة عن سكان غزة، وعلى هذا المسار -أيضًا- تسعى مصر لإبرام هدنة ووقف إطلاق النار عبر الاتصالات مع الأطراف المختلفة.
وثانيًا: المسار السياسي الذي يتضمن رفض مخططات التهجير القسري للفلسطينيين باعتباره جريمة حرب ويستهدف تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأمن القومي المصري، ويرتبط به التحرك المصري للعمل على تفعيل حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد، وذلك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وثالثًا: المسار الأمني الذي يتضمن مساعي مصر لعدم توسع الحرب في غزة إقليميًا، لما له من مخاطر على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ولذلك، ستظل مصر هي صمام الأمان للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، اعترف جيش الاحتلال الاسرائيلي بمقتل جنديين وإصابة 4 آخرين في المعارك الأخيرة بغزة، كما أعلن إعلام فلسطيني، إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال مواجهات في مخيم الفوار، بينما أعلنت فصائل فلسطينية، استهداف دبابة ميركافا إسرائيلية شرق مخيم البريج.
وقال تقرير لهيئة البث الإسرائيلية، الإثنين، إن جنديا إسرائيليا توفي قبل أسبوعين، وذلك بعد إصابته بعدوى فطرية بعد تعرضه لجروح في المعارك الدائرة بقطاع غزة.
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن الجندي دخل مستشفى "أسوتا" في تل أبيب، وذلك بعد إجلائه من غزة، مصابا بجروح خطيرة في أطرافه بسبب العدوى الفطرية، وأضافت أنه في المستشفى تبين معاناة الجندي من عدوى فطرية، ليتوفى لاحقا متأثرا بجراحه والتهاباته، كما أنه خلال الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على حماس في قطاع غزة، تم تشخيص إصابة 10 جنود على الأقل بهذه العدوى الفطرية الخطيرة.
عدوى تصيب الجنود الإسرائيليينونقلت الصحيفة تقارير إسرائيلية أفادت بأن الجمعية الإسرائيلية للأمراض المعدية، ستعقد مناقشة عاجلة الأسبوع المقبل مع خبراء الأوبئة من الجيش الإسرائيلي ووزارة الصحة، لدراسة الإصابات الأخيرة بالعدوى الفطرية المسجلة بين صفوف الجنود الذين يقاتلون في غزة.
وفي نفس السياق، يجتمع أحد المسئولين المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الثلاثاء، وفقًا لمصدر مطلع على الخطط، بعد أن تعهد الزعيم الإسرائيلي بـ "معركة طويلة" في الحرب في غزة.
وقال المصدر لشبكة CNN، إنه من المتوقع أن يجتمع رون ديرمر، الذي يعتبر أحد أقرب حلفاء نتنياهو، مع مسؤولين من البيت الأبيض ووزارة الخارجية لمناقشة المرحلة التالية من الحرب في غزة.
ومن المتوقع أن يلتقي بمستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن وأعضاء في الكونجرس، وفقًا لما ذكره موقع أكسيوس، الذي كان أول من أبلغ عن الاجتماعات.
وقال مجلس الأمن القومي لشبكة CNN إنه ليس لديهم أي اجتماعات للإعلان عنها "في هذا الوقت".
وتأتي الاجتماعات المتوقعة في الوقت الذي يتطلع فيه البيت الأبيض إلى ابتعاد إسرائيل عن الحرب الشديدة التي تشنها منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر في غزة والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 20 ألف شخص، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في رام الله، التي تجذب الانتباه. بياناتها من وزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس في غزة.
ضاربين بالقوانين عرض الحائطومن جانبه، قال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب، إن ترحيل قادة حماس من غزة، وفي مقدمتهم يحيى السنوار ومحمد الضيف هو أمر غير مقبول، وأن من صفقة الكل مقابل الكل لابد من تنفيذها، وأن المقاومة الفلسطينية لن تتراجع إلا بعد أن يتم تنفيذ شروطها.
وأوضح عماد الدين حسين، في مداخلته ببرنامج "مصر الجديدة" مع الإعلامية انجي أنور على قناة etc، أن بيت لحم لم تحتفل بأعياد الميلاد بسبب الجرائم الإسرائيلية في غزة.
وأضاف، أن المنهج الإسرائيلي كما هو، وأنه عمليًا على أرض الواقع يقومون بالتهجير القسري للشعب الفلسطيني، ضاربين بكل القوانين عرض الحائط.
وعن جهود الدولية لوقف إطلاق النار في غزة، تلقي سامح شكري، وزير الخارجية، الاثنين، اتصالاً هاتفياً من الدكتور حسين أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني، تناول الأوضاع في قطاع غزة، ولمتابعة النقاش حول القضايا الثنائية بين البلدين.
وذكر السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية، أن الوزيرين تبادلا الرؤى والتقييمات حول الأوضاع الإنسانية والأمنية المتدهورة في قطاع غزة، وكذلك مسارات التحرك على الصعيد الدولي؛ من أجل تخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الأشقاء الفلسطينيون
والجدير بالذكر، أن ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أنه تم رصد استشهاد 26 فلسطينياً في خانيونس جنوبي قطاع غزة منذ مساء الإثنين.
فيما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي ضربات جوية استهدفت 100 موقع في جنوب قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وكانت اشتباكات بين المقاومة وجيش الاحتلال وقعت في خانيونس جنوبي قطاع غزة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة إسرائيل نتنياهو وقف إطلاق النار هدنة انسانية ووقف إطلاق النار الحرب فی غزة فی قطاع غزة وهو ما
إقرأ أيضاً:
بحر بلا هدنة.. صيادو غزة يغامرون لتحصيل رزقهم تحت النار
غزة- كأطلالٍ غارقة، تطفو على وجه بحر غزة المشوَّه مراكب لم يتبقَّ منها إلا الحديد الصدِئ، وقوارب محطّمة يتكئ بعضها على بعض كجثثٍ حصدتها الحرب، وشِباك ممزقة كانت يوما سواعد الصيادين، تتدلّى على الأطراف المكسورة كأنها شواهد على رزقٍ ضاع مع أمواج النار العاتية.
عبثٌ أصاب البحر وأهله معا، ودمارٌ هندسيّ دقيق أحدثته الطائرات الحربية الإسرائيلية في اليوم السادس للحرب، بأكثر من 26 صاروخا أصابت ميناء غزة في عمقه وشطرته إلى نصفين.
ولم يكتفِ الاحتلال بذلك؛ ففي كل جولة برية أو جنون جوي كانت قذائفه تعود لتستهدف الميناء، في دمارٍ امتدّ إلى أرزاق مئات الصيادين الذين باتوا بلا مصدر دخل.
يقول الصيادون للجزيرة نت، إن الحرب انتهت، "لكن لم يُفتح لنا البحر بعد"؛ فتوقف القصف البري لم ينسحب على البحر، إذ إن تقدّم الصيادين أمتارا قليلة يجعلهم في مرمى الزوارق الإسرائيلية، أو عرضة للاعتقال.
وهذا ما حدث مؤخرا مع أبناء عمّ الصياد أبو جهاد الهسي، الذي نجا بأعجوبة من اعتقالٍ محقق، فيما تمكن الاحتلال من محاصرة قارب أبناء عمّه واعتقال 5 منهم، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
يقول أبو جهاد للجزيرة نت "لا نستطيع تجاوز مسافة كيلو متر واحد"، فالتقدّم في العمق بات يُعرَّف لديهم بـ"المخاطرة الأمنية"، التي يضطرّون إليها لجني رزقهم، حيث ينطلقون فجرا بما تبقّى من أدوات بدائية، مستخدمين قوارب صغيرة لا يتجاوز طولها 3 أمتار، يدفعونها بمجاديف خشبية كانوا يركنونها في مخازن تحفظ بقايا معداتهم القديمة والمتهالكة.
وخسرت عائلة أبو جهاد- وهي التي امتهنت الصيد أبا عن جد- مركبين كبيرين و5 قوارب وشِباكا ومعدات تقدَّر قيمتها بنحو مليون دولار أميركي.
سألناه إن فكّر يوما بتغيير مهنته، فابتسم وقال "حبّ البحر ومتعة الصيد تجري في دمي، جرّبت التجارة خلال الحرب وفشلت، عدت للبحر. لا مهنة أخرى أستطيعها بعد هذا العمر".
ضياع الموسم
على منطقة تمتد طوليا داخل الماء يسمّيها الصيادون "لسان الميناء" يجلس أحمد دياب. يحدّق في المدى المحاصر أمامه الذي كان يوما فضاء رزقه، ويمسك سنّارة متهالكة انتشلها من تحت أنقاض منزله في حي الشجاعية، وإلى جانبه دلو صغير يفشل غالبا في ملئه، فهو يعيش كل يوم بيومه، يجلس ساعات طويلة في البحر ليصطاد بالكاد سمكتين يبيعهما ويوفّر بهما قوت يوم واحد لأبنائه الستّة.
إعلانومع ذلك، يخرج كل يوم كالذاهب إلى صلاة لا تُرجى منها إلا الطمأنينة. يقول "البحر صاحبي وهو حياتي الثانية"، قبل أن يعود ليذكر أن الحرب لم ترحل من هنا بعد، "لا يسمحون لنا بأكثر من كيلومتر والاعتقال مصير من يتقدّم".
أكلت الحرب موسم الصيد كاملا (يمتد من أبريل/نيسان وحتى أكتوبر/تشرين الأول)، وأكلت معها الثروة السمكية التي كانت المياه الراكدة مأواها، كما يذكر دياب.
ويقول إن "أسماكا مثل البوري والمليطة كانت تعيش داخل حوض الميناء، لكن بعد دمار الحوض أصبحت قليلة جدا"، ومع ذلك لا يتوقف عن المحاولة، "لو توقفت عن الصيد فسأمد يدي للناس، ونحن أبناء عز نموت جوعا ولا نتسوّل".
شهداء البحرمنذ عامين يحاول الصيادون إحياء مهنة ميتة، فقد قتلت إسرائيل خلال الحرب 65 صيادا بشكل مباشر أثناء محاولتهم الصيد، من أصل 230 صيادا قُتلوا في ظروف مختلفة خلال حرب الإبادة، كما يقول رئيس النقابة العامة للصيادين زكريا بكر.
ويؤكد بكر للجزيرة نت، أن قوات الاحتلال اعتقلت 40 صيادا، بينهم 14 بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار. ويكشف أن نحو 450 صيادا فقط باتوا يعملون اليوم، من أصل 4500 كانوا مسجّلين رسميا في وزارة الزراعة الفلسطينية بغزة.
ويعمل هؤلاء بأساليب بدائية في مغامرة يومية، إذ إن "الداخل للبحر مفقود والخارج منه مولود فضلا عن انقلاب القوارب الصغيرة بالصيادين بفعل الموج".
وأضاف بكر أن البحر كان ضمن بنود اتفاقات وقف العدوان على غزة في كل مرة، لكن الاحتلال لم يلتزم بها، وأبقاه جبهة حرب مفتوحة من خلال الاعتقالات والمطاردات وإطلاق النار والتضييق المتواصل الذي يعزو الصيادون أسبابه للابتزاز السياسي، وطمع الاحتلال في الثروة السمكية، إضافة إلى ما يعتبرونه "هندسةً للتجويع".
ويوضّح بكر في هذا السياق أن إغلاق المعابر ومنع الاحتلال إدخال الغذاء، ومنع الصيادين من صيد الأسماك، حرم الغزيين من حق الاكتفاء بمصادرهم المحلية وتوفيرها بديلا للأطعمة المستوردة.
ويعود رئيس نقابة الصيادين بذاكرته إلى 3 عقود مضت، حين كان تجار الأسماك من غزة يقطعون الطريق نحو الضفة الغربية والداخل، فيبيعون الأسماك التي كان الجميع هناك يفضلها على غيرها، وكانت تنفد سريعا ويعود التجار في اليوم التالي محمّلين برزقٍ جديد.
أما اليوم وبعد تدمير 95% من قطاع الصيد، فلا يتجاوز إنتاج غزة 2% من الإنتاج السنوي، بعد أن كان ينتج 3500 طن سنويا، وفق بكر.
وتحدث الرجل عن محاولات شاقة وعبثية للصيادين لمحاولة استصلاح وترميم مراكبهم دون جدوى، فمع قدرتهم على صناعة المراكب، فإن انعدام المواد اللازمة ومنع إدخالها يحول دون ذلك.
ومع أن حدود غزة كلَّها مفتوحة على الموت، يبقى البحر وحده الجبهة التي لا هدنة فيها منذ عقود، حيث يذهب إليه الصيادون كمن يذهب إلى رزقه وإلى حربه في آن واحد.
إعلان