لهذه الأسباب لا يمكن القضاء على «أنصار الله»
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
تمثل الحرب التي أطلقها «محور المقاومة» على إسرائيل والولايات المتحدة المرة الأولى في التاريخ التي يقوم فيها تحالف من جهات غير تابعة لدول بالدفاع الجماعي عن جهة أخرى غير تابعة لدولة هي على وجه التحديد حماس.
بقيادة إيران، يضم المحور مجموعات سورية، وجماعتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، وحزب الله اللبناني، ووحدات الحشد الشعبي العراقية، وجماعة الحوثيين اليمنية، أو أنصار الله، بحسب اسمها الرسمي.
لكن بدلا من الاعتراف بأن لدى هذه الجماعات دوافع ومصالح تخصها، تواصل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل التقليل منها وتصويرها باعتبارها شبكة عابرة للجنسيات مؤلفة من وكلاء لإيران وتعتقدان بأن بالإمكان قصف هذه الجماعات لحملها على الاستسلام وهو ما تجلى في موجة أخرى من الضربات الجوية الليلية. ويمثل هذا فهما أساسيا للديناميكيات الأساسية الفاعلة داخل المحور وللوحدة الأساسية لأعضائه، وذلك كله قادر على أن يجعل تدخل القوى الغربية في المنطقة باهظ التكلفة.
خلافا للتحالفات الغربية التقليدية التي تقيمها بلاد متماثلة العقليات لمحاربة تهديد مشترك بلا أي التزامات بعيدة المدى، بدأ محور المقاومة بوصفه تحالفا مستمرا تطور إلى ائتلاف حربي. ومنذ بدايته، كان ما يجمع الأعضاء الأساسيين معا هو تبادلها توفير الدعم العسكري والسياسي لمواجهة إسرائيل. وفي حين أن إيران زودت حزب الله وحماس وغيرهما من الجماعات الفلسطينية بالمساعدات العسكرية والمالية طويلة الأمد، قدمت سوريا أرضها لتكون مسار إمدادات مضمونا لحزب الله وملاذا آمنا لقيادات حماس. ومن جانبه، قدم حزب الله التدريب التقني والعسكري لحماس، فمن ذلك خبرة صنع القنابل وحفر الأنفاق، وقام مع إيران بتهريب تقنيات تصنيع السلاح إلى الضفة الغربية وغزة.
في عام 2013 شكل المحور تحالفه الحربي الأول، دعما للدولة السورية. وتدخل حزب الله رسميا في تلك الحرب وأقنع إيران بنشر الحرس الثوري في سوريا، ثم تبعته وحدات الحشد الشعبي العراقية حديثة التأسيس، موسعة المحور.
وبجانب دور المحور في سوريا، تدخل حزب الله وإيران مباشرة في العراق في 2014 لمساعدة وحدات الحشد الشعبي في محاربة داعش. وكانت الإضافة الأخيرة إلى المحور هي جماعة أنصار الله التي تلقت مساعدة عسكرية وسياسية من إيران، كما تلقت -بحسب ما جاء في بعض التقارير- تدريبا عسكريا من حزب الله في حربها مع التحالف ذي القيادة السعودية التي بدأت في 2015.
إن ما يجعل من هذا المحور تحالفا متماسكا ممتلكا أسباب الاستمرار هو عمق ورسوخ ركائزه الأيديولوجية وأهدافه الاستراتيجية المشتركة؛ فجميع أعضائه يتبنّون أجندة مناهضة للإمبريالية، مناهضة للصهيونية ويتخذون من القضية الفلسطينية بؤرة لهم. وللمحور اليوم غرضان مشتركان: إرغام إسرائيل على وقف غير مشروط لإطلاق النار في غزة، وطرد القوات الأمريكية من العراق وسوريا.
وفي سعيهم إلى هذين الغرضين، فإن الجهات غير التابعة لدول في هذا التحالف تعمل وفقا لمعتقداتها السياسية ومصالحها الاستراتيجية وليس اتباعا لإملاءات إيرانية. وفي حين أن إيران قدمت دعما ماديا لجهات غير تابعة لدول داخل المحور، فإن هذه المساعدات لم تتحول إلى نوع من فرض القوة الذي يسم علاقات الرعاة بالوكلاء. وهذه رؤية يراها مسؤول المخابرات الأمريكية بريان كاتز الذي ذهب إلى أن حلفاء إيران غير التابعين لدول «لم يعودوا الآن محض وكلاء لإيران»، بل أصبحوا بالأحرى «مجموعة من الفاعلين الناضجين سياسيا وعسكريا، المستقلين عسكريا، المتناغمين أيديولوجيا، الملتزمين بالدفاع المشترك». وطبيعة هذا التحالف في جوهره عضوية وتكافلية، خلافا للطبيعة المصلحية والهيراركية.
وقد تبين هذا أخيرا في هجمة حماس المفاجئة في السابع من أكتوبر على إسرائيل، وهي هجمة لم تكن إيران على معرفة مسبقة بها بحسب روايات إسرائيلية وأمريكية. لكن، يظهر بقوة أن هناك استراتيجية «دفاع مستقبلي» مسبقة التخطيط تقوم بموجبها جماعات حزب الله وجماعة أنصار الله ووحدات الحشد الشعبي بالهجوم والمبادرة بتوجيه الضربات لإسرائيل والولايات المتحدة في حال احتياج حماس لمثل هذه المساعدة. ويجري تنفيذ هذه الاستراتيجية اليوم من خلال تنسيق عسكري تكتيكي يتردد أنه يجري داخل العديد من غرف العمليات المشتركة في عواصم عديدة في المنطقة.
بموجب هذه الاستراتيجية، يتولى حزب الله دور إدارة المعركة بحيث يوجه ويخطط وينسق العمليات العسكرية في مختلف مسارح القتال. ويجري القتال بالتزامن في ثلاث ساحات معارك خارج غزة: فهناك حرب حزب الله معتدلة القوة مع إسرائيل، وهجمات وحدات الحشد الشعبي على أهداف تابعة للولايات المتحدة ولإسرائيل في سوريا والعراق وإسرائيل نفسها، وهجمات جماعة أنصار الله على سفن الشحن في البحر الأحمر وضرباتها بين الحين والآخر لإسرائيل. جميع الجبهات ستتوقف بالتزامن عند تعليق القتال في غزة، مثلما أظهرت الهدنة المؤقتة في غزة في نوفمبر الماضي.
إن تحالفا يتسم بهذا المستوى العالي من التنسيق، بحيث يعكس وحدة الهدف والرؤية، ليستوجب من الولايات المتحدة وحلفائها أن تبدل بشكل راديكالي من نهجها تجاه هذا الصراع. فافتراض أن العمل العسكري «المستدام» ضد هذه الجهات سوف يكسر إرادتها لمواصلة القتال هو افتراض مضلَّل إن لم يكن خطرا. فعلى العكس، لن يكون للحلول العسكرية التي توسع نطاق الصراع من أثر إلا أنها سوف تستدعي التنسيق لمزيد من الردود من المحور كله. ويحسن قادة الغرب صنعا إن هم تأملوا واقع أنهم لا يحاولون فقط حماية طرق الشحن، ولكنهم يخوضون حربا لا سبيل إلى الانتصار فيها على تحالف متماسك متحد أيديولوجيا من جهات قوية غير تابعة لدول.
إن كل ما فعلته الضربات الأمريكية والبريطانية لليمن هو أنها زادت من احتمالات نشوب حرب إقليمية كاملة النطاق، في ضوء أن جماعة أنصار الله الآن هددوا بتوسيع نطاق حملتهم لتشمل «جميع المصالح الأمريكية والبريطانية» في المنطقة. غير أن الجبهة اللبنانية الإسرائيلية تظل الأشد قابلية للاشتعال، في ضوء أن إسرائيل تتلهف على حرب مع حزب الله. ونظرا لأن حزب الله هو أقوى جهة غير تابعة لدولة في محور المقاومة، إن لم يكن في العالم، فإن من شأن هذه الحرب أن تكون الأوسع مدى وتدميرا للطرفين. ولا يمكن لشيء أدنى من وقف لإطلاق النار في غزة أن يمنع المنطقة من التحول إلى برميل بارود.
أمل سعد محاضرة في العلاقات السياسية والدولية بجامعة كارديف.
عن الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحشد الشعبی أنصار الله حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
رفع مرتبات الحكومة إلى 10200 جنيه لهذه الدرجة.. موعد صرف الزيادة الجديدة
يتصدر موعد زيادة المرتبات 2025 محركات البحث، بعد إعلان الحكومة صرف حافز إضافي بقيمة 700 جنيه شهريًا لجميع الموظفين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة، اعتبارًا من مرتبات شهر يوليو 2025، إلى جانب رفع الحد الأدنى للأجور.
زيادة المرتبات رسميًا لموظفي الحكومةتأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من الإجراءات التي تتبناها الدولة لدعم العاملين بالقطاع الحكومي، في ظل الارتفاع المتزايد في تكاليف المعيشة، حيث تهدف الحكومة من خلالها إلى تعزيز القوة الشرائية للموظفين، وتحسين مستوى الدخل لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية.
من 7100 إلى 15100 جنيه.. زيادة المرتبات رسميًا لموظفي الحكومة في هذا الموعد
صرف مرتبات شهر مايو اليوم.. وهذا موعد زيادة الأجور رسمياً
موعد صرف مرتبات مايو 2025 للعاملين بالدولة وموقف الزيادات الجديدة
باق 24 ساعة| مفاجأة كبرى بشأن مرتبات شهر مايو.. وصرف الزيادة بهذا الموعد
شهد اجتماع لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، برئاسة النائب عادل عبد الفضيل عياد، الموافقة على المادة الثالثة من مشروع قانون مقدم من الحكومة، وتنص هذه المادة على زيادة الحافز الإضافي بقيمة 700 جنيه شهريًا اعتبارًا من الأول من يوليو 2025.
وتنطبق الزيادة على جميع العاملين، سواء كانوا مخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية أو غير مخاطبين به، وتشمل كذلك الموظفين الجدد المعينين بعد هذا التاريخ. كما نصت المادة على أن الحافز يُعد جزءًا من الأجر المكمل أو المتغير وفقًا لطبيعة الوظيفة.
موعد زيادة المرتبات رسميًا لموظفي الحكومةتم تحديد الأول من يوليو 2025 كموعد رسمي لبدء تطبيق الزيادات الجديدة في مرتبات العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وذلك تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بتحسين أوضاع الموظفين اقتصاديًا، وبما يتناسب مع التحديات الراهنة.
الفئات المشمولة بالزيادةنصت المادة الرابعة من مشروع القانون على الفئات التي ستستفيد من الحافز الإضافي، وهم:
الموظفون والعاملون الدائمون والمؤقتون بمكافآت شاملة.شاغلو المناصب العامة والربط الثابت.العاملون بالهيئات العامة الخدمية والاقتصادية.الموظفون الذين تُدرج اعتماداتهم المالية ضمن الموازنة العامة للدولة.العاملون الذين ينظم عملهم قوانين أو لوائح خاصة.ويهدف هذا التحديد إلى ضمان شمول كافة الفئات العاملة بالدولة في إجراءات الدعم المالي.
الحزمة الاجتماعية ورفع الأجورتندرج هذه الزيادات ضمن الحزمة الاجتماعية التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تستهدف دعم المواطنين في مواجهة الغلاء والتضخم، وتوفير حد أدنى من الاستقرار المالي للفئات الأكثر احتياجًا.
وقال الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية، إن تطبيق الزيادات سيبدأ فعليًا من يوليو 2025، وإن الحوافز الجديدة تأتي ضمن خطة شاملة لتحسين دخول الموظفين وتخفيف الأعباء المالية عنهم.
وأشار إلى أن الزيادات في المرتبات لن تقتصر على الحافز الإضافي، بل ستتضمن زيادات إجمالية تتراوح بين 1100 و1600 جنيه شهريًا حسب الدرجة الوظيفية.
جدول المرتبات الجديد بعد الزيادةأعلنت وزارة المالية عن جدول جديد للمرتبات، يبدأ تطبيقه اعتبارًا من يوليو 2025، وتختلف قيمة الزيادة حسب الدرجة الوظيفية كما يلي:
الدرجة السادسة والخدمات المعاونة: 7100 جنيه
الدرجة الخامسة: 7500 جنيه
الدرجة الرابعة: 7800 جنيه
الدرجة الثالثة (التخصصية): 8300 جنيه
الدرجة الثانية: 8900 جنيه
الدرجة الأولى أو ما يعادلها: 10200 جنيه
درجة مدير عام أو ما يعادلها: 10600 جنيه
الدرجة العالية أو ما يعادلها: 12200 جنيه
الدرجة الممتازة: 15100 جنيه
ويُعد هذا الجدول نقلة نوعية في تحسين دخول الموظفين، بما يحقق عدالة التوزيع بين مختلف الدرجات والفئات.
زيادة المعاشات لتشمل كبار السنولم تتوقف الحزمة الاجتماعية عند الموظفين فقط، بل شملت أيضًا أصحاب المعاشات، حيث تقررت زيادة بنسبة 15% اعتبارًا من يوليو 2025، يستفيد منها نحو 13 مليون مواطن من كبار السن.
ويُعد هذا القرار استكمالًا لجهود الدولة في دعم الفئات الأكثر تضررًا من الأوضاع الاقتصادية، وتأكيدًا على حرص الحكومة على توفير حياة كريمة لأصحاب الدخول الثابتة، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات.