بلومبيرغ: لماذا تثير رفح المخاوف في حرب إسرائيل على غزة؟
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
قال موقع بلومبيرغ إن الهجوم الذي يستعد له الجيش الإسرائيلي على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، كخطوة أخيرة في الحملة التي تهدف إلى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أثار انتقادات عديدة من الولايات المتحدة ودول أخرى، بسبب تزايد المخاوف بشأن مصير مليون لاجئ فلسطيني لجؤوا إليه باعتباره الملاذ الآمن الوحيد المتبقي في القطاع.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم دانا خريش- أن إرسال قوات برية إلى المدينة قد يكون له تأثير إنساني كارثي، في الوقت الذي تستمر فيه المحادثات عبر الولايات المتحدة ومصر وقطر في محاولة لتأمين وقف إطلاق النار.
مدينة رفحرفح هي المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة قرب الحدود مع مصر، وفيها نقطة العبور الرئيسية إليها، وقد أغلقتها مصر أمام الأشخاص الذين حاولوا الفرار من مناطق القتال في بداية الحرب، لكنها أعادت فتحها أمام المساعدات الإنسانية خلال توقف القتال في نوفمبر/تشرين الثاني.
ويستخدم معبر رفح الآن لنقل المساعدات الحيوية إلى غزة، رغم أن الأعمال العدائية المستمرة تعيق توزيعها، وهناك معبر آخر في المنطقة يسمى كرم أبو سالم، وهو يخضع لسيطرة إسرائيل وقد تم إغلاقه إلى حد كبير أمام المساعدات الإنسانية طوال فترة الصراع.
ما أهمية معبر رفح؟
عندما بدأت إسرائيل اجتياحها لغزة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، نظم الجيش ما يسمى بالممرات الآمنة للناس للابتعاد عن القصف الأولي والمعارك البرية في الشمال، ولكنه اندفع بعد ذلك جنوبا نحو مدينة خان يونس، وهو يحاصر الآن ما يزيد على مليون شخص في منطقة رفح.
ورغم الهدوء الذي شهدته العلاقات بين مصر وإسرائيل منذ توقيع معاهدة السلام عام 1979، تصاعد التوتر بين الطرفين منذ بداية الحرب الحالية، بعد أن اقترح مركز أبحاث إسرائيلي أن تفتح مصر صحراء سيناء للنازحين الفلسطينيين، وهو ما ترفضه مصر وترى أنه قد يشكل تهديدا أمنيا وتقويضا لآمال الفلسطينيين في إقامة دولتهم.
كيف الوضع في رفح الآن؟
وتستضيف رفح التي كان يقطنها نحو 280 ألف شخص قبل الحرب، أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة، وفقا للأمم المتحدة، وتظهرها الصور مدينة مليئة بالخيام والمنازل المؤقتة، مكتظة بالسكان الذين يواجهون نقصا في الغذاء والدواء وليس لديهم مكان يذهبون إليه.
ووصفت الأمم المتحدة رفح بأنها "قدر ضغط اليأس"، وقد دقت ناقوس الخطر بشأن الظروف المعيشية هناك، وقالت إن "ندرة الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية ومرافق الصرف الصحي أدت إلى أمراض ووفيات تمكن الوقاية منها".
ما المنظور الإسرائيلي؟
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيكون "من المستحيل" تحقيق هدف تدمير حماس إذا تركت إسرائيل ما يقول إنها 4 كتائب تابعة للحركة في رفح، وذلك في استرضاء لائتلافه اليميني المتطرف في الداخل، وبالتعاون مع الحليف الأميركي.
وتواجه إسرائيل ضغوطا متزايدة بشأن ارتفاع عدد القتلى في غزة، حيث استشهد أكثر من 28 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب، وقد حذر الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل من المضي قدما في توغل أوسع في رفح دون خطة لحماية المدنيين، ووصف ردها على هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول بأنه "مبالغ فيه".
وفي مصر؟ومصر هي إحدى الدول العربية القليلة التي أبرمت معاهدة سلام مع إسرائيل ولعبت دورا في التوسط بين حماس إسرائيل في محاولة لإنهاء الحرب، وقد قال رئيس جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وهو مصري، إن سياسات إسرائيل تهدد العلاقات الطويلة الأمد مع بلاده ومع الأردن، بل إن القاهرة هددت باتخاذ خطوة غير عادية بتعليق اتفاق السلام إذا أرسلت إسرائيل قوات إلى رفح.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
واقع جديد في غزة بعد الحرب.. تنافس دولي قد لا يُرضى إسرائيل
حذر مايكل ميلشتين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة "تل أبيب"، من تحولات ما بعد الحرب في غزة، مع صعود التنافس الدولي والتدخل الأجنبي، قائلا، إن الواقع الجديد في غزة يعكس تنافسًا دوليًا متزايدًا قد يُعقد الوضع بالنسبة لـ"إسرائيل"، لكنه في الوقت نفسه يفتح أبوابًا لاستراتيجيات جديدة، إذا ما استغلت "إسرائيل" الفرص بحكمة.
وأضاف ميلشتين، في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إنه مع انتهاء الحرب وبعد عامين من الهيمنة الإسرائيلية الكاملة على قطاع غزة، برزت معالم جديدة داخل الساحة الغزية، حيث بدأت أطراف أجنبية، مخضرمة وجديدة، بالتدخل بشكل متزايد، مما يُشكّل منافسة مباشرة لـ"إسرائيل"، ففي الوقت الذي تلتزم فيه الأخيرة بحزم باتفاق إنهاء الحرب وتُلمّح إلى احتمال العودة إلى القتال، تحاول هذه الأطراف فرض وقائع جديدة على الأرض، وهو واقع لا يتماشى تمامًا مع مطالب "إسرائيل"، خاصة فيما يتعلق بحركة حماس.
ولفت إلى أنه من بين الأطراف الفاعلة، برزت قطر كأحد أكثر اللاعبين تأثيرًا في غزة، حيث استأنفت دورها كداعم رئيس للقطاع، بل ربما عززت نفوذها مقارنة بفترة ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقال ميلشتين، إن قطر، التي تعرضت لانتقادات شديدة خلال الحرب وسعت "إسرائيل" لتقليص نفوذها، شنت "هجومًا مضادًا" باستخدام أدواتها الاقتصادية والدبلوماسية، وتمكنت من كسب دعم الإدارة الأمريكية، رغم شعور كبار المسؤولين الأمريكيين.
وفي خطوة لافتة، أضاف الكاتب الإسرائيلي: "يقال إن قطر لعبت دورًا في إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقبول رد حماس على خطته ذات العشرين نقطة، على الرغم من عدم تلبيتها كل المطالب الإسرائيلية، خاصةً نزع سلاح الحركة". وأشار إلى أن قطر الآن إلى صياغة تسوية جديدة تركز على التمييز بين "الأسلحة الهجومية" التي لن يُسمح لحماس بامتلاكها و"الأسلحة الدفاعية"، بهدف تحقيق صيغة مقبولة للإدارة الأمريكية.
إلى جانب قطر، سلط ميلشتين، الضوء على تركيا، وقال إنها تسعى تركيا إلى تعزيز وجودها في غزة، مستغلة علاقتها الوثيقة مع الدوحة و"انتمائهما المشترك لجماعة الإخوان المسلمين". وق زعمه
وأضاف أن أنقرة "يبدو أنها تسعى لتوسيع دورها عبر تقديم مساعدات اقتصادية وربما ترسيخ وجود أمني محدود في القطاع.
من منظور حماس"، مشيرا إلى أن "وجود قطر وتركيا في غزة يعزز قدرتها على الاستفادة من الدعم المالي واللوجستي، بما في ذلك الاحتياجات العسكرية". وفق قوله.
أما مصر، التي قال عنها ميلشتين، إنها تحاول اللحاق بالركب، تحاول استعادة نفوذها في غزة عبر مبادرات دبلوماسية تهدف إلى تشكيل حكومة بديلة تتبع لنفوذها. وأضاف أن "القاهرة تسعى إلى توحيد الفصائل الفلسطينية وتدريب قوات تابعة للسلطة الفلسطينية بهدف نشرها في غزة".
وفي هذا السياق "تعمل مصر على تنفيذ مبادرة جامعة الدول العربية التي طُرحت قبل عام، والتي تدعو إلى تشكيل مجلس محلي يدير شؤون القطاع دون مشاركة حماس، مع وعود بمناقشة نزع سلاح الفصائل لاحقًا، بالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر إلى قيادة جهود إعادة الإعمار المدني في غزة، مما يعزز دورها الاقتصادي والسياسي".
أما بالنسبة للدور السعودي والإماراتي، فإن ميلشتين، قال إنهما تراجعا أمام قطر وتركيا، وعلى النقيض، تواجه السعودية والإمارات تحديات في ترسيخ وجودهما في غزة.
وقال إن الدولتين، اللتان تعارضان جماعة الإخوان المسلمين، كانتا تأملان في لعب دور محوري في إعادة ترتيب الأوضاع في غزة، ونتنياهو كان يفضل تعميق نفوذ الرياض وأبوظبي بدلًا من الدوحة، لكن انسحابهما من المشهد يفسح المجال أمام قطر وتركيا لتعزيز وجودهما.