فرنسا تطرد إماما تونسيا بسبب تصريحات غير مقبولة والمتهم يقول إنها زلة لسان
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
بعد أيام من جدل حول تصريحات لإمام تونسي مقيم في فرنسا منذ حوالي ثلاثة عقود، أكد وزير الداخلية في الحكومة الفرنسية جيرالد دارمانان صدور قرار بطرد الإمام محجوب محجوبي. وقال دارمانان على منصة اكس "تم للتو طرد الإمام المتطرف محجوب محجوبي من أراضينا بعد أقل من 12 ساعة على اعتقاله.
ويتعرض محجوبي منذ عدة أيام لانتقادات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الذي طلب الأحد سحب تصريح إقامته.
ووصف الوزير الإمام بأنه "متطرف"، موضحا أن "بدون قانون الهجرة، لم يكن ذلك (الطرد) ممكنا. الحزم هو القاعدة".
وأوقفت الشرطة الفرنسية الإمام التونسي لمسجد في جنوب البلاد بتهمة الترويج للكراهية في خطبه، ونقل إلى مركز احتجاز بهدف طرده.
وكان دارمانان قد طلب من المحافظ إبلاغ القضاء بالتصريحات التي أدلى بها إمام المسجد، ليصل الأمر إلى إعلان المدعية العامة في نيم (جنوب) سيسيل جينساك الإثنين، أنها فتحت تحقيقا أوليا في قضية الترويج للإرهاب.
وقال محام الإمام سمير حمرون لقناة "بي اف ام تي في" إن الشرطة "ألقت القبض عليه في منزله، وأبلغته بأمر طرد من وزارة الداخلية، وبوضعه قيد الاحتجاز الإداري الفوري في منطقة باريس"، مشيرا إلى أن موكله "متفاجئ" و"منزعج".
وأضاف حمرون "أمامنا 48 ساعة للطعن في أمر الطرد، وسنتعامل مع ذلك على الفور".
رد الإمامودافع الإمام عن نفسه في حديث لوسائل إعلام عدة، إذ قال "لم أكن أتحدث بأي حال من الأحوال عن العلم الفرنسي"، موضحا أنه كان يندد بالمنافسات بين المشجعين خلال كأس العالم الإفريقية الأخيرة.
وقال "أنا أتحدث عن الملاعب وكل هذه الأعلام التي نرفعها في الملاعب والتي تفرق المسلمين".
وأضاف "لقد كانت زلة لسان، أنا لست فولتير أو فيكتور هوغو. بدلا من أن أقول كل هذه الأعلام المتعددة الألوان أو المختلفة، قلت كل هذه الأعلام ثلاثية الألوان، ولكن لم أكن أتحدث عن فرنسا بأي حال من الأحوال".
وردد محاميه هذا التبرير، مؤكدا أنه "كان يتحدث عن الأعلام بصيغة الجمع، وينتقد القومية"، ومعتبرا أن "لا أحد سيصدق" موكله لأن "لديه لحية ولديه لكنة".
وقال محافظ إقليم غارد في الجنوب الفرنسي الثلاثاء إن "من الواضح أن هناك دعوة للكراهية"، مشيرا إلى أن هذا لم يكن السبب الوحيد لتوقيف الإمام.
وأوضح المحافظ أن محجوبي يخضع للمراقبة منذ عدة أشهر. وأضاف "عندما أسمع "زلة لسان" في موضوع الأعلام، فهي زلة لسان تستمر عشرات الدقائق، (إضافة) إلى تصريحات لا تتعلق فقط بمسألة العلم، بل بمكانة المرأة والشعب اليهودي الذي يعتبره عدوا".
فرنسا لا تقبل الأئمة "الأجانب"وفي مطلع العام 2020، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نيته إنهاء عمل حوالى 300 إمام أرسلتهم دول مختلفة، وفي الوقت نفسه زيادة عدد الأئمة المتدربين في فرنسا. ومنذ الأول من كانون الثاني/يناير، لم تعد فرنسا تقبل أئمة جدد "أجانب" ترسلهم دول أخرى.
وليس الإمام محجوبي أول إمام تطرده فرنسا، فقد قامت بلجيكا بترحيل الإمام المغربي حسن إيكويسن إلى المغرب في كانون الثاني/يناير 2023، بعدما لجأ إليها إثر طرده من فرنسا بسبب "تعليقات تحرض على الكراهية والتمييز".
كما تم ترحيل عبد الرحيم صياح بتهمة الترويج لأعمال إرهابية. وصياح مسؤول جزائري سابق عن مسجد في فرنسا أغلق في العام 2018، وتعتبره السلطات "زعيما للسلفية" وقد طرد إلى الجزائر في حزيران/يونيو الماضي.
فرانس24/ أ ف ب/ رويترز
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل ألكسي نافالني ريبورتاج وزير الداخلية فرنسا مسجد باريس تونس فرنسا للمزيد صحة مستشفى كوفيد 19 الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا فی فرنسا زلة لسان
إقرأ أيضاً:
رساله من تحت الانقاض ..معلمون نازحون يعيدون الحياة لغزة
عادل عبدالله
في زوايا قطاع غزة حيث لا يزال نداء الحياة يعلو فوق صفارات الإنذار وحيث تتناثر أحلام الطفولة بين ركام المباني تبدأ معجزة جديدة بالتشكل. إنها معجزة لا تحمل أسلحة ولا ترفع شعارات بل تمسح الغبار عن سبورة وتلمع أقلاماً بالية وتفتح كتباً ممزقة.
هنا..في قلب الدمار يعود الأطفال إلى مدارسهم، ليس كمنتصرين بل كمنتصرين على اليأس.
إنه مشهد لا تكفله الحكومات ولا تخطط له المنظمات الدولية بل يصنعه إيمان راسخ في قلوب معلمين نازحين. أولئك الذين فقدوا بيوتهم وشاهدوا أحلامهم تتهاوى تحت وطأة القنابل قرروا أن أكبر انتقام لهم هو أن يمنحوا طلابهم حلما جديدا. يقفون أمام الصفوف ليس بعباءات الأكاديميين بل بملابسهم البسيطة وعيونهم التي تحمل قصصاً لا تحكى ولكن قلوبهم تحمل من العزيمة ما يكسر جبروت الحرب.
الصفوف ليست كما نعرفها. قد تكون خيمة ممزقة تهب منها الرياح أو غرفة في منزل نصف مدمر أو حتى بقعة تحت شجرة زيتون عتيقة. السبورة قد تكون قطعة كرتون والطباشير قد يكون حجراً أبيض والمقاعد قد تكون حجارة مرصوصة. لكن الأهم هو ما يملأ هذا الفضاء البسيط: ذلك الشغف المتقد في عيون الأطفال والرغبة العارمة في العودة إلى الحياة الطبيعية ولو من خلال سطر في كتاب أو مسألة حسابية.
الأطفال يأتون من كل مكان. بعضهم يحمل جراحاً لم تندمل بعد وبعضهم فقد أحد أفراد أسرته وجميعهم يحملون ذكريات مؤلمة لا تليق ببراءة أعمارهم. لكنهم عندما يجلسون، ويفتحون دفاترهم ويبدأون في ترديد الأناشيد أو حل المسائل تختفي للحظة أصوات الانفجارات ويعود إليهم شيء من طفولتهم المسلوبة. المدرسة هنا ليست مكاناً للتعلم فقط بل هي ملاذ آمن وجرح شاف وحلم يعاد بناؤه يومياً.
المعلمون النازحون أولئك الأبطال المجهولون لا يقدمون دروساً في الرياضيات واللغة العربية فقط بل يقدمون دروساً في الصمود والكرامة. هم يعلمون الأطفال أن القلم أقوى من الرصاصة وأن المعرفة هي السلاح الذي لا يقهر وأن المستقبل لا يبنى بالخراب بل بالعلم والأمل. هم يمسحون دموع التلاميذ ويخففون من خوفهم ويذكرونهم بأنهم رغم كل شيء أطفال ولديهم الحق في الحلم واللعب والتعلم.
غزة تتعافى. لا ليست التعافي الذي نراه في تقارير الإعمار وخطط إعادة البناء. إنه تعافي أعمق تعافي الروح والإرادة. إنه يبدأ من هنا من هذه الزوايا المتواضعة حيث يجتمع الأطفال حول معلميهم. إنه يبدأ عندما يرفع طفل يده ليسأل سؤالاً عن النجوم أو يكتب جملة عن السلام أو يرسم لوحة لبيته القديم. في هذه اللحظات تغزو الحياة كل شيء وتنتصر على الموت.
هذه المبادرة التطوعية هي شمعة مضيئة في ظلام دامس. هي تذكر العالم بأن غزة رغم جراحها العميقة لم تمت. بل إنها تلد الأمل من رحم المعاناة. الأطفال الذين يعودون إلى مدارسهم اليوم هم الأطباء والمهندسون والمعلمون والقادة الذين سيبنون غداً أفضل. هم يبنون مستقبلهم بحروف من نور.. على أنقاض حاضر من رصاص.
في النهاية هذه ليست مجرد قصة عن العودة إلى المدرسة. إنها قصة عن إصرار الحياة على الاستمرار وعن انتصار المعرفة على الجهل والأمل على اليأس. إنها رسالة من غزة إلى العالم: قد تدمر بيوتنا وقد تشرد عائلاتنا وقد تؤلم أجسادنا لكن عقولنا وقلوبنا ستظل دوماً مقراً للأمل والحياة.