اليمن أول تحدٍّ عسكريّ استراتيجيّ للبنتاغون
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
ناصر قنديل
خاضت القوات الأمريكية خلال القرن الحادي والعشرين حروباً في كل من أفغانستان والعراق، ونشرت قوات تدخل في سوريا تحت شعار مواجهة الإرهاب الذي مثّله صعود تنظيم داعش. وواجهت القوات الأمريكية في هذه الساحات حروب مقاومة شعبية عبرت عن رفض شعوب وقوى هذه البلدان لاحتلالها، وانتهى احتلال أفغانستان بإعلان الانسحاب الأمريكي بعد عشرين سنة، بالتسليم بالفشل؛ بينما يدور النقاش حول كيفية التعامل الأمريكي مع المقاومة في سوريا والعراق، على خلفية ارتباط هذه المقاومة والاحتلال الأمريكي بموازين القوى المحيطة بأمن كيان الاحتلال وتداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، لكن التحدّي الذي تواجهه القوات الأمريكية في البحر الأحمر يبدو مختلفاً على كل المستويات.
من الزاوية الاستراتيجية تصنف الحالة التي تواجهها القوات الأمريكية في البحر الأحمر، بمواجهة نظاميّة بين جيشين متقابلين، يفترض أن لا يستطيع خوضها بوجه القوات الأمريكية إلى جيش دولة عظمى، حيث لا توجد قوات أميركية تحتل أراضي يمنية وتواجه حرب مقاومة شعبية، بل ثمة مواجهة تدور بين الأساطيل الأمريكية ووحدات الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية ساحتها البحر الأحمر. وخلال أكثر من شهر تفشل القوات الأمريكية في إسكات مصادر النيران اليمنيّة. وتستمر الصواريخ والمسيّرات اليمنية باستهداف السفن في البحر الأحمر، وتتعرض السفن الحربية الأمريكية لبعض من هذه النيران.
من الزاوية الاستراتيجية، هذا التحدي النوعي يجعل من اليمن دولة عظمى، أو من الجيش الأمريكي جيش دولة عالم ثالث. فالمواجهة الدائرة على مستويات الاستخبارات والتقنيات والنيران، تقول بأن اليمن نجح بتحقيق التوازن مع القوات الأمريكية، وأدخلها في حرب استنزاف، حيث أن كل الجيشين اليمني والأمريكي يستهدف الآخر. ووفق معايير الجيوش النظامية، ينجح الجيش اليمني باحتواء الضربات الأمريكية والعودة بعد كل ضربة إلى استئناف إطلاق النار كأن شيئاً لم يكن، فلا يتحقق الردع خشية مخاطر المواجهة، ولا تحقق المواجهة ذاتها ما يتسبّب بإضعاف قدرة الجيش اليمني على إطلاق النيران. وتبدو القدرات الاستخبارية والتقنية والنارية للجيش اليمني موازية لما يملكه الجيش الأمريكي، أو ما يستخدمه في هذه المواجهة على الأقل، طالما أن الأمور تُحسَب بنتائجها.
القضيّة هنا لا تتصل بالمعنويات، لأن لا مواجهة برية بين الطرفين، بل تبادل للنار عن بُعد. وفي هذا التبادل، ثلاثة عناصر، المعلومات والتقنيات والطاقة النارية، وفي حرب تقليدية بحريّة يبدو اليمن وأمريكا على طرفي معادلة توازن، معيارها الاستمرار بالوتيرة ذاتها خلال أكثر من شهر، يقول الأمريكيون في كل مرة إنهم يكتشفون خلال المواجهة أن اليمنيين أدخلوا عنصراً جديداً إلى ميدان الحرب، ويتحدّثون مرة عن صواريخ بالستية مطوّرة يجري استخدامها في المواجهة البحرية، ومرة أخرى عن غواصات مجهّزة لهذا النوع من المواجهة، ويعترفون بامتلاك اليمن معلومات كافية عن حركة السفن التجارية والحربية وكيفية استهدافها. وتثبت المواجهة قدرة اليمن على تنظيم الحركة والنار بما ينجح بتفادي الإستهدافات الأمريكية.
خلال مرات عديدة نجح اليمن كجيش نظامي، بفرض إرادته على السفن التجارية التي حظيت بحماية السفن الحربية الأمريكية، وأجبرها على تغيير وجهتها بعدما حاولت البحرية الأمريكية مواكبتها لتمكينها من العبور بعكس الإجراءات والتعليمات اليمنية. وهذا يعني على المستوى الاعتباري والمعنوي إلحاق الأذى بمكانة البحرية الأمريكية وسمعتها وقدرة الردع الأمريكية، بحيث لا يمكن النظر لنتائج المواجهة الدائرة خارج إطار فشل قدرة الردع الأمريكية من الزاوية الاستراتيجية.
خلال عام ونصف كان الأمريكيون يقولون: إن المواجهة الروسية الأوكرانية غير المتماثلة أظهرت أن الجيش الأوكراني أسقط قدرة الردع الروسية، واليوم يمكن القول ببساطة إن المواجهة بين الجيش الأمريكي والجيش اليمني أسقطت قدرة الردع الأمريكية.
*رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات الأمریکیة فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
مع تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل.. هذه أبرز القواعد الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط
مع تصاعد التوتر العسكري بين إيران و”إسرائيل” منذ فجر 13 يونيو/حزيران، وتهديد طهران بتوسيع الحرب لتشمل القواعد الأمريكية، عاد الحديث بقوة عن شبكة القواعد العسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ودورها الحاسم في أي تصعيد محتمل.
تهديد مباشر من طهراننقلت وكالة أنباء “فارس” عن مصدر عسكري إيراني أن الحرب “ستمتد قريبًا إلى كل الأراضي المحتلة والقواعد الأمريكية بالمنطقة”، ما يثير تساؤلات خطيرة بشأن جاهزية تلك القواعد ومدى تعرضها للخطر في حال تحوّل التصعيد إلى مواجهة إقليمية مفتوحة.
القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.. خارطة النفوذأولاً: دول الخليج.. العمق الاستراتيجي قطر: أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدةقاعدة “العديد” الجوية: تضم نحو 13 ألف جندي أمريكي، وتعد أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.تحوي أكبر مخزون استراتيجي للأسلحة الأمريكية بالمنطقة.تضم القيادة الوسطى الأمريكية، والقيادة المركزية للقوات الجوية، والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية.تضم أكثر من 100 طائرة، وأطول ممر للهبوط الجوي في الخليج.قاعدة “السيلية”: افتُتحت عام 2000 وتعد مستودعًا استراتيجيًا للمعدات العسكرية. الكويت: البوابة اللوجستية لغزو العراقأكثر من 13 ألف جندي أمريكي (2021).أبرز القواعد:قاعدة عريفجان: أكبر قاعدة أمريكية ومقر القيادة الرئيسية.قاعدة علي السالم الجوية: تضم فرقة القوة الجوية 386، محور للنقل الجوي.معسكر الدوحة: مقر القيادة المركزية للجيش الأمريكي.قاعدة بيورينغ: تضم رادارات متطورة تستخدم في الهبوط الجوي.الإمارات: 3 قواعد حيوية على أطراف الخليجقرابة 5 آلاف جندي أمريكي.قاعدة “الظفرة” الجوية: مقر وحدة الانتشار الجوي 380، تقدم دعمًا لوجستيًا.ميناء “جبل علي”: رصيف مخصص لحاملات الطائرات، مقر للقوات البحرية.قاعدة “الفجيرة”: صلة لوجستية بديلة في حال إغلاق مضيق هرمز. السعودية: وجود محدود ومهام دفاعيةحوالي 2700 جندي أمريكي.القواعد:قاعدة “الإسكان” الجوية: تضم المجموعة الجوية 320 ومجموعة الاستطلاع 64.قاعدة “الأمير سلطان”: كانت مقرًا رئيسيًا قبل الانسحاب عام 2003، ثم عادت القوات عام 2020. البحرين: مركز الأسطول الخامسأكثر من 9 آلاف جندي أمريكي.القواعد:قاعدة الجفير البحرية: مقر الأسطول الخامس والقيادة المركزية للقوات البحرية.قاعدة الشيخ عيسى الجوية: استخدمت في الحرب على أفغانستان.قاعدة المحرق الجوية: جزء من مطار البحرين الدولي. سلطنة عُمان: 24 مرفقًا عسكريًا أمريكيًانحو 600 جندي أمريكي.أبرز القواعد:قاعدة “مصيرة”: محطة مراقبة وتسيير طائرات تجسس.قاعدة “المسننة”: تضم مخازن ذخيرة، تستخدم للإمداد الجوي.قاعدة “ثمريت”: مخازن للعتاد والسلاح الأمريكي.ثانيًا: العراق – وجود رغم التوترحوالي 2500 جندي أمريكي (2021).أبرز القواعد:قاعدة حرير: مزودة بصواريخ دفاعية ورادارات.قاعدة بلد: أكبر قاعدة أمريكية بالعراق.قاعدة الحبانية: منشآت للجنود ومقرات للسيطرة.قاعدة عين الأسد: مركز لانطلاق العمليات الخاصة.قاعدة التاجي: مطار وقاعدة ومستودعات ذخيرة.قاعدة سبايكر: مركز للعمليات الجوية والصاروخية في شمال العراق. اقرأ أيضاتركيا تُعلن دخول طائرة KAAN مرحلة الإنتاج الضخم
الخميس 19 يونيو 2025ثالثًا: سوريا – تقليص محتمل للوجودفي منتصف أبريل/نيسان المنصرم، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير استندت فيه إلى مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، أن وزارة الدفاع “بنتاغون” تستعد لإغلاق 3 من أصل 8 قواعد شمال شرقي سوريا.
ولفت التقرير إلى أن هذه الخطة ستؤدي إلى خفض عدد الجنود الأمريكيين في سوريا من 2000 إلى 1400 جندي.
وأشار إلى أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين سيقيّمون إمكانية إجراء تقليص إضافي للقوات بعد 60 يوما.
و يتمركز الجيش الأمريكي في 21 قاعدة ونقطة عسكرية، في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور الواقعة شرقي الفرات، فضلا عن عين العرب التابعة لمحافظة حلب شمالي سوريا.
يُذكر أن واشنطن عززت وجودها العسكري في سوريا أواخر العام الماضي، ورفعت عدد قواتها إلى 2000 جندي، بدعوى خطر تنظيم داعش الإرهابي وهجمات المليشيات المدعومة من إيران على القواعد الأمريكية في المنطقة.
رابعًا: الأردن – شريك موثوقللأردن تعاون عسكري وثيق مع الولايات المتحدة، التي توفد مئات من المدربين الأميركيين لإجراء مناورات عسكرية مكثفة، ولها أكثر من 2800 عسكري في الأردن، بهدف تعزيز أمن البلاد، ودعم الاستقرار الإقليمي (بحسب مصادر رسمية أميركية صيف 2022).
وتتمركز القوات الأميركية في “قاعدة موفق السلطي الجوية”، ويوجد بعضها في موقع عسكري صغير يُدعى “قاعدة البرج 22″، وقواعد أخرى لا تصرح أميركا بها.
كما يقدم الأردن تسهيلات عسكرية للقوات الأميركية في ميناء العقبة.