الإمام الطيب: يجب النظر إلى الابتلاء في إطار العدل والجود من الله
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
علق فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على سؤال «الابتلاء للعبد المُتجاوز في الدنيا كفارة لذنوبه، ولكن قد يقول القائل أنا صالح لماذا ابتُلى في مالي أو صحتي؟»، موضحًا أن مبعث هذا السؤال هو عدم التعمق في فلسفة الابتلاء الإلهي لبعض خلقه، فيجب النظر إلى الابتلاء في إطار العدل والجود.
الابتلاء عدل من اللهوأوضح «الطيب»، خلال برنامج «الإمام الطيب»، المُذاع عبر شاشة «الناس»، مع الإعلامي محمد سعيد محفوظ، أن معنى الجود يُفهم من قول الله تعالى: «فتبارك الله أحسن الخالقين» ومعناها أن أي شيء يحدث هو أحسن شيء.
وتابع: أن الفرد إذا أراد فهم الابتلاء، يجب أن يتيقن أنه عدل من الله، فهذا ليس افتراض بل ثُبت أنه عدل وفقا لقول الله تعالى: «إن الله لا يظلم الناس شيئًا»، وقوله أيضا: «إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإمام الطيب أحمد الطيب شيخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
من تواضع للناس رفعه الله
التواضع من الصفات الجميلة التي يجب على الإنسان التمسك بها مهما بلغ من العلو والسمو والمكانة الاجتماعية ومنحه الله المال والجاه والعلم والمعرفة، فكلما كان الإنسان متواضعا ليّن القلب، التف حوله الناس وأحبوه ودعوا له بالخير والسداد.
قد يقول قائل: «إرضاء الناس غاية لا تدرك»، ونحن معك في ذلك، لكن لا يطلب منك كل الرضا، وإنما ملزم بأن تكون لطيفا مع الناس رحيما بحالهم ومعينا لهم على أحوالهم، فقد تكون أنت النموذج الصالح الذي يعمل على دفع الآخرين نحو طريق الصلاح والبعد عن كل الأفكار السلبية والتصرفات المشينة الخاطئة التي تتسرب إلى أذهان بعض الناس، واعلم جيدا أن «التكبر على رؤوس العباد وسوء معاملتهم» هو نموذج ينبذه الدين وتحاربه الأعراف والتقاليد، ومع كل هذا الوعي يرى البعض أن ظاهرة التكبر والتجبر على الآخرين أصبحت «صفة سائدة» خاصة في بعض المجتمعات التي تمجد الغني وتقسو على الفقير.
تقول الحكمة القديمة: «لا يتواضع إلا من كان واثقا بنفسه، ولا يتكبر إلا من كان عالما بنقصه، املك من الدنيا ما شئت، لكنك ستخرج منها كما جئت، فازرع داخل الجميع شيئا جميلا، فإن لم يكُن حبا فَلْيَكن احتراما».
في أحوال الناس هناك قصص وعِبر حدثت لكثير من الشخصيات التي ملأت الأرض شرا وخيرا وبقيت صفحاتهم خالدة حتى يومنا هذا، يذكرهم الناس في مجالسهم، بعضهم كان نبراس خير وصلاح، والبعض الآخر كان شرا فرحل وارتاح الناس منه.
بعض النماذج الإنسانية وصلت إلى مرتبة الثراء والمكانة ولم تغتر بما لديها، فهم يقبلون على الله بقلوب صافية وروح مشرقة، فقد أحسنوا لمن حولهم بتواضعهم ومحبتهم للناس، لذا هناك أسماء عديدة يتناقلها الناس بالخير ويترحمون على من أصبحوا في تعداد الأموات، ولدينا في كل مكان نماذج مشرفة حفرت لنفسها مكانة عظيمة في قلوب الناس حتى ولو أن أجسادهم واراها الثرى وترجلوا من ظهر الدنيا إلا أن أثرهم الطيب بقي حاضرا في نفوس الناس.
أما الذين غرتهم الحياة الدنيا وما فيها من متاع زائل وتكبروا وطغوا وآذوا الناس بشرهم، فإنهم تركوا أثرا سيئا لا يذكرهم الناس بخير وإنما يحمدون الله تعالى أن أبعدهم عن طريقهم وأراح قلوبهم من شرورهم.
إن سلوك التكبر على الناس، والتعالي على البشر، والبطش بمن هم أقل منهم قدرة على مواجهة المصاعب، أصبح أمرا واردا ومألوفا في بعض المجتمعات، لكن في المقابل -كما قلنا سابقا- هناك أصحاب القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء يوجدون في أماكن متفرقة من هذا العالم، يمنحون لمن حولهم الخير ويتركون بعد رحيلهم الأثر الطيب، ويؤكدون أن الحياة الدنيا ما هي إلا محطة توقف يرحل من يرحل ويبقى من يبقى إلى أن يشاء الله. النماذج المشرفة هي التي تقرب الناس إليها، أما ضعاف النفوس فهم يصنعون هالة سوداء في جبين الزمن، ومرد كلا النوعين إلى الله، ولسوف يأتي الوقت الذي يتمنى المخطئ أن يصفح عنه الناس أو أن يمنحه القدر فرصة واحدة حتى يكفّر عن كل أخطائه السابقة، الأشقياء لبسوا أفضل الملابس، ووُضعوا في أرقى الأماكن وسخّر الله لهم المال وكل الأرزاق فكنزوها ولم يلتفتوا إلى أن عجلة الزمن لا تتوقف، وأن القوة التي يشعرون بها الآن سوف تنهار في أي لحظة، فالأمان ليس موجودا في قاموس الحياة فـ «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام».
الأثر الطيب هو الذي يبقى أما الوجوه فيغيبها الموت، لذا أيها الإنسان الفطن عد إلى نفسك، وتذكر شخصيات عشت معهم أو حتى لم تكن قريبا منهم، لكن أعمالهم الطيبة باقية وحاضرة حتى يومنا هذا، رحيلهم كان مفجعا وحزينا ليس لأهلهم وذويهم بل لكل من يعرفهم ومن لا يعرفهم لأن أعمالهم في الخير هي التي أوصلتهم إلى قلوب الناس من كل مكان.
وهناك فئة من الناس ممن أهلكها الله بسبب جشعها وحرصها الدائم على المال، فهي لم تترك لها صديق أو رفيق مخلص يدعو لها بعد ترك الدنيا وما فيها، وما أكثر الذي رحلوا عن الدنيا ولم يكونوا على تنبه ويقظة بأن الموت يأتي بغتة وأن موعد الرحيل لا وقت له فيعد له الإنسان العدة.
يقول الشاعر:
«إن المناصــب لا تدوم لواحــــد .. إن كنت تنكر ذا فأين الأول
فاغرس من الفعل الجميل فضائل .. فإذا عزلت فإنـها لا تعـزل».