سودانايل:
2025-05-11@08:00:41 GMT

الأفتراضات غير الواقعية مدعاة لاستمرار الحرب

تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
صحيح أن هناك مباديء سياسية تنطلق منها بعض القوى السياسية، و تحاول أن تبحث عنها في كل مبادرة تقدم لكي تجعلها تقبلها أو ترفضها لمبادئها، و لابد على هؤلاء أن يتأكدوا تماما؛ أن السياسة أيضا تتأسس على المتغيرات، فالواقع و حركته تفرز باستمرار متغيرات لابد من مراعاتها، و التصلب في المواقف لا يساعد على الحلول.

. أن أفتراضات الواقع السياسي بعد ثورة ديسمبر 2019م حدثت فيه متغيرات هي التي قادت إلي البحث عن حلول بعوامل و أجندة و شعارات جديدة قادت إلي بروز عملية " الإتفاق الإطاري" الذي أفرز واقعا جديدا أدى إلي انقسام الشارع، و حتى المكون العسكري، و هي التي قادت للحرب غض النظر عن من الذي كان وراءها..
أن الحرب أيضا قد أفرزت متغيرات جديدة في الشعارات و الأجندة و القيادات، و حتى في التحالفات، و البحث عن حلول في ظل الحرب لابد من مراعاة للمتغيرات، و أي تقديم مبادرات للحل لابد أن تراع لهذه المتغيرات، و أيضا البناء عليها، لكن للأسف أن العقل السياسي السوداني عقل جامد، يقف عند مباديء تجاوزها حتى الفكر السياسي.. بالأمس استمعت لجدل من بعض السياسيين من تيارات مختلفة على منصة " قناة تلفزيونية" لكيفية وقف الحرب في البلاد، و الدخول في مفاوضات سياسية، أن تباين الرؤى في الحوار لم يكن نتيجة للمباديء، أو الفكر الذي ينطلق منه كل واحد، و لكنه كان ينطلقون من الفكر الزرائعي، فالبعض رغم كل أفرازات الحرب و المتغييرات التي حدثت في الواقع، لا يعتقدون أن المتغيرات تجعلهم يفكرون بعيدا عن الوصول للسلطة، واحدا من هؤلاء يتحدث بأنه الثوري الذي يجب عليهم الانصياع إليه، و القبول بالشروط التي يقدمها لأنه يعتقد هو وحده الحريص على الإيفاء بشعارات الثورة. هذا هو الجمود نفسه، لآن شعارات الثورة في ظل المتغيرات أدت لبروز شعارات جديدة، و الغريب في الأمر أغلبية حديثه كان يعتمد على بروز شعار " لا للحرب" مما يؤكد هناك متغرات، و أفرزت أحدثت واقعا جديدا و يجب عدم تجاهله..
و في ذات الحوار الذي لم يؤسس على فروض واضحة، يتحدث الثاني عن ضرورة المفاوضات، و قال أن عدم إذعان الجيش و الميليشيا لنداءاتهم سوف تتحول الحرب إلي حرب أهلية، و قال أنهم في حوار مع الخارج بهدف وقف الحرب فورا.. أن الحديث بأن الخارج وحده هو الذي يمتلك سلطة وقف الحرب، يؤكد أن هؤلاء لا يملكون كرت ضغط وطني يمكن التلويح به لكي يذعن الجيش و الميليشيا، و هو اعتقاد أنهم لا يملكون رصيدا شعبيا يمكن أن يمارس ضغطا وفقا للشعارات التي يرفعونها.. لكن الغريب قال أنهم منفتحون و يقبلون أي قوى سياسية توافق على شعار " لا للحرب" و هذا تحول كبيرا لأنهم قبل ذلك كانوا يضعون شروطا تعجيزية للقوى السياسية عندما كان الشعار " لا للإغراق السياسي" فالحرب بالفعل أحدثت متغيرات، و لابد من مراعاتها.. المتحدث الثالث كان مدركا للمتغيرات و تحدث عنها باستفاضة أن الأجندة التي كانت قبل الحرب لن تكون هي الأجندة التي تشكل الواقع السياسي الآن، و قال يجب على الكل أن يكون مدركا أن هناك متغيرات في الواقع و يجب مراعاة ذلك، إذا كان الناس تبحث عن حلول، فالإقصاء غير مقبول..
الإشكالية أن العقل الذي فشل و أدرك أنه فشل في التجربة، يريد المحاولة مرة أخرى الوصول للسلطة دون أن يقدم نقدا لتجربته السابقة، و التي كان من المفترض أن يشرك فيها قطاعا واسعا من الجمهور، و أيضا حتى الآن لم يوضح الأسباب التي أدت للفشل و أبعدته عن السلطة.. هذا العقل إذا جاء للسلطة مرة أخرى سوف يعيد إنتاج ذات الفشل.. لآن التغيير إذا كان قد حدث سوف يتجاوز مسببات الفشل السابقة، و يظهر في المبادرة التي يرفعها، و في الشعارات الجديدة، و حتى في تقديم قيادات جديدة.. و الرهان يصبح على الشعب وحده لأنه صاحب المصلحة.. أما الرهان على الخارج و أدوات الخارج تصبح أجندة الخارج هي المطلوب تحقيقها و ليست الأجندة الوطنية..
الملاحظ أيضا: في الحوار بين التيارات المختلفة، الإكثار من المصطلحات المتناقضة، و قد أشرت عليها في عدد من المقالات، يتحدثون عن عملية التحول الديمقراطية من خلال الأعمال الثورية...! ما هي علاقة الثورية بالديمقراطية، و أين تلتقي بها.. البعض يقرنها بالثورة الفرنسية بأنها هي التي أدت للديمقراطية في أوروبا، و هذا غير صحيح.. الثورة الفرنسية قامت من أجل تغيير النظام الذي جوعهم و اضطهدهم، و لكن لم تحقق الديمقراطية، و دلالة على ذلك: جاء بعدها نظاما ديكتاتوريا " نابليون" فالثورة حققتها طبقة النبلاء، أي الطبقة الوسطى في المجتمع، و التي قدمت أوراق الاستنارة التي تتضمن العدالة و حرية الرأي و العقد الاجتماعي و الفصل بين السلطات و غيرها في المجتمع.. أما الذين يلحنونها ب " الثورية" هذه منقولة و مهاجرة من الفكر الماركسي و القومية العربية و رسختها في الأدب السياسي نضال الشعوب من أجل الاستقلال.. فالأدب السياسي الديمقراطي لا يستخدم الثورية و الثورة إلا أداة للعنف غير المقبولة في مجتمعاتهم.. أن الحرب قد أحدثت متغيرات كثيرة في المجتمع، و أدت إلي إفقاره و تهجيره، و أيضا أدت إلي بروز شعارات جديدة ،و لاعبين جدد في الساحة، و هذه المتغييرات سوف تحكم مستقبل العملية السياسية في السودان، فالذي يريد أن يحدث تغييرا لكي يوقف الحرب، يجب عليه الإقرار بهذا التغيير، و التعامل معه بأنه ذو أثر قوي في الواقع، و الخطورة تكمن في تجاوزه.. لابد من التفكير المنطقي و أيضا ان يضطر قادة الفكر التفكير خارج الصندوق. و نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لابد من

إقرأ أيضاً:

خور عبد الله: بين الجغرافيا والسيادة والخذلان السياسي

11 مايو، 2025

بغداد/المسلة:

وليد الطائي

خور عبد الله ليس مجرد ممر مائي ضيق يفصل العراق عن الكويت، بل أصبح رمزًا لملف معقّد تتداخل فيه السيادة الوطنية، والتنازلات السياسية، والتوازنات الإقليمية. فمنذ عام 1993، حين صدرت قرارات مجلس الأمن التي أعادت ترسيم الحدود بين العراق والكويت بعد غزو 1990، بقيت هذه المنطقة بؤرة للجدل، والغضب الشعبي، والإحساس العميق بالغبن.

في عام 2013، فجّر تصديق البرلمان العراقي على اتفاقية “تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله” غضبًا واسعًا في الشارع العراقي. شعر الكثير من العراقيين، وخاصة في البصرة، أن جزءًا من السيادة قد تم التنازل عنه تحت ذرائع “التعاون الدولي” و”حسن الجوار”. فالاتفاقية، بحسب المنتقدين، ثبّتت واقعًا جائرًا رسمته قرارات دولية في ظل ظروف كان العراق فيها ضعيفًا ومجروح السيادة.

أين كانت السيادة عندما تم إقرار الاتفاقية؟ لماذا لم تُطرح للنقاش الوطني الحقيقي؟ لماذا تُسلَّم المواقع البحرية والموانئ تدريجيًا دون مقاومة تُذكر؟ أسئلة كثيرة ظلّت دون أجوبة، وسط صمت رسمي وتبريرات دبلوماسية لا تقنع الشارع، الذي يرى في كل خطوة كهذه تنازلًا يكرّس حالة الضعف والتبعية.

الكويت، من جانبها، لعبت أوراقها بذكاء وبدعم دولي، مستفيدة من الشرعية التي وفّرها لها مجلس الأمن. بينما العراق، المثقل بالفساد والانقسام والضعف السياسي، وجد نفسه يعاني من سوء التفاوض وضياع الملفات الوطنية الكبرى.

ليس الجُرم في الاتفاقية بحد ذاتها، بل في الطريقة التي تم تمريرها بها، والسكوت المخجل عنها. فلو كانت الحكومة العراقية قوية، وذات إرادة تمثل فعليًا مصالح العراقيين، لكان من الممكن التفاوض على ترتيبات أكثر عدالة تحفظ الحقوق ولا تفرّط بالسيادة.

الشارع العراقي لا يحتاج إلى مزيد من الخطب، بل إلى وقفة حقيقية لاسترجاع ما يمكن استرجاعه، أو على الأقل وقف مسلسل التنازلات الذي لا يبدو له نهاية. فخور عبد الله ليس نهاية الطريق، بل هو محطة من سلسلة طويلة من قضايا لم تُحسم لا بالعدل ولا بالقانون، بل بميزان القوى السياسية والدولية.

وفي النهاية، خور عبد الله لم يُسرق فقط من الجغرافيا العراقية، بل من ضمير ممثلي الشعب، ومن عزيمة الحكومات التي نسيت أن من لا يحمي حدوده، لا يحمي كرامته.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • خور عبد الله: بين الجغرافيا والسيادة والخذلان السياسي
  • في ذكرى ميلاده.. الراحل صلاح أبو سيف موظف غزل المحلة الذي أصبح رائد الواقعية بالسينما المصرية
  • الخميسي: لابد من محاسبة المقصرين في منظومة توفير أدوية السرطان
  • قمم بغداد... من المنفى السياسي إلى العودة للمسرح العربي
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • نشر صورتين مختلفتين للجوهرة الزرقاء.. ناشط سوداني يوثق للحال الذي وصل إليه إستاد الهلال بعد الحرب
  • حمد الله: رفضت التنازل لبنزيمة عن الرقم 9 فأنا أيضا لاعب كبير
  • خبير مصرفي: فوائد البطاقة الائتمانية أعلى من القروض .. فيديو
  • سعره يصل 15 ألف دولار| نقيب الفلاحين لـ “صدى البلد”: لابد من حظر تصدير جلود الحمير
  • طارق صفوت: الأطباء لابد أن يكونوا قدوة لتطبيق إجراءات مكافحة التدخين