فورين أفيرز: لماذا تنسى الولايات المتحدة الحرب الكورية وتتذكرها الصين؟
تاريخ النشر: 3rd, August 2023 GMT
نشرت مجلة فورين أفيرز مقالا تضمن نصائح للإدارة الأميركية بشأن الدروس المستخلصة من الحرب الكورية (1950-1953)، ولماذا نسيتها الولايات المتحدة في الوقت الذي تعدّها الصين مصدر إلهام.
وأوضح المقال أنه في ضوء تحركات الصين حاليا، يجب على الولايات المتحدة أن تفهم كيف تستخدم بكين إرث الحرب الكورية على أنه شكل من أشكال الاستعداد للحروب القادمة.
الاستعداد
وأكد المقال أن تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينغ لقادته العسكريين بالاستعداد للقتال، ووجود أدلة تدل على بدء معارك إلكترونية على خلفية قضية تايوان؛ أمران يؤشران على ما سيحدث إذا لم تكن واشنطن استفادت من دروس الحرب الكورية.
وقال رغم أن الرئيس الأميركي آنذاك هاري ترومان (1945-1953) ومستشاريه كانوا في الغالب يرغبون في ألا تحدث الحرب على الإطلاق، فإن الرئيس المنتخب دوايت أيزنهاور (1953-1961) سافر إلى شبه الجزيرة الكورية وناقش إمكانية التصعيد، حتى أنه وافق على تطوير خطط الحرب التي تنطوي على استخدام الأسلحة النووية.
وذكر المقال أن واشنطن لم تكن مستعدة للقتال في ذلك الوقت، حيث تفاقم "قصر النظر الدبلوماسي المأساوي" لإدارة ترومان بسبب تدهور قدرات الجيش الأميركي، إذ انخفض عدد القوات الأميركية النشطة بنحو 90% بعدما كان تعداده 12 مليونا عام 1945، كما تلاشى الإنفاق الدفاعي وانخفض من 40% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1945 إلى ما يقرب من 5% عام 1950.
دروس
وأوضحت فورين أفيرز أن الدرس الأول الذي يجيب على الولايات المتحدة تأمله يتمثل في ضرورة عدم إهمال منظومة الردع والاستعداد، حيث إنها كادت أن تخسر الحرب الكورية نتيجة إخفاقات إدارة الرئيس ترومان، على حد تعبيرها.
وأضافت أن أوجه الشبه بين الخمسينيات واليوم واضحة، وتتمثل في عدم قدرة الغرب على قبول أن معارضي الولايات المتحدة لا يفكرون بالطريقة التي يتصرف بها الأميركيون، لا سيما أن الحزب الشيوعي الصيني لا يرى عيبا في تحريف الحقيقة لتعزيز طموحه، على حد تعبير مقال فورين أفيرز.
وحسب المقال، فإن واشنطن فشلت في ردع خصومها خلال الحرب الكورية؛ مما أطال أمد القتال إلى 1953 بدل 1951، وعليه -كما يتابع التقرير- يجب على واشنطن أن تتصرف بشكل أفضل مستقبلا.
السياسة والقتال
وأوضح أن استمرار الحرب عامين آخرين يكشف عن درس قيم ثان لا بد من الاستفادة منه، ومضمونه أن السياسة والقتال متشابكان بشكل عميق، وغير منفصلين أبدا.
وتابع أن خصوم الولايات المتحدة يتمتعون اليوم -كما في الماضي- بإدراك أكثر تعقيدا للتفاعل بين المناورات في ساحة المعركة والحرب السياسية أكثر من نظرائهم الأميركيين.
وأكد أنه بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني تحديدا لا يوجد فصل بين السلام والحرب.
وطبقا لمقال فورين أفيرز، فإن الدرس الثالث المستفاد من الحرب الكورية هو أنه بمجرد اندلاع القتال فإن ضبط النفس المفرط يمكن أن يؤدي إلى مزيد من العدوان.
في المقابل، فإن إظهار الاستعداد الجاد للتصعيد والهيمنة إذا لزم الأمر يمكن أن يعزز السلام.
ويؤكد الكاتب أن هذا التناقض لا يعني التعبير عن الرغبة في اندلاع حرب عالمية ثالثة، بقدر ما يعني تحديد مسار لمنعها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحرب الکوریة
إقرأ أيضاً:
تقاسم الكعكة مع روسيا.. لماذا تعزز واشنطن أسطولها من كاسحات الجليد؟
صفقة كبرى بين الولايات المتحدة وفنلندا أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبناء 11 كاسحة جليد بتكلفة إجمالية قدرها 6.1 مليارات دولار، مما يعكس تحولا إستراتيجيا بعد عقود من اكتفاء واشنطن بكاسحة أو اثنتين، في محاولة للحاق بروسيا في هذا المجال.
وفي تقرير نشرته صحيفة "فزغلياد" الروسية، سلطت الكاتبة أولغا ساموفالوفا الضوء على الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة الأميركية لتعزيز أسطولها من كاسحات الجليد، من خلال صفقة جديدة مع فنلندا صاحبة الخبرة الواسعة في هذا المجال.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل تنجح الجبل الأسود في الاستقرار وسط التحولات الجيوسياسية في البلقان؟list 2 of 2أبرز ما نشرته مواقع الدراسات والأبحاث في أسبوعend of listوذكرت الكاتبة أن قيمة الصفقة تُقدّر بنحو 6.1 مليارات دولار، وتنص على بناء 4 سفن في فنلندا و7 في الولايات المتحدة.
ونقلت عن الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب قوله إن بلاده تمتلك خبرة تمتد لأكثر من قرن في تطوير تقنيات كسر الجليد، مشيرا إلى أن فنلندا صنعت نحو 60% من كاسحات الجليد في العالم، وأن مهندسيها شاركوا في تصميم 80% من الأسطول العالمي.
وقال ترامب مخاطبا نظيره الفنلندي "أنتم من سيعلّمنا صناعة كاسحات الجليد"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لا تمتلك سوى سفينة واحدة مزوّدة بقدرات كسر الجليد، تشغّلها قوات خفر السواحل، في حين تمتلك روسيا نحو 40 سفينة من هذا النوع.
تحوّل إستراتيجيتوضح الكاتبة أن الولايات المتحدة لم تكن ترى في هذا الأمر مشكلة حقيقية طوال عقود، إذ لم تستدعِ حاجاتها المناخية أو الجغرافية بناء أسطول كبير من كاسحات الجليد.
وتنقل عن الأستاذ المشارك في معهد العلوم الاجتماعية التابع للأكاديمية الرئاسية، ومنسق مجلس الخبراء في مكتب مشروع تنمية القطب الشمالي، ألكسندر فوروتنيكوف، قوله إن "الظروف المناخية والجغرافية الأميركية لم تتطلّب قدرات كبيرة في هذا المجال. فالممرات البحرية الرئيسة تمرّ في مياه الأطلسي والهادي الدافئة، في حين يقتصر الوجود الأميركي في المناطق القطبية على ولاية ألاسكا".
إعلانويضيف "كانت الأنشطة هناك تقتصر على تزويد بعض القواعد وإرسال البعثات العلمية والحفاظ على حضور رمزي في أقصى الشمال. ولهذا بقي اهتمام واشنطن موجّها إلى حاملات الطائرات والغواصات، وظلت كاسحات الجليد في مرتبة ثانوية".
ويوضح فوروتنيكوف أن المشهد تغيّر مع تحول القطب الشمالي إلى مركز جديد للصراع على النفوذ العالمي، حيث تتنافس القوى الكبرى على الوصول إلى الموارد الطبيعية والسيطرة على الممرات التجارية الحيوية.
ويرى فوروتنيكوف أن "واشنطن أدركت اليوم أنها تأخّرت كثيرا. نجحت روسيا التي طوّرت على مدى عقود أسطولا متقدما من كاسحات الجليد، في تأمين الملاحة على مدار العام عبر طريق بحر الشمال، وبذلك أحكمت سيطرتها على أقصر شريان لوجستي يربط بين أوروبا وآسيا".
ويتابع "تواصل روسيا عاما بعد عام تعزيز بنيتها التحتية في المنطقة، من خلال بناء كاسحات جليد نووية جديدة وإنشاء موانئ حديثة وأنظمة ملاحة متقدمة. أدركت الولايات المتحدة أنه دون امتلاك قدرات خاصة بها في مجال كاسحات الجليد، لن تكون قادرة على المنافسة أو حتى على تحقيق حضور فعّال في القطب الشمالي، سواء على الصعيد العسكري أو الاقتصادي أو العلمي".
ويعتقد الخبير الروسي أن "الصفقة المبرمة مع فنلندا، التي يروّج لها الرئيس الأميركي على أنها إنجاز إستراتيجي، ليست في الواقع سوى محاولة متأخرة للحاق بمن سبقها بخطوات طويلة في هذا المجال".
وحسب رأيه، تمتلك فنلندا خبرة واسعة في بناء كاسحات الجليد، ليس فقط بسبب طبيعة مناخها، بل أيضا بفضل تعاونها الوثيق مع روسيا في الماضي. ويقول في هذا السياق "على مدى عقود، شيدت العديد من أحواض السفن الفنلندية سفنا للاتحاد السوفياتي ثم لروسيا، ومن خلال هذا التعاون اكتسبت المهارات والخبرات التي يسعى الأميركيون اليوم للاستفادة منها".
ويؤكد فوروتنيكوف أن روسيا تواصل ترسيخ موقعها كقوة رائدة عالميا في مجال كاسحات الجليد، إذ تمتلك أكبر أسطول من هذا النوع في العالم، بما في ذلك السفن النووية الفريدة التي لا مثيل لها، حسب تعبيره.
ويتابع "تُمكّننا التقنيات الروسية من اختراق طبقات جليدية يصل سُمكها إلى 3 أمتار، والعمل بشكل مستقل لأشهر طويلة، مع ضمان سلامة الملاحة في أقسى الظروف المناخية. هذه السفن ليست مجرد معدات متقدمة، بل هي أداة إستراتيجية تضمن لروسيا استمرار تجارتها وتعزز وجودها العسكري، وتؤمّن استقلالها الطاقوي في المناطق الشمالية. من دون كاسحات الجليد، يستحيل تأمين الإمدادات للموانئ والمستوطنات الشمالية، أو تطوير الجرف القاري في القطب الشمالي، أو نقل الوقود والمعدات. الممر البحري الشمالي ليس مشروعا نظريا، بل شريان نقل حيوي لا يعمل إلا بفضل أسطول كاسحات الجليد الروسي".
ويرى فوروتنيكوف أن الصفقة بين ترامب وستوب تُعد رمزية أكثر منها إستراتيجية، إذ تعكس اعتراف الولايات المتحدة -ولأول مرة منذ عقود- بالأهمية الحقيقية للقطب الشمالي وإدراكها لتفوق روسيا في هذه المنطقة.
إعلانويقول "أما بالنسبة لروسيا، فإن ظهور كاسحات جليد جديدة لا يُشكل مصدر قلق، بل يعد دليلا إضافيا على أننا وضعنا المعايير التي يسعى الآخرون الآن إلى بلوغها".
أهداف واشنطنمن جانبها، ترى مديرة مركز البحوث الاجتماعية والسياسية في جامعة بليخانوف الروسية للاقتصاد يوليا دافيدوفا، أن الولايات المتحدة تخطط لاستخدام كاسحات الجليد الجديدة لعدة أغراض، أبرزها نقل الموارد وتعزيز التجارة في المنطقة القطبية.
وتقول في هذا السياق "تمثل كاسحات الجليد جزءا من إستراتيجية أميركية طويلة المدى لضمان الوجود والأمن والنفوذ في القطب الشمالي الذي يشهد تحولات سريعة. المنطقة غنية بالموارد الهائلة بما في ذلك المعادن النادرة والنفط والغاز، وقد بدأ الممر البحري الشمالي بمنافسة طرق النقل التقليدية. بما أنها إحدى القوى القطبية، لا يمكن للولايات المتحدة أن تتجاهل تزايد نفوذ روسيا والصين في هذه المنطقة".
وحسب رأيها، فإن تعزيز الأمن القومي من الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة إلى الاستثمار في كاسحات الجليد، وتضيف أن واشنطن تسعى لـ"إيصال الإمدادات إلى القواعد العسكرية النائية في ألاسكا وغرينلاند ودعم البحرية الأميركية في العمليات القطبية، بالإضافة إلى المشاركة في المهام والتمارين الدولية في المنطقة القطبية".
ويرى ميخائيل دياكونوف، مؤسس ورئيس شركة "فرايت لوجستيك غروب" للنقل والخدمات اللوجستية، أن استغلال الممر البحري الشمالي يشبه "كعكة كبيرة" لا يريد الرئيس ترامب أن يفوّت نصيبه منها.
ويضيف "الاستثمار بمليارات الدولارات في بناء كاسحات الجليد خطوة إستراتيجية تهدف إلى فتح فرص تجارية جديدة وتعزيز النفوذ الأميركي في أوروبا وتوسيع إمكانيات الوجود العسكري في المنطقة القطبية".
ويتابع "استعداد الدول لإنفاق مبالغ ضخمة على مثل هذه المشاريع يدل على رؤيتها لفوائد طويلة الأمد واستنادها إلى تقديرات واقعية بأن الممر البحري الشمالي سيصبح ممرا عالميا حيويا".
ويوضح دياكونوف أن الميزة الأساسية للممر البحري الشمالي تكمن في تقليص مدة نقل البضائع مقارنة بالمسار التقليدي عبر قناة السويس بحوالي 22 يوما، مضيفا أن هذا الممر يتمتع أيضا بأمان جيوسياسي أكبر، إذ أن قناة السويس توجد في منطقة تشهد الكثير من النزاعات، وغالبا ما تؤثر الاضطرابات في الشرق الأوسط على الملاحة.
ويختم دياكونوف بأن المشكل الوحيد في هذه المنطقة هو الظروف المناخية والجليدية، لهذا يتطلب تشغيل الممر بشكل مستقر وجود كاسحات الجليد التي تضمن مرور السفن على مدار العام.