سلط برنامج "المرصد" الضوء على واقع العمل الصحفي في النيجر بعد الانقلاب العسكري الذي شهده هذا البلد مؤخرا، وأثار موجة من الانتقادات الإقليمية والدولية، وصلت حد التهديد بتدخل عسكري.

فقد حذرت منظمة "مراسلون بلا حدود" مما وصفتها التهديدات والاعتداءات الجسدية التي قالت إنها طالت صحفيين محليين وأجانب إثر الانقلاب العسكري في النيجر.

وبحسب ما ورد في حلقة (2023/8/7) من برنامج "المرصد"، ذكرت "مراسلون بلا حدود" أن صحفيتين فرنسيتين تعملان في قناة "تي في موند" وصحيفة " لوفيغارو"، تعرضتا لتهديدات ومضايقات خلال تغطيتهما لمظاهرات مؤيدة لزعيم الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تياني.

وبدوره أعرب مجلس إدارة "بيت الصحافة" في العاصمة نيامي عن قلقه من "المؤشرات التي باتت تعبر عن تهديد لحرية الصحافة وسلامة الصحفيين المحليين والأجانب".

يُذكر أن القائد السابق للحرس الرئاسي الجنرال عمر عبد الرحمن تياني استولى على السلطة يوم 26 يوليو/تموز الماضي، وأطاح بالرئيس محمد بازوم، مبررا خطوته بإخفاق بازوم أمنيا واقتصاديا واجتماعيا.

وهددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) قادة الانقلاب بتدخل عسكري لإعادة الرئيس المعزول بازوم للسلطة، ولكن المهلة انتهت مساء أمس الأحد دون أن تكون هناك أي مؤشرات على تدخل عسكري وشيك.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الرسائل السياسية لانتخابات الصحفيين المصريين

أعلنت اللجنة المشرفة على انتخابات الصحفيين المصريين صباح أمس نتيجة الانتخابات، والتي أكدت فوز الصحفي اليساري خالد البلشي بمنصب النقيب للمرة الثانية، كما كشفت النتيجة عن فوز نصف المرشحين لعضوية المجلس (التجديد النصفي) ممن يصنفون كأنصار للحريات، وبذلك تحافظ الكتلة الداعمة للحريات على أغلبيتها داخل مجلس النقابة وعلى رأسها نقيب الصحفيين نفسه.

جاءت هذه الانتخابات في ظرف معاد تماما للحريات العامة وفي القلب منها حرية الصحافة، حيث تراجعت مصر على مؤشر حرية الصحافة العالمي (2025) إلى المركز 170 عالميا لتكون بين أسوأ عشر دول في العالم في هذا المجال، وحيث يقبع في سجونها أكثر من 40 صحفي وإعلامي وفقا لتقارير المرصد العربي لحرية الإعلام (وإن اكتفت تقارير نقابة الصحفيين بـ28 فقط!)، كما تتواصل بل تتصاعد الهيمنة الحكومية والأمنية على وسائل الإعلام وتحويله إلى إعلام الصوت الواحد (مع استثناءات قليلة تتمثل في بعض المواقع الإلكترونية محدودة المتابعة).

حين نتحدث عن أكثر من 40 إعلاميا أو حتى 28 بالحد الأدنى خلف القضبان، فإننا لا نتحدث عن حدث روتيني، فلم يسبق في تاريخ مصر منذ عرفت الصحافة حبس هذا العدد من الصحفيين، وتعريضهم لمعاملة قاسية في محابسهم بسبب عملهم، وبسبب تعبيرهم عن آرائهم..

عادت النقابة إلى موقفها الطبيعي دفاعا عن حرية الصحافة بشكل متدرج؛ بلغ مستوى عاليا مع وصول خالد البلشي لموقع نقيب الصحفيين قبل عامين تدعمه أغلبية بسيطة داخل مجلس النقابة، صحيح أن النقابة لم تستطع إخراج الصحفيين المحبوسين أو حتى من يحملون بطاقة عضويتها، لكنها نجحت في وضع هذا الملف في مكان بارز من أجندة الاهتمامات السياسية والعامة
غضت نقابة الصحفيين نقيبا ومجلسا الطرف عن اعتقال الصحفيين وإغلاق الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية بعد انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، حيث كانت النقابة في تلك الفترة داعمة للانقلاب، وكان نقيبها ضياء رشوان أحد عرابيه، لكن الوضع تغير نسبيا منذ العام 2016، كان ذلك العام فارقا بشكل عام في المشهد السياسي الداخلي، حيث تنازل النظام عن جزيرتي تيران وصنافير للملكة السعودية، ضاربا بعرض الحائط حكما نهائيا باتا للمحكمة الإدارية العليا بمصرية الجزيرتين، عند تلك اللحظة حدث شرخ في معسكر 30 يونيو، وعاد جزء كبير من الساسة والنشطاء والنقابيين إلى معسكر المعارضة (من داخل النظام والحيز المتاح)، وشملت تلك العودة صحفيين وكتاب ايضا..

كان الحدث الثاني الذي يخص الصحفيين بشكل أساسي وهو من تداعيات الحدث الأول؛ اقتحام نقابة الصحفيين يوم 2 أيار/ مايو 2016 (جرت الانتخابات الحالية في الذكرى التاسعة له)، كان هذا الاقتحام هو الأول في تاريخ نقابة الصحفيين منذ إنشائها عام 1941، لملاحقة والقبض على صحفيين (عمرو بدر ومحمود السقا) لاذا بها بعد مشاركتهما في مظاهرة رافضة للتنازل عن الجزيرتين، كما تم التحقيق بعد ذلك مع نقيب الصحفيين يحيي قلاش وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم ومقرر لجنة الحريات خالد البلشي (النقيب الحالي).

صاحب هذا المشهد الجديد اعتقال المزيد من الصحفيين والإعلاميين، وشملت الموجة الجديدة العديد ممن ينتمون للتيارات المدنية اليسارية والليبرالية والمسيحية.

كان التطور الثالث المعادي لحرية الصحافة هو استيلاء السلطة وخاصة الأجهزة الأمنية على غالبية الصحف والقنوات الخاصة، وانتزاعها من ملاكها (رجال أعمال) وضمها تحت جناح شركات أنشأتها الأجهزة الأمنية تطورت في شكلها النهائي تحت مسمى الشركة المتحدة.

ومع هذه الموجة عادت النقابة إلى موقفها الطبيعي دفاعا عن حرية الصحافة بشكل متدرج؛ بلغ مستوى عاليا مع وصول خالد البلشي لموقع نقيب الصحفيين قبل عامين تدعمه أغلبية بسيطة داخل مجلس النقابة، صحيح أن النقابة لم تستطع إخراج الصحفيين المحبوسين أو حتى من يحملون بطاقة عضويتها، لكنها نجحت في وضع هذا الملف في مكان بارز من أجندة الاهتمامات السياسية والعامة، كما كان لدور النقابة المدافع عن حرية الصحافة أثر كبير في تنامي ظهور بعض المواقع الصحفية الجديدة المستقلة عن المنظومة الإعلامية الرسمية، وعادت الروح إلى نقابة الصحفيين التي وضعها تشكيل نقابي سلطوي سابق تحت الكفن، وحرم الصحفيين من تنظيم فعاليات مهمة فيها، وأصبحت النقابة بيتا لأسر الصحفيين المعتقلين، تحتضنهم وتخفف من آلامهم وتتبنى مطالبهم وشكاواهم وتنقلها للمسئولين، كما تمكنت النقابة بقيادة البلشي من عقد المؤتمر العام السادس الذي تأخر تسع سنوات عن آخر مؤتمر عام في 2016، والذي تعرض لضغوط كبيرة لإلغائه وتأجيله.

لا تقتصر دلالات فوز البلشي وتيار الاستقلال النقابي عند حدود الدفاع عن الحريات العامة والصحفية، بل إنها تمثل تحطيما لصنم الرشاوى الانتخابية الذي حرصت السلطة على ترسيخه ضمن ترسيم علاقتها مع الصحفيين وانتخاباتهم، حيث حرصت السلطة منذ عقود على دعم مرشحها لموقع النقيب وقائمتها لعضوية المجلس عبر تقديم رشى انتخابية مادية (زيادة في كل انتخابات لبدل نقدي يصرفه الصحفيون تحت غطاء التطوير التكنولوجي، وتقديم دعم مالي كبير لبعض الخدمات الصحية والاجتماعية التي تقدمها النقابة، وكذا توفير مساكن وأرض بناء بأسعار تفضيلية للصحفيين.. الخ).

ولا يفوز مرشح السلطة لموقع النقيب إلا إذا أعلن مسبقا عن كم الزيادة المالية التي وفرتها له السلطة، وقد فاز البلشي في الانتخابات الماضية قبل عامين ضد مرشح السلطة الذي تفاخر بقدرته على توفير زيادات مالية للصحفيين، بينما لم يقدم البلشي هذا الوعد لكنه تمكن بعد فوزه من تحقيق ما وعدت به الحكومة منافسه، وقد تكرر الأمر ذاته هذه المرة بفوزه رغم عدم تقديمه وعدا ماليا على خلاف منافسه.

رغم أن نقابة الصحفيين هي نقابة مهنية محلية، وليست حزبا سياسيا، إلا أنها تقوم بدور وطني وقومي يتجاوز الحدود القُطرية، وهي تمارس العمل الوطني انطلاقا من قانونها، وانطلاقا من كونها نقابة الرأي الأولى في مصر، والتي تضم أصحاب القلم من كتاب وصحفيين وروائيين ومؤرخين.. الخ، ولذا فإنها لم تغب يوما عن القضايا الوطنية المصرية، بل تعرضت للاقتحام لأول مرة في تاريخها بسبب موقفها من قضية تيران وصنافير، وخاضت مؤخرا معركة بالتعاون مع بعض النقابات والأحزاب ضد قانون الإجراءات الجنائية.

كشفت نتائج انتخابات الصحفيين عن أشواق الحرية لدى الشعب المصري، وهي الحرية التي تذوقها لفترة محدودة بعد ثورة يناير، لكنه حرم منها بعد الانقلاب، وحتى الآن، وتمثل هذه النتائج شعاع أمل جديد في القدرة على التغيير حين تتوفر الإرادة لذلك
كما لم تغب عن القضايا العربية وأبرزها القضية الفلسطينية، حيث تتزعم غيرها من النقابات المهنية في رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني بقرار من جمعيتها العمومية منذ توقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد. وفي الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة برز دور نقابة الصحفيين تحت قيادة البلشي، حيث سعت إلى تنسيق جهود النقابات المهنية وبعض المؤسسات المدنية الأخرى لتقديم الدعم الإغاثي لقطاع غزة، وتحركت بالفعل لتشكيل قافلة إغاثة شعبية عالمية منعتها السلطات المصرية، واحتضنت النقابة الصحفيين الفلسطينيين وعاملتهم بالتساوي مع نظرائهم المصريين، وتحركت في المحافل والمحاكم الدولية دعما لهم ودفاعا عنهم، وعادت سلالمها الشهيرة لاحتضان المظاهرات الداعمة لغزة ومقاومتها، كما استضاف البلشي في مكتبه بعض قيادات حركة حماس خلال إحدى زياراتهم لمصر.

على خلاف المشهد العبثي للانتخابات العامة في مصر، حيث التزوير الفاضح، والتدخل المباشر لتحديد الفائزين مسبقا من قبل أجهزة الدولة، فإن انتخابات نقابة الصحفيين ظلت عصية على التزوير، فالانتخابات تتم ليس فقط تحت رقابة قضائية، بل تحت رقابة كل الصحفيين الذين يراقبون كل حركة وسكنة خلال الحملات الانتخابية وخلال يوم التصويت، كما يجري فرز الأصوات أمام الجميع، وتبثه المواقع الصحفية على الهواء مباشرة، ومن هنا فقد كان غريبا أن يدعي مرشح السلطة الخاسر حدوث تزوير للانتخابات!!

التيار الإسلامي هو التيار الوحيد الذي غيب قسرا عن انتخابات الصحفيين منذ 2013 وحتى الآن، نظرا لحجم القمع الواسع الذي تعرض له الصحفيون الذين ينتسبون له، والزج بالعشرات منهم في غياهب السجون، والتحريض ضدهم عبر وسائل الإعلام التابعة أو الداعمة للسلطة، لكن هذا التيار يبقى متجذرا في الوسط الصحفي، وحين تنقشع الغمة، وتنتهي المكارثية التي يتعرض لها فإنه حتما سيستعيد حضوره الطبيعي داخل النقابة مثل غيره من التيارات.

لقد كشفت نتائج انتخابات الصحفيين عن أشواق الحرية لدى الشعب المصري، وهي الحرية التي تذوقها لفترة محدودة بعد ثورة يناير، لكنه حرم منها بعد الانقلاب، وحتى الآن، وتمثل هذه النتائج شعاع أمل جديد في القدرة على التغيير حين تتوفر الإرادة لذلك، وقد فعلها المهندسون أيضا بانتخابهم طارق النبراوي قبل 3 سنوات والذي ترشح في مواجهة وزير حكومي، ثم نجح مجددا في إحباط محاولة انقلابية قادها ضده قيادات في حزب السلطة، وقد تتكرر تجربة الصحفيين والمهندسين في نقابات مهنية أخرى تستعد لإجراء انتخاباتها خلال الفترة المقبلة.

x.com/kotbelaraby

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: الصاروخ اليمني الذي استهدف مطار بن غوريون تطوّر استثنائي
  • الرسائل السياسية لانتخابات الصحفيين المصريين
  • مفتي الجمهورية: الصحافة عين الأمة التي لا تغفل وصوتها الذي لا يهادن
  • منتدى: تحذير من الممارسات الفلاحية المكثفة التي جففت التربة وقلصت من احتياطيات المياه
  • وقفة احتجاجية لأمهات المختطفين تنديدا بالانتهاكات التي تطال الصحفيين في اليمن
  • في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. تقرير مفصل يرصد الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين اليمنيين خلال 10 أعوام
  • ميترو يسجل تراجع الانتهاكات بحق الصحفيين في كوردستان
  • البرلمان العربي: ندين الغارة التي شنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على محيط القصر الرئاسي في دمشق والتي تأتي امتدادًا للتعديات السافرة التي يقوم بها ضد سيادة وأمن وسلامة الأراضي السورية، ونطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتصدي لهذه الانتهاكات المتكررة
  • محمود سعد يدلي بصوته في انتخابات الصحفيين
  • مصرع 3 أشخاص وإصابة رابع.. الصور الأولى لحادث انقلاب ملاكي بمطروح