لم يتعرض ملك ولا رئيس مصرى للسب والشتم أكثر مما تعرض له الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى لا يزال يُسب حتى الآن رغم أن الرجل فى ذمة الله منذ 54 عاما!
سباب «ناصر» كان ولا يزال بكل اللغات: الإنجليزية والفرنسية والعبرية والعربية، وقائمة شاتميه ضمت: ملوكا، ورؤساء، ووزراء، ومسئولين، وموتورين، ومهاويس، وخونة وعملاء للموساد الإسرائيلى وضمت أيضا وسائل إعلام شهيرة منها البى بى سى البريطانية التى سبت «عبدالناصر» بألفاظ خارجة فقال مثلا أنه «كلب» وأمام هذا التطاول رد «عبدالناصر» فى خطاب رسمى فقال بالحرف الواحد: «لما تطلع الإذاعة أو التليفزيون البريطانى الـ«بى بى سى»، وتقول جمال عبدالناصر كلب، مثلا، نقول لهم: أنتم ولاد ستين كلب».
كان «عبدالناصر» يدرك تماما أن حذاءه أشرف من شاتميه وأن شتمه لم يكن لأن اسمه «جمال» ولا لأن أبيه هو «عبدالناصر»، ولا لأنه مصرى، ولا لأنه طويل لعود الفل، ولكن لأنه قاد تحرير مصر من الاستعمار، وسعى لبناء نهضة مصرية، وسخر حياته لحماية مصر وأرض مصر وأمن مصر، بل والأمن القومى العربى.
وهذا ما لم يكن يعجب الدول الاستعمارية وعلى رأسها -آنذاك- انجلترا وفرنسا، وطبعا لم يكن يعجب أيضا العدو اللدود «إسرائيل»، وأيضا لم يعجب لصوصا مصوا دماء الشعوب، وملوكا خافوا على عروشهم من وجود «عبد الناصر»، فاشتعل الحقد فى صدورهم نارا خرجت إلى الدنيا كحمم البراكين ولكن فى صورة شتائم!
ولما تولى الرئيس السادات حكم مصر فى مطلع سبعينيات القرن الماضى وجه اليسار المصرى فوهات شتائمه إلى رأس «السادات»، فسبوه بأبشع الشتائم، ووصلت شتائمه لدرجة أن الشاعر أحمد فؤاد نجم كتب قصيدة كاملة غناها الشيخ إمام، والقصيدة عبارة عن شتائم فى الرئيس السادات، وقال فيها:
«أوأة المجنون أبو برقوقة / بزبيبة غش وملزوقة/ نصاب ومنافق وحرامى/ ودماغه مناطق موبوءة/ والنكتة كمان انه حلنجي/ وعامل لى فكاكة وحندوقة/ مع ان الجحش أفهم منه والعالم فاهمة ومفلوقة».
ولم يلتفت «السادات» لمثل هذه الشتائم، واعتبرها نوعا من الزبد الذى يذهب جفاء، فتجاهلها وداس عليها بقدميه، وصنع لنفسه ولمصر تاريخا عبقريا فى الحرب والسلام ووقائع التاريخ تتفق على أنه لا أحد بمنأى عن السباب، والحكمة الشهيرة تقول «إذا شتمك عدوك فاعلم أنك قاهره وأن نار الحقد تأكله».
ولست أرى فيما جرى «إلا دليل جديد على أن مخطط استهداف مصر لا يزال مستمرا، وأن أعداء مصر لا يزالون يستهدفون تقويض استقرارنا، وعرقلة مسيرتنا من خلال عملاء لهم داخل مصر، ومن خلال الضغط على مصر بكل الطرق الممكنة، انهم يضغطون على الوطن من كل حدودنا، بحروب أشعلوها على حدودنا الشرقية والغربية والجنوبية، ويضغطون بمحاولات لخنق الاقتصاد المصرى، بعض تلك المحاولات تتم سرا بعيدا عن العيون، والأخر يتم جهارا نهارا، منها مثلا اغلاق البحر الأحمر وعلى الفور فقدت قناة السويس نصف إيراداتها، وفقد الاقتصاد المصرى موردا مهما من موارد العملة الصعبة..
وعلى كل مصرى أن ينتبه لخطورة هذا المخطط المشئوم، وأن يدرك أن الحرب على مصر مستمرة، وأن دولا إقليمية تساندها قوى عالمية لا تريد لمصر وشعبها خيرا فهل ننتبه لوطننا؟..
حمى الله مصر وشعبها وجيشها من كل مكروه.. والله وأكبر فوق كيد الكائدين وحقد الحاقدين وخيانة الخائنين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات رئيس مصرى الإنجليزية والفرنسية عبدالناصر
إقرأ أيضاً:
مقتنيات الجاسوس كوهين تفضح الشرع، وتكشف كذب الأنظمة العربية
فالح حسون الدراجي ..
منذ ثلاثة أيام والعالم مخبوص بخبر استيلاء الكيان الصهيوني وجهازه الاستخباري ( الموساد ) على مقتنيات وأرشيف الجاسوس الإسرائيلي كوهين، الذي أعدم في دمشق العام 1965 .. وسبب هذه الخبصة لا يعود برأيي لأهمية هذه المقتنيات، إنما لضجيج اللغط وصخب التناقضات التي أحدثتها هذه العملية بخاصة وأن إعلام الكيان الصهيوني، ومن خلفه جهاز الموساد، حاول أن يجعل من الحبة قبة كما يقولون، فتقصٌد أن يصور الحصول على هذه المقتنيات وكأنه منجز عظيم، ونصر لا يضاهيه سوى نصره باحتلال سيناء أو الجولان، أو اغتيال السيد حسن نصر الله.. وقد ساعد في نفخ هذه العملية وتضخيمها، صمت النظام السوري التام و ( تطنيشه) إزاء الموضوع، أو ما تسرب من بعض المحسوبين على الشرع، بنفي خجول للعملية، وهو الأمر الذي جعل القضية مشوشة، بل ومحاطة بعتمة وغموض شديدين، لايستحقهما موضوع تافه كموضوع مقتنيات عتيقة مضى عليها ستون عاماً، وفقدت أية أهمية لها إن كانت لها أهمية أصلاً ..!
إذاً فالكيان الصهيوني استغل الصمت السوري استغلالاً بشعاً، وراح إعلامه وقادته وجهازه الاستخباري يتنافسون في المبالغة بتهويل العملية .. وادعاء البطولة والتميز، وطبعاً فإن نتنياهو كان أول من استثمر الحالة، وراح يفاخر بقوة الموساد ونجاحاته، مستغلاً فرصة تسليم ارملة الجاسوس كوهين مقتنياته وأغراضه ورسالته التوديعية، قائلاً: ( لقد قاد الموساد عملية صعبة ومعقدة حتى تمكن من الاستيلاء على أرشيف ومقتنيات بطلنا الفذ والأسطوري كوهين) !!
إلى آخر المعزوفة التي يصر نتنياهو وقادة الكيان الصهيوني على عزفها بغرور في مثل هذه الاختراقات والمناسبات ..
وأظن أن هذه الادعاءات المفخمة، وصمت النظام السوري، أو نفيه الخجول، قد جعل من الأمر وكأن شيئاً خارقاً وبطولياً قد فعله جهاز الموساد عند حصوله على مقتنيات العميل كوهين..!
ولولا وكالة “رويترز ” التي فضحت وهم هذا الإدعاء الصهيوني، وكشفت السر المستور، لبقيت البالوعة مغطاة بغطاء صهيوني، ولظل الموساد وقادة إسرائيل يتفاخرون بوهم منجزهم و ( عمليتهم المعقدة والأسطورية) !!لكن “رويترز ” التي نقلت عن ثلاثة مصادر سورية مهمة، بعضها يعمل في بنية الشرع، وقريب منه، قولها بأنّ القيادة السورية وافقت على تسليم وثائق ومتعلّقات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين إلى كيان الاحتلال، “في محاولة لخفض حدة التوتر مع تل أبيب وكبادرة حسن النوايا تجاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فضلاً عن محاولة ترطيب العلاقات وتحسينها بشكل أفضل مع إسرائيل ” !
إذاً، فالقضية لم تكن كما يحاول تصويرها الموساد وتسويقها للعالم، فلا هي عملية معقدة وصعبة، ولا أسطورية، ولاهم يحزنون، إنما ثمة (رشوة) قدمها (المجاهد الشرع) إلى كيان تل أبيب الصهيوني، لشراء رضاها أولاً، وفي الوقت ذاته هي هدية شخصية يقدمها الرئيس السوري إلى الرئيس الأمريكي ترامب لموقفه الداعم لسوريا ..!
وللحق، فإن المشكلة بالنسبة لي لا تتعلق قط بمقتنيات كوهين ومدى أهميتها، ولا حتى بأخلاقية وعدم اخلاقية الرشوة أو الهدية التي قدمها الشرع، إنما المشكلة تتلخص بكذب النظام السوري، وعدم كشفه عن (ذمته) السياسية والاخلاقية، وعدم اعترافه بهذه القضية إلا بعد افتضاح أمره وكشف سره.. ولا اعرف لماذا صمت النظام أولاً، ولماذا نفى بشكل خجول ثانياً، ولماذا اعترف بحصول إسرائيل على مقتنيات كوهين بعملية بسيطة، وبموافقة الشرع شخصياً – كما يدعي المطبلون للشرع – وليس بعملية استخباراتية صعبة ومعقدة قام بها جهاز الموساد بمساعدة استخبارات دولة صديقة (قطر) كما تدعي إسرائيل؟!.
والسؤال الذي يشغلني حقاً، هو لماذا كل هذا اللف والدوران إذا كانت الغاية مفيدة لسوريا، ونافعة لشعبها كما يقول أتباع النظام السوري- مع أني شخصياً لا أتوقع أي خير أو فائدة تأتيان من العلاقة مع هذا الكيان الإجرامي الشرير -كما لا اعرف لماذا يخفي الشرع وجماعته سر العلاقة مع تل أبيب، وهي العلاقة التي تحيكها وتنسجها قطر وتركيا منذ فترة بعيدة، أي قبل أن تستلم هيئة تحرير الشام السلطة في دمشق، أقول لماذا يخفون هذه العلاقة إذا كانت شريفة وعفيفة وطبيعية.. لماذا ؟
اما إذا كانت العلاقة معيبة ومخجلة وعاراً على أصحابها، بحيث يضطرون إلى إخفائها، فما الداعي إذاً لإقامة هكذا علاقة مخجلة ومذلة، ولماذا الارتباط بمن يجلب لك العار والخزي ؟
إن مشكلة الجبن والخوف من الشعوب، والكذب على الجميع، والعمل في الظلام، ليست مشكلة نظام الشرع لوحده، بل هي مشكلة كل الأنظمة العربية للأسف الشديد.. واعتقد أن فضيحة تسليم مقتنيات كوهين إلى تل أبيب ستظل مدفونة لولا وكالة ” رويترز” التي نبشت في أزبال الشرع، وعثرت عليها، ولا أعرف كم من جريمة عفنة مثلها أخفاها هذا النظام، أو اخفاها نظام الأسد في المزابل السورية قبله، وكم فضيحة ستظل مستترة ومخفية بين قمامات الأنظمة العربية دون أن تعثر عليها “رويترز ” أو شقيقاتها من الوكالات الأخريات ؟!
إن مشكلة نظام الشرع وبقية الأنظمة العربية لا تكمن في ضعفها وجبنها من شعوبها فحسب، إنما في كذبها على الآخرين، وعلى نفسها حتى، وهذا ما جعلها محتقرة وغير محترمة في عيون الكل دون استثناء ..
ختاماً أود الاعتراف بأني شخصياً ضد التطبيع من الوريد إلى الوريد، واحتقر كل المطبعين مع الكيان الصهيوني، لكني سأحتقر أكثر أولئك المطبعين له في الليل والمعارضين له في النهار.. فهؤلاء المقنعون صهاينة وجبناء معاً .. وأنا شخصياً أكره الصهاينة، وأكره الجبناء، أكرههم جميعاً مذ أن ولدتني أمي العظيمة .
فالح حسون الدراجي