جريدة زمان التركية:
2025-10-15@21:22:17 GMT

نعمة كبرى

تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT

بقلم:  دانيال حنفي

القاهرة (زمان التركية)- عودة السفارات المفخخة الى سطح الأحداث، وعودة حالات الطعن بالسلاح الأبيض -في بلاد ومناطق متفرقة- ربما ليست بالردة إلى الخلف في تاريخ الصراع فقط، ولكنها تطورات قد تدل على فقر الحيل وانتحار الأمل عند البعض في الوصول الى سطح الحياة والتنفس والعيش كما يعيش سائر البشر بكل وضوح أيضًا.

إن المنظمات الإرهابية مجرمة، ولكنها ليست كل الخطر. فالخطر في أيدي كل الناس المقهورين وفي أيدي أصحاب الحق المسلوبي الإرادة الذين تنهش أرضهم وبيوتهم وأموالهم وتقتل فرصتهم في الحياة -على مرأى من الناس- كل يوم وتدك على رؤوسهم الجبال والحيطان والشجر دون توقف ودون حق.

الخطر في أيدي الجوعى الذين تسلب فرصتهم في النمو والتقدم مقابل صناعة رصاصة أو صاروخ أو قنبلة تقتل أو تحاول أن تقتل آخرين. فسلسلة الانتهاكات المنتظمة المستمرة ليست إلا دعوة صريحة مفتوحة الى العنف وإلى القتل وإلى كل أنواع الاعتداء التي لا يريدها أحد.

والمسؤولون عن هذه الردة الخطيرة وعن انزلاق الأوضاع إلى مزيد من العنف والقتل هم أصحاب المصالح من كل الجوانب. فالمصالح لا لون لها ولا دين ولا وطن ولا قلب أيضًا، وإنما فقط دفتر شيكات سمين يأتي بالمنازل الفخمة والسيارات والطائرات والأراضي والحسابات البنكية الضخمة.

ويبدو أن لا شبع ولا نهاية لأطماع وتطلعات أصحاب المصالح، وهو ما قد يعكسه اعتقاد جانب من المراقبين الآن أن وصول المنطقة إلى حالة من السلام الحقيقي أمر مستحيل وحلم غير قابل للتحقيق في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور أيضًا.

في الحقيقة، للصراع أسباب في كل مناطق العالم. وفي كل مناطق العالم هناك تاريخ من العداء ومن القتال ومن التنافس ومن الذكريات الأليمة التي تقض مضاجع الجميع، ولكن الحياة تمضي كل يوم في سلام. هناك آلام وتاريخ من الدماء المراقة على تراب بقاع الدنيا، ولكن الحياة تمضي، لأن أطراف الصراع يختارون استمرار الحياة فتختار الحياة البقاء والنمو والازدهار، ولكن على أساس من العدل. فهدوء الصراعات بما يسمح باستمرار الحياة يحتاج إلى شيء من هواء العدل ومن مياه الاعتدال والتسامح الأساسيين للحياة، ليحيا أطراف الصراع جميعًا هم وأهلوهم الذين يحبون رؤيتهم يكبرون شيئًا فشيئًا. أما خيار كل شيء لي ولا شيء للآخرين، أو الحياة لطرف والموت لطرف فليس بخيار ولا بطرح مقبول مطلقًا، وإنما هو دعوة صريحة لكل صور العنف التي تخشاها المجتمعات البشرية .

إن وجود مسؤولين يمكن التفاوض معهم والتواصل معهم إلى حلول مقبولة لجميع الأطراف وقابلة للاستدامة هو نعمة كبرى ينبغي حفظها وصيانتها والتعامل معها بالتقدير الواجب الذى يلبي دعوة الحياة وينجو بالجميع من أتون الحروب المستمرة ومن ويلات الغضب والانتقام المتكرر من كل الأطراف .

Tags: دانيال حنفيصراعنعمة كبرى

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: صراع نعمة كبرى

إقرأ أيضاً:

في زحمة الحياة

 

 

 

وداد الاسطنبولي

 

الساعة الثانية. أغلقتُ جهازالكمبيوتر في العمل، وزوجي ينتظرني منذ نصف ساعة.

تنفستُ الصعداء بعد يومٍ مجهد، فمكتبنا - كعادته - يعجّ بالناس. لمحته من بعيد قادمًا بخطواته نحوي، فقلت في نفسي: "لا، أرجوك... عساك تغيّر اتجاهك!"

أسرعتُ بإطفاء إنارة المكتب، وما إن هممتُ بالخروج حتى التقت نظراتنا، فقال:

"انتهيتم؟"

قلت بشيء من التعب: "نعم، تأخرتَ كثيرًا."

قال: "أرجوكِ، لقد انتهيتُ من الطبيب، وسفرنا غدًا."

كانت ملامحي المُنكمشة ترجوه بالرحيل دون أن أنبس بكلمة. كان يتحدث، ولم أفهم منه شيئًا، إذ كانت عيناي تتابعان من خلال الزجاج زوجي وابني الجالس في المقعد الخلفي، يتكئ برأسه على زجاج السيارة بعد يومٍ طويلٍ منهك في المدرسة.

انتبهتُ أخيرًا إلى صوت المراجع وهو يقول:

"رحم الله والديك."

في تلك العبارة، لمستُ منه ضعفًا فطريًا يختبئ في رجاء المرضى، فاستطاع أن يجعلني أتراجع إلى الخلف. كانت دعوته تلك بلسماً رطبًا على طول يومي، هزّني موقف بسيط، وكلماتٌ تتكرر على مسامعنا كثيرًا، لكنّها خرجت منه بانكسارٍ صادقٍ جعل لها وقعًا مُختلفًا.

تذكّرتُ كم نحن في حاجةٍ للدعاء، وكيف أن دعوةَ مريضٍ قد تُستجاب، ولِمَ لا؟ ونحن جميعًا نطلب من الله زيادة الرصيد في ميزان الخير.

سألتُ نفسي - واسألوا أنتم أنفسكم أيضًا - لماذا لا نكسب الآخرين بالكلمات الطيبة، وتكسبنا الكلماتُ حوائجَنا؟

لماذا لا تحكمنا الإنسانية الربانية التي فُطرنا عليها؟ فلربما مع تعقيدات الحياة، نحتاج لهذا الإنسان، ولا نجد حاجتنا إلا عنده.

تمرّ بنا مواقف كثيرة، فنُفاجأ بأعزّ الأحباب وقد تصرّفوا بهشاشةٍ نفسية، رغم الصور الجميلة التي رسمناها لهم في ذاكرتنا. فأين فنّ المهارة في الحوار؟

إن الأحاديث هي هويتنا، وهويتنا تتجلّى في حلاوة اللسان ولذّة الكلمة، فهي انعكاسٌ لجوهرنا.

الأسلوب يرفعنا إلى أعلى الدرجات، وإتقان اختيار الأصدقاء الذين يحفظون غيبتك ويُصلحون طباعك، يُغيّر كثيرًا من مسار النفس.

فكّروا واجتهدوا في اكتساب احترام الناس، ليبقى منكم أثرٌ لا يُنسى في ذاكرتهم وبين محيطهم.

تراجعتُ وفتحتُ الإنارة، وجلستُ على مقعدي وكأني أبدأ صباحًا جديدًا. أقوم بعملٍ أحتسب عليه أجرًا، فصار أجرين.

"قولٌ معروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صدقةٍ يتبعها أذى".

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الجلطة نعمة وليست نقمة في هذه الحالة.. جمال شعبان يوضح
  • دينا أبو الخير: الدعاء يجب أن يخلو من الفتنة والرزق ليس مقصورا على المال
  • الجيش الاسرائيلي: إحدى الجثث التي سلمتها حماس ليست لمحتجز
  • أردوغان: تركيا ستتولى مهمات كبرى في غزة
  • إسرائيل: إحدى الجثامين ليست لنا
  • في زحمة الحياة
  • إيران: إحباط 3 هجمات إلكترونية كبرى استهدفت البنى التحتية
  • تكليف نعمة عارف مديرا لهيئة الخدمات البيطرية بالغربية
  • ترامب: غزة ليست سوى جزء من المهمة والجزء الأهم هو السلام في الشرق الأوسط
  • يسري الشرقاوي: إفريقيا ليست فقيرة.. بل فرصة اقتصادية كبرى للعالم