لستُ أدري!!
د. #ذوقان_عبيدات
أحوالنا نعرفها جميعًا، ومع ذلك ينسب كثيرون إلى كثيرين أمجادًا وهمية، يتغنون بها، ويحصدون مناصب لا بأس بها، وهكذا ينشأ التدليس، ويزدهر.
(01)
دمار غزة ولبنان
أدّت الأحداث “المختلف عليها” بين الأردنيين إلى تدمير كبير؛ نتيجة للتفوق العدواني العقائدي، والتكنولوجي واللوجستي للاحتلال، وتجار الحروب الأمريكان! هذا مفهوم؛ وما ليس مفهومًا أنّ بعضنا رقص فرحًا بدمار غزة، وهلل و”كبّر” بضرب اتصالات حزب الله وقادتها، ووصل الكثير إلى ذروة اللذة باستشهاد حسن نصر الله الأمل الوحيد في مواجهة إسرائيل! هل هو انقسام مشروع في الرأي، أم انحياز كامل للفكر الاحتلالي، وترديد ببغاوي لما يريده منا الفكر الصهيوني؟
وهذه الفئة لكي تكسب المجتمع، فقد استحضرت تاريخ الشيعة والسنة، بدلًا من تاريخ الفكر التوراتي اليهودي الذي شرعن جميع أنواع القتل حتى الأطفال؛ ونحن ما زلنا نقول:
شكرًا إسرائيل خلصتِ الوطن من عدونا الأول الشيعة المجوس!!
إذًن؛ هو فرح تكتيكي في هزيمة استراتيجية، حين يفيق مغفلونا يكون القيد قد أطبق على غير الشيعة أيضًا!!!
هل هذا يعكس مرحلتنا الفكرية وتخلفنا المنطقي؟!!
هل يعكس تخلفنا الفكري!
هل يعكس انسياقنا الكامل وراء المقولات الاحتلالية!
لست أدري!
(02)
حزب الأغلبية
حزب النصف مليون صوت! المدعوم من كل المصوّتين، وغير المصوّتين الذين لم يصوتوا لهم لأسباب عشائرية؛ يصدر بيانًا بمناسبة مرور عام على السابع المجيد من أكتوبر، يدعم مقاومة حماس، ومقاومة الأردن، ويتعمد عدم الإشارة إلى مقاومات حقيقية أخرى في لبنان، والعراق، واليمن! بل يتعمد عدم ذكر الدور الأمريكي الداعم، ويغدق الخير على من يشاء، ويمنعه عمن يشاء!!
هل تم عقد الصفقة المرعبة؟ ما رسالته إلى إسرائيل؟ إلى الولايات المتحدة؟ إلى حماس؟ إلى الأردن؟
إلى النصف مليون ناخب الذين أوصلوهم إلى قبة البرلمان؟
هل هي تسليم من دون قتال؟
هل هي الحكمة في السياسة؟
أم أنها المسؤولية التي لا أعتقدها؟
لست أدري!
(03)
المخدرات كمان وكمان
تثار المخدرات، وكأنها إرادية مع كل حدث مهم! تكثر المُسيّرات وتُتهم إيران وأذرعها، وقيل: إنها
من “الجبهة “عفوًا الجهة الغربية ولبّسوها للجبهة الشمالية! وهكذا لا نعرف الإجابة عن أسئلة
مثل؛ هل ترسل لنا كممرّ لها أم تأتي لمستقر لها؟
هل تأتي لإفساد الشباب وقتل أساتذة الجامعات أم لغايات تجارية؟
لست أدري!
(04)
تدريب عالي الجودة للمعلمين!
هل يعقل غياب الأولويات التربوية؟ الوزارة بتعمل “عالتوجيهي”، وناس بعملوا “عالتخصصات ” الراكدة، بينما الملك يضع يده على منبع المشكلة، وهي تدريب المعلمين!
الجماعة ما “قصّروا”؛ سيحيلون الأمر إلى الجامعات، حيث الأساتذة غير المؤهلين “تدريسيًا”؛ لتقديم تدريب غير عالي الجودة!
بالمناسبة؛ جاء فريق بريطاني سنة 1991 وأعدّ فريقًا أردنيّا لتقديم تدريب عالي الجودة للمعلمين، وبعد خمس سنوات أُبيد الفريق! وتبعثر رواده في الخليج حيث النهضة التربوية!
هل ستقدم الجامعات تدريبًا عالي الجودة؟
وهل هناك غير الجامعات؟
لست، ثم لست أدري!!
فهمت عليّ جنابك؟!!
.المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ذوقان عبيدات
إقرأ أيضاً:
هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو».
نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025.
تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية.
يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين.
بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس.
يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية.
كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة.
كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة.
أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان.
مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه.
كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع.
نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ
لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب.
ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى.
لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة.
فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية.
نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس.
وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب.
رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة.
ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية.
كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده.
على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني