تشييع الدعم السريع لمثواه الأخير.. ماذا يقول البيان؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
اختتمت بمدينة عنتيبي في أوغندا اجتماعات الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية، برئاسة عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، والمعروفة بـ(تقدم)، والتي بدأت يوم الثلاثاء الماضي، الثالث من ديسمبر/كانون الأول، واستمرت مداولاتها حتى الجمعة، حيث أصدرت الهيئة القيادية بيانها الختامي.
وكان عبدالله حمدوك، رئيس التنسيقية، قد صرح للصحفيين قبيل بدء انعقاد اجتماعات التنسيقية بأن نزع الشرعية عن حكومة بورتسودان – على حد تعبيره – مطروح على طاولة اجتماعات (تقدم) ضمن آليات أخرى مقترحة.
وجاء البيان الختامي للتنسيقية خاليًا بالفعل من أي إشارة إلى تشكيل حكومة منفى بديلة للحكومة القائمة حاليًا في السودان، وهو ما يعني غلبة التيار الرافض لهذه الخطوة داخل (تقدم). وتُعد هذه الملاحظة الأولى على محتوى البيان الختامي.
والملاحظة الثانية، وهي الأكثر أهمية، أن البيان أدان صراحة مليشيا الدعم السريع، التي تمثل الذراع العسكرية لـ(تقدم). وتُعد هذه أول إدانة صريحة تصدر عن (تقدم) بحق حليفها العسكري، الدعم السريع. ومع ذلك، جاءت الإدانة في البيان مقرونة بالقوات المسلحة السودانية والقوات المتحالفة معها، حيث ورد في البيان: "أدان الاجتماع الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والقوات المتحالفة معهما ضد المدنيين". وسمى البيان هذه الانتهاكات بالجرائم، وضرورة محاسبة المجرمين.
إعلانويُعتبر هذا تطورًا لافتًا في هذا الاتجاه، وتكييفًا جديدًا لموقف (تقدم) من الحرب، حيث ظلت التنسيقية، طوال فترة الحرب التي دخلت شهرها العشرين، تتجنب توجيه أي شكل من أشكال الإدانة لمليشيا الدعم السريع. بل، على العكس من ذلك، ظهر رئيس تنسيقية (تقدم)، عبدالله حمدوك، في عدة مناسبات إلى جانب قائد مليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، وشاركه في منصة اجتماع خاص بـ(تقدم)، أعقبه مؤتمر صحفي مشترك بين الرجلين في أديس أبابا في يناير/كانون الثاني من هذا العام. وخلال ذلك المؤتمر، أعلن حمدوك عن استعداد مليشيا الدعم السريع لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح عدد من الأسرى والمعتقلين لديها، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
ويثير هذا التغير عدة أسئلة، منها: لماذا تأخرت الإدانة لمليشيا الدعم السريع كل تلك الفترة، رغم الانتهاكات الفظيعة والمروعة التي ارتكبتها ووثقتها هي بنفسها، وشاهدها العالم عبر مختلف الوسائط؟
ولماذا جاءت هذه الإدانة في هذا التوقيت بالذات، الذي يشهد تقدمًا ملحوظًا للجيش السوداني والقوات المتحالفة معه على الأرض في جبهات القتال بوسط السودان، ودارفور، وولاية الجزيرة؟ وهي المناطق التي أصبحت فيها مليشيا الدعم السريع مطوّقة من كل الاتجاهات، ويضيق عليها الخناق، وتتوالى عليها الهزائم، مما جعلها تدرك أنها على مشارف الانهيار، فآثرت أن تشيّعه إلى مثواه الأخير، وتستعيض عنه بخطاب سياسي يفتح لها الطريق نحو العودة إلى المشهد السياسي السوداني مرة أخرى.
أم أن الأمر له صلة بتواتر الإدانات الدولية التي صدرت مؤخرًا من قبل دول وجهات ومؤسسات دولية، خاصة عقب قيام المليشيا بقصف متعمد، يومي الأحد والاثنين الماضيين، لمعسكر (زمزم) للنازحين بشمال دارفور، ما أسفر عن مقتل أكثر من 20 مدنيًا بالمعسكر. وقبل ذلك، وصف مجلس النواب الأميركي انتهاكات الدعم السريع بأنها تمثل إبادة جماعية.
إعلانهل أدركت تنسيقية (تقدم) أن الصمت عن إدانة حليفها العسكري لم يعد مجديًا، وأن عليها أن تلتحق بركب الإدانة خشية فقدان مصداقيتها أمام الرأي العام؟
أم أن الأمر يتعلق بانتهاء صلاحية مليشيا الدعم السريع وفقدانها لأي دور مستقبلي يمكن أن تقوم به في الشأن السوداني، بسبب انتهاكاتها وجرائمها؟ هل هذه بداية للتخلص من أوزار وأثقال المليشيا التي حملتها على ظهرها طوال أشهر الحرب، على أمل أن يشفع لها ذلك عند الشعب السوداني، الذي أصبح – بسبب انتهاكات مليشيا الدعم السريع – ما بين قتيل ومعاق ومشرد ولاجئ ونازح ومعتقل ومنتهك العرض؟
هل هذا تدشين من (تقدم) لحقبة جديدة في مسارها السياسي بعد خسارة رهانها على مليشيا الدعم السريع لتصدّر المشهد السياسي وتسنّم السلطة والحكم عبر بندقيتها؟
وتثور الكثير من الأسئلة التي ستجيب عنها الأيام، والتي يبدو أنها ستكون حبلى بالكثير من التغيرات والمفاجآت. أسئلة حيرى، هل سينسى الشعب السوداني تجربته مع فظائع مليشيا الدعم السريع؟ وهل سيغفر لـ(تقدم) موقفها المنحاز للمليشيا؟ وهل يستطيع قادة (تقدم) العودة إلى السودان من منافيهم لقيادة العمل السياسي فيه، أو حتى العيش فيه كمواطنين عاديين؟ وهل بإمكان أي صيغة تصالحية أن تذهب غيظ وغضب السودانيين الذين تضرروا من هذه الحرب، وما ارتكبته مليشيا الدعم السريع من جرائم وانتهاكات، بحيث يقولون: "عفا الله عما سلف"؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ملیشیا الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ميليشيا الدعم السريع تشن هجومًا على حقل هجليج النفطي
مصادر ميدانية: ميليشيا الدعم السريع تشن هجومًا على حقل هجليج النفطي غرب كردفان
إنضم لقناة النيلين على واتسابPromotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/08 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة ختام مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب بتونس بمشاركة السودان والتركيز على مكافحة المخدرات2025/12/08 المجلس الأعلى للبيئة يعلن انطلاق حملة إزالة المخالفات البيئية بولاية الخرطوم2025/12/08 شراكة بين الصندوق القومي للتأمين الصحي وشركة الموارد المعدنية في مجال التأمين2025/12/08 الأمين العام لمركز دراسات وابحاث القرن الإفريقي: الحرب أثرت على مجتمع السودان ودول الجوار2025/12/07 وزارة الشباب والرياضة تحتفي باليوم العالمي للتطوع2025/12/07 مصر في رسالة جديدة لإثيوبيا: سد النهضة غير شرعي والمفاوضات انتهت2025/12/07شاهد أيضاً إغلاق سياسية عقار يلتقي قيادات العمل الصحفي والإعلامي 2025/12/07الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن