إطلاق مئوية منصور الرحباني.. لبنان يُخلّد أبرز أركان الفن
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
عقد في دير مار الياس - أنطلياس مؤتمر صحافي أطلق فيه مروان وغدي وأسامة الرحباني "مئوية منصور الرحباني"، في حضور ممثل وزير التربية عباس الحلبي مستشاره ألبير شمعون، والقيمين على الحركة الثقافية وحشد من الوجوه الفنية والثقافية والفكرية وممثلي وسائل الإعلام.
زغيب
بداية تحدث غدي الرحباني ملقياً كلمة الشاعر هنري زغيب الذي تغيّب عن المؤتمر لدواع صحية طارئة فقال: "بعد احتفالنا بمئوية عاصي 2023، نجتمع اليوم كي نعلن برنامجنا العام لمئوية منصور ( 1925 - 2025).
أضاف: بعد غياب عاصي 1986 وانطواء مرحلة "الأخوين رحباني" على ثلث قرن رائع من تراث ساطع بالأعمال الخالدة، أكمل منصور وحده نسج تراثه الرحباني طيلة ربع قرن من الأعمال، بينها 11 مسرحية، والقداس الماروني، وحلقات تلفزيونية، وأغنيات منفردة، وكتب شعرية خمسة، فكان حتى غيابه سنة 2009 ورشة فنية متواصلة في دأب عجيب على الإبداع شعراً وموسيقى ونتاجاً لا يهدأ".
وتابع : "قبل نحو شهر من اليوم، تنادى أبناؤه مروان وغدي وأسامة، وفاء لذكراه، وشاركوني امر الاحتفال بمئوية ولادته في أنطلياس نهار 17 آذار 1925. وها نحن اليوم ، نتيجة اجتماعات متتالية لبرمجة المئوية، نعلن بعض الأنشطة التي هيأناها طيلة 2025، ونعلن لاحقاً برامج أخرى هي حالياً في مرحلة التحضير".
وأردف: "من البرامج المكتملة:
1.ندوة في جلستين بعد ظهر السبت 25 كانون الثاني لدى "الصالون الأدبي" في معهد "فيلوكاليّا" - عينطورة، يتحدّث فيهما كل من الأخت مارانا سعد افتتاحاً، الصحافي رفيق خوري، الشاعر سهيل مطر، الأب يوحنا جحا، والفنان غسان صليبا.
2.ندوة في جلستين لدى "مركز التراث اللبناني" في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU بعد ظهر الإثنين 17 آذار 2025، يتحدث فيهما كل من الدكتور فيليب سالم (من هيوستن)، الإعلامية وردة زامل، الأب الدكتور بديع الحاج، الشاعر عبد الغني طليس، والدكتور ناجي قربلي.
3.اختيار عدد من مسرحيات منصور المصوّرة، وعرضها في عدد من مراكز ثقافية، بينها في طرابلس (مركز الصفدي)، وفي بيروت (المركز الثقافي الفرنسي)، وفي زحلة ( القصر البلدي)، وفي عجلتون (المركز الثقافي البلدي)، ولدى مراكز ثقافية أخرى في مناطق أخرى من لبنان.
4.إعادة إصدار كتب منصور الشعرية الخمسة: "أنا الغريب الآخر"، "أسافر وحدي ملكاً"، "القصور المائيّة"، "بحّار الشتي"، "الأولى القصائد"، وهي ستصدر لدى "منشورات سائر المشرق".
5.إنشاء صفحة خاصة في قناة "يوتيوب منصور الرحباني"، لمتابعة سير البرامج والإعلان عن الآتي منها خلال سنة المئوية.
6.إطلاق أوراتوريو سمفوني مع غناء كورالي ومنفرد، لأسامة الرحباني تأليفاً موسيقياً، لقصائد منصور في كتابه "أسافر وحدي ملكاً"، وصدور "الأوراتوريو" على أسطوانة مدمجة CD.
7.إعداد مجموعة حلقات تلفزيونية في محطات لبنانية وعربية عن منصور وأعماله.
8.إصدار وزارة التربية تعميماً على المدارس الرسمية كي تشارك في برامج عن الأخوين رحباني وعن منصور.
9.ندوة خاصة في الحركة الثقافية - أنطلياس، ضمن نشاطها خلال "المهرجان اللبناني للكتاب" (آذار 2025).
شمعون
من جهته، قال شمعون : "يسعدني أن أبلغكم تحيات معالي وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي ، وتهنئته بمئوية العظيم منصور الرحباني ، الذي أعطى لبنان شعراً وأدباً وموسيقى ومسرحا هادفاً على مدى عمر كامل" .
أضاف: "وقد أعطى معالي الوزير الحلبي توجيهاته إلى الإدارة في المديرية العامة للتربية ومصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة التابعة لها ، للتعاون معكم ، من أجل إحياء فن الأخوين الرحباني ، وفن منصور الرحباني على تنوع هذه العطاءات ، وذلك من خلال الأنشطة المدرسية والتربية الفنية، ولكي يترسخ هذا الغنى في نفوس الأجيال، ويكون حافزاً لتعزيز اللحمة الوطنية وتذوق الجمال والأصالة والتعلق بالوطن، وعيش الحياة الوطنية الصحيحة".
وختم: "ويتمنى لكم معالي الوزير كما نتمنى لكم شخصيا ، المثابرة على العطاء ليتعاظم هذا الإرث الرحباني جيلا بعد جيل" .
أسامة الرحباني
وبعد وقفة لثلاث دقائق مع أعمال مسرحية لمنصور الرحباني عاد فيها الحضور للحظات، إلى الزمن الجميل، قال أسامة الرحباني بعد الترحيب ولا سيما نينا إلياس الرحباني:
"أي شخص يتناول أغنية أو قصيدة أو مسرحية لمنصور يكون من المساهمين بمئوية منصور الرحباني أو مئوية عاصي"، مبدياً أسفه "لكون كل هذه الأعمال تقام بمبادرات فردية في غياب أي مبادرة رسمية أو دعم رسمي".
أضاف: "بمقدار محبتكم لعاصي ومنصور وبمقدار تجذّرهم فيكم، انتم أيضاً تساهمون بنشر هذا الفن الذي عمل عليه عاصي ومنصور ومن بعدهما الياس".
وقال: "أمور عديدة يمكن أن تقام خلال هذه السنة (المئوية) مبنية على جهود ومبادرات فردية، من قبل أي مدرسة، أي منطقة .. فأي عمل أو فيلم يعرضه تلفزيون هو بمثابة تكريم لعاصى ومنصور، وطبعاً فيروز - أطال الله عمرها، حيث هم رسموا لنا هذا الوطن، وهم أجمل الناس بالنسبة لنا، أعطونا هذه الصورة الجميلة للبنان، وهذا هو الصحيح وليس ما يشيّعه الواقع السياسي من أنّ هذه الصورة للبنان هي غير واقعية. هذا هو الواقع الذي رأوا وتولّوا ترجمته بإعمالهم وفنّهم".
وتطرّق إلى مساهمته المباشرة بالمئوية متحدثاً عن كتاب منصور " أسافر وحدي ملكاً"، الذي يقول شعراً في بيروت، حيث ستتم معالجة موضوع الكتاب بعمل موسيقي ضخم، كناية عن أوراتوريو مع أداء غنائي لكورس وسولو، مقسّم ما بين قراءة وغناء، على إيقاع سمفوني ضخم وسيحدّد تاريخ عرضه فور إنجاز التمارين".
وأشار أسامة الرحباني إلى أن "العمل سيرى النور هذه السنة، أي ضمن فعاليات مئوية منصور الرحباني وسيتم تسجيله كي يكون بمتناول الجميع".
وفي الختام أشار مروان الرحباني إلى أن فعاليات المئوية لن تقتصر فقط على لبنان بل ستمتد إلى دول عدة في الخليج وفي أوروبا وفي عدد من الولايات الأميركية، من إعادة المسرحيات وعرضها وإقامة الندوات، "وهدفنا إبراز حضور لبنان الحضاري والثقافي دحضاً لأي صورة أخرى تروّج في الخارج".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أركان الحج وواجباته وسننه .. تعرف عليها بالتفصيل
أركان الحج وواجباته وسننه، أمر الله عباده المسلمين المستطيعين بأداء فريضة الحج في قوله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين»، وجاءت السنة النبوية لتوضح فضل الحج والعمرة فقال صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق يرجع كيوم ولدته أمه»،وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: «أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور».
أركان الحجتتفرع مناسك الحج إلى أركان، وواجبات، وسُنَن، ومُستحَبات؛ أما الأركان فلا يجوز التجاوز عنها أبدًا، ولا يقوم شيءٌ مقامها، بينما يصح الحج إن تُرِكت الواجبات بسبب عُذرٍ ما، على أن يُجبَر تَركها بالفِدية، ولا يترتّب شيءٌ على الحاجّ بسبب ترك السُّنَن، وإن أتى بها فإنّ حجّه يكون تامًّا، وأجره كاملًا، وفيها اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم.
قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن للحجِّ أركانًا أساس، إذا تَرَكَ المسلمُ منها شيئًا بَطَلَ حَجُّه.
وأوضح «جمعة» في فتوى له، أن أركانُ الحجِّ ستة، عند الشافعيّة، وتزيد عن أركان العمرة بركن الوقوف بعرفة، وهي: «الإحرام، الوقوف بعرفة، طواف الزيارة (الإفاضة)، السعي، الحلق أو التقصير، الترتيب بين الأركان»، مشيرًا إلى أنها عند الحنابلة والمالكية أربعةٌ فقط، حيث تنتهي بالسعي.
وأضاف أنها عند الحنفية، ركنانِ فقط هما: الوقوفُ بعرفةَ، وطوافُ الزيارةِ (الإفاضة)، منوهًا بأنه يلاحظُ التَّماثُلُ أو التشابهُ الكبيرُ بين أركانِ الحجِّ وأركانِ العمرةِ بما يترتَّبُ عليه قَدرٌ مِنَ التَّكرارِ في هذا الجُزءِ، وقد سَبَقَ التَّنبِيهُ عليه.
وتابع أن الإحرام، وهو -كما سبق ذكره- في اللغةِ الدُّخُولُ في الحُرمة، ومعناه الشرعيُّ: نيةُ الحجِّ عندَ الجمهورِ، والنيةُ معَ التَّلبِية (وهي قول: لبيك اللهم) عند الحنفيةِ، منبهًا إلى أنه رُكنٌ مِن أركانِ الحجِّ عند الجمهورِ، وشَرطٌ مِن شُرُوطِ صِحَّتِه عندَ الحنفيّة.
ولفت «المُفتي الأسبق» إلى أن الوقوف بعرفة، يعني أن يَقِفَ الحاجُّ بأرضِ عرفة، ويبدأُ وقتُ الوقوفِ بعرفة مِن زَوالِ شَمسِ يومِ عرفةَ -وهو تاسع ذي الحجة- ويمتدُّ إلى طلوع الفجر الصادق يوم عيد النحر حتى لو وقف بعرفة في غير هذا الوقت كان وقوفُه باطلًا اتفاقًا في الجُملة.
وأكد أن «عرفةُ كُلُّها موقفٌ إلا بَطنَ عُرَنة»،كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويُسَنُّ ألا يدخُلَ عرفةَ إلا بعد الزوال، وبعد أن يَجمَعَ الظهرَ والعصرَ تَقدِيمًا وقَصرا، فيَقِفُ بعَرَفة مُراعِيًا أحكامَه وسُنَنَه وآدابَه، ويَستَمِرُّ إلى غُرُوبِ الشَّمسِ، ولا يُجاوِزُ عرفةَ قَبلَه، ويَتَوَجَّهُ إلى الله في وُقُوفِه خاشِعًا ضارِعًا بالدُّعاءِ والذِّكرِ والقُرآنِ والتَّلبِية، ويَسقُطُ الفَرضُ بالوقوفِ في تلك المُدّة زمنًا يسيرًا، وما ذُكِرَ أفضل.
وأشار إلى أن طواف الزيارة أو الإفاضة أو الركن، هو طوافٌ يُؤَدِّيه الحاجُّ بعدَ أن يُفِيضَ مِن عرفةَ ويبيتَ بالمزدلفة، ويأتي مِنًى يومَ العيد، فيَرمِي، وينحر، ويحلق، ثم بعد ذلك يُفِيضُ إلى مكةَ فيطوفُ بالبيتِ، موضحًا أنه سُمِّيَ طوافَ الزيارة لأن الحاج يأتي من مِنًى فيزورُ البيتَ ولا يُقِيمُ بمكّة، بل يرجِعُ ليبيتَ بمنى. ويُسَمّى أيضًا طوافَ الإفاضة؛ لأن الحاجَّ يفعلُه عند إفاضتِه من مِنًى إلى مَكّة.
ونبه إلى أن عدد أشواطِ الطوافِ سبعة، ويجبُ المشي في الطوافِ على القادرِ عليه عند الجمهورِ، وهو سُنّة عند الشافعية. ويشترط فيه أن يكون مسبوقًا بإحرام، ومسبوقًا بالوقوف بعرفة، ويبدأ وقت طواف الإفاضة بعد منتصفِ ليلةِ النَّحرِ، لمن وَقَفَ بعرفة، ولا حَدَّ لآخرِه.
وشرح معنى ركن «السعي»، بأنه مَشيُ الحاجِّ وسعيُه بينَ جبلَي الصَّفا والمَروة، ويُشتَرَطُ فيه سَبقُ الإحرامِ، وأن يَسبِقَه الطَّوافُ، وأن يَبدأ السَّعيَ بالصَّفا، فلو عكس يُلغى الشوطُ ويُحتَسَبُ من عندِ الصَّفا. وتُسَنُّ الموالاةُ بين السعيِ والطوافِ، ونيةُ السعي، والسعي الشديد بين المِيلَينِ الأخضرين، كما تُسَنُّ الموالاة بين أشواطِ السعيِ عند الجمهور، وهي شرطٌ لصحةِ السعيِ عندَ المالكيّة.
وألمح إلى أن الأئمةُ الثلاثة قد ذهبوا إلى أنَّ السعي ركنٌ من أركانِ الحجِّ لا يَصِحُّ بدونِه، حتى لو تَرَكَ الحاجُّ خُطوة مِنه يُؤمَرُ بأن يعودَ إلى ذلك المَوضِعِ فيضَعُ قدمَه عليه، ويَخطُو تلكَ الخُطوة، في حين ذَهَبَ الحنفيّة إلى أنَّ السعيَ واجبٌ في الحجِّ وليس بركنٍ.
واستطرد: وركنُ السعيِ عند الجمهورِ سبعةُ أشواطٍ، حتى لو تَرَكَ شيئًا منها لم يتحلَّل من إحرامِه، أمّا الحنفيةُ فإنَّ ركنَ السعيِ أكثرُ أشواطِ السعيِ، أي أربعة، فالثلاثةُ الباقيةُ ليست رُكنًا، وتَنجَبِرُ بالفِداءِ، والمشيُ للقادرِ واجبٌ في السعيِ عند الحنفيةِ والمالكيةِ، سُنّة عند الشافعية والحنابلة.
وزاد: أما الحلق أو التقصير، فهو واجب عند الحنفية والمالكية والحنابلة، وعند الشافعية ركن، منبهًا إلى أن القَدرُ الواجبُ عند المالكية والحنابلة، هو حَلقُ شَعرِ جميعِ الرأسِ أو تقصيرُه، وعندَ الحنفيةِ: ربعِ الرأسِ على الأقلِّ، أما عند الشافعية: ثلاثِ شعراتٍ على الأقلِّ.
وأوفى: والحَلقُ للرجال أفضل في العمرة إلا للمُتَمَتِّعِ، فالتَّقصِيرُ له أفضل؛ لكي يُبقِي شَعرًا يأخذُه في الحجِّ. والسُنّة للنساءِ التقصير فقط، ويكره الحَلقُ في حقِّهنَّ؛ لأنَّه مُثلة، كما سَبَقَ ذِكرُه.
وأفاض أن الترتيب، هو رُكنٌ عند الشافعيّة بين الأركانِ السابقةِ، وهو ليس ركنًا منفصلًا، بل هو كيفيّة لأداءِ تلكَ الأركانِ الخمسةِ المذكورةِ، فيَحصُلُ مع آخرِ رُكنٍ، ويَبدأ مع أوَّلِ رُكنٍ.
واجبات الحجوذكر «عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف»، أن للحج خمس واجبات، إذا تركها الحاج لا يبطُل حجه، ولكن يجب عليه الفداء.
وأوضح أن الواجب في الحج هو العملُ الذي إذا تَرَكَه الحاجُّ لم يَفسُد حِجُّه ولم يَبطُل، وإنَّما يجبُ عليه الفِداءُ، مشيرًا إلى أنها تَنقَسِمُ إلى قسمين «أصلية، وتابعة»، والأصلية ليست تابعة لغيرها من الأعمال.
وأضاف أن الواجبات الأصلية أربعة، أولها المبيت بالمزدلفة، وهي مَوضِعٌ بجوارِ الحَرَمِ (بين عرفة ومنى)، ينـزلُ فيه الحُجّاجُ ليلةَ النَّحرِ، وأقلُّ قَدرٍ يُمكِنُ للحجّاجِ مُكثُه لإسقاطِ الواجبِ أي زمن يوجد فيه الحاجُّ بعدَ منتصفِ الليلِ من ليلةِ النَّحرِ، وهو ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة ونفتى به، ويرى المالكية أن المرور بالمزدلفة وصلاة المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا يكفى ثم يرحل إلى منى أو مكة.
وألمح إلى أن الأَكمَل، يكون إذا غَرَبَت شمسُ يومِ عَرَفة يسيرُ الحاجُّ من عرفةَ إلى المزدلفة، ويجمع بها المغرب والعشاء تأخيرًا وقصرا، ويبيتُ فيها ويُصَلِّي بها الفجرَ ويغادِرُها بعدَ الشروقِ، ويستحبُّ له أن يلتقط الجِمارَ (الحصيات الصِّغار) من المزدلفة، ليرمي بها الجمرة يوم النحر، وهي سبع جِمار، وأما للرَّميِ كُلِّه فعددها سبعون إذا تأخر لآخر أيام التشريق، وتسعة وأربعون إذا تَعَجَّل.
وتابع: "وثانيها رمي الجمار، وهو قَذفُ مَواضِعَ مُعَيَّنة بالحَصى، والرَّميُ الواجِبُ لكُلِّ جَمرة (أي موضع الرمي) هو سبع حصياتٍ بالإجماعِ أيضًا، وأيّامُ الرَّميِ أربعة: يوم النَّحرِ (العاشر من ذي الحجة)، وثلاثة أيام بعده وتُسَمّى (أيام التشريق)، ويَرمِي يومَ النحرِ جمرةَ العقبةِ وَحدَها فقط، يرميها بسبعِ حصيات".
ونبه إلى أن وقتُ هذه الرَّمية يَبدأ من طلوعِ فجرِ يومِ النَّحرِ عند الحنفية والمالكية، أما عند الشافعية والحنابلة، فمن منتصف ليلة يوم النحر، ويمتدُّ إلى آخرِ أيّامِ التَّشرِيق، موضحًا أن الرميُ في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق يكونُ برمي الجِمارِ الثلاثِ على الترتيب: أولًا الجمرة الصغرى، التي تلي مسجدَ الخِيفِ ثُمَّ الوُسطى بعدَها، ثُمَّ جمرة العقبة، يرمي كُلَّ جمرةٍ منها بسبعِ حصياتٍ.
وقال: "ويبدأ وقتُ الرميِ في هذين اليومين بعدَ الزَّوالِ"، منوهًا بأن الوقتُ المَسنُونُ يَمتَدُّ مِن زوالِ الشمسِ إلى غروبِها، وبالنسبة لنِهاية وَقتِ الرَّمي، فقد قَيَّدَه الحنفيةُ والمالكيّة في كلِّ يومٍ بيَومِه، كما في يوم النَّحرِ، وذهبَ الشافعيةُ والحنابلةُ إلى أنَّ آخرَ الوقتِ بغروبِ شمسِ اليومِ الرابعِ من أيامِ النَّحرِ، وهو آخِرُ أيّامِ التَّشرِيقِ.
وأضاف: "في الواجب الأصلي الثالث وهو المبيت بمنى، بأنه شُعَيبٌ بين جبال، طولُه مِيلان وعرضُه يسيرٌ. قريبٌ من الحرمِ، والمبيتُ به لياليَ أيّامِ التَّشرِيقِ واجبٌ عند جمهورِ الفُقَهاءِ، فيَلزَمُ الدَّمُ لمَن تَرَكَه بغيرِ عُذرٍ".
وأنهى الواجبات الأصلية، بطواف الوداع، والذي سُمِّيَ طوافَ الصَّدرِ وطوافَ آخرِ العَهدِ، وذهبَ جمهورُ الفقهاءِ مِنَ الحَنَفِيّة والحَنابِلة، وهو الأَظهَرُ عندَ الشّافِعِيّة، إلى أنَّ طوافَ الوداعِ واجبٌ، وذهبَ المالِكِيّة إلى أنَّه سُنّة فليتخير كل حاج ما يناسب حاليه، وهيئتُه كهيئةِ طوافِ الإفاضةِ في عددِ الأشواطِ وغيرِه.
ولفت إلى أن الواجباتِ التّابِعة لغيرها من الأعمال، فهي واحدة تأتي تحت عنوان «واجبات الإحرام»، حيث يَجِبُ على المُحرِمِ أمرانِ في إحرامِه: الإحرام من الميقات الزماني والمكاني وترك محظورات الإحرام، أما التلبية فهي سنة عند الجمهور خلافا للحنفية.
سنن الحجوأفاد «جمعة» بأن هناكَ سُنَنًا كثيرةٌ للحجِّ، مِنها ما يَتَعَلَّقُ بهَيئة الأداءِ، وما يتعلَّقُ بالإحرامِ، وما يتعلَّقُ بالسَّعيِ، وهناك سُنَنٌ لا تُعَلَّقُ بأعمالٍ، بل هي مُستَقِلّة.
وأوضح أن سنن الإحرام: هي: الاغتسال، وتَطيِيبُ البَدَنِ لا الثَّوبِ، وصلاةُ رَكعَتَينِ، يَفعَلُ هذه الثلاثةَ قَبلَ الإحرامِ. ثُمَّ التَّلبِية عِقَبَ النِّيّة، والتَّلبِية فرضٌ في الإحرامِ عند الحنفيةِ خلافًا للجُمهُورِ، ويُسَنُّ للحاجِّ أن يُكثِرَ مِنَ التَّلبِية مُنذُ نِيّة الإحرامِ بالحجِّ إلى بدءِ الطوافِ باستلامِ الحَجَرِ الأَسوَدِ، وذلك عند الجمهور، وقال المالكيّة: الحاجُّ الآفاقِيُّ يُلَبِّي حتى يَبلُغَ الحَرَمَ، لا إلى رُؤية بُيُوتِ مَكّة، والحاجُّ من الجِعرانة أو مِنَ التَّنعِيمِ يُلَبِّي إلى دُخُولِ بُيوتِ مَكّة.
وأشار إلى أن هناك سننًا تتعلق بالطواف: فيُسَنُّ له أن يَضطَبِعَ في أشواطِ طَوافِه هذا كُلِّها، والاضطباع أن يَجعَلَ الذكر وسطَ الرِّداءِ تَحتَ إبطِه الأيمن، ويَرُدَّ طرفيه على كتفِه الأيسَرِ ويُبقِي كَتِفَه الأيمن مكشوفًا، كما يُسَنُّ للذكر أيضا الرَّمَلُ في الأشواطِ الثلاثةِ الأولى ويمشي في الباقي، وليُكثِر الحاجُّ من الدُّعاءِ والذِّكرِ في طوافِه كُلِّه. ويُسَنُّ له أيضًا صلاةُ ركعتين بعدَ الطَّوافِ عندَ مقامِ إبراهيمَ عليه السلام.
وألمح إلى أن هناك سننًا تتعلقُ بالسعي: فتُسَنُّ الموالاةُ بين السعيِ والطوافِ، ونِيّةُ السعيِ، والسَّعيُ الشديدُ بينَ المِيلينِ الأخضرينِ، كما تُسَنُّ الموالاةُ بين أشواطِ السعي عند الجمهور، وهي شرطٌ لصحةِ السعيِ عند المالكية.
وتابع: ومن السنن ما لا يتعلق بالأركان وأفعالها: كالشرب من ماء زمزم: لِما ثَبَتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم "أنَّ ماء زمزم لِما شُرِبَ له، وزيارة القبر الشريف: ولو لغَيرِ الحاجِّ والمُعتَمِرِ، وكم من فائدةٍ لهذه الزيارةِ. وقد نُخَصِّصُ لها موضِعًا خاصًّا.