دمشق – كان أيهم الراشد، المعتقل السوري السابق والموظف في القطاع العام، من ضحايا بلاغات منع السفر منذ الإفراج عنه في عام 2016، بعد مرور سنتين أمضاهما معتقلا في الأفرع الأمنية "بتهم باطلة".

وعندما أُفرج عن الراشد وجد نفسه مفصولا من وظيفته وممنوعا من السفر بموجب بلاغ صدر بحقه لصالح محكمة الإرهاب بتهمة "تمويل مجموعات مسلحة" في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق.

ويقول للجزيرة "جُردت من كافة حقوقي، وأصبحت عالقا في البلاد طوال تلك السنوات دون عمل، ولكن مع سقوط النظام البائد ذهبت لاستخراج جواز سفر، وفي دائرة الهجرة فوجئت بأن بلاغ منع السفر لا يزال موجودا".

قرار رسمي

وكان الراشد قد قدّم قبل شهر طلبا في محكمة الإرهاب لرفع قرار المنع عنه، إلا أنه لم يتم ذلك بعد. وينتظر الرجل الأربعيني تنفيذ قرار وزارة الداخلية وعودة دوائر الدولة إلى العمل ليتم إلغاء البلاغ ليتمكن عندئذ من استصدار جواز سفر.

وأصدرت وزارة الداخلية السورية في حكومة تصريف الأعمال، الأحد الماضي، قرارا يقضي بإلغاء أكثر من 5 ملايين بلاغ منع سفر أصدرتها جهات رسمية بحق مواطنين سوريين في عهد النظام المخلوع.

وتضمن القرار، بحسب بيان للوزارة، إلغاء جميع البلاغات المتضمنة "طلبات توقيف ومراجعة وإعلام وتخلف عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية الصادرة بحق المواطنين السوريين زمن النظام البائد".

#خاص القائد أحمد الشرع
لا تجنيد إجباري في سوريا بل سيكون الجيش تطوعي #سوريا pic.twitter.com/sr5RSViwGv

— محمد بلعاسMohamed Belaas (@blaas083) December 15, 2024

وأوضح البيان ذاته أن بلاغات منع السفر كانت قد صدرت عن عدة جهات منها قيادة الجيش والقوات المسلحة، والأفرع الأمنية والعسكرية، ومكتب الأمن القومي، والقيادة القطرية لحزب البعث.

إعلان

أما صادق حسين (27 عاما)، المطلوب للخدمة الإلزامية في جيش النظام السابق، فعبّر عن سعادته بصدور هذا القرار، معتبرا أنه بمثابة "طاقة فرج" له وللكثير من العسكريين السابقين الذين يريدون مغادرة البلاد بحثا عن العمل والاستقرار.

ويقول للجزيرة نت "تأخرت الحكومة في إصدار هذا القرار، لكنه سيفتح آفاقا أمامي وأمام كثير من الشبان الذين كانوا ممنوعين من السفر لأسباب تتعلق بالخدمة الإلزامية أو الاحتياطية".

حرية الحركة

وعانى ملايين السوريين، خلال حكم النظام السابق، من تقييد حريتهم في الحركة والسفر خارج البلاد بموجب بلاغات منع سفر صدرت بحقهم بشكل تعسفي على خلفية آرائهم السياسية أو مشاركتهم في الثورة أو تعرضهم للاعتقال، فضلا عن ملايين الشبان ممن تم استدعاؤهم للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في جيش النظام المخلوع.

يُذكر أن كثيرا من السوريين العائدين إلى بلدهم مؤخرا قد تفاجؤوا، مع وصولهم إلى المطارات أو المعابر الحدودية، بصدور بلاغات منع سفر بحقهم من جهات تابعة لحكومة النظام السابق، مما يحتم عليهم مراجعة دوائر الدولة لتسوية أوضاعهم ليتمكنوا من السفر مجددا.

في السياق، أفاد المكلف بتسيير أعمال إدارة الهجرة والجوازات بدمشق وليد عرابي بأن وزارة الداخلية رفعت "كافة البلاغات والتعاميم التي أصدرها النظام البائد بقصد تقييد حرية المواطنين في الحركة والسفر خارج البلاد، سواء تلك الصادرة عن جهات أمنية بحق أشخاص مطلوبين إلى الأفرع، أو الصادرة عن وزارة الدفاع والمرتبطة بالتجنيد الإلزامي".

وأضاف عرابي للجزيرة نت أنه تم الإبقاء على بلاغات منع السفر بحق بعض الأفراد لحفظ حقوق الدولة، و"هؤلاء ممن لديهم ملفات قضائية أو أمنية أو مالية لا تزال قيد الدراسة والبحث ضمن مؤسسات الدولة".

أما عن موعد دخول القرار حيز التنفيذ، فيشير عرابي إلى أن "العمل قد بدأ بالفعل لإلغاء التعاميم عبر الحاسب المركزي، وخلال فترة قصيرة سيتم الانتهاء من ذلك ليتمكن المواطنون من الحصول على الجوازات والسفر".

خليان أوضح أن قرار الوزارة لا يشمل المطلوبين للعدالة (الجزيرة) استثناءات

من جانبه، أشار المحامي عادل خليان إلى أن قرار الوزارة لا يشمل المطلوبين للعدالة بموجب أوامر قضائية سواء بضبط شرطة أو ادعاء شخصي أو ما شابه ذلك، "فهؤلاء لن يُسمح لهم بالسفر إلا بعد الحصول على موافقة المحكمة المختصة أو إجراء كشف بحث، لأنهم غالبا يرتبطون بجرائم جنائية مثل المخدرات والسلب والنهب والاحتيال والتزوير وغيرها".

إعلان

وأوضح خليان -في حديث للجزيرة نت- أنه بإمكان الموظفين الحكوميين الراغبين في السفر مراجعة الوزارة التي يعملون بها للحصول على الموافقة الأصلية على طلبهم.

وأكد أن القرار لم يتح لعناصر الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية في حكومة النظام السابق استخراج جواز سفر إلا بعد تقديم طلب إلى مكتب جهاز الأمن الداخلي في الإدارة العامة بدمشق، للحصول على الموافقة المطلوبة لاستخراج الجواز.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان بلاغات منع السفر وزارة الداخلیة النظام السابق

إقرأ أيضاً:

قضاء مصر يسمح للمعتقلين بالإنجاب.. فهل يقبل النظام والمجتمع؟

في تطور قضائي غير مسبوق، أوصت هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بمصر بأحقية زوجة معتقل سياسي في الإنجاب من زوجها المسجون، عبر إجراء عملية حقن مجهري على نفقتها الخاصة، داخل أحد المراكز الطبية المعتمدة.

وصدرت التوصية التي وصفت بـ"التاريخية"، ضمن تقرير الهيئة القضائية في الدعوى رقم 41283 لسنة 79 ق، والصادر في نسيان / أبريل 2025، والتي أقامتها زوجة معتقل محكوم عليه بالسجن المشدد 15 عامًا، والمودع بمركز إصلاح وتأهيل بمحافظة المنيا، للمطالبة بحقها الدستوري في الإنجاب.

حق دستوري لا يسقط بالسجن
وأكد تقرير هيئة مفوضي الدولة أكد أن الحق في تكوين أسرة هو من الحقوق الدستورية الأصيلة، التي لا تزول حتى في حال تقييد الحرية بسبب أحكام جنائية.

واستندت الهيئة في توصيتها إلى الدستور المصري الذي ينص على أن "الأسرة أساس المجتمع"، وإلى الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر، وفي مقدمتها "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية"، وكذلك "قواعد نيلسون مانديلا" الخاصة بمعاملة السجناء.

استشهادات دولية
للمرة الأولى، ضمّنت هيئة المفوضين في تقريرها استشهادًا نادرًا بحكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية "ديكسون ضد المملكة المتحدة"، التي أقرت بحق السجناء في الحصول على خدمات التلقيح الصناعي، واعتبرت أن منعها يمثل انتهاكًا للمادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.


كما استندت الهيئة إلى "قواعد نيلسون مانديلا" النموذجية لمعاملة السجناء، وإلى الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، وأشارت إلى أن هذه المراجع الدولية تعزز مبدأ عدم المساس بالكرامة والحق في تكوين أسرة، حتى خلف القضبان.

هل يسمح النظام بوجود نسل لمعارضيه؟
ووصف مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي، تصريحات خاصة لـ"عربي21" القضية بأنها "شائكة وحساسة"، مضيفًا: "قبل الحديث عن الحق في الإنجاب، علينا أن نتذكر أن المعتقلين محرومون من أبسط حقوقهم، مثل الزيارة، التي قد لا تتجاوز عشر دقائق وتتم تحت رقابة شديدة من الأمن.

وقال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان إن "التقرير أقر بحق مشروع، وأوصى بضرورة تنظيم الحصول عليه مراعاة لاعتبارات اجتماعية ونفسية عديدة ونحن نتضامن مع ذلك ولكن نتساءل هل يمكن لنظام يصفي معارضيه أن يسمح بوجود نسل لهم؟ لا أعتقد".

واعتبر بيومي أن السماح بهذا الإجراء يمثل تهديدًا صامتًا لمنظومة القمع، لأنه يعيد للضحايا بعض ما انتزع منهم، خاصة مع حرمان المعتقلين من حق الزيارة المكفولة بالدستور واللوائح المنظمة لقانون السجون ومع ذلك هناك مئات محرومين من حق الزيارة.

من ناحية أخرى رأت طبيبة الصحة النفسية نهى قاسم أن القرار يعكس عمق الجرح الذي أصاب المجتمع المصري بسبب الاعتقال السياسي المستمر منذ أكثر من 13 عامًا.

وأضاف قاسم في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن الأصل أن نسعى ونبذل كل ما نملك لخروج المعتقلين من الأساس فليس هذا مكانهم الطبيعي، ولكن فتح المساحات و ترك لكل أسرة حرية الاختيار هو المطلوب، ليس مطلوبا من الجميع اختيار إجابة واحدة، حيث لا نصادر على اختيار أحد و لا نفترض أن هناك جوابا صحيحا يسري على الكل.


هل تشجع الزوجة؟
وقالت طبيبة الصحة النفسية ": هذه التوصية القضائية ليست سوى صرخة ألم وسط صمت المجتمع الذي بات عاجزًا عن احتواء أسر المعتقلين، بل يراهم عبئًا غير مرئي، نعم، ستكون هناك صعوبة كبيرة في تقبل فكرة إنجاب زوجة معتقل لطفل في غياب الأب، لكن لا بد من بداية لأي تغيير مجتمعي".

وأضافت: "كل من ترغب وتستطيع تحمّل عبء استكمال بناء الأسرة رغم تغييب الأب، يجب أن تشجَّع، رغم الاستنكار الاجتماعي، فالأمر يستحق".

ووصفت قاسم الفرق بين المعتقلين في مصر والأسرى الفلسطينيين بأنّه "فرق في الدعم المجتمعي"، مشيرة إلى أن "الأسير الفلسطيني يحتفى به كبطل ويشجع على ذلك، أما المعتقل المصري فغائب من الوعي العام".

وفي ختام حديثها، أكدت أن "المعتقلين دفعوا ثمن محاولة الدفاع عن هذا الشعب العظيم، وآن للمجتمع أن يعترف بهم ويدعم أسرهم".

"من الدعابة إلى الواقع": شهادة شخصية مؤثرة
وكانت الدكتورة نهى قاسم قد نشرت عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك، شهادة مؤثرة تروي فيها مشاعر نساء المعتقلين حين طرحن قبل سنوات – في انتظار الزيارة بسجن برج العرب – فكرة "تهريب النطف" على سبيل المزاح، كما يفعل الأسرى الفلسطينيون.

وأضافت "لم تكن أيٌّ منا تتخيل أن تمر أكثر من عشر سنوات ونحن ما زلنا أسرى تلك الأسوار وذلك الحرمان".

واستعرضت مشاهد صادمة من حياة زوجات المعتقلين، بعضهن ما زلن ينتظرن في طوابير السجون، وأخريات خرج أزواجهن بعد سنوات من الاعتقال وبدأن حياة جديدة.

وتابعت برسالة مؤثرة:"أشد على أيادي تلك النساء اللاتي تحملن ما لا تتحمله الجبال. وأقول كما قال رسول الله ﷺ: صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة".



طفل في مجتمع غير سوى
ومن جانبهم تباينت آراء أهالي المعتقلين فأبدى عدد منهم مخاوفهم من القرار رغم أنها قد تكون فرصة لأمل جديد في الحياة إلا أنها خطوة تضيف عبئا نفسيا واجتماعيًا على العائلات في ظل سنوات الغياب الطويلة لأحبائهم.

وأشاروا إلى أن المجتمع لم يأخذ في الحسبان معاناتهم، حيث تمر أفضل سنوات العمر في انتظار حياة طبيعية قد لا تتحقق، وسط غياب أبسط الحقوق الإنسانية، والأصل هو خروج المعتقلين وليس الاستلام للاعتقال بهذا القرار.

ويرى البعض أن القرار قد يفتح باب الأمل أمام الأسر التي تود الحفاظ على روابطها العائلية رغم الظروف الصعبة، مشيرين إلى أن لكل أسرة ظروفها الخاصة التي يجب احترامها، وأن الحلول ليست واحدة للجميع، مؤكدين ضرورة وجود دعم ومتابعة حقيقية للأمهات والأطفال داخل السجون.


وعبّر بعض أهالي المعتقلين عن شعورهم بالإحباط من القرار كون الأطفال الذين سيولدون في هذه الظروف سيواجهون حياة صعبة محرومين من وجود أبويهم، وسط مجتمع لا يرحم ويتجاهل معاناتهم، على عكس الواقع في فلسطين من حيث الحاضنة الشعبية والدعم المجتمعي من الأهالي.

أما بعض الأهالي فقد عبروا عن قلقهم من تبعات القرار على النساء الحوامل اللواتي يتحملن وحدهن أعباء الحمل والولادة، إضافة إلى التكاليف المادية والمسؤوليات المتزايدة في تربية الأطفال وسط بيئة غير مستقرة، وأكدوا أن فكرة إنجاب أطفال في مجتمع لا يضمن خروج الآباء أو دعم الأسرة تثير مخاوفهم من زيادة المعاناة والوجع على المعتقلين وأسرهم الذين يعيشون حالة من الألم المستمر.

تعليق المنظمات الحقوقية
المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رحّب بالتقرير واعتبره "انتصارًا جديدًا لحقوق الإنسان والأسرة المصرية"، داعيًا المحكمة إلى اعتماد التوصية في حكمها المرتقب.



مقالات مشابهة

  • حكم بالإعدام على أحد قيادات النظام العراقي السابق بتهمة قتل العشرات
  • وزارة الداخلية السورية تطلق عملية إعادة هيكلة شاملة للمنظومة الأمنية والإدارية
  • أبرز الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثيين على إسرائيل عام 2025
  • الداخلية السورية تعلن شن عملية جديدة ضد خلية تابعة لتنظيم الدولة
  • الحكم بالإعدام على أحد ازلام النظام السابق
  • أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل
  • قضاء مصر يسمح للمعتقلين بالإنجاب.. فهل يقبل النظام والمجتمع؟
  • وزير الثقافة يبحث مع المخرج محمد ملص سبل النهوض بواقع السينما السورية
  • هكذا ينكر الإعلام المأساة السورية
  • الصحة تُفعل النظام الإلكتروني لحجز خدمات السفر للخارج.. تعرف على التفاصيل