عودة "صهر الإمبراطورية": من صفقة القرن إلى "صفقة الحرب" في غزة، ، !
تاريخ النشر: 28th, August 2025 GMT
"التاريخ لا يعيد نفسه، لكنه أحياناً يسخر منّا حين يُظهر نفس الوجوه في مشاهد مختلفة."
من جديد يطلّ علينا اسم [ جاريد كوشنر] صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكأن التاريخ يعيد دورته في مسرح السياسة الدولية، حيث تتشابك المصالح والأوهام مع الخرائط والدماء. كوشنر الذي كان يوماً مهندس ما عُرف بـ"صفقة القرن"، يعود الآن ليطلّ بوجه آخر في زمن أكثر تعقيداً: زمن "غزة ما بعد الحرب".
إنها ليست مجرد صدفة أن يعود الرجل من الظلّ إلى قلب البيت الأبيض، في اجتماع سيترأسه ترامب، يبحث مصير غزة بعد حرب استنزفت كل الأطراف لثلاثة أعوام متتالية. فالمسألة لم تعد مجرد وقف لإطلاق النار أو ترتيبٍ لمرحلة انتقالية، بل باتت جزءاً من مشروع أكبر لإعادة التموضع الأمريكي في المنطقة، وسط فراغ استراتيجي يملؤه الآخرون: الروس في سوريا، الإيرانيون في لبنان والعراق، والأتراك في تخوم المتوسط.. .، ،
كوشنر، الذي لا يشغل منصباً رسمياً، لكنه يملك ما هو أخطر من أي منصب: "قرب الدم والسرّ". إنه صهر الرئيس، وحامل مفاتيح غرفة الأسرار التي جمعت بين المال والعقيدة والسياسة. لم يكن الرجل يوماً مجرد وسيط، بل كان انعكاساً لعقلية ترى الشرق الأوسط "خريطة استثمار" أكثر مما تراه "جغرافيا بشرية".. .، ،
اليوم، حين يجلس مع ترامب ومستشاريه لمناقشة غزة، فإن الفكرة ليست فقط كيف تُدار الأنقاض، بل كيف يُعاد تشكيل المعنى. غزة ليست مجرد مدينة محاصرة، بل عقدة جيوسياسية على مفترق طرق: بين المتوسط وصحراء النقب، بين مصر وسيناء، بين حلم الدولة الفلسطينية وكابوس التهجير.. .، ،
العودة إلى كوشنر تعني العودة إلى منطق "الصفقة"، لا منطق "الحلّ". فالصفقات لا تبحث عن عدالة، بل عن موازين. والعدالة في عرف السياسة الأمريكية تُترجم إلى أرقام على الورق: كم كيلومتراً من الأرض، كم ملياراً من الدولارات، كم اتفاقية تطبيع في عواصم بعيدة.. .، ،
لكن خلف هذا الضجيج، تظل غزة - رغم الركام والجراح - عنواناً لفضيحة أخلاقية كبرى في القرن الجديد: مدينة صغيرة تصمد أمام إمبراطوريات، وتعيد صياغة معادلة الردع، وتذكّر الجميع أن السياسة ليست معادلات جامدة بل "إرادة مقاومة".
قد يرى البعض أن عودة كوشنر هي إحياء لمشروع قديم في ثوب جديد.لكن السؤال الفلسفي الأعمق: هل يمكن إحياء "صفقة القرن" بعد أن تحوّل القرن نفسه إلى "قرن الحروب الصغيرة"؟ هل يستطيع صهر الإمبراطورية أن يكتب فصلاً جديداً في كتاب الخرائط، أم أنه سيكرر وهم سابقيه: أن فلسطين تُدار من غرف مغلقة، لا من صمود الناس على الأرض؟
في النهاية، ليست غزة مجرد مساحة على طاولة المفاوضات، بل اختبار لمعنى الحرية في زمنٍ باتت فيه السياسة "أرقاماً وصفقات". عودة كوشنر، مهما بدت قوية، ليست إلا إعادة تدوير لفكرةٍ فشلت، لأن ما يُكتب بالحبر في البيت الأبيض، يُمحى غالباً بدمٍ في شوارع غزة.. .، ،
وإذا كانت صفقة القرن بالأمس مشروعاً لتسوية "سلام اقتصادي"، فإن ما يُطرح اليوم ليس إلا "صفقة حرب" باردة، تُدار في كواليس البيت الأبيض على أنقاض غزة. وبين الصفقتين، تتجلى الحقيقة الثابتة: أن فلسطين لا تُقايض، بل تُقاوَم.. .، ، !!
محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية---!!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: صفقة القرن
إقرأ أيضاً:
خليل الحية: نريد ضمانات حقيقية بعدم عودة إسرائيل للحرب
قال رئيس وفد حماس خليل الحية، خلال تصريحاته مساء اليوم الثلاثاء، إننا نقدر جهود الدول العربية والإسلامية والرئيس الامريكي دونالد ترامب لوقف الحرب، موضحًا أننا نريد ضمانات حقيقية بعدم عودة إسرائيل للحرب، وفقًا لقناة العربية.
وعلى صعيد آخر، قالت دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية إن مرور عامين على حرب الإبادة التي شنّها الاحتلال على قطاع غزة عام 2023، يذكّر بأن ما جرى لم يكن مجرد معركة عسكرية عابرة، بل جزء من مشروع استعماري.
وأضافت :"هذا المشروع يستهدف اقتلاع الوجود الفلسطيني وتحويل المأساة الإنسانية إلى أداة سياسية لفرض الهيمنة".
وأوضحت الدائرة أن غزة ما تزال حتى اليوم تعيش تحت أنقاض الحرب والجوع والحصار، مؤكدة أن سياسة العقاب الجماعي وحرمان المدنيين من الغذاء والدواء والمأوى تمثل جريمة مستمرة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وأضافت أن ما يجري في القدس والمسجد الأقصى من اقتحامات وتضييقات أمنية وتوسع استيطاني ممنهج، يندرج ضمن السياسة ذاتها التي دمّرت غزة، مشيرة إلى أن الهدف واحد وهو تغيير هوية الأرض وتقويض الوجود الفلسطيني.
وأكدت الدائرة أن الاحتلال يواصل حربه ضد الفلسطينيين بأدوات مختلفة، من القصف في غزة إلى الحصار في القدس، ومن القتل المباشر إلى سياسات الخنق والتجويع، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، محذّرة من أن تقاعس المجتمع الدولي عن المحاسبة يشجع الاحتلال على المضي في جرائمه.
واختتمت دائرة شؤون القدس بيانها بالتأكيد على أن غزة ليست وحدها، وأن معركتها امتداد لمعركة القدس والأقصى، داعية إلى إنهاء الاحتلال ومحاسبة مجرمي الحرب باعتبار ذلك المدخل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.