«جيل زد»: صوت العدالة الاجتماعية المتجدد
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
يعيش العالم بدء ثورة «جيل زد» الذي يفاجئ الجميع بمطالبه وطرق احتجاجه الذكية، وهو هنا يختلف عن باقي الثورات السابقة، لأنه لا يحمل برنامجا وفكرا سياسيا واضحا، بقدر ما يحمل شعار العدالة الاجتماعية، وذلك في وقت تراجعت فيه خدمات قطاعات حيوية مثل، الصحة والتعليم والشغل بعد جائحة كورونا.
وكما هو معلوم، «جيل زد» الذي يشمل المولودين ما بين 1996-2012 هو الترتيب ما قبل الأخير في تصنيف الأجيال منذ الحرب العالمية الثانية، في انتظار تسمية الجيل الذي يترعرع الآن، أي ما فوق 2012 إلى نهاية العقد الحالي.
وإذا كان الباحثون يركزون بعد الحرب العالمية الثانية على تأثير المذياع، وأصبحوا منذ الستينيات يركزون على قنوات التلفزيون، ولاحقا على الإنترنت وما حملته من برامج تواصلية مثل، يوتيوب وفيسبوك، وعلاقة بالإنترنت، إذا كان فيسبوك رئيسيا في الربيع العربي، وفي نجاح الرئيس باراك أوباما في ولايته الأولى سنة 2008، يكتشف العالم خاصة الذين ليسوا من «جيل زد» برنامج ديسكورد الذي بدأ كبرنامج خاص بالألعاب ليتحول إلى لعبة سياسية حاسمة في تحديد المسار المستقبلي لبعض الدول.
وهكذا، بينما كان العالم يفتخر بالمستوى الثقافي للأجيال السابقة، منذ الحرب العالمية الثانية حتى نهاية القرن العشرين ومنها جيل 68 اليساري، وينعت الجيل الحالي الذي يسمى «جيل زد» بالسطحية والضياع، وكأنهم أبطال فيلم «هائمون في الصحراء» للتونسي نصير لخمير، يعلن هذا الجيل حضوره القوي عبر احتجاجات وصلت إلى ثورات في بعض الدول. والمتأمل للخريطة العالمية سيجد أن هذا الجيل وقع حضوره في النيبال ومدغشقر وكينيا وباراغواي والمغرب والبيرو، كمحطات احتجاجية وفي دول أخرى في الولايات المتحدة وهونغ كونغ. إن المتأمل في خطابات وشعارات وأفكار «جيل زد»، سيجد صعوبة في رصد معالم أيديولوجية واضحة، هل هي يسارية أم محافظة أم ليبرالية أم بيئية؟ وإنما سيعثر على مزيد من الأفكار والطروحات التي تتمحور وتجتمع حول برنامج واضح حول الحقوق الجوهرية مثل، الحق في التعليم والصحة والشغل، وهي الحقوق التي تؤكد عليها مختلف المواثيق الدولية، بما فيها الأمم المتحدة قبل الحقوق السياسية.
«جيل زد» يشعر بالضياع، يرى أن الأجيال التي سبقته قد حققت مستوى مقبولا من العيش، ويرى مستقبله أسود
إن «جيل زد» يشعر بالضياع، يرى أن الأجيال التي سبقته قد حققت مستوى مقبولا من العيش، ويرى مستقبله أسود لعاملين، وهما: انتشار الفساد بشكل كبير في الدول التي يعيش فيها، حيث يسود نهب ممتلكات الشعب، من دون حسيب ولا رقيب، إلى مستوى أنه يمكن التشكيك في الوحدة الترابية للوطن، ولا يمكن التشكيك في فساد نخبة من المسؤولين الفاسدين! أما العامل الثاني، فيتعلق بالرؤية القاتمة والسوداوية للمستقبل، التي تثيرها الطفرة المتسارعة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. فهذه الثورة الرقمية، رغم إنجازاتها المبهرة، تحمل في طياتها تهديدا مباشرا وحقيقيا لملايين الوظائف حول العالم.
في هذا الصدد، يمكن التوقع بأن تقضي هذه التكنولوجيا خلال السنوات المقبلة على عشرات الملايين من فرص العمل في مختلف القطاعات. وقد بدأت ملامح هذا التحوّل تظهر بالفعل من خلال موجات تسريح الموظفين والعمال التي تضرب كبرى الشركات. وفي خضم هذا المشهد المقلق، يطفو سؤال جوهري على السطح:
أين سيعمل مئات الملايين من البشر في المستقبل، وعلى رأسهم «جيل زد»؟ جيل يشكّل نحو ربع سكان العالم، يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة لا تزال ملامحها غامضة بين وعود التكنولوجيا ومخاطرها، وهو الذي يعاني من الزبونية والمحسوبية في العمل في بلاده.
عكس ما يعتقد الكثيرون بضياع «جيل زد» فكريا، فهذا الجيل يعيد ترتيب الأولويات، ومن باب المقارنة، إذا كان الأمن القومي لأي دولة يقوم على ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي ما أمكن في الغذاء والدواء والسلاح، فإن استقرار المجتمع كمكمل، يقوم أساسا على توفير التعليم والصحة والشغل، وليس الكماليات التي يحلم بها الحاكم. ومن ضمن ما حملته موجة «جيل زد» في المغرب، وهي أول موجة في العالم العربي، ماذا سيستفيد المغرب من بناء أكبر ملعب في العالم استعدادا لكأس العالم 2030 وهو الغارق في الديون، الذي لا يتوفر على دوري من مستوى إسبانيا وبريطانيا وإيطاليا، بينما في ترتيب الصحة عالميا يحتل المركز 94 ضمن مئة دولة شملت الدراسة والمقارنة؟
إن مطالب «جيل زد» في العالم، ولاسيما لدى أمم الجنوب تعتبر، من باب المقارنة الفكرية، بمثابة حركة وطنية ضد الاستعمار، وفي هذه الحالة يمثله فساد الطبقة الحاكمة في العديد من الدول، التي لا تقل وحشية عن طبقة المستعمرين، بل تتجاوزها أحيانا. والحركات الوطنية ضد الاستعمار الخارجي تنصهر فيها مختلف التيارات الفكرية والسياسية، لأن الهدف يكون واحدا هو طرد المستعمر. وعلى ضوء هذا، ينتمي ناشطو «جيل زد» إلى مختلف التيارات الفكرية، وما يجمعهم حاليا هو ضمان ما هو جوهري، الصحة والتعليم والشغل ومحاربة فساد الطبقة السياسية الكلاسيكية، التي أصبحت رهينة المؤسسات المالية الأجنبية مثل، صندوق النقد الدولي. وإذا ما تحققت مطالب العيش الكريم، حتما عدد منهم سيلتحق بتنظيمات سياسية توافق توجهاته الأيديولوجية. حركة زد هي محدودة زمنيا مثل حركة مقاومة الاستعمار، ينتهي دورها بمجرد تحقيق الهدف لتبدأ مرحلة أخرى مختلفة.
ستكون انتفاضات «جيل زد» في دول الجنوب أكثر منها في الغرب، في هذا الأخير يتمتع الشباب مثل باقي المواطنين بأعلى معدلات الصحة والتعليم، ونسبيا بالمساعدات الاجتماعية للمحتاجين، بينما في الجنوب تغيب هذه الحقوق الشرعية في الكثير من الدول. «جيل زد» في الغرب له مطالب يغلب عليها السياسي بينما في الجنوب يطالب «بالعدالة الاجتماعية» الصحة والشغل والتعليم.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه جيل زد المغرب تظاهرات المغرب البطالة الفقر الاقتصاد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیل زد
إقرأ أيضاً:
هايتي وإيران تواجهان غياب جماهيرهما في كأس العالم
تسود حالة من القلق الشديد في أوساط بعض المنتخبات المتأهلة للنسخة القادمة من كأس العالم، بسبب سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ومن المقرر أن تستضيف الولايات المتحدة إلى جانب المكسيك وكندا النسخة الـ23 من بطولة كأس العالم في الفترة ما بين 11 يونيو/حزيران 2026 حتى 19 يوليو/تموز من العام نفسه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نتائج قرعة الملحقين العالمي والأوروبي المؤهلين لكأس العالم 2026list 2 of 2آخرها كوراساو.. الدول الأقل سكانا التي تأهلت إلى كأس العالمend of listوذكرت صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية أن بعض المنتخبات ستُحرم من مشجعيها خلال المباريات في حال إقامتها في الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أنه في حال دخلت بعثتا منتخبي هايتي وإيران إلى الولايات المتحدة رغم كونها من الدول الخاضعة للحظر من دخول البلاد، فإن مشجعيهما سيواجهون صعوبات في التواجد على المدرجات أو حتى خارجها.
HAITI ARE INTO THEIR FIRST WORLD CUP IN HALF A CENTURY ❤️ pic.twitter.com/GozOLqXUBb
— CBS Sports Golazo ⚽️ (@CBSSportsGolazo) November 19, 2025
ودخل قرار منع مواطني 12 دولة من دخول الولايات المتحدة حيز التنفيذ يوم الاثنين 9 يونيو/حزيران 2025، وشمل القرار مواطني الدول التي تعتبرها إدارة ترامب خطرة وهي أفغانستان، بورما، تشاد، الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، ليبيا، الصومال، السودان، اليمن، هايتي وإيران والأخيرتان هما الوحيدتان اللتان تأهلتا إلى المونديال القادم.
ويُستثنى من هذا الحظر بعض الرياضيين ومدربيهم الذين يسافرون إلى البلاد للمشاركة في كأس العالم أو الأولمبياد أو أي حدث رياضي رئيسي آخر تحدده وزارة الخارجية الأميركية.
وتشهد النسخة القادمة من كأس العالم مشاركة 48 منتخبا لأول مرة في تاريخ البطولة، وستُجرى قرعة دور المجموعات يوم الخامس من ديسمبر/كانون الأول المقبل في العاصمة الأميركية واشنطن، ويومها سيعرف منتخبا إيران وهايتي الدولة التي ستستضيف مبارياتهما.
يُذكر أن هايتي تأهلت للمرة الثانية إلى كأس العالم بعد مونديال 1974، في حين ستكون هذه المشاركة هي السابعة في تاريخ المنتخب الإيراني.
إعلان