خطة الصين الخمسية.. استقلال تكنولوجي وتحول أخضر لمواجهة الضغوط الأمريكية
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
تتجه الصين نحو إقرار خطتها الخمسية الجديدة، التي تضع في مقدمة أولوياتها تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي وتقليل الاعتماد على الأسواق والشركات الأجنبية، وفقًا لتقارير نشرتها وكالة بلومبرج.
الخطة، التي لم تعتمد رسميًا بعد، تمثل رؤية شاملة للفترة المقبلة في سياسات الحزب الشيوعي الصيني، ومن المنتظر الإعلان عنها رسميًا قبل القمة المرتقبة التي ستجمع الرئيس الصيني شي جين بينج بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كوريا الجنوبية.
تركّز الخطة الجديدة على بناء قاعدة تكنولوجية وطنية قوية تجعل الصين أقل عرضة للضغوط الاقتصادية والسياسية القادمة من الخارج، خاصة في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة.
وتشير التقارير إلى أن بكين تسعى لتقليص اعتمادها على منتجات التكنولوجيا الغربية، لا سيما في قطاعات استراتيجية مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، حيث ما تزال الشركات الأمريكية مثل Nvidia وOpenAI تهيمن على السوق العالمي.
وبحسب مصادر بلومبرج، فإن المقترح يهدف إلى تعزيز قدرات الصين في تصنيع الرقائق الإلكترونية، ودعم الشركات المحلية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، في محاولة للابتعاد تدريجيًا عن الاعتماد على التقنيات الأمريكية.
كما تتضمن الخطة إجراءات لدفع الاستهلاك المحلي كبديل عن الاعتماد على التصدير، خاصة بعد أن أثرت التعريفات الجمركية الأمريكية المتقلبة خلال فترة إدارة ترامب السابقة على حركة التجارة الصينية.
ووفقًا لتقارير وكالة أسوشيتد برس، تستند الخطة الجديدة في جوهرها إلى الخطة الخمسية السابقة التي أطلقتها الصين خلال السنوات الأولى من إدارة ترامب، والتي ركزت على دعم الابتكار كوسيلة للتعافي الاقتصادي بعد أزمة جائحة كوفيد-19.
لكن الخطة الجديدة تمضي خطوة أبعد من ذلك، إذ تضع التكنولوجيا الخضراء في قلب التحول الاقتصادي، مركّزة على نمو قطاعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع هدف طموح لتسريع التحول البيئي الشامل في التنمية الصناعية والاجتماعية.
وتأتي هذه الخطة في وقت يزداد فيه التنافس بين بكين وواشنطن حول من يمتلك زمام المستقبل التكنولوجي للعالم. فبينما تفرض الولايات المتحدة قيودًا مشددة على تصدير التقنيات المتقدمة إلى الصين، خصوصًا في مجال أشباه الموصلات، تعمل بكين على إيجاد بدائل محلية وبناء سلاسل إمداد وطنية تقلل من تبعيتها للغرب.
وتُشير الخطة كذلك إلى نية الحكومة الصينية توسيع الاستثمارات العامة في مجالات البحث العلمي والتطوير، وزيادة تمويل الجامعات ومراكز الابتكار لتسريع وتيرة الإنتاج التكنولوجي المحلي. كما تتضمن الخطة حوافز للشركات الخاصة لتعزيز المنافسة الداخلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مكونات الحواسيب وأجهزة الاتصالات.
ويرى محللون أن الخطة الخمسية الجديدة تمثل في جوهرها ردًا استراتيجيًا على الضغوط الأمريكية المتزايدة، ليس فقط في مجال التجارة، بل أيضًا في السباق العالمي على الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر. فالصين تسعى من خلال هذه الخطوات إلى إعادة صياغة موقعها في النظام الاقتصادي العالمي، والتحول من "مصنع العالم" إلى "مختبر العالم"، بحيث تكون قادرة على الابتكار والإنتاج دون قيود خارجية.
كما تُظهر الخطة تركيزًا متزايدًا على الاستدامة البيئية، إذ تعهدت الحكومة الصينية بتقليل الانبعاثات الكربونية وتسريع التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2030. وتأتي هذه الخطوات في إطار التزامات بكين الدولية المتعلقة بالاتفاقيات المناخية، إضافة إلى رغبتها في بناء نموذج اقتصادي قائم على التكنولوجيا الخضراء والمشروعات الذكية.
في نهاية المطاف، تُعَدّ الخطة الخمسية الجديدة محاولة طموحة لإعادة رسم ملامح الاقتصاد الصيني في مرحلة ما بعد الجائحة، وسط عالم يشهد انقسامات اقتصادية حادة وصراعًا على الريادة التكنولوجية، وإذا نجحت الصين في تنفيذ رؤيتها الطموحة، فقد تُصبح أكثر قدرة على المنافسة عالميًا، وأقل تأثرًا بالضغوط السياسية والاقتصادية الغربية، لتضع بذلك نفسها في موقع متقدم في سباق الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة خلال العقد القادم.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
روسيا تنتقد العقوبات الأمريكية الجديدة وتؤكد أنها محصّنة ضدها
نددت وزارة الخارجية الروسية، الخميس، بالعقوبات الأمريكية الجديدة التي استهدفت شركتي الطاقة العملاقتين "روسنفت" و"لوك أويل"، معتبرة أن هذه الخطوة "لن تحقق أهدافها"، وأن روسيا باتت "محصّنة" ضد الإجراءات الاقتصادية الغربية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، خلال إحاطتها الصحفية الأسبوعية في موسكو، إن "هذه الخطوة ستأتي بنتائج معاكسة، كما أثبتت التجارب السابقة"، مضيفة أن واشنطن "تواصل الرهان على سياسة الضغط والعقوبات رغم فشلها في تحقيق أي نتائج سياسية أو اقتصادية تذكر".
وأضافت زاخاروفا أن "بلادنا طوّرت حصانة متينة ضد القيود الغربية، وستواصل تطوير قدراتها الاقتصادية، بما في ذلك في قطاع الطاقة"، مؤكدة أن "موسكو قادرة على التكيف مع أي ضغوط خارجية، وستواصل العمل مع الشركاء الدوليين الذين يلتزمون بمبادئ السوق الحرة".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن، الأربعاء، فرض عقوبات "هائلة" على شركتي النفط الروسيتين "روسنفت" و"لوك أويل"، في خطوة قال إنها تهدف إلى الضغط على موسكو لإنهاء حربها في أوكرانيا، المستمرة منذ شباط/فبراير 2022.
وجاء القرار بعد أشهر من تردد الإدارة الأمريكية في اتخاذ إجراءات إضافية ضد روسيا، على أمل أن تثمر المحادثات بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عن تقدم دبلوماسي. لكن ترامب وصف تلك المحادثات بأنها "عقيمة"، ما فتح الباب أمام فرض حزمة جديدة من العقوبات التي تشمل تجميد أصول وقيودًا على المعاملات المالية والتكنولوجية للشركتين المستهدفتين.
وتعد "روسنفت" و"لوك أويل" من أبرز الشركات الروسية العاملة في قطاع الطاقة، وتمثلان ركيزة أساسية في الإيرادات الحكومية الروسية. وتشير التقديرات إلى أن العقوبات الجديدة قد تؤثر على تعاملات الشركات مع الأسواق الغربية، خصوصًا في مجالات التمويل والتكنولوجيا والاستخراج.
في المقابل، رأت موسكو أن الخطوة الأمريكية تحمل طابعًا سياسيًا بحتًا، وأنها "ستضرّ أكثر بالاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة" في وقتٍ يشهد فيه العالم تقلبات في أسعار النفط والغاز. وقالت زاخاروفا: "إذا بدأت الإدارة الحالية في واشنطن تحتذي بسابقاتها، فالنتيجة ستكون كارثية على صعيد السياسة الداخلية الأميركية، وسلبية بالنسبة إلى استقرار الاقتصاد العالمي".
ويأتي التصعيد الأميركي الجديد في ظل استمرار الجمود في الحرب الأوكرانية، وتزايد الخلاف بين موسكو وواشنطن حول ملفات أمنية واقتصادية عدة، أبرزها أمن الطاقة، والتوسع العسكري في أوروبا الشرقية، ومستقبل العقوبات المفروضة منذ عام 2022.