في ظل تصاعد التوترات بين موسكو والغرب، تتجه الأنظار من جديد نحو شبه جزيرة كولا في أقصى شمال روسيا، حيث تعيد موسكو بناء واحدة من أكثر قواعدها العسكرية حساسية وإستراتيجية منذ الحرب الباردة.

وتقول صحيفة لو باريزيان، إن هذه المنطقة القطبية، التي تحتضن مدينة مورمانسك وميناء الأسطول الشمالي الروسي، تضم اليوم أحد أكبر مخازن الرؤوس النووية في العالم، وتشهد نشاطا عسكريا واستخباريا مكثفا يثير قلق حلف شمال الأطلسي (ناتو).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: عرب إسرائيل غارقون في الدماء ولهذا تجب إقالة بن غفير فوراlist 2 of 2مقال بهآرتس: ترامب يعارض ضم الضفة الغربية قولا ويتغاضى عنه فعلاend of list

وقد وجه وزير الدفاع النرويجي توري ساندفيك، أخيرا، تحذيرا علنيا لحلفائه في الناتو، بأن روسيا تعزز وجودها العسكري في كولا بتطوير أسلحة إستراتيجية جديدة، منها صواريخ فرط صوتية وطوربيدات ذات دفع نووي.

روسيا تكشف عن قيام أخطر غواصاتها البحرية بمهمات تدريبية قتالية (غيتي)

وتشير الصحيفة -في تقرير بقلم إنزو غيريني- إلى أن خبراء الجغرافيا السياسية يعطون شبه جزيرة كولا أهمية نابعة من موقعها البحري الفريد، الذي يتيح للأسطول الروسي التحرك نحو شمال الأطلسي وحتى أميركا الشمالية دون قيود موسمية، مما يمنح موسكو منفذا إستراتيجيا لا مثيل له.

ويؤكد الباحث ميكا بلوغيون ميريد، أن الكرملين استثمر بكثافة منذ عام 2014 لتحديث بنيته العسكرية في المنطقة، بتشييد غواصات نووية حديثة، وتحديث القواعد العسكرية، ونشر أنظمة دفاع جوي من طراز "إس 400" بالإضافة إلى دمج البنى التحتية المدنية في منظومته الدفاعية، خصوصا في مجالات الاتصالات واللوجيستيات القطبية.

وفي تطور مثير، كشفت تحقيقات صحفية دولية بعنوان "الأسرار الروسية" عن قيام موسكو بإنشاء شبكة تجسس بحرية واسعة في عمق مياه البحر هناك، لحماية منشآتها النووية من الاختراق.

وأظهرت الوثائق -كما تقول الصحيفة- أن روسيا استخدمت شركات واجهة للحصول على تكنولوجيا متطورة من أوروبا والولايات المتحدة واليابان، تشمل أنظمة استشعار وسونارات عالية الدقة، في خطوة تعكس تفوقها المتزايد في مجال الحرب الإلكترونية والبحرية.

إعلان

وتأتي هذه التحركات في وقت يطالب فيه الناتو بتعزيز وجوده شمالا، وسط مخاوف من أن يتحول القطب الشمالي إلى جبهة المواجهة التالية بعد أوكرانيا، لأن ذوبان الجليد المتسارع بفعل التغير المناخي يفتح طرقا بحرية جديدة ويزيد من احتمال الاحتكاك العسكري المباشر.

وفعلا، تقول لو باريزيان، يسعى حلف الناتو إلى تعزيز ردعه في الشمال، ففي مايو/أيار الماضي، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن تعزيز التعاون العسكري مع النرويج، كما نفذت الولايات المتحدة والدول الإسكندنافية سلسلة من المناورات الجوية والبحرية والبرية في الدائرة القطبية خلال الأشهر الأخيرة، لإظهار استعداد الحلف لمواجهة أي تهديد محتمل.

ورغم هذه الجهود، تبقى التساؤلات مطروحة عن مدى قدرة الناتو على احتواء الطموحات الروسية في القطب الشمالي، خاصة في ظل التنافس المتزايد على الموارد والممرات البحرية الجديدة التي ستغير الخريطة الجيوسياسية للعالم القطبي في العقود المقبلة، دئما وفقا للصحيفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

حرب المسيرات تشعل المواجهة بين موسكو وكييف.. تصعيد غير محسوب يفتح باب الرسائل النووية والضغط الأوروبي على روسيا

في ظل اشتعال أجواء الصراع بين موسكو وكييف، وتبدل موازين القوى على وقع التطورات الميدانية والسياسية المتلاحقة، تعيش الساحة الدولية حالة من القلق والترقب لما ستؤول إليه الأزمة الأوكرانية.

فمع تصاعد الهجمات المتبادلة بالطائرات المسيرة وتزايد الاستهدافات داخل العمق الروسي، تتزايد المخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة أوسع.

 في وقت تسعى فيه القوى الكبرى إلى تثبيت مواقعها عبر لغة التحذير والردع، بين إصرار روسي على تحقيق الأهداف الميدانية وتمسك غربي بدعم كييف عسكريًا وسياسيًا حتى النهاية.

هاني سليمان: التصعيد الأوكراني بالمسيرات خطوة غير محسوبة تهدف للضغط على موسكو.. وروسيا ترد برسائل نووية تؤكد تفوقها الإستراتيجي

أكد هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، أن التصعيد الأخير باستخدام الطائرات المسيرة من الجانب الأوكراني ضد روسيا يمثل تحركًا خطيرًا يعكس مرحلة جديدة من التوتر في الحرب المستمرة بين الطرفين، مشيرًا إلى أن هذا التصعيد يأتي في إطار ضغط أوروبي منسق لدفع موسكو إلى تنازلات سياسية أو ميدانية.

وقال سليمان في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن الهجوم المكثف بالمسيرات يعد امتدادًا لموجة من التحركات الأوروبية التي شملت طرح فكرة تجميد الأصول الروسية واستخدامها في تمويل الحرب الأوكرانية، إلا أن فشل الاتحاد الأوروبي في التوصل لصيغة توافقية حول هذه المسألة يعد في حد ذاته انتصارًا دبلوماسيًا لموسكو.

وأضاف أن هناك تعويلاً أوروبيًا وأمريكيًا على تسليح أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” التي يمكن أن تطال العمق الروسي، إلا أن القرار بشأن استخدامها لم يتخذ بعد.

وأوضح أن روسيا من جانبها استبقت أي تطورات عسكرية محتملة بإطلاق عمليات موسعة تهدف إلى تعزيز سيطرتها على مناطق جديدة داخل إقليم دونباس، في محاولة لاستخدامها كمنطقة عازلة ورسالة تحذيرية للدول الأوروبية.

وأشار سليمان إلى أن إعلان موسكو عن اختبار صاروخ “بوروفستينك” النووي، الذي يتمتع بقدرات عالية في التحليق لمسافات طويلة باستخدام الطاقة النووية، يعد رسالة استراتيجية مباشرة إلى الغرب بأن روسيا قادرة على استهداف أي موقع في أي وقت، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا مدروسًا.

وأضاف أن هجمات المسيرات الأوكرانية الأخيرة على مطارات داخل موسكو تعكس رغبة كييف في إثبات حضورها في ساحة المعركة ومحاولة تكبيد روسيا خسائر مادية ومعنوية، كما حدث في الهجمات السابقة على القواعد الجوية الروسية. 

لكنه شدد على أن هذه العمليات تمثل تصعيدًا غير محسوب العواقب، من شأنه أن يعقد المشهد السياسي ويقوض فرص الحلول الدبلوماسية التي تسعى إليها واشنطن.

وختم سليمان تصريحاته بالتأكيد على أن الدول الأوروبية تدفع أوكرانيا نحو التصعيد الميداني بهدف منع أي تسوية سياسية قد تكسب موسكو نفوذًا مجانيًا، معتبرًا أن هذا السلوك يأتي أيضًا كمحاولة لإحراج الإدارة الأمريكية، وتعطيل أي جهود للتفاهم أو التهدئة في ظل التغيرات المتوقعة في الموقف الأمريكي مع اقتراب الانتخابات.

طباعة شارك الأزمة الأوكرانية الطائرات المسيرة كييف الطاقة النووية الحرب الروسية الأوكرانية

مقالات مشابهة

  • لافروف: "الناتو" يسعى لترسيخ وجوده في المحيط الهادئ لاحتواء الصين وعزل روسيا
  • روسيا تؤكد عدم نيتها مهاجمة دول الناتو وأوكرانيا تطالب بضغط على الصين
  • موسكو: الأوروبيون يحضرون لحرب كبيرة لعزل روسيا في القطب الشمالي
  • حرب المسيرات تشعل المواجهة بين موسكو وكييف.. تصعيد غير محسوب يفتح باب الرسائل النووية والضغط الأوروبي على روسيا
  • أمريكا تتهم روسيا بالبدء في سباق تسلح نووي.. كيف ردت موسكو ؟
  • روسيا تعلن إسقاط 33 طائرة مسيرة أوكرانية كانت تستهدف موسكو
  • قتلى وجرحى في كييف واعتراض طائرة متجهة نحو موسكو.. حرب المسيرات تتصاعد بين روسيا وأوكرانيا
  • بريطانيا تهدد أسطول غواصات بحر الشمال الروسي
  • روسيا تصعد العمليات العسكرية في أوكرانيا بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة عالية الدقة