عن كل سِنة خمسة من الإبل ..عطية لاشين يعلق على واقعة طبيبة نزعت أسنان زوجها لزواجه بأخرى
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
ورد سؤال إلى د. عطية لاشين أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة عبر صفحته الرسمية بالفيسبوك يقول السائل: " تزوج رجل على زوجته، ولما علمت بذلك وكانت طبيبة أسنان، قامت بتخديره ونزعت أسنانه، فما حكم الشرع في هذا الفعل؟
وأجاب د. لاشين قائلا: الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً»، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، الذي روت عنه كتب السنة قوله: «في السن خمس من الإبل».
وأوضح: إن المولى عز وجل هو الأعلم بما يصلح عباده لأنه خلقهم وهو أعلم بهم من أنفسهم، كما قال تعالى: «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير»، ولذلك شرع لهم من الأحكام ما يحتاجون إليه في حياتهم ومعاملاتهم، وعلى المخلوقين أن يهيئوا أنفسهم للرضا والتسليم بما شرعه رب العالمين.
وأضاف أن من تشريعات الله سبحانه وتعالى أنه أباح للرجل أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع بشرط القدرة على الإنفاق عليهن والعدل بين الزوجات، وقد جاءت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة بذلك، وأجمع علماء الأمة الإسلامية في كل عصر ومصر على هذا الحكم، لأنه من الأحكام القطعية الثابتة التي لا يجوز لأحد إنكارها.
وأشار إلى أن المسلم والمسلمة عليهما أن لا يمنحا عقولهم إلا لما جاء في شرع الله تعالى، فهو وحده واجب السمع والطاعة، أما أن يتأثر الإنسان بأفكار الحركات الحداثية التي تدعي أنها حركات تنويرية، فذلك انحراف عن الحق، لأن النور الحقيقي هو نور الله عز وجل الذي وصف نفسه بقوله: «الله نور السماوات والأرض»، ووصف نبيه الكريم بقوله: «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين»، ووصف القرآن بقوله: «يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً»، ووصف الإسلام نفسه بالنور في قوله تعالى: «أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس»*. فلا نور إلا في ظل ما أنزله الله سبحانه وتعالى من هدى وشرع.
وبخصوص الواقعة المطروحة في السؤال، أوضح د. عطية لاشين أن الزوج الذي تزوج بامرأة أخرى لم يرتكب جرماً ولا إثماً ولا حراماً، بل فعل شيئاً أحله الله تعالى وشرّعه في كتابه وسنة نبيه، فلا يجوز للزوجة الأولى أن تعتبر ذلك خيانة أو انتقاصاً من قدرها، لأن الزواج الثاني من المباحات الشرعية التي أجازها الإسلام بشروطها.
وبين أن ما قامت به الزوجة من تخدير زوجها ونزع أسنانه هو فعل محرّم شرعاً وجريمة يعاقب عليها الإنسان في الدنيا والآخرة، لأنها قامت بإيذاء إنسان بغير وجه حق، مستخدمة مهنتها في ما يغضب الله عز وجل.
وأضاف أن هذا الفعل يجعلها مؤثمة شرعاً في الدنيا والآخرة، إذ قال الله تعالى: «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً».
وأشار إلى أن العقوبة الدنيوية لهذه الجريمة هي دفع الدية الشرعية للزوج، إذ جاء في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في السن خمس من الإبل»، كما رواه النسائي في كتاب عمرو بن حزم، وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الأسنان خمس خمس»،ولا فرق في ذلك بين السن والضرس، لما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأصابع سواء والأسنان سواء، الثنية والضرس سواء».
وأوضح د. لاشين أنه بناء على هذا الحكم الشرعي، يجب على الزوجة أن تدفع للزوج عن كل سن أو ضرس قامت بخلعه خمساً من الإبل، وتقدر القيمة المالية للدية بحسب عدد الأسنان المخلوعة.
فإذا كانت قد خلعت له جميع أسنانه وضروسه وعددها اثنتان وثلاثون، فتكون الدية الواجبة عليه 160 من الإبل، وهو ما يعادل قيمة مالية كبيرة تحددها الجهات الشرعية المختصة بناءً على أسعار الإبل في كل زمن.
وأكد أن هذه العقوبة جاءت لتحقيق العدالة وردع المعتدي، كما أنها تعكس حرص الشريعة الإسلامية على صيانة حقوق الإنسان وحفظ جسده من الأذى، مهما كانت الأسباب أو الدوافع.
ولخص لاشين فتواه قائلا: إن الزوجة في هذه الواقعة آثمة شرعاً وعليها التوبة إلى الله عز وجل ورد الحقوق إلى صاحبها، وإن الغيرة لا تبرر العدوان، فالانتقام لا يجوز شرعاً، وعلى المسلمين جميعاً أن يحتكموا إلى شرع الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، فهو وحده العدل والنور والهداية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عطية لاشين الأزهر الزواج الثاني خلع الأسنان الدية الشرعية عطیة لاشین الله تعالى من الإبل عز وجل
إقرأ أيضاً:
فضل من مات يوم الجمعة
لقد خلق الله -تعالى- البشرية كافة في هذه الحياة الدنيا، وجعل لكل إنسان حياته الخاصة على هذه الأرض، وجعل الموت وانتهاء حياته حق لا بد من وقوعه، فالموت واقع على كُل كائن حي لا مفر منه ومن سكراته إنساناً كان أو حيواناً حتى هذا الكون سوف ينهار والبحار سوف تتفجر وتنتهي وتتبدل.
وقد بيّن الله -تعالى- لعباده حقيقة الموت وحُسن الخاتمة، وإن المنهمك في الدنيا المُكِب على شهواتها وملذّاتها يغفل قلبه عن ذكر الموت فلا يذكره، وإن ذكره كرهه ونفر منه: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
إن من فضل الله على عباده أن جعل الثواب والدرجات بحسب عملهم، وإخلاص قلوبهم طالما مات راضياً بقضاء الله وقدره، ومِن رضا الله على هذا العبد وحسن خاتمته أن يتوفاه يوم الجمعة، وهي بشرى من الله لدخوله الجنة؛ لأنه من أفضل وأحب الأيام إلى الله، حيث يكون عدد من المصلين في المسجد لأداء صلاة الجمعة، خصوصاً وقت صلاة الجمعة ويصلون الجنازة على الميت. أما عن فضل من مات يوم الجمعة فنلخصه بما يأتي: بشرى لدخول الجنة. حسن الخاتمة.
وقاه الله فتنة القبر؛ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِنْ مسلِمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ ، أوْ ليلَةَ الجمعةِ ، إلَّا وقَاهُ اللهُ تعالى فتنةَ القبرِ). ويقصد بحسن الخاتمة؛ أن يوفق العبد قبل موته للتقاصي عما يغضب الله -تعالى-، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة. ومن علامات حسن الخاتمة: النطق بالشهادتين عند الموت: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانَ آخرُ كلامِهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخلَ الجنَّةَ). الموت على العمل الصالح: فمن كان آخر عمله في الحياة الدنيا عملا صالحا يفيد من حوله من الناس أو يفيد مجتمعه فإنه من حُسن الخاتمة؛ ومن مات وهو مطعون أو مبطون أو مُرابط في سبيل الله أو غريق، وموت النساء في النفاس أو وهي حامل، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (والمَرأةُ يَقتُلُها وَلَدُها جُمْعًا شَهادةٌ)، والموت في ليلة الجُمعة أو نهار الجُمعة.