وزير التعليم الذي اشترى التليفون
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
تحكي إحدى النكت عن رجلٍ كان يسكن عمارة يوجد أسفلها مقهى (قهوة)، ولمّا لم يكن لدى هذا الرجل هاتف، فكان يعطي أصحابه ومعارفه رقم تليفون المقهى الذي في الأسفل، وكلما كان يتصل به أحد، كان صاحب المقهى يقف في الشارع لينادي عليه ليرد على الهاتف.. مع تكرار الأمر ضاق صاحب المقهى بكثرة التليفونات، وفي المرة الأخيرة نصح الرجل أن يشتري موبايل يستقبل عليه تليفوناته.
تذكرني القصة السابقة بالسيد المحترم وزير التربية والتعليم في إدارته لمنظومة التعليم في مصر، فمن كرم الله أن وفق زوجتي للتخرج من المرحلة الابتدائية منذ زمن طويل قبل تولي الوزير الحالي، وأنهت حياة الجامعة منذ فترة، وتركت الكتب والتعلم منذ فترة طويلة، ولكنني منذ بداية العام رأيتها تعود يومياً مرة أخرى إلى التعلم بشكلٍ أكثر جدية، فظننت أنها ربما ترغب في استكمال الدراسات العليا، خاصة وأنها كانت تجلس على الكتب من قبيل العصر إلى قرب النوم في الحادية عشرة..
سعدت جداً في البداية حينما ظننت أن بناتي اللاتي في مرحلة الابتدائية ارتفع مستواهن حتى أصبحن يذاكرن مع أمهن، لكنني علمت بعد ذلك أن كل هذا الوقت تقضيه أمهم في مذاكرة بنتيها اللتين في مرحلة الابتدائي.. لم أتمالك نفسي من السؤال عن هذا السر الأعظم الذي يدفعهن لمجالسة كتب الابتدائي كل يوم قرابة الثماني ساعات.
لعلك الآن تسأل ما علاقة الموضوع السابق بقصة التليفون التي جاءت في بداية المقال، ولكنك لن تتفاجأ حينما تعلم أن الوزير اخترع أسلوباً لوزعياً لإجبار التلاميذ على الحضور للمدرسة وعدم التغيب، وذلك من خلال تقييمات يتم تقديمها كل أسبوع في المواد كلها منذ العام الماضي، ولما كانت الأمهات يقمن بنقل التقييمات من الإنترنت شريطة أن تكتب في كراسات التقييمات ولا يجوز أن تطبع فكن ينقلن الأسئلة والرسومات طوال الوقت.. وحلاً لهذا الأمر طبعت الوزارة كتباً للتقييمات، ولكن الكتب ليس بها أماكن لحل الكثير من الأسئلة فيضطر الأطفال لنقل الأسئلة والرسومات وحلها في كشكولٍ خارجي، ناهيك عن أن هذه الأسئلة يأخذها التلميذ من البيت ليحلها داخل الفصل، وقد ذكر لي أحد المعارف أن أبنائه يكتبون حل التقييمات من الإنترنت قبل أن يأخذوها معهم إلى المدرسة.
ما أدهشني أكثر حينما سألت عن سبب كل هذا الوقت للمذاكرة لابنتي تلميذة الصف الرابع، فقد علمت أنها تدرس 11 مادة: عربي، ماث، انجليزي، ساينس، تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات، كامبريدج ،انجليش الوزارة، فرنش،دين،دراسات اجتماعية، أي أكثر من مواد طلاب الجامعة الذين أدرس لهم والذين يتعثر كثير منهم في دراسة سبع مواد فقط، ناهيك طبعاً عن محتوى المقررات الذي فاق في الصف الرابع ما كنت أدرسه في الثانوية العامة، والذي ربما يوازي بعض مواد الكليات في الوقت الحالي، ظناً منه أن كل هذا الحشو لعقول تلاميذ يتطلعون للعب وتفريغ طاقتهم ربما يساعدهم على الحصول على نوبل في المستقبل.
وفي النهاية فلتسمح لي سيادة الوزير الحاصل على شهادة الدكتوراة من الخارج، ألم تخبرك شهادتك للدكتوراة أو أحد مستشاريك أن تلاميذ المرحلة الابتدائية الذين هم أطفال لم يتجاوز الكثير منهم الثانية عشرة من عمرهم، يحتاجون للعب بنفس قدر احتياجهم للتعلم، ألم تخبرك الدكتوراة أن قضاء اليوم كله منذ العودة من المدرسة حتى ميعاد النوم في المذاكرة يرهقهم ويمنعهم من اللعب وتنفيس طاقاتهم؟ ألم يخبرك أحد أن كتب الوزارة+ كتب التقييمات+ الأداء الصفي+ الواجبات المنزلية+ الامتحانات الشهرية أمرٌ ثقيلٌ على الأطفال وعائلاتهم؟ ألم يخبرك أحد أن الأمهات بتن يذاكرن ويقمن بحل كثير من الدورس والواجبات بدلاً من أطفالهن الذين لا يستطيعون إنجاز كل هذه التكليفات الثي أثقلتهم وأثقلت على أسرتهم؟ ألم يخبرك أحد أن التطوير لا يعني بالضرورة التصعيب ولكنه يعني تنمية المواهب والقدرات بشكل متوازن؟
أستاذ بكلية الآداب- جامعة عين شمس
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على الهاتف مع أحد أن
إقرأ أيضاً:
تمساح الوادي.. وزير التعليم العالي يهنئ جامعة المنصورة على اكتشاف عالمي جديد
هنأ الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور شريف خاطر رئيس جامعة المنصورة، والدكتور هشام سلام أستاذ الحفريات الفقارية ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية (MUVP)، و رئيس الفريق البحثي ، بمناسبة الإعلان عن اكتشاف نوع جديد من التماسيح القديمة عاش في مصر منذ نحو 80 مليون عام بصحراء مصر الغربية، أُطلق عليه اسم "تمساح الوادي – واديسوكس كسّابي (Wadisuchus kassabi)".
وجاءت هذه التهنئة عقب إعلان جامعة المنصورة عن هذا الاكتشاف العالمي الذي نُشرت تفاصيله في مجلة The Zoological Journal of the Linnean Society، وهي من أعرق المجلات العلمية الدولية المتخصّصة في علم التطوّر.
وأشاد الدكتور أيمن عاشور بما حققته جامعة المنصورة من إنجاز علمي فريد يعيد كتابة تاريخ التماسيح القديمة، ويؤكد المكانة الدولية المرموقة التي وصلت إليها الجامعات والمراكز البحثية المصرية، مشيرًا إلى أن هذا النجاح يعكس تميّز الكفاءات البحثية الوطنية وقدرتها على تحقيق اكتشافات عالمية تُسهم في تعزيز القوة الناعمة لمصر عبر بوابة البحث العلمي.
وأكد الوزير أن اكتشاف "تمساح الوادي" يمثل إنجازًا علميًا يعكس ما تمتلكه مصر من طاقات بشرية مبدعة قادرة على الإسهام الفعّال في تطوير المعرفة الإنسانية، مشددًا على أن الدولة تواصل دعمها الكامل للبحث العلمي التطبيقي وتشجيع الباحثين الشباب على الابتكار والإنتاج العلمي المتميز.
وقاد هذا الاكتشاف فريق بحثي متميز ضم الدكتور هشام سلام أستاذ الحفريات الفقارية ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، والدكتورة سارة صابر المدرس المساعد بجامعة أسيوط والمؤلف الأول للدراسة، وبلال سالم طالب الدكتوراه بجامعة أوهايو والمدرس المساعد بجامعة بنها، حيث نجح الفريق في تحقيق إنجاز نوعي يعيد رسم خريطة تطور الزواحف البحرية على مستوى العالم.
ويُعد هذا الاكتشاف إضافةً علميةً بارزة تسلّط الضوء على الدور المحوري للصحراء الغربية المصرية في فهم تطوّر الزواحف القديمة، إذ يُمثّل "تمساح الوادي" أقدم أفراد عائلة الديروصوريدات (Dyrosauridae) التي نجت من انقراض الديناصورات وازدهرت بعده، ما يجعل هذا الكائن شاهدًا فريدًا على مرحلة فارقة في تاريخ الحياة على الأرض.
واختتم الوزير تهنئته معربًا عن تقديره لقيادة جامعة المنصورة وفريقها البحثي على هذا الاكتشاف العلمي المرموق، متمنيًا لهم مزيدًا من التوفيق والنجاح في خدمة البحث العلمي ورفع اسم مصر في المحافل الدولية.