آلاف الضحايا.. هجمات دامية في مستشفى بالسودان تثير إدانات واسعة
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، تصاعدًا خطيرًا في أعمال العنف، وسط تحذيرات من تحول الأوضاع إلى حرب أهلية شاملة بعد هجمات دامية نفذتها ميليشيا "الدعم السريع" خلال الساعات الماضية، أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا المدنيين ومحاصرة عشرات الآلاف داخل المدينة المنكوبة.
أعربت النقابة العامة لأطباء مصر عن إدانتها الشديدة للهجوم الذي استهدف المستشفى السعودي بمدينة الفاشر، والذي خلّف – بحسب منظمة الصحة العالمية – أكثر من 460 قتيلاً من المرضى والمرافقين، إلى جانب اختطاف أفراد الكادر الطبي.
                
      
				
وأكدت النقابة أن ما حدث يمثل "جريمة ضد الإنسانية" وانتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية التي تحرم استهداف المنشآت الطبية والعاملين في المجال الإنساني أثناء النزاعات المسلحة.
اتهامات رسمية بـ"القتل العنصري"من جانبها، أكدت وزارة الخارجية السودانية أن ميليشيا الدعم السريع تنفذ عمليات قتل وترويع ممنهجة ضد المدنيين العزل، ووصفت ما يجري بأنه "جرائم ذات طابع عنصري" تهدف إلى تفريغ المدينة من سكانها الأصليين.
ودعت الخارجية المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف الانتهاكات وإنقاذ المدنيين المحاصرين، واصفةً ما يجري في دارفور بأنه "جرائم إرهابية" تهدد وحدة السودان وسلامة أراضيه.
قلق أممي وتحذيرات من فظائع مروعةأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلق بالغ من التصعيد العسكري في الفاشر، مشيرًا إلى تلقيه تقارير متعددة حول إعدامات ميدانية بحق مدنيين بعد سيطرة الميليشيا على أجزاء واسعة من المدينة.
وحذر التقرير الأممي من أن الوضع الإنساني يزداد سوءا مع استمرار الحصار المفروض منذ أكثر من 18 شهرًا، حيث تعاني المدينة من نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية.
انتهاكات ممنهجة وجرائم حرب محتملةالتقارير الأولية تفيد بأن الميليشيا نفذت عمليات قتل جماعي بحق مدنيين حاولوا الفرار، مع وجود دوافع قبلية وراء بعض الجرائم، إضافة إلى احتجاز مئات المدنيين والصحفيين أثناء محاولتهم الهروب.
كما تحدثت تقارير عن عنف جنسي ممنهج ضد النساء والفتيات، وإعدام خمسة رجال حاولوا إدخال مساعدات غذائية إلى المدينة، في ما اعتبرته الأمم المتحدة استخدامًا للتجويع كسلاح حرب يخالف القانون الدولي الإنساني.
كارثة إنسانية تلوح في الأفقيحذر مراقبون من أن استمرار الأوضاع الحالية ينذر بـ مأساة إنسانية غير مسبوقة في دارفور، مع ارتفاع أعداد القتلى والنازحين وغياب أي أفق لحل سياسي أو وقف لإطلاق النار.
وباتت مدينة الفاشر اليوم رمزًا جديدًا لمعاناة المدنيين في السودان، وسط صمت دولي متزايد أمام واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي تشهدها القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مدينة الفاشر دارفور السودانية ميليشيا الدعم السريع منظمة الصحة العالمية الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
مأساة المدنيين في الفاشر.. جوع وحصار
د. أسماء حجازي **
في ظل السلام الذي ينادي به العالم أجمع تُعاني دولة السودان من العديد من الانتهاكات الحقوقية؛ سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وسط تعتيم إعلامي كامل للأوضاع والانتهاكات التي تحدث؛ حيث تشهد مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور غربي البلاد، حربًا عدوانيةً تجتاح كل من أمامها من أطفال ونساء وشيوخ؛ ففي 14 أبريل 2024، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة مليط الإستراتيجية شمال شرق الفاشر والتي تربط شمال دارفور مع دولة ليبيا، مما يعني قدرة هذه القوات على شق طريق إلى ليبيا للحصول على الدعم والإمدادات.
وفي ظل تصاعد الأحداث في إقليم دارفور بغرب السودان، أصبحت مدينة الفاشر محورًا للنزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وتجلى حرص قائد هذه القوات، محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، على السيطرة على الفاشر خلال الأشهر الماضية بشكل واضح. ويرجع هذا التركيز الشديد على الفاشر إلى كونها واحدة من أبرز المدن التاريخية في السودان؛ حيث تعد مركزًا مُهمًا للحكم في دارفور. كما تلعب المدينة دورًا أساسيًا كنقطة انطلاق لقوافل الإغاثة التي تتوجه إلى ولايات دارفور الخمس، وهي إداريًا عاصمة ولاية شمال دارفور، إضافة إلى احتوائها على المكاتب الحكومية المحلية والمقرات الإدارية. وتستضيف الفاشر أيضًا قيادة الفرقة السادسة للجيش السوداني. وتشكل المدينة مركزًا تعليميًا وصحيًا مُهمًا؛ حيث تحتوي على العديد من المؤسسات التعليمية مثل جامعة الفاشر، وكذلك المرافق الصحية والاجتماعية التي تُلبي احتياجات المجتمع المحلي والنازحين إليها.
وفي مايو 2024، انفجر الصراع حول السيطرة على مدينة الفاشر؛ حيث تبادلت كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني الاتهامات بإشعال فتيل المعركة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى قبل أيام- بعدما أعلنت سيطرتها على المدينة- كانت قوات الدعم السريع تحاصر مدينة الفاشر مانعة دخول المساعدات الإنسانية، ومسببة أزمة غذائية طاحنة وعجزًا في توفير المياه والرعاية الصحية في المدينة التي يقطنها نحو 250 ألف نسمة. وعقب سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم في مارس 2024 صعدت قوات الدعم هجماتها على مواقع الجيش السوداني في الفاشر.
ونتيجة لتدهور الأوضاع واستمرار قوات الدعم السريع في ارتكاب مجازرها، انسحب الجيش وسيطر الدعم السريع على المدينة بشكل كامل، وهذا الانسحاب أدى إلى بقاء أكثر من ربع مليون شخص نصفهم من الأطفال تحت سيطرة قوات الدعم السريع ترتكب فيهم كافة أنواع الجرائم ضد الإنسانية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل استهدفت قوات الدعم السريع المدينة بالمدفعية، وشنت هجمات متكررة بالمسيرات وشملت الغارات أحياءً في المدينة ومخيمات نزوح. وتسببت تلك الهجمات في مقتل وإصابة مئات المدنيين، كما شهدت المدينة انهيارا للخدمات الإنسانية، وتوقفت المطابخ الخيرية (التكايا)، وتأثرت أغلب المستشفيات بالقصف مسجلة نقصًا فادحًا في الأدوية والمستلزمات.
ومع استمرار الحصار والانتهاكات تزايد خطر المجاعة في المدينة وفي مناطق أخرى من شمال دارفور؛ حيث قُتل أكثر من 3000 مدني منذ أغسطس، علاوة على أن أكثر من 600 ألف شخص نزحوا من المدينة، بينما لا يزال 260 ألف شخص محاصرين هناك، من بينهم 130 ألف طفل، محاصرين في ظروف بائسة، معزولين عن المساعدات لأكثر من 16 شهرًا.
ومنذ بدء الحصار، تم التحقق من أكثر من 1100 انتهاكٍ جسيم في الفاشر وحدها؛ بما في ذلك قتل وتشويه أكثر من 1000 طفل، قُتل العديد منهم في منازلهم، أو داخل مخيمات النازحين، أو في الأسواق. وتعرض ما لا يقل عن 23 طفلًا للاغتصاب أو الاغتصاب الجماعي أو الاعتداء الجنسي، بينما اختُطف آخرون أو جُنِّدوا أو استُخدِموا من قبل الجماعات المسلحة. ونظرًا لمحدودية الوصول وصعوبة التحقق، فمن شبه المؤكد أنَّ عدد الأطفال المتضررين أعلى بكثير.
لذلك على جميع أطراف النزاع اتخاذ تدابير ملموسة وفورية لضمان حماية المدنيين؛ بما في ذلك توفير ممر آمن للراغبين في مغادرة المناطق المتضررة من النزاع، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المحتاجين.
المراجع:
1- الأمم المتحدة، "لم يتبق سوى الجوع والقنابل": مأساة الفاشر بين الحصار والمجاعة، متاح على الرابط التالي: https://news.un.org/ar/story/2025/08/1143193
2- العربي الجديد، "الدعم السريع" تعلن السيطرة على الفاشر وسط معارك ضارية، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/1M29B4
3- الجزيرة، لماذا تصر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على السيطرة على الفاشر؟، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/VgjcNU
** مدرس مساعد بالبحث العلمي وباحثة متخصصة في حقوق الإنسان والشأن الأفريقي
 سعر الذهب الآن اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025.. تحديث لحظي
سعر الذهب الآن اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025.. تحديث لحظي