ربما بعد مائة أو ألف سنة سينكر البعض على المصريين أنهم أنشأوا المتحف المصرى الكبير، وسيرددون أن كائنات فضائية هى التى قامت ببنائه وعادت إلى السماء أو مجموعة من شتات الأرض هم الذين شيدوه ثم خرجوا مطرودين إلى الصحارى مرة أخرى.. مثلما أنكروا على المصريين بناء الأهرامات قبل آلاف السنين!
وبالطبع هناك فارق بين إنشاء الأهرامات والمتحف المصرى الكبير، من حيث الحجم والزمن والإمكانيات.
والأهرامات كانت مجرد فكرة من مهندس مصرى مبدع صممها على ورقة بردى ربما لا تزيد مساحتها عن بضعة سنتيمترات.. ولا أعرف كيف كان لدى هذا المهندس الشجاعة لعرض فكرة بناء الهرم على الملك خوفو فى لحظات لا تستغرق ثوانى وهو يحتاج إلى 20 سنة لتنفيذها، دون أن يتردد أو يخشى من أن يتهمه الملك بالجنون أو أنه سيهدر أموال الدولة وسيشغل البنائين المصريين طوال هذه السنوات فى أشياء لا طائل منها ومن الصعب أن تتحقق.. وتعطيل أشياء أهم ممكنة التحقق، ولكن يبدو أن كل شىء عند القدماء المصريين كان ممكنًا ولا يعرفون كلمة مستحيل!
قناعة الملك خوفو بالفكرة.. وإيمان المهندس المصرى بتحقيقها فى هذا الوقت وبهذه الإمكانيات يعتبر بالفعل ضربا من الجنون من خوفو ومن المهندس معًا.. فهذا شىء لم يره أحد من البشر فى هذا الزمان ولم يشيدها أحد من قبل ولا يمكن أن يتخيلها أحد ولا ترد على عقل أحد.. يعنى الفكرة بعيدة عن التصور والتجسيد حتى يصدقها الملك بسهولة ويؤمن بفكرة المهندس ويأمره بتنفيذها.. مجانين فعلًا!
وأعتقد أن الوزير الفنان فاروق حسنى كان مجنونًا عندما عرض فكرة إنشاء أكبر متحف فى العالم فى مصر يضم أكثر من مائة ألف قطعة أثرية مصرية قديمة على الرئيس حسنى مبارك وأن يوافق الرئيس على الفكرة كان ضربا من الجنون فى ظل تكلفته الباهظة والاقتصاد وقتها كان بعافيتين لا بعافية واحدة!
وتخيلت الدهشة والانبهار التى علت على وجوه القدماء المصريين عندما شاهدوا الهرم الأكبر لأول مرة بعد الانتهاء منه والذى كان بمقاييس هذا العصر شيئًا مهيبًا وعظيمًا، ولكنه أعطاهم الثقة فى أنفسهم بأنهم قادرون على عمل أى شىء وكل شىء مهما كان يبدو فى الوهلة الأولى مستحيلًا!
نفس دهشة العظمة، وانبهار الإعجاب، والثقة فى القدرة.. التى كانت على وجوه كل المصريين لحظة افتتاح المتحف المصرى الكبير.. وكل ما أتمناه أن نستمر فى بناء صروح أخرى مثل المتحف ولكن فى العلم والاقتصاد والصناعة والزراعة، لأن فرحة المصريين بالمتحف سببها أنهم مؤمنون بأنهم يستحقون مكانة أفضل بين الأمم، وكل ما فى الأمر نحتاج إلى إعادة تنظيم أفكارنا وترتيب أعمالنا وإعادة الثقة فى قدراتنا بنفس جنون إنشاء الهرم الأكبر.. والمتحف الكبير!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الناصية المتحف المصري من حيث الحجم المتحف المصرى الکبیر
إقرأ أيضاً:
وزير المالية : متفائل بمستقبل الاقتصاد المصرى وقدرة القطاع الخاص على قيادة النمو
أكد أحمد كجوك وزير المالية، أننى متفائل بمستقبل الاقتصاد المصرى وقدرة القطاع الخاص على قيادة النمو بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة جذبت اهتمام المستثمرين، وحققت تأثيرًا ملموسًا، انعكس فى زيادة الاستثمارات الخاصة.
قال كجوك، في منتدى القاهرة الثاني ٢٠٢٥، إن مصر أصبحت محل اهتمام حقيقى ملموس فيما يخص التصنيع والتصدير بالشرق الأوسط وأفريقيا، وجاذبة للشراكات الدولية، لافتًا إلى أن معدلات التضخم تتراجع دوليًا، والأولوية لابد أن تكون لدفع جهود التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل.
أضاف أن هناك شركات عالمية كبرى تتوسع فى مصر، ولدينا قاعدة لوجستية تنافسية، مشيرًا إلى التناغم الكبير بين المجموعة الاقتصادية، حيث نعمل فى منظومة واحدة لخدمة أهداف الدولة، ونراهن على الصناعة والتصدير، قاطرة للنمو مع الحفاظ على الاستقرار المالى.
أوضح الوزير، أنه سيتم قريبًا إطلاق حزمة «تيسيرات ضريبية» ثانية تتضمن مزايا مهمة للمستثمرين والممولين، لافتًا إلى أننا نعمل على تنفيذ سياسات متوازنة، تدعم الاقتصاد وتوفر فرص عمل لائقة لشبابنا.
حزمة تسهيلات فى المنظومة الجمركيةأشار إلى أن هناك حزمة تسهيلات فى المنظومة الجمركية أيضًا؛ لمساندة مجتمع الأعمال وتحفيز بيئة الاستثمار، موضحًا أننا سنطلق استراتيجية خفض وتحسين موشرات مديونية أجهزة الموازنة قبل نهاية ديسمبر ٢٠٢٥، كما سنطلق الاستراتيجية متوسطة الأجل للضرائب قبل مارس ٢٠٢٦ للحوار ولاعتمادها لضمان اليقين والوضوح الضريبي
أكد كجوك، أننا نحتاج إلى سياسات متوازنة بأفريقيا، تعزز تنافسية الاقتصاد بالأسواق العالمية، موضحًا أن أفريقيا تمتلك فرصًا هائلة لجذب الاستثمارات ولابد أن نعمل سويًا لضمان تعميق الصناعة والتصدير لصالح شعوبنا، وهناك تمويلات ضخمة شرقًا تبحث عن أسواق جديدة، وعلينا التواجد بقوة لتوجيه مسار هذه التدفقات لصالح القارة.