مسكنات الصداع قد تكون هي نفسها سبباً في حدوثه
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
قد تكون أدوية الصداع التي نتناولها سبباً في الصداع في الواقع؛ إذ يُعدّ الصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية ظاهرة طبية موثقة جيداً، لكن الخبر السار هو أنه غالباً ما يكون قابلاً للشفاء بمجرد تشخيصه.
على الرغم من أن الكثيرين يخشون الإصابة بورم في المخ، فإن أقل من 1 في المائة ممن يُصابون بالصداع يُصابون به بالفعل.
ونظراً لتعدد الأسباب المحتملة للصداع، يجب على الطبيب العام أن يقوم بدور المحقق. يُعدّ التاريخ الطبي المفصل والفحص الطبي ضروريين، وقد يتبعهما أحياناً إحالة إلى اختصاصي، حسبما أفاد به دان بومغاردت، محاضر أول كلية علم النفس وعلم الأعصاب جامعة بريستول، لموقع «ساينس آلرت».
يكمن التحدي في تحديد ما إذا كان الصداع يُشير إلى سبب كامن خطير أم أنه حميد. مع ذلك، حتى الصداع الحميد قد يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للشخص ويحتاج إلى رعاية مناسبة.
ويعتمد العلاج على نوع الصداع. على سبيل المثال، يمكن علاج الصداع النصفي بأدوية مضادة للغثيان أو حاصرات بيتا، بينما قد يتحسن الصداع المرتبط بالقلق أو الاكتئاب بدعم الصحة النفسية. كما يمكن أن تُساعد تغييرات نمط الحياة، مثل تغيير النظام الغذائي وممارسة الرياضة، في إدارة العديد من أنواع الصداع طويل الأمد.
ومع ذلك، غالباً ما يلاحظ الأطباء نوعاً آخر من الصداع المستمر ذي نمط واضح. يُبلغ المرضى عن معاناتهم من صداع متكرر يبدأ أو يزداد سوءاً بعد تناول مسكنات الألم بانتظام لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر.
يمكن أن يحدث هذا لدى الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي، أو صداع التوتر، أو حالات مؤلمة أخرى مثل آلام الظهر أو المفاصل. قد يتناول البعض عدة أنواع من الأدوية، غالباً بجرعات متزايدة، وينتهي بهم الأمر في دوامة محبطة لا تبدو منطقية للوهلة الأولى.
التشخيص المحتمل هو الصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية. يُعتقد أن هذه الحالة تصيب نحو 1 - 2 في المائة من الناس، وهي أكثر شيوعاً بثلاث إلى أربع مرات لدى النساء. وغالباً ما يكون السبب هو مسكنات الألم نفسها. المواد الأفيونية مثل الكودايين، المستخدمة لعلاج الألم المتوسط الناتج عن الإصابات أو بعد الجراحة، لها قائمة طويلة من الآثار الجانبية، بما في ذلك الإمساك والنعاس والغثيان والهلوسة والصداع.
ليست الأدوية القوية القائمة على المواد الأفيونية وحدها هي التي يمكن أن تسبب الصداع. يمكن لمسكنات الألم الشائعة، مثل الباراسيتامول ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (مثل الإيبوبروفين)، أن تلعب دوراً أيضاً. حتى إن بعض الأدوية تجمع الباراسيتامول مع مادة أفيونية، مثل الكوكودامول.
ومع ذلك، فإن تناول جرعة أكبر من الموصى بها أو الإفراط في استخدامها قد يكون خطيراً للغاية. وقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة، قد تكون مميتة أحياناً، مثل فشل الكبد.
على الرغم من أن الآثار الجانبية أقل شيوعاً، فقد أظهرت الدراسات أن الاستخدام المنتظم للباراسيتامول وحده قد يُسبب أيضاً صداعاً مزمناً لدى بعض الأشخاص.
يمكن أن تُسبب أدوية أخرى غير مسكنات الألم مشكلات أيضاً. كما أن الإفراط في استخدام التريبتانات - وهي أدوية تُستخدم لوقف نوبات الصداع النصفي - قد يؤدي أيضاً إلى صداع ناتج عن الإفراط في تناول الدواء.
بالنسبة للباراسيتامول أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، قد يُصاب المريض بصداع ناتج عن الإفراط في تناول الدواء إذا تم تناولها لمدة 15 يوماً أو أكثر شهرياً. أما بالنسبة للمواد الأفيونية، فقد يظهر الصداع مع استخدام أقل تواتراً - أحياناً بعد عشرة أيام فقط شهرياً.
لذلك، من المهم استشارة الطبيب إذا احتجت إلى استخدام أي مسكنات ألم، حتى تلك التي تُصرف من دون وصفة طبية، لفترة طويلة. لا يُصاب الجميع بصداع ناتج عن الإفراط في تناول الدواء، ويبدو أن الخطر يختلف من شخص لآخر، مما يعني أن الاستعداد الفردي يلعب دوراً كبيراً.
العلاج
قد يكون علاج هذا الصداع صعباً. غالباً ما يصعب على المرضى إدراك أن دواءهم هو سبب المشكلة. عادةً ما يتضمن التوقف التدريجي عن تناول الدواء تحت إشراف طبي، وصولاً إلى التوقف التام عنه.
قد يبدو هذا الأمر غير مفهوم للمرضى، خصوصاً أنهم يتوقعون أن تُخفف مسكنات الألم مثل الباراسيتامول من صداعهم. يخشى البعض من تفاقم الألم مع تقليل الجرعة. لذلك، يُعدّ التعاون الوثيق مع الطبيب أمراً بالغ الأهمية لتأكيد التشخيص، ومراقبة التقدُّم، والتخطيط للخطوات التالية في العلاج.
إذا كنت تعاني من الصداع لأكثر من 15 يوماً في الشهر، فمن المهم مراجعة طبيبك العام. فالتحدث معه يُساعد في تحديد الأسباب الكامنة وشرح أنماط الأعراض المُنهكة في كثير من الأحيان. كما أن الاحتفاظ بمذكرات يومية للصداع - مع تدوين الأعراض والتفاصيل اليومية - يُساعد في التشخيص.
ولم يُفهم تماماً سبب تفاقم الصداع لدى بعض الأدوية، خصوصاً مسكنات الألم. ومع ذلك، من المهم إدراك هذه الصلة الراسخة وطلب المشورة الطبية. فقط عندما يتوقف بعض المرضى عن تناول أدوية معينة تماماً، يكتشفون الحقيقة المزعجة: أن آلامهم كانت تُغذّيها نفس الأدوية التي يعتمدون عليها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مسكنات الصداع الصداع ادوية الصداع شفاء المخ الفحص الطبى التاريخ علم النفس علم الأعصاب جامعة بريستول عن الإفراط فی تناول تناول الدواء مسکنات الألم یمکن أن مع ذلک
إقرأ أيضاً:
تناقض نفسها من غزة إلى اليمن:الأمم المتحدة تنخرط في الحرب «الإسرائيلية» على اليمن
خلال عشر سنوات اتسمت آلية المساعدات الأممية بالاضطراب والفساد والتواطؤ
تقرير / إبراهيم الوادعي
مالم يكن متوقعاً أن تصبح المنظمة الدولية المعنية بتحقيق السلام في العالم جزءا من الحرب المتوقعة على اليمن، وباكراً بدأت الأمم المتحدة بمد أسنة الرماح للجولة المرتقبة بين اليمن والكيان الإسرائيلي على خلفية الإسناد اليمني لغزة، وقبل أن تبدأ جولة القتال فعلياً ساعد موظفوها في اغتيال قيادات سياسية وعسكرية يمنية، وبالأمس أوقفت منظمات أممية مساعدات إنسانية حيوية وكبيرة تمس حياة ملايين اليمنيين لخلق مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية على القيادة اليمنية..
نداءات الأمم المتحدة بفصل وتحييد العمل الإنساني في غزة عن المسار السياسي والعسكري ، لا تلقى أذناً صاغية من المنظمة نفسها قبل الآخرين في اليمن ، وذلك انفصام في شخصية الأمم المتحدة يظهر للمرة الأولى بوضوح، أو ربما لم يتنبه العالم إليه خلال عشر سنوات من الأداء الأممي المضطرب وغير المفهوم أحيانا في ظل العدوان السعودي الأمريكي 2015م – 2025م.
أبقت الأمم المتحدة في تعاملها مع اليمن على الوضع تحت الحرب إذ ووفقاً للقانون الدولي، التهدئة المتفق عليها في ال02 من ابريل 2022م، لم تنه الحرب رسمياً وفقاً للأطراف ووفقاً لقواعد القانون الدولي، بل مضت الحرب بأشكال أخرى اقتصادية وسياسية مارستها الرياض ضد صنعاء، كما أن استمرار الحصار الذي يلقي بكاهله على 80% من السكان في المناطق المحررة تحت سيطرة حكومة صنعاء يبقي تداعيات العدوان الذي بدأ في ال27 من مارس قائماً، بل وأكبر من قبل.
الأسبوع الماضي أعلنت منظمات أممية الصحة العالمية واليونيسف للطفولة واليونبس وقف أكبر مشروع مساعدات أممية للقطاع الصحي في اليمن ، يتولى هذا المشروع بقيمة تصل ل150 مليون دولار، إمداد ثلثي القطاع الصحي في المناطق المحررة إمداد مستشفيات ومراكز ووحدات صحية باحتياجاتها من الوقود والأكسجين ورواتب عدد كبير من العاملين الصحييين ، والتغذية العلاجية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وسوء التغذية الحاد.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية التي تولت إبلاغ حكومة صنعاء بالأمر فإن الإيقاف سيقتصر فقط على المناطق الشمالية البالغ حصتها من المشروع 90 مليون دولار تقريبا ، وسيتم من خلاله وقف الوقود والأكسجين والتغذية العلاجية للأطفال عن نحو ألفي مركز ووحدة صحية ، و72 مستشفى دفعة واحدة وبشكل مفاجئ ، بالإضافة إلى وقف رواتب مقدمه لنحو 10 الاف عامل وقد تم إيقافها بالفعل بعد أن كان مقرراً صرفها الأسبوع قبل الماضي.
وقف الدعم الأممي المقدم لهذا العدد من المستشفيات والمراكز الصحية دفعة واحدة وبشكل مفاجئ يعد كارثة بالنسبة لأي طرف ، وهو ما تعمدته الأمم المتحدة لدواع سياسية ، إذاً قالت الصحة العالمية في مذكرتها أن الإيقاف يأتي على خلفية التطورات الأمنية.
التطورات الأمنية كذبة اخترعتها الأمم المتحدة لمحاولة إنقاذ جواسيس الموساد ممن تورطوا في اغتيال الحكومة في صنعاء، وتورط موظفون فيها بتهريب أجهزة استخبارية للتنصت خارج موافقة الأمم المتحدة أو معرفة سلطات صنعاء، قبل أن يجري كشفها في الحملات الأمنية الأخيرة، بعد أن ظهر أن منظمات أممية تحولت إلى وكر لعملاء الموساد .
ومع أن المفترض أن تذهب الأمم المتحدة إلى ملاقاة صنعاء في استعراض الأدلة الفنية، ناهيك عن اعترافات المقبوض عليهم بالتورط في عمليات تجسس وعمليات أمنية، وتطهير مكاتبها ومنظماتها ممن يسيئون إلى العمل الأممي والإنساني، ذهبت إلى التموضع في محور الحرب على صنعاء.
تمحور الأمم المتحدة إلى جانب « إسرائيل « في الجولة المقبلة من المواجهة ومنذ الآن مستغرب، فالأخيرة لاقت من الإهانات « الإسرائيلية « الكثير في غزة وقتل من موظفيها الكثيرين ، وضربت بكل مناشداتها ومطالبها هناك عرض الحائط ، ناهيك عن الإهانات التي وجهتها « إسرائيل « للأمم المتحدة هنا في اليمن.
ففي ديسمبر 2024 قصفت الطائرات الإسرائيلية مطار صنعاء لحظة تواجد ممثل للأمين العام للأمم المتحدة ووفد أممي كان يختتم زيارة معلنة لصنعاء وأبلغ التحالف بموعد مغادرته ، ما أدى إلى صابة طيار أممي واستشهاد عاملين بالمطار ، وجرى إخلاء المسؤول والوفد الأممي تحت القصف ، ووفقا لمسؤول محلي تأخر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في صالة تشريفات المطار وإلا لكان بين الضحايا، حيث استهدف القصف بشكل مباشر جوار الطائرة الأممية..
وللمفارقة، فالقرار الأممي بتوجيه ضربة للقطاع الصحي يأتي بالتزامن مع إعلان العدو الإسرائيلي أن الحرب مع اليمن لم تنته – تصريحات لنتنياهو ووزير حربه كاتس – عن جولة تصعيد يحضر لها العدو الإسرائيلي ضد اليمن على خلفية مساندته لغزة ، وهو الفعل المتسق مع المبادئ الإنسانية والقانون الدولي وتخلت عنه دول العالم خوفاً من أمريكا ولكون إسرائيل خارج إطار المحاسبة فعلياً..
وبهذا القرار تكون الأمم المتحدة قد مضت في ذات الخط الإسرائيلي المتبع في غزة، وهو المس بالناس لتحقيق أهداف سياسية أياً كانت اخراج العملاء المقبوض عليهم في اغتيال الحكومة أو إجبار صنعاء على تغيير موقفها السياسي.
الانخراط الأممي في الجهود الغربية لتغيير موقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة وإيقاف المساندة للشعب الفلسطيني ، ليست قريبة ، بل بدأت مع تأكد الغرب أن صنعاء لن تعدل في موقفها وتوقف عمليات قصف العدو الإسرائيلي وإسناد غزة ..
في ابريل 2025م أعلن برنامج الأغذية العالمي إيقاف دعمه لعلاج حالات سوء التغذية متوسط الحدة في مناطق شمال اليمن الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء تحت مبرر نقص التمويل ، وفي سبتمبر 2025م اعلن وقف جميع عمليات الحيوية شمال اليمن ،سبق ذلك في فبراير 2025م وقف مشروع المساعدة للقطاع الصحي في محافظة صعدة ، والآن جرى إيقافه في مناطق شمال اليمن بكلها
فمع بداية عمليات الإسناد اليمني أوقف برنامج الغذاء العالمي جلَّ عملياته والمساعدات الغذائية التي كان يقدمها في اليمن، وخلال العام الأخير من حرب غزة أوقف منظمات أممية المساعدات الغذائية والصحية المقدمة لمحافظة صعدة ، وهي خطوة لم تكن بريئة في بعدها السياسي أو على صعيد إثارة النعرات المناطقية في الداخل اليمني، وإلقاء اللوم على طرف سياسي بعينه مع قطع الغذاء والمساعدة عن ملايين من السكان ، يقبعون تحت حصار مستمر منذ 2015م ، وتعاظمت تأثيرات مع كل عام يمر ونفاد المدخرات.
التعاطي الأممي في اليمن على مدى عشر سنوات لم يكن نظيفاً أو مشرفاً أقله، تكفي الإشارة إلى أن الأمم المتحدة التي كانت ضامناً لحل مشكلة العملة بين صنعاء و» حكومة المرتزقة « تنصلت على الإيفاء بالتزاماتها، ما أدى إلى استيلاء المرتزقة على مليارات من الأموال جرى طبعها في بداية العدوان السعودي الأمريكي في روسيا، وفي 2016 م أخرج الأمين العام السابق كوفي أنان السعودية من قائمة قاتلي الأطفال ، رغم توثيق منظمات وتقارير أممية مقتل مئات الأطفال اليمنيين آنذاك بالغارات السعودية ، والقائمة تمتد إلى الأغذية والأدوية المنتهية ، والابتعاد عن الاحتياجات الماسة لبلد تحت الحصار ، واستنزاف أموال المساعدات بشكل مهول ، والفساد الذي اعتراى آلية العمل الإنساني في اليمن خلال 10 سنوات ..
الانخراط الأممي في الحرب إلى جانب « إسرائيل « لن يكون بعيداً عن الأنظار والرصد ، فالبلد الذي كان مغموراً بالأمس، حين شنت أغنى الدول في العالم مالاً وتكنولوجيا عدواناً عليه، أصبح محور اهتمام العالم وسقطات الأمم المتحدة ستكون تحت الضوء ومفضوحة ..