إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
عشية إعلانها قبول الهدنة التي طرحتها الرباعية الدولية المأزومة، كانت مليشيا الدعم السريع تواصل هجماتها بالطيران المسيّر على أم درمان وعطبرة والأبيض، في مشهدٍ يكشف ازدواجية السلوك وفقدان المصداقية.
وما إعلانها قبول الهدنة إلا استعادة لصفحات التاريخ يوم رُفعت المصاحف على أسنّة الرماح في صفّين، لا طلبًا للحق، بل هروبًا من الهزيمة.
يجب التعامل مع هذا الإعلان بما تبعه من انتهاكات للمدنيين ،بوصفه مناورةً سياسية وتكتيكية، لا تحولًا أخلاقيًا. فالمليشيا التي ارتكبت جرائم وحشية في الفاشر والجنينة، وثّقتها تقارير أممية ودولية بوصفها جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية، لا يمكن أن تصبح فجأة طرفًا إنسانيًا محايدًا.
لذلك قبول الهدنة ليس تعبيرًا عن التزام بالسلام، بل أداة لإعادة التموضع: لامتصاص الغضب الدولي والإقليمي الذي تصاعد في الإعلام والرأي العام والعواصم الإقليمية والدولية وفي وسائل التواصل الاجتماعي ، المليشيا تعمل علي كسب شرعية زائفه تمنحها فسحةً لإعادة تجميع الصفوف في خطوط تماس متقدمة. للإنقضاض على المدنيين من جديد.
لذلك فإن قبولها للهدنة هو انعكاسٌ لضغوطٍ دوليةٍ متزايدة من الخارج، وخسائر ميدانية وانقسامات داخلية من الداخل. فالمشهد كله محاولة لتجنّب العزلة السياسية التي تتحرك الآن في جميع المنابر الحرة، بعد أن أصبحت المليشيا في مواجهة إداناتٍ عالمية وتحركاتٍ عسكرية وشعبية متصاعدة.
ولذلك، فقبولها يُقرأ، كخطةٍ لإعادة ترتيب أوراقها في ظل توازنٍ جديدٍ للقوى. فالمليشيا تعمل وفق أجندة الداعمين الاقليمين الذي كشفوا عن اطماعهم المخزية يوم أن ساووا بين المليشيا المنتهكة للحرمات والجيش الذي يستند إلى شرعية القانون والشعب .
تكمن خطورة هذا المشهد في محاولة التمرد التحوّل من فصيلٍ مسلّح إلى طرفٍ سياسي قابلٍ للتفاوض، عبر توظيف “الهدنة” و“وقف اطلاق النار” لإيهام العالم بوجود نوايا سلام، بينما تُبقي على الحرب ومصادر تمويلها.
إنّ أي هدنةٍ مع المليشيا تُمنح دون ضماناتٍ واضحة بعدم عودتها للمشهد السياسي والعسكري ، تمثّل مخاطرةً بتثبيت واقعٍ جديدٍ تحكمه القوة لا الشرعية. واقع لن يترك ليمرر أمام إرادة الشعب و مؤسسات الدولة.
أما دوليًا، فالمشهد يكشف تباين أولويات القوى الإقليمية والدولية: فبعض الأطراف ترى في الهدنة وسيلةً لتلميع صورتها كداعم للمليشيا أو لكسب موقعٍ تفاوضي يمكنها من فرض ارادتها علي السودانين ، بينما يرى الشارع السوداني أن السلام لا يُبنى على مقايضة المصالح بمعاناة الناس.
ومن دون تنفيذٍ لاتفاق جدة “11 مايو 2023” القاضي بانسحاب المليشيا من المدن وتسليم المواقع وفتح ملفات العدالة الانتقالية، فإن الحديث عن هدنةٍ ليس سوى خداعٍ سياسي ، لا يمكن التعامل معه.
في المقابل، يبقى الجيش السوداني الركيزة الأساسية لوحدة الدولة، لكنه يحتاج إلى إدارة واضحة لعمليات الدمج والتسريح “DDR” ،مستفيدا من خبراته السابقة في اتفاقات السلام، وفقا لقانون القوات المسلحة السودانية الذي يحفظ سيادة البلاد وأمنها.
إنّ التحدي أمام القيادة اليوم هو في الموازنة بين الحزم العسكري والذكاء السياسي والدبلوماسي، بحيث لا تُستغل الهدنة لإعادة تموضع الخصوم ولا يتحوّل الرفض إلى مواجهةٍ دبلوماسيةٍ غير محسوبة.
لذلك أي هدنةٍ مقبولة يجب أن تُربط بشروط تنفيذيةٍ صارمة: تتضمن آليات تحققٍ مستقلة. بجانب انسحاب وتسليم المواقع. وملاحقة مرتكبي الجرائم. مع التزام واضح بعدم عودة المليشيا تحت أي غطاءٍ سياسي أو عسكري.
كذلك، يتطلب الأمر تماسكًا وطنيًا في الخطاب بين القيادة العسكرية والسياسية، بحيث يُدار المسار الأمني – الإنساني برؤيةٍ ميدانيةٍ سودانية، بينما يُدار المسار السياسي مدنيًا عبر الاتحاد الأفريقي عبر الحوار السوداني السوداني ، دون تضاربٍ في المواقف أو ازدواجٍ في المعايير .
فالمطلوب ليس خلط الأدوار، بل تكاملها: الجيش يصنع البيئة الأمنية التي تتيح الحوار، والسياسيون ينتجون رؤية انتقالية تحفظ الدولة. عندها فقط يتحقق السلام الذي يمنع التدخل الخارجي ويحوّل الحرب إلى مشروعٍ سلام وطنيٍ لبناء الدولة.
أما إذا اختلّ هذا التوازن، فسيتحوّل السلام إلى صفقة دولية لا تصمد طويلًا. لقد أثبت التاريخ أن السلام المفروض من الخارج لا يعيش، بينما السلام الذي يولد من إرادةٍ وطنيةٍ حرة يتحوّل إلى عقدٍ اجتماعيٍ دائم.
ما أعلنته المليشيا، بحسب #وجه_الحقيقة، ليس خطوةً نحو السلام، بل مشهدٌ تكتيكي من مسرحٍ الوهم . أما السلام الحقيقي، فهو قرارٌ وطنيٌّ شجاع يبدأ بتنفيذ الاتفاقات، وتحقيق العدالة، وبناء المؤسسات القادرة على حماية المواطن والدولة.
فالشعارات لا تصنع الأمان، والمصاحف المرفوعة على أسنّة الرماح لا تُخفي خديعة السيوف.
إبراهيم شقلاوي
دمتم بخيرٍ وعافية.
الأحد 9 نوفمبر 2025م Shglawi55@gmail.com
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الملیشیا ت
إقرأ أيضاً:
التوم يشكر نبيه بري وجهاز أمن الدولة لإعادة المياه إلى القاع
أشار عضو "تكتل لبنان القوي" النائب الدكتور سامر التوم في تصريح إلى أنه "بعد فترةٍ من المتابعة الجادّة والجهود الحثيثة، عادت المياه إلى بلدة القاع بعد انقطاعٍ دام لبضعة أشهر، وفي هذه المناسبة، أتقدّم بالشكر والتقدير إلى دولة الرئيس نبيه برّي، الذي كان له الدور الأساس في معالجة هذا الملف. فقد بادر إلى منحنا موعداً سريعاً، واستمع باهتمامٍ كبير إلى تفاصيل المشكلة، وأظهر حرصاً استثنائياً في متابعة هذا الموضوع والعمل على حله".
وقال: "لقد تابع دولة الرئيس نبيه برّي هذا الملف خطوةً بخطوة، وأعطى التوجيهات اللازمة للجهات المعنية، وساهم بشكلٍ مباشر في إعادة المياه إلى بلدة القاع".
ورأى أن "هذا الموقف الكريم ليس غريبا عن دولة الرئيس نبيه برّي، وعن تأكيده المستمرّ بأنّ قضايا الناس اليومية هي أولوية وطنية لا تقلّ أهمية عن أيّ ملفّ آخر".
وتابع التوم: "أشكر أيضًا جهاز أمن الدولة ممثّلًا بسعادة اللواء الركن إدغار لاوندس والعقيد الديراني وجميع العناصر التي واكبت هذا الملف ميدانيا. كما أتقدّم بالشكر والتقدير إلى جميع من ساهم في إنجاح هذا الجهد: مسؤول الشؤون البلدية المركزي في حركة "أمل" الأستاذ بسام طليس، مسؤول العمل البلدي في "حزب الله" في منطقة البقاع الشيخ مهدي مصطفى، مسؤول الشؤون البلدية في إقليم البقاع في حركة "أمل" الأستاذ صبحي العريبي، رؤساء بلديات اللبوة علي رباح، النبي عثمان أسامة نزها، والعين زكريا ناصر الدين، كاهن رعية القاع الأب إليان نصرالله، رئيس بلدية القاع الأستاذ بشير مطر، وأعضاء المجلس البلدي والمخاتير: شوقي التوم، طوني نصرالله، كامل البيطار، إلياس عوض، وإيلي شحود، وجميع العاملين من أبناء بلدة القاع الذين يسهرون على تأمين استمرار تدفّق المياه إلى البلدة عبر القناة، وممثلي مؤسسة مياه البقاع".
واعتبر أن "إعادة المياه إلى بلدة القاع هي تعبير عن الإرادة الصادقة في التمسّك بالعيش المشترك المتجذّر في هذه المنطقة. إنها الخطوة الأولى من اجل تصحيح هذا المسار، وأتمنى على جميع المعنيين التنسيق والتعاون للحفاظ على هذا الإنجاز، ولمنع تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلاً، والعمل على إيجاد الحلول الجذرية والدائمة التي تضمن استقرار عودة المياه بشكلٍ عادلٍ ومنتظمٍ ومستدام". (الوكالةالوطنية)
مواضيع ذات صلة باسيل: أمن الدول العربية أولوية ونشكر قطر على دعمها للبنان Lebanon 24 باسيل: أمن الدول العربية أولوية ونشكر قطر على دعمها للبنان 07/11/2025 16:04:33 07/11/2025 16:04:33 Lebanon 24 Lebanon 24 أورتاغوس بدأت جولتها بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الساعة 9:30 صباحاً (الجديد) Lebanon 24 أورتاغوس بدأت جولتها بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الساعة 9:30 صباحاً (الجديد)
07/11/2025 16:04:33 07/11/2025 16:04:33 Lebanon 24 Lebanon 24 رئيس مجلس النواب نبيه بري يلتقي في هذه الأثناء في عين التينة الرئيس نجيب ميقاتي Lebanon 24 رئيس مجلس النواب نبيه بري يلتقي في هذه الأثناء في عين التينة الرئيس نجيب ميقاتي
07/11/2025 16:04:33 07/11/2025 16:04:33 Lebanon 24 Lebanon 24 وصول رئيس مجلس النواب نبيه بري الى قصر بعبدا Lebanon 24 وصول رئيس مجلس النواب نبيه بري الى قصر بعبدا
07/11/2025 16:04:33 07/11/2025 16:04:33 Lebanon 24 Lebanon 24 أعضاء المجلس نبيه برّي نبيه بري حزب الله نصرالله البقاع الكريم لبنان قد يعجبك أيضاً
اجتماع اتحاد بلديات الكورة وشركة السبع لمناقشة خطة تشغيل المقالع
Lebanon 24 اجتماع اتحاد بلديات الكورة وشركة السبع لمناقشة خطة تشغيل المقالع
15:38 | 2025-11-07 07/11/2025 03:38:46 Lebanon 24 Lebanon 24 جنبلاط: أين التحقيقات بعد خمس سنوات على انفجار مرفأ بيروت؟
Lebanon 24 جنبلاط: أين التحقيقات بعد خمس سنوات على انفجار مرفأ بيروت؟
15:30 | 2025-11-07 07/11/2025 03:30:45 Lebanon 24 Lebanon 24 عن نشاط "حزب الله"... هذا ما كشفه المتحدث باسم "اليونيفيل"
Lebanon 24 عن نشاط "حزب الله"... هذا ما كشفه المتحدث باسم "اليونيفيل"
15:22 | 2025-11-07 07/11/2025 03:22:32 Lebanon 24 Lebanon 24 ريما كرامي: التعليم الركيزة الأساسية لنهضة لبنان ووحدته الوطنية
Lebanon 24 ريما كرامي: التعليم الركيزة الأساسية لنهضة لبنان ووحدته الوطنية
15:22 | 2025-11-07 07/11/2025 03:22:18 Lebanon 24 Lebanon 24 كريم كبارة: ملف الاستشفاء يشكل همّ اللبنانيين الأكبر وسط غياب دور الدولة
Lebanon 24 كريم كبارة: ملف الاستشفاء يشكل همّ اللبنانيين الأكبر وسط غياب دور الدولة
15:11 | 2025-11-07 07/11/2025 03:11:04 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
دخل في غيبوبة وأصيب بكسر في الجمجمة.. فنان شهير يتعرّض لحادث سير مروع (فيديو)
Lebanon 24 دخل في غيبوبة وأصيب بكسر في الجمجمة.. فنان شهير يتعرّض لحادث سير مروع (فيديو)
07:22 | 2025-11-07 07/11/2025 07:22:19 Lebanon 24 Lebanon 24 تهديد إسرائيليّ بقصف بيروت: ما حصل اليوم مُجرّد مقدمة
Lebanon 24 تهديد إسرائيليّ بقصف بيروت: ما حصل اليوم مُجرّد مقدمة
21:03 | 2025-11-06 06/11/2025 09:03:00 Lebanon 24 Lebanon 24 خبير عسكريّ يفضح نوايا نتنياهو: لهذا السبب يُريد إشعال جبهة لبنان
Lebanon 24 خبير عسكريّ يفضح نوايا نتنياهو: لهذا السبب يُريد إشعال جبهة لبنان
23:20 | 2025-11-06 06/11/2025 11:20:15 Lebanon 24 Lebanon 24 تصعيد خطير في الجنوب: إنذارات إسرائيلية وغارات عنيفة وتحذيرات من البلديات
Lebanon 24 تصعيد خطير في الجنوب: إنذارات إسرائيلية وغارات عنيفة وتحذيرات من البلديات
16:14 | 2025-11-06 06/11/2025 04:14:10 Lebanon 24 Lebanon 24 بيروت في دائرة الخطر.. إسرائيل تختار التصعيد
Lebanon 24 بيروت في دائرة الخطر.. إسرائيل تختار التصعيد
14:32 | 2025-11-07 07/11/2025 02:32:27 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
15:38 | 2025-11-07 اجتماع اتحاد بلديات الكورة وشركة السبع لمناقشة خطة تشغيل المقالع 15:30 | 2025-11-07 جنبلاط: أين التحقيقات بعد خمس سنوات على انفجار مرفأ بيروت؟ 15:22 | 2025-11-07 عن نشاط "حزب الله"... هذا ما كشفه المتحدث باسم "اليونيفيل" 15:22 | 2025-11-07 ريما كرامي: التعليم الركيزة الأساسية لنهضة لبنان ووحدته الوطنية 15:11 | 2025-11-07 كريم كبارة: ملف الاستشفاء يشكل همّ اللبنانيين الأكبر وسط غياب دور الدولة 15:06 | 2025-11-07 جابر: من دون إتّفاق مع صندوق النقد الدولي ستُصبح قدرتنا على مساعدة لبنان أصعب فيديو انهار وفقد السيطرة على نفسه.. فنان يكشف خيانة حبيبته له مع مطرب شهير! (فيديو)
Lebanon 24 انهار وفقد السيطرة على نفسه.. فنان يكشف خيانة حبيبته له مع مطرب شهير! (فيديو)
10:42 | 2025-11-05 07/11/2025 16:04:33 Lebanon 24 Lebanon 24 مباشرة على الهواء.. إعلامي شهير يُعلن اعتزاله المهنة قريباً (فيديو)
Lebanon 24 مباشرة على الهواء.. إعلامي شهير يُعلن اعتزاله المهنة قريباً (فيديو)
10:58 | 2025-11-03 07/11/2025 16:04:33 Lebanon 24 Lebanon 24 تحيةً لذكرى منصور رحباني.. عمر رحباني يطلق النسخة الأوركسترالية من "غريبين وليل"
Lebanon 24 تحيةً لذكرى منصور رحباني.. عمر رحباني يطلق النسخة الأوركسترالية من "غريبين وليل"
20:16 | 2025-11-02 07/11/2025 16:04:33 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24