الإصلاحات الهيكلية تدعم نمو الاقتصاد العُماني في 2024.. والصناعات التحويلية تقود نمو القطاع غير النفطي
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
◄ عُمان تستعيد "درجة الاستثمار" في التصنيف الائتماني السيادي
◄ القطاع المصرفي يحافظ على مستويات عالية من السيولة والرسملة
◄ الأساسات القوية للاقتصاد الكلي تدعم مواصلة المرحلة التالية من الإصلاحات
◄ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 1.6% بدعم تحسن أداء القطاع غير النفطي
◄ 5 % نموًا بالناتج الصناعي الحقيقي.
. و"التحويلية" يرتفع 8.3%
◄ 0.6 % متوسط التضخم السنوي مع اعتدال أسعار المواد الغذائية
◄ نجاح جهود خفض الدين العام إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي
◄ القطاع المصرفي يحافظ على استقراره ومتانته بفضل صلابة القاعدة الرأسمالية
◄ 44.6 مليار ريال أصول القطاع المصرفي.. والائتمان الممنوح يسجل 32.5 مليار
◄ 2.9 % نموًا متوقعًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنهاية 2025
◄ توقعات بعجز مزدوج طفيف في "الميزانية" والحساب الجاري
مسقط- العُمانية
سجّل الاقتصاد العُماني نموًّا ملحوظًا خلال عام 2024، مدعومًا بالإصلاحات الهيكلية والتوسع المستمر في القطاع غير النفطي وظلّ التضخم ضمن مستويات متدنية بفضل تناسق السياستين النقدية والمالية.
جاء ذلك في التقرير السنوي الذي أصدره البنك المركزي العُماني، أمس، واستعرض فيه تحليلًا شاملًا للتطورات الاقتصادية والمالية في سلطنة عُمان خلال عام 2024.
وأكد التقرير أن أرصدةَ الحساب المالي للدولة والقطاع الخارجي حقّقت فوائضَ جيدةً نسبيًا في عام 2024، في حين واصل رصيدُ الدين العام مساره التنازلي.
وأشار التقرير إلى أن السياساتِ والإجراءات المالية المختلفة أثمرت في تمكُّن سلطنةِ عُمان من العودة إلى "درجة الاستثمار" في التصنيف الائتماني السيادي، مع حفاظ القطاع المصرفي على مستوياتٍ عاليةٍ من السيولة والرسملة.
وبين التقرير أنه بفضل الأساسياتِ القوية للاقتصاد الكلي، أتاحت البيئةُ المحلية فرصةً ثمينةً للمضي قدمًا في المرحلة التالية من الإصلاحات الهيكلية في إطار رؤية "عُمان 2040".
وأوضح التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 1.6 بالمائة خلال العام الماضي مقارنةً بـ 1.4 بالمائة في عام 2023م، مدفوعًا بتحسّن أداء القطاع غير النفطي الذي شهد نموًّا أيضًا بنسبة 3.9 بالمائة نتيجة التوسع في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات والقطاع اللوجيستي.
وذكر التقرير أن الناتج الصناعي الحقيقي سجّل نموًّا بنسبة 5 بالمائة في عام 2024م، معوِّضًا التراجع الذي بلغت نسبته 3 بالمائة في عام 2023م، كما نما قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 8.3 بالمائة، في حين حقّق قطاعُ الإنشاءات نموًّا نسبته 2.4 بالمائة، وقطاع الخدمات بنسبة 3 بالمائة، مدفوعًا بنمو تجارة الجملة والتجزئة (5.3 بالمائة) والنقل والتخزين (4 بالمائة).
وعلى صعيد التضخم، انخفض المعدل في عام 2024 بشكل ملحوظ مقارنةً بعام 2023م، إذ ساعدت قوة الريال العُماني، إلى جانب الإجراءات الإدارية والمالية، في احتوائه، فبلغ متوسطُ معدل التضخم 0.6 بالمائة في 2024 مقارنةً مع 0.9 بالمائة في 2023م، نتيجة لانخفاض أسعار النقل واعتدال أسعار المواد الغذائية، وما يزال معدل التضخم في سلطنةِ عُمان من بين الأدنى في المنطقة، مدعومًا بالسياسات النقدية والمالية المتبعة من جانب الحكومة.
أما على صعيد المالية العامة، فاستمرّت الأوضاعُ المالية لسلطنةِ عُمان في التحسّن مع الحفاظ على مستوياتٍ جيّدةٍ من الفوائض في عام 2024، مدعومةً بأسعار النفط المواتية وتبنّي الإجراءات الحصيفة على مستوى السياسات وتحسين إجراءات الضبط المالي. ونتيجةً لذلك، نجحت الحكومة في تحقيق فائضٍ مالي بنسبة 1.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024م، ما يعكس التقدّم المُحرز في مسار ضبط أوضاع المالية العامة وتكثيف الجهود الهادفة إلى تحقيق الاستدامة المالية.
وتمكّنت الحكومة بفضل هذه الإجراءات الفعّالة، إلى جانب استراتيجيتها لإدارة الدين، من خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 35.0 بالمائة في عام 2024م مقارنةً بنسبة 37.1 بالمائة في عام 2023.
وفيما يتعلق بالمركز الخارجي، فقد حافظ على أدائه في عام 2024، مدعومًا بأسعار النفط المواتية، ونمو الصادرات غير النفطية، وترشيد المصروفات الجارية من قبل الحكومة، فضلًا عن جذب استثماراتٍ أجنبيةٍ مباشرة في عدة قطاعات، والتي من المأمول أن تسهم إيجابًا في تحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040".
وأَسهمت هذه العوامل في تحقيق فائضٍ في الحساب الجاري نسبته 2.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024م، وبشأن تحويلات العاملين، فقد ظلّت مستقرةً خلال العام الماضي؛ بما يتماشى مع الطلب الاقتصادي على العمالة الأجنبية، ما يُعزى إلى تزايد إقبال العُمانيين على التوظيف في القطاع الخاص.
ويُشكّل نظامُ سعر الصرف الثابت للعملة الوطنية أداةً أساسيةً للحفاظ على مستوياتِ تضخمٍ متدنيةٍ ومستقرة، كما أنّه يوفر ركيزةً اسميةً موثوقةً؛ آخذًا في الاعتبار هيكلَ الاقتصاد العُماني.
وواصل البنكُ المركزي العُماني خلال عام 2024 التزامه بأطرِ السياسةِ النقدية المتبعة، بهدف ضمان تعزيز كفاءةِ عملياتِ إدارة السيولة التي تدعم النشاط الاقتصادي المحلي وتتماشى مع السياسة النقدية التيسيرية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؛ إذ قام البنكُ المركزي العُماني بتخفيض سعر الفائدة الأساسي ليصل إلى 5.145 بالمائة في نهاية ديسمبر 2024.
وفيما يتعلق بالاستقرار المالي، نجح القطاعُ المصرفي بالحفاظ على استقراره ومتانته، مستفيدًا من صلابة القاعدة الرأسمالية ووفرة السيولة وجودة الأصول، واستمر القطاع في تلبية احتياجات ومتطلبات التنمية الاقتصادية، مع الاهتمام بالتحول الرقمي بهدف تقديم الخدمات المالية بصورة أفضل وعلى نطاق أوسع.
وأظهر النظامُ المصرفي في سلطنةِ عُمان خلال عام 2024 تحسّنًا في الأداء؛ حيث ارتفع إجمالي أصول القطاع المصرفي بنسبة 6.6 بالمائة ليصل إلى 44.6 مليار ريالٍ عُماني، وارتفع إجمالي الائتمان الممنوح إلى 32.5 مليار ريالٍ عُماني بمعدل نمو قدره 6.7 بالمائة مقارنةً مع 4.3 بالمائة في عام 2023م.
ويعزى هذا النمو في الائتمان إلى النمو المتسارع في إجمالي الودائع، الذي سجّل نموًّا بنسبة 9.1 بالمائة ليبلغ 31.7 مليار ريالٍ عُماني مقارنةً بعام 2023.
واستمر القطاعُ المصرفي في تحقيق معدلاتِ ربحيةٍ جيّدة، ما يدل على مرونة القطاع المالي، وظل إجمالي القروض المتعثرة منخفضًا إلى حدٍّ معقول، حيث بلغ 4.5 بالمائة حتى ديسمبر من عام 2024م، كما بلغت نسبةُ كفاية رأس المال 18.2 بالمائة بنهاية عام 2024م مقارنةً مع 19.7 بالمائة في نهاية عام 2023م، كما حافظت البنوك على مستوى سيولةٍ كافٍ وفقًا لنسب السيولة المنصوص عليها ضمن المتطلبات الرقابية.
من جانب آخر، قامت سلطنةُ عُمان خلال العام الجاري (2025) بتحديث الإطار التنظيمي للأعمال المصرفية وفقًا للمرسوم السلطاني رقم (2/ 2025)، الذي صدر بموجبه قانونٌ مصرفي جديد يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية، ويهدف إلى تعزيز مرونة القطاع المصرفي وشفافيته وقدرته التنافسية. وأتاح القانونُ الجديد هامشًا أكبر من المرونة في تنظيم الأعمال والتقنيات المصرفية الناشئة، كما تضمن أحكامًا تتعلق باستخدام الأدوات الرقابية القائمة على المخاطر، تعزيزًا لفاعلية العمل الرقابي.
كما أطلق البنكُ المركزي العُماني مبادرةً مهمةً تُلزم البنوك بتخصيص جزء من الائتمان أو التمويل للقطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، مثل الزراعة وصيد الأسماك، والتعدين، واللوجستيات، والسياحة، والطاقة المتجددة، بما يتماشى مع أولويات التنمية الوطنية.
ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.9 بالمائة في عام 2025م، مدفوعًا بالقطاعات غير النفطية، كما سيظل التضخم منخفضًا، فيما يُتوقع أن يسجل رصيد الميزانية العامة ورصيد الحساب الجاري عجزًا طفيفًا، مع بقاء الدين العام في حدودٍ مستدامة عند 35.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع انتهاء خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021- 2025) بنهاية العام الجاري، تكون سلطنةُ عُمان قد قطعت شوطًا كبيرًا نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية ضمن رؤية "عُمان 2040"، فقد أسست جهود التنويع الاقتصادي، واستدامة المالية العامة، وزيادة مشاركة القطاع الخاص، والإصلاحات المؤسسية، لقاعدةٍ متينةٍ للنمو القوي والشامل، ومع استمرار الإصلاحات ومرونة القطاع المصرفي، تظل سلطنةُ عُمان قادرةً على الصمود لمواجهة التحديات العالمية والمضي قدمًا في استراتيجيتها التنموية طويلة الأجل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لماذا يبيع الاقتصاد العُماني أصوله الناجحة؟!
د. أحمد بن علي العمري
حزَّ في نفسي كثيراً كما يحزُّ في نفس كل عُماني مُخلص أو حتى مُقيم غيور على هذا البلد العزيز الضارب بتاريخه في جذور التاريخ المختلفة والمتنوعة أن تبيع مجموعة محمد البراوني العملاقة حصة من شركة "محمد البرواني للخدمات النفطية" إلى شركة أدنوك المملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والجارة العزيزة، ونحن عينان في وجه واحد ووجهان لعملة واحدة ولكن المصالح قد تختلف والمشارب قد تفترق.
ولنبحث في كيفية تكوين الشركات العملاقة للاقتصادي الكبير محمد البرواني، فقد بدأ الرجل حياته في شركة "PDO" ثم بدأ بعقليّته التجارية المتميزة ونبوغه الاقتصادي في تأسيس تجارته الخاصة وفي كل مراحله إلى العمل التجاري الحر، كانت وما زالت سلطنة عُمان داعمة له ومؤيدة لمساره والساندة والمتعاضدة معه؛ لأنها رأت فيه الطموح والرؤية البعيدة والفكر والمنهج والتخطيط السليم والمضي نحو الهدف بكل عزم واقتدار؛ فآمنت به وساعدته للوصول إلى مآربه ومقاصده، مثل ما دعمت غيره وعززت اقتصادات مختلفة في السلطنة لتوصلهم إلى مبتغاهم آملة أنه عندما يقوى عودهم ويكبر مقامهم ويكون لهم الأمر والشأن، أن يقفوا معها ويذكروا ما بذلته لهم بلدهم ويردوا ولو بشيء الجميل لمن وقف معهم في بداياتهم وصعوبة تكوينهم، وعلى الأقل يساعدوا ولو بالقليل في توظيف الباحثين عن عمل الذين بدأوا يزيدون ويرمون بثقلهم على الدولة، ويخففوا معاناة البلد والمواطن.
أما أن يعطوا الظهر لهذا ويسعوا إلى المكاسب الشخصية… فهذا غير مقبول وليس من المنطقي ولنسأل هنا وأنا لا أقصد الرجل بشخصه وحاشا لله؛ بل نحن جميعاً نفتخر به ونتباهى بما أنجزه وإنما الحديث عن مؤسسته التي فضل هو أن يسميها باسمه، ولنقول هل محمد البرواني محتاج للفلوس حتى يبيع؟!
وإذا كان كذلك فلماذا لا يبيع إلى جهاز الاستثمار العُماني أو إلى إحدى الشركات البارزة والاقتصادات الرائدة ولنذكر على سبيل المثال وليس الحصر الزواوي والزبير وبهوان والمعشني ومحسن حيدر درويش وغيرها الكثير من الشركات التي تسهم مساهمة فعالة ومجدية في الاقتصاد وقائمة بالواجب وشاكرة لفضل الحكومة عليها.
ويا ترى بعد امتلاك أدنوك لشركات النفط الخاصة بالاقتصادي المُتميز محمد البرواني ويتقدم للعمل في الشركة، مواطن إماراتي شقيق مع مواطن عُماني، فلنسأل أيهما تكون له الأفضلية؟ شيء طبيعي أن تكون للإماراتي الشقيق وهذا حقه.
والسؤال الآخر هل ترضى دولة الإمارات الشقيقة والجارة العزيزة أن تشتري شركة عُمانية شركة "أدنوك" أو تستحوذ عليها؟ الإجابة بالطبع كلا وألف لا، وهذا حق طبيعي ومشروع لا يختلف عليه اثنان ولا نلومهم في ذلك أبداً ولكن اللوم يقع علينا ومنَّا وفينا.
إذن أين وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وجهاز الاستثمار العُماني عن هذا التصرف الغريب؟ أم أن الأمر كما يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب العروض وأستاذ سيبويه: "أعلمه الرماية كل يوم // فلما أشتد ساعده رماني".
إننا كعُمانيين يحز فينا هذا الأمر ويبلغ فينا مبلغ الذروة، فلا نريد أن نحترق ولا نريد لبلادنا أن تتأذى ولا نريد العقوق من أولادها لها.
من ناحية أخرى صرح الرئيس التنفيذي لشركة Ducab الإماراتية أنهم استحوذوا على كابلات عُمان، وبعد التحري والتقصي أتضح أنهم استحوذوا على المصنع الوطني للكابلات في صلالة وليس على كابلات عُمان نفسها وهما شركتان مختلفتان. وهذا أيضاً مصاب اقتصادي عظيم. ويجب أخذ الحيطة والحذر وعدم الاستهانة والمتابعة الدقيقة لكل شاردة وواردة.
وربما يتطلب الأمر استحداث تشريع يقترحه مجلس عُمان بشقيه الشورى والدولة يكون بموجبه عدم مغادرة الشركات الكبيرة السوق المحلية دون موافقة الدولة وتحت إشرافها ومن يريد أن يبيع فليعرض محليا أولاً وهذا حق الشفعة، الأمر الذي أمر به الدين على أقل تقدير؛ لأنه إذا استمرت الأمور على هذا المنوال فسوف يقع الثقل كله على الحكومة وحدها بلا معين ولا مساند.
ونحن عندنا رؤية نريد أن نحققها وعلينا ديون نتمنى أن نسددها ولدينا مشاريع تنموية نريد أن ننجزها وهناك أهداف اجتماعيه نطمح أن نحققها.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصر