لا تزال المخاطر الأمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تفرض كابوسًا على شركات الشحن البحري العالمية، رغم توقف إطلاق النار في غزة وتراجع المبررات الأمنية التي استخدمتها ميليشيا الحوثي الإيرانية لشن هجماتها على السفن التجارية. 

التحركات العسكرية المستمرة والتوترات المتقطعة قرب السواحل جعلت شركات عالمية كبرى مترددة في العودة إلى المرور عبر الممرات البحرية الحيوية، ما يعكس أثر هذه الاضطرابات على حركة التجارة العالمية وأسعار الشحن.

قبل أيام أكدت شركة هاباج لويد الألمانية، إحدى أكبر شركات شحن الحاويات في العالم، أنها لن تستأنف رحلاتها عبر قناة السويس إلا بعد التأكد من استقرار الوضع الأمني بشكل كامل. 

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، رولف هابن يانسن: "في الوقت الحالي، لا نتوقع العودة قريباً جداً"، موضحاً أن الشركة تواصل مراقبة التطورات والتنسيق مع شركاء الشحن.

وأوضحت الشركة أن أرباحها انخفضت بنسبة 50% خلال الفترة نفسها لتصل إلى 986.61 مليون دولار، وهو ما دفعها إلى خفض توقعاتها السنوية نتيجة تقلبات السوق، اضطرابات الشحن البحري، ارتفاع التكاليف، والمخاوف الأمنية في البحر الأحمر، بالإضافة إلى التحولات المتكررة في السياسة التجارية الأمريكية.

ولم تكن شركة هاباج لويد الوحيدة المتأثرة، إذ سبقها إعلان شركة ميرسك الدنماركية أنها لن تستأنف النقل عبر البحر الأحمر إلا بعد الوصول إلى حل أمني مستدام يضمن سلامة السفن والطاقم. معربة عن أملها في أن يُسهم وقف إطلاق النار في غزة في استعادة استقرار الملاحة البحرية. 

وأشارت إلى أن هناك صلة مباشرة بين تصاعد المخاطر الأمنية في مضيق باب المندب والصراع الدائر في غزة، لكنها اعتبرت أنه من السابق لأوانه تقييم مدى تأثير التطورات السياسية الأخيرة على الوضع الأمني في البحر الأحمر.

استمرار تعليق الشركات العملاقة تسيير رحلاتها التجارية عبر البحر الأحمر عكس بدوره على الوضع الاقتصادي المصري وتدفق السفن التجارية عبر قناة السويس التي تضررت بشكل كبير من لجوء الشركات لمسارات أخرى "رأس الرجاء الصالح" رغم تكلفتها الباهظة وبعد المسافة.

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن مصر كانت من أكثر الدول تأثراً بالتصعيد الأخير في البحر الأحمر وخليج عدن. مشيراً إلى فقدان قناة السويس أكثر من 9 مليارات دولار من عائداتها خلال العام الماضي نتيجة انخفاض حركة الملاحة الدولية. 

وأوضح أن عدد السفن العابرة للقناة انخفض من أكثر من 72 سفينة يومياً إلى بين 25 و30 سفينة فقط، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين وتأخير الرحلات البحرية.

يأتي استمرار تردد شركات الشحن العالمية في العودة إلى الممرات البحرية الاستراتيجية وسط قلق متنامٍ بشأن تأمين السفن وحماية التجارة الدولية، ما يبرز الأثر الاقتصادي المباشر للصراعات الإقليمية على حركة التجارة البحرية العالمية وأرباح شركات الشحن الكبرى، ويجعل استعادة الاستقرار في البحر الأحمر ضرورة حيوية لضمان استدامة الممرات التجارية الدولية.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر شرکات الشحن

إقرأ أيضاً:

محميتا رأس حاطبة والثقوب الزرقاء.. نقلة نوعية في المحافظة على الحياة البحرية بالمملكة

في خطوة تعكس اهتمام المملكة بحماية النظم البيئية البحرية وصون التنوع الأحيائي، أُعلن مؤخرًا عن اعتماد محمية رأس حاطبة ومحمية الثقوب الزرقاء كمحميتين طبيعيتين جديدتين في البحر الأحمر، بإشراف المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، لتشكلا معًا إضافة نوعية لشبكة المحميات الوطنية التي تسعى لحماية ٣٠٪ من مساحة المملكة البرية والبحرية بحلول ٢٠٣٠ تحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء ورؤية السعودية 2030 في الحفاظ على البيئة وتنمية السياحة البيئية المستدامة.

رأس حاطبة.. موئل التنوّع الأحيائي ومختبر طبيعي للحياة البحرية

تُعد محمية رأس حاطبة من أبرز المواقع البحرية في المملكة، لما تتميز به من ثراء بيئي فريد وموائل بالغة الحساسية، تجعلها مركزًا رئيسيًا لدعم التنوع الأحيائي وصون النظم البيئية في البحر الأحمر.

تضم المحمية تشكيلات مرجانية متنوعة تشمل الشعاب الحاجزية ومئات الشعاب البُقعية، التي تُشكّل بنية أساسية لأنظمة الحياة البحرية ومواقع رئيسية للتكاثر والتغذية والحضانة. هذا التنوع يعزز من مرونة النظام البيئي وقدرته على التكيّف مع التغيرات المناخية والضغوط البشرية.

وتحتضن المحمية ثماني جزر بحرية معظمها رملية، تُعد موائل مهمة لتعشيش الطيور والسلاحف البحرية، مما يمنحها قيمة بيئية عالية. كما تنتشر فيها مروج الحشائش البحرية التي تُعد ركيزة في السلسلة الغذائية البحرية ومخزنًا للكربون، ما يسهم في مواجهة تغيّر المناخ.

ويضاف إلى ذلك انتشار غابات المانجروف التي تُشكّل خط الدفاع الأول للسواحل، وتوفر بيئة حضانة طبيعية للأسماك واللافقاريات. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن سلامة المؤشر الصحي للشعاب المرجانية والأسماك في المحمية، ما يعكس استقرار النظام البيئي فيها.

كما تم رصد أنواع بحرية كبرى ذات أهمية عالمية، منها قرش الحوت، والحوت البريدي، والدلافين قارورية الأنف، والسلاحف الخضراء، ما يؤكد أهمية المنطقة كموئل رئيسي للهجرة والتكاثر في البحر الأحمر.

ويجري تنفيذ برامج مراقبة بيئية منتظمة تشمل تقييم الشعاب المرجانية والأسماك مرتين سنويًا، ومسوحًا دورية لمروج الحشائش البحرية، إلى جانب تفتيش بيئي دوري للتأكد من الالتزام بالأنظمة ، مع إعداد خطة أمن حيوي للحد من تأثير الأنواع غير المحلية.

الثقوب الزرقاء.. أعجوبة جيولوجية وبيئية تُثري معرفة البحر الأحمر

أما محمية الثقوب الزرقاء، فهي من أكثر المواقع البحرية والجيولوجية تفرّدًا في البحر الأحمر، إذ اكتُشفت حديثًا عام 2022 خلال رحلة العقد لاستكشاف البحر الأحمر بمشاركة سفينة الأبحاث OceanXplorer وسفينة العزيزي التابعة لجامعة الملك عبد العزيز.

تضم المحمية تكوينات نادرة من الثقوب الزرقاء، وهي ظواهر جيومورفولوجية نادرة تمثل نظمًا بيئية بحرية بالغة الأهمية لفهم تطور الشعاب المرجانية والأنظمة الساحلية. وتنتشر فيها تشكيلات واسعة من الشعاب المرجانية تشمل الشعاب الحاجزية والحلقية والبقعية، إلى جانب 35 جزيرة بحرية تُوفر موائل غنية لتعشيش الطيور والسلاحف.

تتميز المحمية كذلك بتنوّع أحيائي كبير من الأسماك واللافقاريات مثل نجم البحر، قنافذ البحر، والمحار العملاق، إضافة إلى مروج الحشائش البحرية التي تُعد عنصرًا أساسيًا في السلسلة الغذائية ومخزونًا للكربون.

وأظهرت المسوحات الأخيرة رصد أنواع بحرية كبيرة، منها أربعة أنواع من الدلافين، وقرش الحوت، وأسماك الراي، إضافة إلى حوت البريدي والسلاحف البحرية، من بينها السلاحف الخضراء وصقرية المنقار.

وتُجرى في المحمية برامج رصد ومتابعة دورية للشعاب المرجانية والأسماك مرتين سنويًا، ومراقبة سنوية لمروج الحشائش البحرية، مع تطبيق إجراءات تفتيش بيئي منتظمة، وحظر أنشطة شباك الجر، وإعداد خطة أمن حيوي للمناطق الساحلية المجاورة.

تعزيز شبكة المحميات البحرية

يمثل إعلان المحميتين الجديدتين امتدادًا لجهود المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في توسيع نطاق شبكة المحميات الطبيعية بالمملكة، لا سيما في البيئات البحرية التي تُعد من أغنى الأنظمة الأحيائية في المنطقة.

وتأتي هذه الخطوة في إطار رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة المملكة بحلول عام 2030، انسجامًا مع مستهدفات مبادرتي السعودية الخضراء، وتأكيدًا على الدور الريادي للمملكة في حماية التنوع الأحيائي الإقليمي والعالمي.

أخبار السعوديةالتنوع الأحيائيالنظم البيئية البحريةمحمية الثقوب الزرقاءقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • حملة لحي شمال الغردقة للرقابة على الأنشطة التجارية ورفع الإشغالات
  • ارتفاع حركة الشحن البحري وسط تردد الشركات المرتبطة بـ “إسرائيل” من العودة للبحر الأحمر
  • أمبري: تعرض ناقلة نفط متجهة نحو المياه الإقليمية الإيرانية لهجوم بحري
  • شركات الشحن مترددة رغم إعلان الحوثيين وقف الهجمات في البحر الأحمر
  • معهد أمريكي: استمرار تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر سيؤثر بالدرجة الأولى على رؤية الرياض 2030 (ترجمة خاصة)
  • شركة شحن ألمانية: لا عودة وشيكة لقناة السويس ونراقب الوضع عن كثب
  • اليمن والصومال.. عدم الاستقرار يضاعف المخاطر البحرية على التجارة الدولية
  • محميتا رأس حاطبة والثقوب الزرقاء.. نقلة نوعية في المحافظة على الحياة البحرية بالمملكة
  • القوات الأوروبية تواجه تهديدات الحوثي بعمليات تأمين السفن في البحر الأحمر