العُمانية: يشهد القطاع المصرفي في سلطنة عُمان تحولًا نوعيًّا نحو الرقمنة مدفوعًا برؤية وطنيّة طموحة تسعى إلى تعزيز الكفاءة التشغيليّة وتحسين جودة الخدمات المصرفيّة وتوسيع قاعدة الشّمول الماليّ، بما يواكب مستهدفات رؤية "عُمان 2040" في بناء اقتصاد رقميّ متكامل قائم على المعرفة والتّقنية.

ويأتي هذا التحول استجابةً للتغيّرات العالميّة المتسارعة في مجال التكنولوجيا المالية، وتأكيدًا لدور القطاع المصرفي كأحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي، إذ تجاوزت الرقمنة كونها مجرد تحديث للأنظمة إلى خطوة استراتيجية تعيد رسم العلاقة بين المؤسسات المالية والعملاء، وتعزز كفاءة الأداء والشفافية في المعاملات.

وقال إسحاق بن هلال الشرياني خبير اقتصادي إن التحول الرقمي أصبح إحدى الركائز الأساسية في القطاع المصرفي العُماني، حيث أسهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية وتسهيل العمليات البنكية ما انعكس إيجابًا على تحفيز بيئة الاستثمار ورفع مستوى الشفافية وسرعة تدفّق المعلومات المالية، وهذا الأمر يعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حدٍّ سواء.

وأضاف لوكالة الأنباء العُمانية أن التحول الرقمي مكّن البنوك العُمانية من تقديم خدمات مالية مبتكرة تدعم نموّ قطاع الأعمال، وتسهل على الشركات الناشئة الوصول إلى حلول تمويليّة رقميّة مرنة بما يعزّز التنافسيّة والاستدامة في القطاع المصرفي.

وأشار إلى أن أبرز العوامل المحفزة لهذه الإسهامات تضمنت دعم البنك المركزي العُماني لبرامج التحول الرقمي من خلال مبادرات الدفع الإلكتروني، وترخيص شركات التكنولوجيا المالية، وتنفيذ استراتيجية التحول المالي 2021–2025، إلى جانب تطوير البنية الأساسية الرقمية على مستوى القطاعين العام والخاص، وارتفاع الوعي التقني لدى المستخدمين والعملاء، ما سرع من تقبل الحلول المصرفية الحديثة وأسهم في ترسيخ التحول نحو اقتصاد رقمي مستدام.

من جانبه، قال فيصل بن ناصر العزيزي خبير ومستشار مالي، إن القطاع المصرفي في سلطنة عُمان يشهد تحولًا متسارعًا مدفوعًا بالتطورات التقنية المتسارعة، ويعد هذا التحول من أبرز روافد التقدم الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، حيث لم يعد مجرد تحسين تقني أو تحديث للأنظمة، بل أصبح محورًا لإعادة هيكلة منظومة العمل المصرفي سواء من حيث تقديم الخدمات أو تنظيم العمليات أو الإدارة.

ووضح لوكالة الأنباء العُمانية أن تحليلات الأداء المصرفي ومتابعة تطورات السوق تشير إلى أن البنوك العُمانية قطعت شوطًا كبيرًا نحو تحويل تجربة العميل إلى تجربة رقمية متكاملة، تمكنه من إجراء معاملاته اليومية بسهولة عبر تطبيقات ذكية ومنصّات مؤتمتة تعمل على مدار الساعة، وقد أسهمت هذه التحولات في تعزيز كفاءة العمليات وخفض التكاليف التشغيلية ورفع مستوى الرضا العملاء، لاسيما مع تنامي الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل السلوك المالي والمساعدات الافتراضية، كما ساعدت المحافظ الرقمية وخدمات الدفع الإلكترونية في إيجاد بيئة مالية أكثر مرونة وشمولية تدعم النشاط الاقتصادي وتعزز التجارة الإلكترونية.

وأكد على أن التطور الرقمي يتطلب أطرًا تنظيميّة مرنة قادرة على استيعاب النماذج المستجدة مثل البنوك الرقميّة وشركات التكنولوجيا المالية، مشيرًا إلى أن هناك توجهًا نحو تطوير بيئة رقابيّة ذكيّة تعتمد على التحليل البياني والتقارير الفورية بما يعزز كفاءة إدارة المخاطر والامتثال للمعايير الدولية دون الإضرار بوتيرة الابتكار.

وبيّن أن ما يشهده القطاع المصرفي العُماني اليوم ليس مجرد تحوّل مرحليّ، بل يمثّل بداية لمنظومة ماليّة جديدة تعتمد على الذكاء الرقمي كمرتكز أساسي، وتمنح سلطنة عُمان موقعًا متقدّمًا في خارطة الاقتصاد الإقليمي، ومع استمرار الاستثمار في البنية الأساسية الرقمية ورفع جاهزية الكفاءات الوطنية، فإن القطاع المصرفي مقبل على مرحلة أكثر تطورًا وتكاملًا مع الاقتصاد الرقمي العالمي.

وأشار إلى أن التحول الرقمي في القطاع المالي تجاوز البعد الاقتصادي والتقني ليلامس عمق البنية الاجتماعية من حيث إعادة تشكيل العلاقة بين الأفراد والنظام المالي، وتعزيز ثقافة الشمول المالي والعدالة في الوصول إلى الخدمات المصرفية والفرص الاقتصادية لمختلف فئات المجتمع، إذ أظهرت التحليلات الدورية أن التحول الرقمي أزال العديد من الحواجز التقليدية التي كانت تمنع شريحة واسعة من المجتمع خاصة في المناطق النائية والفئات ذات الدخل المحدود من التفاعل مع النظام المالي الرسمي ليصبح اليوم بإمكان أي فرد يفتح حسابًا رقميًّا ويتلقّى التحويلات ويدير مدخّراته دون الحاجة إلى الإجراءات التقليدية، وهذا أسهم في إيجاد وعي مالي جديد لدى الشرائح المجتمعية التي كانت سابقا خارج المعادلة المصرفية.

وأكد على أن الرقمنة المالية لم تكن مجرد تسهيل للمعاملات اليومية، بل أصبحت ركيزة أساسية في بناء قاعدة بيانات مالية موثوقة تساعد على تتبع مصادر الأموال ومآلاتها، وتسهم في استقرار السوق والحماية من التعاملات غير المشروعة.

وفيما يتعلق بريادة الأعمال، وضح أن الرقمنة المالية فتحت آفاقًا غير مسبوقة للتمكين الاقتصادي لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيل الوصول إلى حلول الدفع وإمكانية الحصول على تمويل رقمي، وتوفير بيانات تحليليّة تساعد على اتخاذ القرار، ورصدت قاعدة البيانات الاقتصادية نموًّا في نشاطات الأعمال الفردية والمبادرات النسائية والمشروعات الناشئة التي استفادت بشكل مباشر من البيئة الرقمية الجديدة.

وأضاف أنه من أبرز الانعكاسات الإيجابية للتحول الرقمي الإسهام في رفع مستوى الشفافية والامتثال لدى الشركات، وإيجاد بيئة أعمال أكثر تنظيمًا وعدالة، وأصبحت جزءًا تكامليًّا من منظومة الضرائب في سلطنة عُمان، ودعم جهود التحصيل الضريبي وتعزيز العدالة الضريبية عبر تتبع الإيرادات والتكاليف ورفع مستوى الإفصاح المالي.

وختم فيصل بن ناصر العزيزي خبير ومستشار مالي حديثه بالتأكيد على أن التحول الرقمي للقطاع المالي ليس مجرد خيار تقنيّ أو اقتصاديّ، بل هو خيارٌ تنمويٌّ واجتماعيٌّ يحمل في طيّاته القدرة على إحداث تغير حقيقي في حياة الناس ويدعم الأهداف الاقتصادية لرؤية "عُمان 2040".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القطاع المصرفی الع مانیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

حمدان بن محمد: رؤية محمد بن راشد رسخت مكانة دبي وجهة عالمية رائدة في التحول الرقمي

أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، أن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، رسخت مكانة دبي وجهةً عالمية رائدة في التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي، عبر تحفيز المواهب المتميزة لمواكبة المتغيرات المستقبلية، وتقديم حلول مبتكرة تُسهم في صناعة مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة للمجتمعات.
جاء ذلك، بمناسبة إطلاق غرفة دبي للاقتصاد الرقمي، إحدى الغرف الثلاث العاملة تحت مظلة غرف دبي، النسخة الثالثة من «تحدي طبّق في دبي» في إطار مبادرة «طبِّق في دبي» منذ انطلاقها عام 2023، حيث شهدت إقبالاً واسعاً من المبتكرين ورواد الأعمال الرقميين، واستقطبت أكثر من 5800 طلب تسجيل خلال دورتيها الأولى والثانية، لتسهم بشكل فعّال في دعم تطوير وإطلاق أكثر من 55 تطبيقاً ذكياً في الأسواق، ما يعكس دورها المحوري في تمكين المواهب التقنية، وتوفير منصة حاضنة للأفكار المبتكرة، وتعزيز منظومة الاقتصاد الرقمي.
وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم: «دبي تسير بخطى واثقة في ابتكار الحلول الرائدة لدعم مسيرة التحوّل الرقمي.. هذه المبادرات جزء أساسي من استراتيجيتنا لتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بترسيخ ريادة الإمارة عاصمة عالمية للاقتصاد الرقمي من خلال بناء منظومة ابتكار عالمية تفتح الآفاق والإمكانات للعقول والمواهب، بما يدعم تسريع وتيرة تطوير حلول مبتكرة ترسم ملامح المستقبل، وتعزز الجهود لتحقيق مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33 الطموحة».
وأضاف سموه: «تؤسس دبي نماذج ملهمة للعالم من خلال توفير ممكنات التطور لاستقطاب المواهب كافة وإلهامها لمواصلة رحلة البحث عن مستقبل واعد معزّز بالوعي والفكر والإبداع، ضمن بيئة حاضنة ومحفزة وداعمة للأفكار، لترسخ ريادتها وجهة عالمية للأعمال والاستثمار والابتكار».
وأكد سموّه أن دبي وجهة عالمية للمواهب تحظى ببنية تحتية جاذبة وأطر قانونية مرنة تدعم منظومة الأعمال، وتعزز تكامل الأدوار بين القطاعين الحكومي والخاص في عملية التطوير الشامل الهادفة إلى تحقيق الطموحات التنموية الكبرى وقيادة مستقبل التطبيقات الذكية.
وأكد معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، رئيس مجلس إدارة غرفة دبي للاقتصاد الرقمي، أن مبادرة «طبّق في دبي» تحولت بفضل توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، إلى مبادرة عالمية رائدة تحتفي بالإبداع والابتكار، وتستقطب العقول والمواهب المتميزة من مختلف دول العالم، لترسخ مكانة دبي مركزاً متقدماً لتطوير التكنولوجيا الرقمية والابتكار التقني.
وقال معاليه: «نواصل عبر هذا التحدي استقطاب المواهب الاستثنائية إلى بيئة دبي المحفزة لتطوير الابتكارات، والتي تمثل نموذجاً متقدماً في مواكبة المتغيرات المتسارعة في قطاع التطبيقات الرقمية، أحد أكثر القطاعات نمواً وتأثيراً في الاقتصاد العالمي.
 وتشهد النسخة الثالثة من المسابقة، استحداث فئة جائزة «أفضل تطبيق في فئة تعزيز جودة الحياة»، بهدف تكريم التطبيقات الهادفة لتعزيز جودة الحياة والصحة المستدامة، من خلال الابتكار في مجالات اللياقة وأنماط الحياة الصحية، بما يواكب الجهود الوطنية للارتقاء بجودة الحياة.
كما تضم النسخة الثالثة من المسابقة إضافة نوعية جديدة متمثلة في «برنامج دعم المشاركين» المخصص للفرق المتميزة ذات الإمكانات العالية التي شاركت بالتحدي.
ويشمل «تحدي طبّق في دبي» أربع فئات رئيسية هي: أفضل تطبيق في فئة الشباب، وأفضل تطبيق في فئة التأثير المجتمعي، وأفضل تطبيق في فئة الابتكار، إضافة إلى الفئة الجديدة «أفضل تطبيق في فئة تعزيز جودة الحياة».
وتقدم المسابقة حزم تمويل بقيمة تتجاوز 2.5 مليون درهم لدعم تطوير التطبيقات الفائزة ودعم إطلاقها في السوق، حيث يحصل الفائزون ضمن 3 فئات على تمويل بقيمة تزيد على 550 ألف درهم لكل منهم، لتسريع تطوير التطبيق وإطلاقه في السوق، أما الفائز الرابع الذي سيحصل أيضاً على جائزة «التطبيق الأفضل للعام» بناءً على تصويت الجمهور، فسينال جائزة كبرى تتمثل في تمويل بقيمة مليون درهم مخصصة لدعم تطوير التطبيق وإطلاقه في السوق.

أخبار ذات صلة مشاركة 48 خيلاً في «السباق التجريبي بـ «ميدان» دبي تستقطب نجوم العالم في ختام مونديال الراليات الصحراوية المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • منال عوض تتابع مستجدات منظومة التحول الرقمي للسجل البيئي للمنشآت الصناعية
  • منال عوض تتابع منظومة التحول الرقمي للسجل البيئي للمنشآت الصناعية
  • من الابتكار التشاركي إلى الإنتاج الذكي.. كيف تغيّر”ريد هات” قواعد اللعبة في التحول الرقمي السعودي؟
  • حمدان بن محمد: رؤية محمد بن راشد رسخت مكانة دبي وجهة عالمية رائدة في التحول الرقمي
  • التحول الرقمي والابتكار والحوكمة.. المنصورة تتصدر المشهد في ملتقى الجامعات العربية بسلطنة عُمان
  • جناح سلطنة عُمان يستعرض في قمة المناخ مسار التحول الأخضر
  • وزير الداخلية عرض مع شحادة ملف التحول الرقمي
  • أبوسنينة: الفساد المصرفي في ليبيا بلغ مستويات غير مسبوقة
  • وزير المالية يجتمع مع عمدة الحي المالي لمدينة لندن