زنقة 20 | الرباط

اعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج، اليوم الإثنين، عدم تسجيل أي إصابات في صفوف النزلاء بجميع المؤسسات السجنية، على إثر الزلزال الذي شهدته المملكة مساء الجمعة الماضي.

و قالت المندوبية في بلاغ لها “أنه على إثر الزلزال الذي شهدته بلادنا، تطمئن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج أسر النزلاء وتخبرهم أنه لم تسجل أي إصابات في صفوف النزلاء بجميع المؤسسات السجنية”.

وأضافت أنه منذ لحظة وقوع الزلزال تمت تعبئة جميع مسؤولي المؤسسات السجنية وموظفي الحراسة والأطقم الطبية للحضور الفوري والقيام بجولات تفقدية للاطمئنان على النزلاء، كما تم إيفاد لجن مكونة من مسؤولين مركزيين إلى عدد من المؤسسات السجنية لتفقد أحوال ساكنتها.

وأشارت إلى أنه تم تمكين النزلاء من الاتصال بذويهم للاطمئنان عليهم، وتقديم الدعم والمواكبة النفسية للنزلاء الذين فجعوا في بعض أقاربهم جراء هذا الحادث.

كما أكدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج مواصلة تعبئة جميع موظفيها ومسؤوليها واتخاذ جميع الإجراءات الواجبة التي تفرضها الوضعية الراهنة وذلك بتنسيق تام مع السلطات المعنية.

وجاء في البلاغ أن المندوبية تابعت بتأثر وأسى هذه الكارثة، وتتقدم وكافة موظفيها بخالص التعازي والمواساة لعائلات الضحايا الذين وافتهم المنية في هذا الزلزال راجين من المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع الرحمة والمغفرة مع الدعاء بالشفاء العاجل للجرحى والمصابين.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: المؤسسات السجنیة

إقرأ أيضاً:

بناء وإعادة بناء الأمم

 

 

محمد بن أنور البلوشي

"لم تُبنَ روما في يومٍ واحد".. هذه المقولة القديمة تختزل حقيقة خالدة، وهي أن الأمم، شأنها شأن المدن العظيمة والحضارات الكبرى، لا تُولد بين ليلةٍ وضحاها؛ بل تُصاغ على مدى أجيال عبر الرؤية، والكفاح، والتعلُّم، والإرادة الجماعية. وفي صميم هذا المسار تكمن التربية والتعليم، المحرك الأساسي لنهوض الأمم، وصمودها، وتجددها.

وبناء الأمة لا يقتصر على إنشاء البنية التحتية، أو صياغة الدساتير، أو ترسيم الحدود الجغرافية. بل هو عملية غرس الشعور بالهوية والهدف والقيم المشتركة بين أفراد الشعب. هو تأسيس مؤسسات قوية، وتمكين المواطنين من التفكير النقدي، والتصرف بأخلاقية، والمساهمة الفاعلة في خدمة وطنهم. ويُعد التعليم الأداة الأقوى في هذا المسعى النبيل.

وعلى مرّ العصور، كانت المجتمعات التي أعطت أولوية للتعليم هي الأقدر على إرساء أسس التنمية الوطنية المستدامة. ففي عمله الشهير "الجمهورية"، تصوّر أفلاطون دولة مثالية يحكمها ملوك فلاسفة، قادة تم تشكيلهم من خلال تعليم أخلاقي وفكري امتد لعقود.

وبعد قرون، عزّز مفكرون مثل باولو فريري وأمارتيا سن هذه الفكرة. فريري رأى أن التعليم يجب أن يوقظ الوعي النقدي ويحرر العقول من الخضوع السلبي، بينما أكد سن، الحائز على جائزة نوبل، أن التعليم لا يقتصر على الفائدة الاقتصادية؛ بل هو توسعة لحريات الإنسان وقدرته على العيش بكرامة، والمشاركة المجتمعية، وتحقيق الذات.

وتُقدِّم التجارب الحديثة أمثلة حية على ذلك؛ فبعد الدمار الشامل الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، استطاعت ألمانيا واليابان النهوض من تحت الركام من خلال إصلاحات تعليمية جذرية. فقد أدخلت ألمانيا برامج للتربية المدنية لإعادة تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز القيم الديمقراطية، بينما ركّزت اليابان على ضمان الوصول الشامل للتعليم، والابتكار، والتربية الأخلاقية.

واستخدم البلدان المدارس ليس فقط للتعليم؛ بل أيضًا للشفاء المجتمعي. وعلى نهجهما، تحولت كوريا الجنوبية، التي مزّقتها الحرب، إلى التعليم كمسار رئيسي للتنمية، فاستثمرت بكثافة في محو الأمية، وتدريب المعلمين، والبحث العلمي، لتصبح خلال جيل واحد من أقوى الاقتصادات في العالم.

غير أن نوعية التعليم لا تقل أهمية عن مدى انتشاره. فالمناهج التعليمية التي تقتصر على إنتاج عمال مهرة لا تكفي لبناء أمة. لا بد من تعليم شامل، يُنمّي المعرفة إلى جانب التعاطف، والشجاعة، والإبداع، والخلق القويم. تعليم يُعلّم الطالب كيف يسأل، ويتقبل التنوّع، ويشارك في الحياة المدنية. تعليم لا يُعدّه فقط لكسب الرزق؛ بل لصنع الفرق.

ولا يمكن إغفال دور من يقدم هذا التعليم. فالمعلمون هم المهندسون الحقيقيون لبناء الأمم، ومع ذلك، لا يزال كثيرون منهم في دول مختلفة يعانون من التهميش وسوء التقدير. إن جودة المعلمين تنعكس مباشرة على جودة المواطنين. ولهذا، فإن الاستثمار في تدريب المعلمين، وضمان الحرية الأكاديمية، وتحفيز أساليب التعليم المبتكرة، هو استثمار طويل الأمد في صمود الأمة.

كما قال نيلسون مانديلا: "التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم". لقد أدرك مانديلا أن إعادة بناء جنوب أفريقيا بعد نظام الفصل العنصري يتطلب أكثر من مجرد تغييرات قانونية وسياسية؛ بل تغييرًا في العقول والقلوب، وهو ما لا يقدر عليه إلا التعليم.

وحينما تنهار الأمم نتيجة للحروب، أو الاستعمار، أو الأزمات الاقتصادية، يصبح التعليم هو بوابة الانبعاث. فقد شملت عملية تعافي رواندا بعد الإبادة الجماعية تركيزًا كبيرًا على تعليم السلام وتعزيز الوحدة الوطنية من خلال المدارس. وفي الهند، بعد الاستقلال، اعتبر القادة أمثال جواهر لال نهرو والشيخ مولانا آزاد أن التعليم هو القوة الدافعة لبناء دولة ديمقراطية علمانية حديثة. فأنشأوا مؤسسات تعليمية عليا، وشجعوا التفكير العلمي والنقدي كأدوات للوحدة الوطنية.

أما في عالمنا المعولم اليوم، فإن التحديات التي تواجه الدول كالتغير المناخي، وعدم المساواة، والتطرف تستدعي جيلًا جديدًا من المواطنين الذين يفكرون عالميًا ويتصرفون محليًا.

ولذلك، يجب أن يُدمج التعليم المدني، والأخلاق، والوعي البيئي، والقيادة في صلب العملية التعليمية. وقد نجحت دول مثل فنلندا وسنغافورة في غرس هذه القيم في أنظمتها التعليمية، حيث خرجت طلابًا لا يملكون المعرفة فحسب؛ بل يتحلون أيضًا بروح المسؤولية الاجتماعية والانتماء الوطني.

وفي النهاية.. فإن بناء الأمم يبدأ من داخل الإنسان، من عقله وقلبه؛ فتغيير الدول لا يتحقق عبر السياسات والمشاريع فقط؛ بل من خلال أفراد يُجسّدون قيم العدالة، والرحمة، والحكمة. والتعليم هو من يوقظ هذا الإمكان، ويبني الشخصية، والثقة، والمجتمع، ويُحوِّل الفرد من مُتلقٍ سلبي إلى مواطن نشط.

لذا، فإن بناء أو إعادة بناء الأمة يبدأ من عقول أبنائها؛ فالسبورة أقوى من ساحة المعركة، والقلم يحمل وعدًا أكبر من السيف، والمجتمع الذي يزرع التعليم، سيحصد السلام، والازدهار، والتقدم.

مقالات مشابهة

  • أكاديمية الشرطة تستقبل عددً من المشاركين بمنحة ناصر للقيادة الدولية
  • القسام تعلن استهداف قوة إسرائيلية قوامها 10 جنود في بيت لاهيا
  • الرواد محمد علي عبدالله عبدالوهاب وعبير الامكنة
  • بقوة 5 درجات.. زلزال يضرب وسط اليونان دون تسجيل خسائر بشرية
  • زلزال بقوة 5 درجات يضرب وسط اليونان فجراً دون تسجيل خسائر بشرية
  • مصادر طبية: استشهاد 89 فلسطينيا بغارات إسرائيلية على غزة منذ فجر الاثنين
  • بناء وإعادة بناء الأمم
  • «قضاء أبوظبي» تطلق الهوية الجديدة «إدماج» لمنتجات مراكز الإصلاح
  • تحذيرات طبية بعد إصابة بريطانيات جراء أدوية تنحيف غير مرخصة
  • الداخلية المصرية: إصابة شخصين جراء انفجار أسطوانة غاز بالمنيا