مسقط ـ العُمانية: تُزين واجهة متحف المكان والناس الذي يقع في مدينة مطرح بمحاذاة قلعة مطرح لوحة جدارية جديدة عنونها «النهضة المتجددة»، تعبر عن العهد الميمون لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وعن النهضة العُمانية التي بناها ـ المغفور له بإذن الله ـ السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه.
ونفَّذ هذه اللوحة الجدارية الجديدة الفنان التشكيلي مرتضى بن عبدالخالق اللواتي مدير متحف المكان والناس، حيث تترجم بشكلها التجريدي وألوانها عدة رموز، هي اللون الأصفر والأحمر والأزرق، وكل لون يصف ويعكس رمزًا من رموز النهضة العُمانية المتجددة، فاللون الأصفر يعني شمس مشرقة لعهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه، واللون الأحمر يرمز إلى التحديات والتغلب عليها، والأزرق يشير إلى النهضة العُمانية في عهد ـ المغفور له بإذن الله تعالى ـ السلطان قابوس بن سعيد، وقد تمَّ تنفيذ العمل بألوان الأكريليك (المائية).


ودعا مدير المتحف جميع الفنانين العُمانيين والمهتمين بالفنون للمشاركة وحجز جدارية المتحف لتنفيذ أعمالهم الفنية؛ إسهامًا لخدمة المجتمع العُماني، وإثراء الساحة الفنية.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الع مانیة

إقرأ أيضاً:

الدبلوماسية الاقتصادية ترسم مستقبل عُمان

 

 

أحمد بن علي الصبحي **

وسط التحولات الجيوسياسية والجيواقتصادية العالمية التي يشهدها العالم اليوم، والتحديات الناشئة عن التفاعلات الدولية في ظل تعدد القوى في النظام العالمي، تبرز سلطنة عُمان كنموذج لرؤية استراتيجية متميزة تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- حيث تجمع هذه الرؤية بين الحياد السياسي الإيجابي والدبلوماسية الاقتصادية النشطة لتعزيز مكانة سلطنة عُمان العالمية وتحقيق التنمية المستدامة وفق أهداف "رؤية عُمان 2040".

عند توليه مقاليد الحكم في يناير 2020، تعهد جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله - بمواصلة سياسة عُمان الخارجية الفريدة القائمة على الحياد السياسي الإيجابي والتعايش السلمي بين الأمم والشعوب، مستندًا إلى الثوابت الصلبة التي أرساها السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه. وإلى جانب ترسيخ نهج الحياد السياسي، وضع جلالته تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الوطني في مقدمة أولوياته، عبر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فقد تبنت سلطنة عُمان مرحلة جديدة من الدبلوماسية الاقتصادية كأداة استراتيجية لتعزيز مكانتها على الساحة الدولية، ودفع أهداف "رؤية عُمان 2040" نحو التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة.

في العهد المتجدد، لم تعد العلاقات الدولية بالنسبة لسلطنة عُمان تقتصر على الأبعاد السياسية أو العسكرية فحسب، بل أصبحت أداة استراتيجية لبناء شراكات اقتصادية وتجارية واستثمارية واسعة النطاق، مستثمرة الموقع الجغرافي المتميز للسلطنة ومواردها الطبيعية، ومكانتها المرموقة في المحافل الإقليمية والدولية. وقد جاء هذا التحول في وقت كانت سلطنة عُمان تواجه فيه تحديات اقتصادية جسيمة، أبرزها انخفاض أسعار النفط وتداعيات جائحة كوفيد-19، مما أدى إلى ارتفاع المديونية العامة إلى نحو 80% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020. وللتعامل مع هذه التحديات، تبنّى جلالة السلطان المعظم- حفظه الله- استراتيجية طموحة ترتكز على ترشيد الإنفاق، وخفض الدين العام، وتعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية عبر حزمة من التشريعات وبرامج الإصلاح والاستدامة المالية، مدعومًا بتحركات دبلوماسية اقتصادية نشطة وزيارات رفيعة المستوى إلى العديد من الدول حول العالم.

لقد شهدت السنوات الخمس الأخيرة تحولات ملحوظة في مفهوم وأدوات الدبلوماسية العُمانية. فقد أصبحت السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج تلعب دورًا محوريًا في الترويج للفرص الاستثمارية في السلطنة، وتسويق بيئة الأعمال الجاذبة، والتعريف بالمشاريع الاقتصادية الاستراتيجية، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، والسياحة، والتكنولوجيا. كما تعاونت وزارة الخارجية مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وجهاز الاستثمار العُماني، والجهات الحكومية ذات العلاقة، وغرفة تجارة وصناعة عُمان، والقطاع الخاص، لتوفير بيئة استثمارية تنافسية، وتسهيل الإجراءات، وتذليل العقبات أمام المستثمرين الأجانب.

تتجلى رؤية جلالة السلطان في إيمانه العميق بأن ازدهار الشعوب وتقدمها يعتمد على بناء اقتصاد قوي ومستدام ماليًا، قائم على استثمارات نوعية تستثمر الميزات النسبية التي تتمتع بها السلطنة، سواء من حيث موقعها الاستراتيجي أو مواردها البشرية والطبيعية. ومن هذا المنطلق، جعل جلالته – أيده الله- من ملف الاقتصاد أولوية قصوى، مستهدفًا تقويته وتعزيز ممكناته بما يجعل سلطنة عُمان وجهة متميزة للاستثمار، إلى جانب تنشيط القطاعات غير النفطية، وذلك وفق الخطط الخمسية وبرامج "رؤية عُمان 2040".

وانطلاقًا من هذه الرؤية الطموحة، اعتمد جلالته- حفظه الله- الدبلوماسية الاقتصادية كأداة رئيسية لتعزيز مكانة بلدنا العزيز - سلطنة عُمان- على الصعيد الإقليمي والعالمي. وقد تجسد هذا التوجه عمليًا من خلال سلسلة من الزيارات الخارجية رفيعة المستوى التي قادها جلالته بنفسه إلى عدد من الدول الشقيقة والصديقة حول العالم، مركّزًا خلالها على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي وبناء شراكات استراتيجية تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأصبحت الدبلوماسية الاقتصادية اليوم ركيزة حيوية في السياسة الخارجية لسلطنة عُمان، بعدما حولتها القيادة الحكيمة لجلالة السلطان المعظم- حفظه الله- من مجرد مفهوم نظري إلى واقع عملي، انعكس في ترسيخ مكانة السلطنة كوجهة موثوقة للاستثمار وتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع العالم، بما يتماشى مع طموحات "رؤية عُمان 2040". وفي إطار هذا الحراك الدبلوماسي النشط، شكلت الزيارات الخارجية لجلالة السلطان المعظم محطات مفصلية في بناء شراكات استراتيجية وتنويع علاقات السلطنة الاقتصادية.

كانت بداية تلك الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى في يوليو 2021، من خلال زيارة دولة إلى الجارة الشقيقة المملكة العربية السعودية؛ حيث تم خلال هذه الزيارة السامية توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم والتعاون الاقتصادي والاستثماري، من أبرزها إنشاء مجلس تنسيق عُماني-سعودي لتعزيز العلاقات الثنائية، وإطلاق مبادرات استثمارية مشتركة في مجالات الطاقة وتطوير منطقة الدقم الاقتصادية، بما يتماشى مع أهداف "رؤية المملكة 2030" و"رؤية عُمان 2040". وفي نوفمبر من العام ذاته، توجه جلالته – أيده الله - إلى دولة قطر الشقيقة، في زيارة دولة وأسفرت الزيارة عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم شملت مجالات تنمية الموارد البشرية، الاستثمار المشترك، السياحة، النقل البحري والموانئ، بالإضافة إلى اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، مما أعطى دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، ورسخ التعاون المشترك نحو آفاق أرحب.

وفي يوليو 2022، واصل جلالته تحركاته الدبلوماسية السامية بزيارة رسمية إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، الشريك التجاري الأكبر للسلطنة في الاتحاد الأوروبي؛ حيث شهدت الزيارة توقيع إعلان نوايا للتعاون في مجال الطاقة، إضافة إلى لقاءات مع كبار قادة الأعمال الألمان لتعزيز الاستثمارات المستقبلية. وفي أكتوبر من نفس العام، كانت المحطة التالية زيارة رسمية إلى مملكة البحرين الشقيقة، أُبرمت خلالها عدد من اتفاقيات التعاون، والبرامج تنفيذية، ومذكرات التفاهم في قطاعات الأمن والنقل البحري والبحث العلمي والاستثمار، كما جرى الإعلان عن تأسيس شركة عُمانية بحرينية للاستثمار، مما يعزز الروابط الاقتصادية بين البلدين الخليجين.

في مايو 2023، واصل جلالته نهجه الدبلوماسي الرفيع بزيارة رسمية إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة، حيث تم خلال الزيارة تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين وتشجيع زيادة التبادل التجاري بينهما. وأعقبها جلالته- حفظه الله- بزيارة رسمية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، توّجت بتوقيع عدة اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة، الاقتصاد، الزراعة، والملاحة البحرية، مع التركيز على الربط المباشر بين الموانئ العُمانية والإيرانية، بما يدعم نمو التجارة البينية.

وفي ديسمبر من نفس العام، قام جلالة السلطان- أيده الله - بزيارة دولة إلى جمهورية سنغافورة، أحد أهم المراكز الاقتصادية العالمية، حيث وُقعت مذكرتا تفاهم في مجالات التنمية الاقتصادية، وترويج الاستثمار، وتسهيل التجارة. تلتها في الشهر ذاته زيارة دولة إلى جمهورية الهند، إحدى أسرع الاقتصادات نموًا في العالم؛ حيث أثمرت الزيارة توقيع مجموعة من الاتفاقيات المهمة، أبرزها إنشاء الصندوق العُماني الهندي المشترك الثالث، ومذكرات تفاهم في تكنولوجيا المعلومات والثقافة والتبادل المالي، إلى جانب إقرار وثيقة "شراكة من أجل المستقبل" التي رسمت خارطة طريق للتعاون الثنائي في مجالات الطاقة المتجددة، الزراعة، التقنيات المالية والفضاء.

كذلك هو الحال في عام 2024 فقد شهد تحركات دبلوماسية اقتصادية مكثفة رفيعة المستوى؛ حيث قام جلالته- حفظه الله- بزيارة دولة إلى الجارة الشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة في أبريل، وتم خلالها توقيع اتفاقيات استثمارية تشمل الطاقة المتجددة والسكك الحديدية. ثم زيارة دولة إلى دولة الكويت الشقيقة في مايو لتعزيز التعاون في مجالات الاستثمار والتدريب والدبلوماسية. أعقبتها زيارة دولة إلى المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، أسفرت عن اتفاقيات في التكنولوجيا والطاقة والزراعة. وفي نوفمبر، توجه جلالته – أيده الله- في زيارة دولة إلى جمهورية تركيا، حيث تم توقيع اتفاقيات اقتصادية في قطاعات متنوعة، مما عزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين. واختتم جلالته – أيده الله- عام 2024 بزيارة دولة إلى مملكة بلجيكا، ثاني أكبر شريك تجاري للسلطنة في الاتحاد الأوروبي، حيث تم توقيع مذكرات تفاهم في الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة والخدمات البحرية.

وفي هذا العام 2025، واستمرار للجهود الكبيرة في مجال الدبلوماسية الاقتصادية التي يقودها، قام جلالته- حفظه الله ورعاه- في إبريل بزيارة دولة إلى مملكة هولندا، شهدت توقيع اتفاقيات لإنشاء ممر بحري عالمي للهيدروجين الأخضر، مما يعزز موقع بلدنا العزيز- سلطنة عُمان- كمركز عالمي للطاقة النظيفة. تلتها مباشرة في نفس الشهر، زيارة دولة إلى روسيا الاتحادية، تم خلالها التوقيع على بروتوكول تعاون لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة، ومناقشة سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، وفرص الاستثمار المشترك بين البلدين في مختلف القطاعات. كذلك قام جلالته – أيده الله- بزيارة دولة في بداية هذا الشهر -مايو- إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة شهدت الزيارة توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين في مجالات مشتركة مثل: الأسمدة والطاقة وصناعة السيارات. كما تم إنشاء "الصندوق الجزائري العُماني للاستثمار" لدعم وتوسيع الاستثمارات الثنائية بين البلدين الشقيقين. 

لقد أثمرت الدبلوماسية الاقتصادية والجهود الكبيرة والزيارات السامية التي يقودها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في خفض نسبة الدين العام من نحو 68% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 إلى حوالي 34% بحلول عام 2025، مع تراجع قيمة الدين العام من 21 مليار ريال عُماني إلى نحو 14.4 مليار ريال. كما شهدت سلطنة عُمان انتعاشًا كبيرًا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، الذي تجاوز 30 مليار ريال عُماني مع نهاية عام 2024، مسجلاً نمواً بنسبة 18% مقارنة بنهاية عام 2023. كما ارتفع التصنيف الائتماني لعُمان إلىBBB-  مع نظرة مستقبلية مستقرة من قبل وكالة "ستاندرد آند بورز"، وBB+ من وكالة "فيتش"؛ مما عزز ثقة المستثمرين بالاقتصاد الوطني.

كذلك أثمرت الإصلاحات والتشريعات الاقتصادية والاستثمارية التي يقودها جلالة السلطان هيثم- أيده الله- عن نتائج بارزة؛ حيث ساهمت في تعزيز مكانة عُمان كمركز استثماري عالمي، وانعكست على تحسن مؤشرات الأداء الاقتصادي. فقد تمكنت في عام 2024 من التقدم 20 مرتبة في مؤشر مدركات الفساد لتأتي في المرتبة 50 عالميًا من ضمن 180 دولة، كما تقدمت السلطنة 39 مرتبة في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2024، وحققت المركز 11 عالميًا في مؤشر ريادة الأعمال. كما يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4% خلال عام 2025؛ مما يؤكد متانة الاقتصاد العُماني وكفاءة الإصلاحات التي تم تنفيذها ضمن رؤية عُمان 2040.

ختامًا.. يمكن القول إن الدبلوماسية الاقتصادية التي يقودها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- تمثل رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى رسم مستقبل سلطنة عُمان الزاهر، وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة بلدنا العزيز كقوة اقتصادية متعددة الأبعاد؛ فبفضل هذا النهج المدروس، استطاعت سلطنة عُمان أن توسع شبكات علاقاتها الاقتصادية الدولية، وتجذب استثمارات نوعية تدعم خطط التنويع الاقتصادي، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز، وإرثها الدبلوماسي العريق، ورؤيتها الطموحة لـ "عُمان 2040".

وفي ظل هذه الجهود السامية رفيعة المستوى، تمضي سلطنة عُمان بثقة نحو ترسيخ دورها كلاعب محوري في مشهد الاقتصاد الإقليمي والعالمي، واضعة نصب عينيها بناء مستقبل مزدهر لأبنائها، ومكانة مرموقة لها في مصاف الدول المتقدمة.

** طالب دكتوراه في العلاقات الدولية (الدبلوماسية الاقتصادية)

مقالات مشابهة

  • صور.. إسرائيل تلقي "الدولار الأصفر" على جنوب لبنان
  • صور.. إسرائيل تلقي "الدولار الأصفر" على جنوب لبنان
  • مشيرب: لن أتخلى عن معركتنا حتى النصر
  • «قصر السلطان».. قصة نجاح من عبق البيئة العُمانية
  • الوساطة العُمانية.. نهاية استراتيجية الردع وهندسة السلام الممكن
  • الدبلوماسية الاقتصادية ترسم مستقبل عُمان
  • بوساطة عُمانية.. "CNN" تكشف تفاصيل وقف إطلاق النار في اليمن
  • البابا تواضروس: مصر متحفًا مفتوحًا يحمل تراثًا فريدًا من المعابد والآثار والأديرة والمكتبات
  • الأزياء العُمانية بين المحافظات.. تنوع يحكي قصة المكان
  • محمد الشرقي: حماية مُكتسَبات الاتحاد وصَون مسيرة النهضة