جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@04:52:26 GMT

الأداء المستورد

تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT

الأداء المستورد

 

فاطمة الحارثية

 

هل يوجد فارق بين العقلية المنجزة والعقلية العاملة؟ أغلب النَّاس قد يرون أن العمل هو بحد ذاته إنجاز، وآخرون قد يرون أن العمل جزء من الإنجاز، لكن قد يحدث ويكون ثمة الكثير من العمل لكن بسبب نقص الهدف لا يحدث الإنجاز.. إذن الإنجاز هو المعيار الحقيقي لقياس فعل العمل والأداء.

نقصد بالإنجاز الحصاد ونتائج الجهد المبذول لنيل هدف أو غاية؛ يقاس في أروقة المدارس بالنجاح والدرجات الأكاديمية، بينما في زخم الأعمال بالأثر والعوائد المختلفة، وهذا يؤكد أهمية "مادية" الهدف وأن يكون حول أمر ملموس.

وأعتقد أنه عند إسقاط فكر ومفهوم الربحية والتحول إلى النفعية، أي من مؤسسات ربحية إلى مؤسسات نفعية، سوف نلمس الأثر والعوائد التي نصبوا إليها، ونكتسب مرونة تسمح لنا بالنمو والاستدامة والتغيير السلس؛ وهذا يُبين للباحث أثر مرادفات الكلمة ووقعها على الإنجاز والتعمير، فعند تكرار الكثير من المؤسسات أنها ربحية، يُوحي ذلك لدى المتلقي بشعور ممزوج بالطبقية، بالرغم من أن بعض المؤسسات تشارك أرباحها موظفيها، أي قائمة على عموم المنفعة لجميع الأطراف.

لن أطيل في ذلك، لأنني أعلم أنَّ الكثير من الأغِراء لن يتفقوا معي، فذواتهم الشابة تتلمس العلو لا البقاء، والنتائج السريعة لا المستدامة، فالأنا حاضرة بقوة، وفي ذلك جمال ونشوة لأصحاب الخبرة، والباع الطويل والحكمة إن صح لي قول ذلك. فالمعايير التي يتمسك بها الشباب بقوة، تعتبر مقاييس نسبية مساعدة لأصحاب الخبرة، وقد تتفاضل أو تتناقض باختلاف القائم عليها، وإن كانت النتائج هي الحكم، تبقى الاعتبارات التي قد يراها من سنّها أنها على صواب، ويراها غيره تمييزاً ومحاباة؛ وإن كان لديك فضول لتستعلم عن رأيي، أرى أنها هي عدالة بميزان البشر، ولست حقًا أعلم عن غيبه.

إن العلاقات التي تنشأ بحكم المناصب نجاحها يكمن في الصفقات المُنجزة والأداء السلس، وإلا فما ارتباطها الفعلي وأهميتها؟ على سبيل المثال، إن لم تكن تعمل لدى المؤسسة التي تخدم فيها، فهل كانت الأطراف الأخرى جانبت ذات الاهتمام والتقدير الذي تناله منهم حالياً؟، وإن لم تكن المؤسسة منحتك الصفة التي أنت عليها الآن فهل كان لكثير من الأبواب أن تُفتح لك؟ أذكر قول أحد القادة لي "فاطمة: السلطة أقوى وألذ من الراتب الوظيفي"، وأذكر زميلة لي كانت تصارع من أجل نيل منصب قيادي، وكان الأمر مُرهقاً لها، فسألتها:

-      هل يستحق كل هذا الجهد والألم؟

-      قالت: إن لم أنل المنصب لن أستطيع أن أفعل ما أريد وأصنع القرار وأغير.

-      قلت لها: وهل ما تريدينه هو الصواب؟ هل قرارك هو الأنسب والأكثر نفعاً للمؤسسة والموظفين؟

-      نظرت إليّ مطولا، وقالت لا أحد يمتلك مقياس الصواب والخطأ أقلها لن أذل.

الجميع يرى الأمور من زاويته، ومفهومه ومعتقده، والغالب هم من يسعون نحو مصالحهم الشخصية، والقلة من يجتهد للصالح العام، ولنتفق أن الصالح العام ليست مثالية، بل هذا السعي أقرب إلى الإقرار بأن الحياة لن تدوم والرزق لن يزيد بزيادة الاجتهاد، لكنهم يُدركون يقينًا أهمية البركة لا الكم.

القبول ليس أمرًا يسيرًا، لكن هو ما يتظاهر به الجميع، ليحافظوا على سلامة ورتابة الحياة؛ عقلية الإنجاز تحتم الصبر وعدم استعجال النتائج، لأنها تحافظ وتركز على الهدف مع مرونة في الأداء، بينما عقلية العمل تحمل الكثير من الفوضى، والمخاطر وتحتفل قبل أن تصل وتسترخي قبل الانتهاء؛ مع الكم الهائل الذي نستورده من مقاييس صنعها غيرنا من شركات الاستشارات ودور الخبرة، نجد أننا نأخذ بقواعدهم ومعاييرهم دون الاكتراث بتفاوت الثقافات والبيئة، والأهم من ذلك اختلاف اللوائح والأنظمة والسياسات المهنية بيننا وبين الغرب، الذي نستورد منه ثم نتذمر عند الإخفاق، زد على ذلك التباين في جودة التعليم ونوعية المخرجات الأكاديمية والتقنية، إننا في أشد الحاجة إلى صناعة عقلية النمو، والانسجام مع التطوير والتغيير بتجانس وقبول، وللأسف إلى يومنا هذا نسمع الكثير من الجلبة والضوضاء عند أول خطوة للتغيير، ربما علينا أن نصمت قليلاً وندمج التغيير مع سياسة الأداء السنوي، دون الإشهار بأنه حان الوقت لتغيير، ربما سيقبل الناس أنه جزء من التجديد والتحسين المستمر وليس إزعاجا ومعيقا للاستمرار.

هل تتفق معي أن تعظيم النفس قيد، يُغيب عنَّا الكثير من المعرفة والبحث العلمي؟ وهو عائق أساسي في عملية التطور والنمو؟ أما آن لنا أن نحترم المجتهد، ونُعطيه المساحة التي يحتاجها لينفع ويُساهم دون الخوف من فكره وعزيمته؟

سمو...

سنغادر الحياة الدنيا عاجلًا أم آجلًا، فهوِّن عليك نفسك، وارحمها كي ترحمك. مارس حب الذات وصحة الروح، لا تضع جُل علمك وجهدك لجسدٍ فانٍ، وشهوة مُتغيرة، ولا تنغمس في أوهام مستوردة، وعلوم لا تُطعم ولا تُغني من جوع، ولا تصنع لك ظلًا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إنريكي يقترب من الإنجاز التاريخي لجوارديولا

 
معتز الشامي (أبوظبي)

أخبار ذات صلة قائمة اللاعبين الأعلى تسجيلاً في نصف نهائي «أبطال أوروبا» تفاصيل الاتفاق مع تشابي ألونسو لخلافة أنشيلوتي في تدريب ريال مدريد


يخوض باريس سان جيرمان نهائي دوري أبطال أوروبا، للمرة الثانية في تاريخه، بعد فوزه على أرسنال في نصف النهائي، ويواجه سان جيرمان فريق إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025، في ميونيخ، 31 مايو الحالي. 
وأنفق سان جيرمان مليارات الدولارات من أجل الظفر بـ «ذات الأذنين»، لكنه فشل في نهائي 2020 أمام بايرن ميونيخ، رغم امتلاكه كيليان مبابي ونيمار، كما وصل ليونيل ميسي بعد وقت قصير من تلك الهزيمة، وأيضاً فشل الفريق في بلوغ هدفه الكبير.
وبعد رحيل مبابي ونيمار وميسي عن سان جيرمان، وأصبح المدرب لويس إنريكي المحفز لهويتهم الجديدة، وربما يكتب الإسباني التاريخ في ميونيخ، بحصد اللقب الأول للبارسيين، فهل يتمكن إنريكي من معادلة رقم بيب جوارديولا ؟
منذ تعيينه في عام 2023، نجح إنريكي في تحويل سان جيرمان من فريق مليء بالنجوم إلى وحدة منظمة ومجتهدة، وكان مبابي ونيمار وميسي لاعبين فرديين متميزين وقدموا أرقاماً هجومية مثيرة للإعجاب في فرنسا، لكنهم غالبا ما كانوا غير راغبين في المساهمة دفاعياً وكان سان جيرمان يفتقر إلى التماسك.
وفاز إنريكي بثلاثية محلية خلال موسمه الأول في باريس، لكنه أصبح على بعد فوزين فقط من الفوز بالثلاثية المعترف بها على نطاق واسع «دوري أبطال أوروبا والدوري المحلي، والكأس المحلي»، وبعد فوزه بلقب الدوري الفرنسي، يواجه سان جيرمان فريق ريمس، في نهائي كأس فرنسا، قبل أسبوع واحد فقط من نهائي دوري أبطال أوروبا ضد إنتر ميلان، وإذا فاز سان جيرمان بهذين النهائيين، فإن إنريكي يصبح ثاني مدرب في التاريخ يفوز بالثلاثية مع فريقين مختلفين، لينضم إلى بيب جوارديولا.
وكان إنريكي فاز بالثلاثية مع برشلونة موسم 2014-2015، حيث فاز النادي الكتالوني بدوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني، وكأس ملك إسبانيا، كما صنع جوارديولا هذا الإنجاز مع برشلونة موسم 2008-2009، ودخل التاريخ بحصده للثلاثية الثانية في مسيرته مع مانشستر سيتي خلال موسم 2022-2023.

مقالات مشابهة

  • أسعار السجائر اليوم 9 مايو 2025.. المستورد بكام؟
  • في معرض شنغهاي الدولي للسيارات 2025.. إكسيد تكشف عن الأداء المتفوق لسيارة السيدان الكهربائية ES التي سجلت رقماً قياسياً في مجموعة غينيس
  • إنريكي يقترب من الإنجاز التاريخي لجوارديولا
  • اتفاق روسي–صيني جديد لتعزيز وحماية الاستثمارات المتبادلة
  • برنامج توعوي حول الثقافة المؤسسية بـزراعية الظاهرة
  • أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الخميس 8-5-2025
  • ثلاثة محاولات واضحة لإستهداف الرئيس وما خفي الكثير بالتأكيد
  • فوز "جامعة التقنية" بجائزة أفضل فريق تطبيقًا لمنظومة "إجادة"
  • الشهرة على حساب البراءة.. مسلسل يكشف الثمن النفسي الذي يدفعه الأطفال المؤثرون
  • "المناقصات" تحتفل بتخريج كفاءات وطنية ضمن برامج تطويرية