موقع النيلين:
2025-05-10@04:48:25 GMT

عمسيب: الدم يتكلم.. سقوط الوجدان المصنوع

تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT

من المثير للاستغراب ذلك الضيق الشديد الذي تُقابل به نتائج الفحص الجيني وسلاسل النسب العربي حين تُطرح في المجال العام. كيف يمكن أن يستفز نشر نتيجة علمية محضة أشخاصاً ليست لهم أدنى دراية بهذا الحقل؟ بل الأعجب أن يستنفر الأمر عشرات “النشطاء” من النخبة المزيفة، فيُهاجموا ما نكتب بحدة، في الوقت ذاته الذي يصرّون فيه على أن ما نطرحه غير مؤثر، غير مهم، وغير قائم على أساس معرفي متين!

هذه الازدواجية في الموقف تكشف عن شيء أعمق: خوف دفين وحقيقي .

هؤلاء لا يُزعجهم ما يُقال بقدر ما يُرعبهم ما قد يُعاد إحياؤه. إنهم يدركون، ولو على مستوى اللاوعي، أن ما نحمله من سردية هو تهديد مباشر للهوية المصطنعة التي كافحوا لتثبيتها، وللهوية الزائفة التي حاولوا فرضها على هذا البلد بالقوة الناعمة حيناً وبالعنف الرمزي حيناً آخر.

ما نفعله اليوم هو استعادةٌ للثقافة القديمة التي عملوا على دفنها تحت ركام “الوطنية الشكلية” و”الوجدان الجمعي الملفق”. نحن نُعيد كتابة الرواية من جديد، نفضح الأكاذيب التي صاغوها حول الوطن الواحد، والحدود الوطنية المصطنعة، والدولة الوطنية التي لا تمتُّ لمجتمعاتنا بصلة.

وهنا تأتي الحرب الحالية كحدث مفصلي. إنها ليست مجرد نزاع مسلح، بل زلزال وجودي قلب كل شيء رأساً على عقب. هذه الحرب، بكل مآسيها، جاءت لتكسر القوالب الذهنية القديمة، لتُجبر الجميع على إعادة النظر في الخرائط والهويات والمسلمات.

هذه الحرب لم تولد لتُطفأ سريعاً، بل لتبقى. إنها نارٌ كاشفة، تُحرق السودان القديم وتُمهّد الأرض لسودان جديد، أكثر وعياً بجذوره، أكثر تحرراً من الخداع، وأكثر استعداداً لقول الحقيقة مهما كانت قاسية.

وكلما طال أمد الحرب، كلما تعمّق أثرها، وازدادت استحالة العودة إلى الوراء.
عبدالرحمن عمسيب
9 مايو 2025
#عبدالرحمن_عمسيب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ويسألونك عن عُمان

 

حمود بن علي الطوقي

 

ويسألونك عن عُمان، فقل إنها الوطن الذي اختار أن يكون صوت الحكمة في زمن الصخب، وجسر السلام في بحرٍ متلاطمٍ بالأزمات، إنها الدولة التي لا ترفع شعارات التدخل، ولا تركض خلف الأضواء، لكنها تحضر دائمًا في لحظات الحقيقة، حين يحتاج العالم إلى صوتٍ عاقلٍ ونزيه.

لقد تابعنا وتابع العالم اجمع نجاح الدبلوماسية العُمانية في تحقيق اختراق دبلوماسي لافت، حين قادت وساطة هادئة وفعالة أسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن. هذا الإعلان الذي جاء من مسقط، ليطفئ فتيل الحرب ويحظى ترحيب دولي وإقليمي.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُمنح فيها السلطنة ثقة الأطراف المتصارعة؛ فالولايات المتحدة، بقوتها ومصالحها، وجماعة أنصار الله، بشعاراتها وموقعها، اختارتا سلطنة عُمان لتكون الوسيط. وهذا ليس من قبيل المصادفة؛ بل نتيجة تراكم طويل من المواقف المتزنة، والدبلوماسية الناضجة، والسياسة القائمة على الحياد الإيجابي، وعدم التدخل في شؤون الغير.

المُتتبِّع للمواقف العُمانية يلاحظ أن الحكمة والدبلوماسية العُمانية بنت مكانتها لا بالقوة؛ بل بالثقة. لا بالتحالفات الصدامية؛ بل بالاحترام. فحين تتحدث سلطنة عُمان، فإنها لا تملي شروطًا؛ بل تفتح نوافذ للتفاهم المشترك. وحين تبادر، فإنها تبني، ولا تهدم. وهذه ليست خصائص تُصنع في المؤتمرات؛ بل تُزرع في الأرض عبر سنين من المصداقية والعمل بمصداقية

ولعل من أبرز الشواهد على الثقة الدولية في الدور العُماني، ما قامت به السلطنة في ملف الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن. فقد لعبت مسقط دورًا محوريًا في احتضان المحادثات السرّية بين الجانبين، والتي مهدت لاحقًا لتوقيع الاتفاق التاريخي في عام 2015. لم تكن مسقط طرفًا في الاتفاق فحسب لكنها كانت الدولة التي خططت بحكمة بالغة والتحرك الإيجابي وفرت الأرضية الآمنة للحوار، وأقنعت الجميع بأن طريق الحل يبدأ من الإنصات والتفاهم، لا من التصعيد والوعيد.

هذا النهج الحكيم لم يكن وليد اللحظة؛ بل هو امتداد لمسيرة قادها السلطان الراحل المؤسس قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- الذي جعل من الدبلوماسية العُمانية نموذجًا يُحتذى في المنطقة. واليوم، يواصل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- السير على ذات الدرب، مؤكدًا التزام السلطنة بثوابتها السياسية القائمة على السلام، والتعايش، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

الاتفاق الأخير بين واشنطن وصنعاء تضمن التزامًا من الطرفين بعدم استهداف الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب. وهو ما يفتح الباب أمام تهدئة قد تساهم في استقرار الملاحة، وتخفيف التوتر الإقليمي، وربما، لاحقًا، إطلاق عملية سياسية أوسع.

هذا التوافق وهذه الوساطة العُمانية لقيت بترحيب دولي وعربي من قطر والعراق والكويت والأردن ومصر، ولم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية؛ بل تعبير صادق عن إدراك جماعي بأن عُمان لا تزال تمثل النموذج المختلف في المنطقة: نموذجًا للدولة التي لا تبحث عن مكاسب آنية؛ بل عن حلول دائمة.

فكوننا عُمانيون ندرك هذه المواقف الإيجابية التي يشار اليها بالبنان، ندرك أن عُمان عندما تقود المفاوضات فإنها تلقى الترحيب ويكفيها فخرًا أن الشعوب- لا الأنظمة فقط- تعرف مكانتها وتثق برسائلها.

نعم، نقول بفخر لمن يسأل عن عُمان ويسأل عن مواقفها ومكانتها، فنقول له إنها دولة تؤمن بأن العدل أساس السلام، وأن الحوار سبيل التفاهم، وأن احترام سيادة الآخرين هو الطريق الأضمن لصون السيادة الوطنية.

حفظ الله عُمان وقائدها المعظم ورفع شأنها ومكانتها بين الأمم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • نشر صورتين مختلفتين للجوهرة الزرقاء.. ناشط سوداني يوثق للحال الذي وصل إليه إستاد الهلال بعد الحرب
  • عمسيب: تلقيت هدية قيمة من أحد الأشراف في السعودية
  • عمسيب: صديقي النهري
  • الرئيس السيسي يشهد العرض العسكري بمناسبة الذكرى الـ 80 للانتصار في الحرب الوطنية العظمى
  • عمسيب: تحوري النهائي على السلالة العربية الفريدة E-BY7932
  • تجويع غزة.. عندما تستخدم إسرائيل أكثر الأسلحة خسة في التاريخ
  • 12 شهرًا من الدم.. نتنياهو يراوغ لإطالة أمد حرب غزة حتى 2026| تقرير خاص
  • ويسألونك عن عُمان
  • كشمير.. 8 عقود من الدم والنار: لماذا لا تنطفئ الحرب بين الهند وباكستان؟