بقلم: تاج السر عثمان بابو

(1)
جاءت الحرب اللعينة بهدف الصراع على السلطة وتصفية الثورة بين مليشيات الإسلامويين وصنيعتهم الدعم السريع، كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري لسكان الخرطوم وبقية المدن، وتدمير المصانع ومراكز الخدمات البنية التحتية، والنهب الكبير للاسواق والبنوك ولممتلكات المواطنين ومنازلهم وعرباتهم، ومحاولات محو آثار البلاد الثقافية، واضعاف البلاد وقوى الثورة الحية.

بعد فشل مليشيات “الفلول” في مواجهة الدعم السريع دعوا لتسليح الجماهير لتحارب نيابة عتهم، مما يحول الحرب الي أهلية وعرقية واثنية تهدد أمن المنطقة والسلام الاقليمي والدولي، ووجدت الدعوة رفضا واسعا من المواطنين ، فلا بديل لوقف الحرب، والسماح بمرور الاغاثة والدواء للمتضررين ، وخروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد ومن المدن.

انفجرت الحرب اللعينة بعد تصاعد المقاومة لانقلاب 25 أكتوبر، ومجازر دارفور والمناطق الطرفية الأخري ، وبعد أن اصبحت سلطة اتقلاب 25 أكتوبر قاب قوسين أو أدني من السقوط ، وعقب الصراع الذي انفجر في الانفاق الإطاري حول الاصلاح الأمني والعسكري في قضية الدعم السريع حول مدة دمج الدعم السريع في القوات المسلحة، فضلا عن توفر الظروف الموضوعية لانفجار الثورة ، كما في الثورات والانتفاضات السابقة التي اسقطت الأنظمة العسكرية الديكتاتورية بسلاح الاضراب السياسي العام والعصيان المدني، كما أشرنا سابقا في الآتي :
– المواكب والمليونيات التي كانت تنظمها لجان المقاومة وفشل القمع الوحشي في وقفها ، واضرابات العاملين من أجل رفع الأجور وتحسين الأوضاع المعيشية، جراء التصاعد المستمر في الأسعار والتدهور في قيمة الجنية السوداني وتآكل الأجور ، وتدهور الخدمات الصحية والنقص في الدواء ، وانتشار أمراض مثل: حمى الضنك في ظل معيشة ضنكا ونقص في الأنفس والثمرات يعيشها شعبنا ، مع شبح المجاعة الذي يخيم على البلاد جراء تدهور الإنتاج الزراعي والصناعي، اضافة لتدهورالتعليم واوضاع المعلمين مما أدي لاضرابهم من أجل تحسين الأجور والبيئة التعليمية ، ومقاومة الطلاب والمعلمين للرسوم الدراسية الباهظة التي تجعل التعليم للقادرين، في حين بلغت ميزانية الأمن والدفاع 75% ، وهي ميزانية مصدرها الأساسي جيب المواطن ، مما يعني المزيد من الافقار والبؤس ، مما يؤدي للانفجار الجماهيري الشامل الذي بدأت نذره تلوح في الأفق، وبعد انفجار الحرب ازداد الوضع تدهورا..
– التطور اللافت لمعركة انتزاع النقابات، كما حدث وسط الصحفيين والدراميين و بعض فرعيات أساتذة الجامعات ، وأخيرا انتزاع نقابة أطباء السودان بعد 34 عاما بعد عقد الجمعية العمومية وانتخاب اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان التي بها تمثيل واسع للاقاليم ، وانتخاب 40% طبيبات ، وانتخاب أخصائية الجراحة د. هبة عمر نقيبا ، اضافة لاتجاه بقية الفئات لانتزاع نقاباتها مثل: المهندسين والمعلمين . الخ وفي وجهة انتزاع ديمقراطية واستقلالية ووحدة العمل النقابي.

– تصاعد الحركات المطلبية كما في مقاومة جماهير الشرق لميناء “ابوعمامة “الذي يهدد السيادة الوطنية ويقضي علي ميناء بورتسودان في ظل حكومة انقلابية غير شرعية مرتهنة للخارج، ومقاومة القبائل القاطنة في ولايات مشروع “الهواد” الزراعي لنهب اراضيهم وتمليكها للامارات ، ورفض الجماهير في مناطق البترول والتعدين لنهب ثرواتهم من الذهب وتدمير البيئة ، وحقوقهم في تنمية المنطقة بنسبة محددة ، واعادة النظر في العقود الجائرة التي تنهب بموجبها الشركات ثروات البلاد ، اضافة لمقاومة جماهير النوبيين لنزع اراضيهم ، واتساع حركة المطالبة بعودة المناطق المحتلة مثل : حلايب وشلاتين ، ابورماد ، نتؤات وادي حلفا ، الفشقة. الخ، ونهب ثروات البلاد من قبل مصر كما في مطالب ترس الشمال.
– نهوض المزارعين ضد ارتفاع تكلفة الإنتاج والوقود ، وتوفير الرى ، والعائد المجزى لمحاصيلهم والضرائب الباهظة مما يهدد بفشل الموسم الزراعي ، ومقاومة مصادرة الأراضي، وحقهم في التنظيم بقيام اتحادات ديمقراطية تدافع عن حقوقهم ومصالحهم.
– استنكار جماهير النازحين في المعسكرات لخدعة ما يسمي بالعدالة الانتقالية كجواز مرورللافلات من العقاب كما جرى في التسوية على أساس الاتفاق الإطارى، وعدم تسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية في تكرار لما حدث في حكومات الفترة الانتقالية السابقة ، والحكومة الانقلابية الراهنة التي تورطت أكثر في ارتكاب المجازر وفشل اتفاق جوبا في تحقيق العدالة ، كما جاء في بيان المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بتاريخ 12 مارس 2023، الذي وضع النقاط فوق الحروف.

إضافة للصمود أمام القمع الوحشي للمواكب السلمية حتى وصل عدد الشهداء (125) شهيدا، واصابة أكثر من (8 الف) شخص بعضها خطير باستخدام الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع ومدافع الدوشكا ، والاوبلن، والدهس بالمدرعات . الخ ، اضافة للاعتقال والتعذيب الوحشي للمعتقلين وحالات الاغتصاب ، واستمرار الابادة الجماعية في دارفور وبقية المناطق لنهب الأراضي وثرواتها ، مما أدي في العام 2022 ” بعد عام هلى انقلاب 25 أكتوبر” لنزوح (314) الف شخص في غرب وشمال وجنوب وشرق دارفور وجنوب وغرب كردفان وجنوبالنيل الأزرق ، ومقتل (991) شخصا ، واصابة (1,1173 ) شخص، حسب احصائية الأمم المتحدة.

– رفض تهريب ثروات البلاد للخارج ، والتفريط في السيادة الوطنية كما في التواجد المصري في مطار مروى، والمطالبة بالجلاء من البلاد ، ورفض أن يكون السودان مسرحا للحرب الاثيوبية – المصرية حول سد النهضة ومياه النيل والتدخل في الشأن الداخلي بشكل غير مسبوق، وكانت أحداث مروي القشة التي قصمت ظهر البعير وأدت لانفجار الحرب.
اضافة لرفض أن يكون السودان في مرمي نيران الصراع الدولي لنهب الموارد والموانئ بين أمريكا وحلفائها وروسيا والصين
– مقاومة الانقلات الأمني الذي وراءه السلطة الانقلابية بعد اتفاق جوبا والسماح لجيوش الحركات في المدن ، والفوضي الأمنية التي خلقتها في البلاد ، وفشل اتفاق جوبا في تحقيق الأمن والسلام، مما يتطلب الغاء الاتفاق والاسراع في الترتيبات الأمنية لحل كل تلك الجيوش ، مع مليشيات الدعم السريع وجيوش الكيزان ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد.
– مقاومة الجماهير واسر الشهداء لعدم الافلات من العقاب ومحاكمة المجرمين في مجازر فض الاعتصام ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر،وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية.
– مواصلة المعركة من أجل استكمال مهام ثورة ديسمبر التي قطعها انقلاب 11 أبريل 2019 ، وانقلاب مجزرة فض الاعتصام ، وانقلاب 25 أكتوبر الذي جاء امتدادا لهما حتى اسقاطه وانتزاع الحكم المدني ورفض التسوية الجارية على أساس الاتفاق الإطاري الهادف لاطالة عمر الانقلاب. وتصفية الثورة.

(2)
اوضحت الحرب اللعينة الأتي :
– خطر المليشيات ( الدعم السريع ، الكيزان ، الحركات) على وحدة واستقرار البلاد وأمنها وسيادتها الوطنية، فكان من شعارات ثورة ديسمبر ” حرية سلام وعدالة – الثورة خيار الشعب” ، و”السلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل”.
– كما أكدت التجربة خطل الانفاقات الهشة بتدخل دولي واقليمي لقطع الطريق أمام الثورة ، فضلا عن تكريسها للمليشيات وجيوش الحركات كما في الوثيقة الدستورية 2019 التي انقلب عليها تحالف اللجنة الأمنية ومليشيات الكيزان والدعم السريع وجيوش حركات جوبا، في 25 أكتوبر 2021 الذي تدهورت بعده الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، ووجد مقاومة باسلة ، وجاء الاتفاق الإطارى ليكرر خطأ “الوثيقة الدستورية” الذي كرّس وجود الدعم السريع واتفاق جوبا، وهيمنة العسكر ، مما أدي لانفجار الأوضاع في البلاد والحرب ، وهو في جوهره صراع على السلطة ونهب ثروات البلاد ، وانعكاس لصراع المحاور الاقليمية والدولية في السودان، والتدخل الدولي الكثيف فيه.
– بعد وقف الحرب بعد هذه التجربة المريرة لا عودة للاتفاقات الهشة لتقاسم السلطة التي تعيد إنتاج الحرب بشكل اوسع، وتهدد استقرار ووحدة البلاد ، كما في الدعوات الجارية للعودة للانفاق الإطارى بعد وقف الحرب.

(3)
أخيرا، في الذكرى الخامسة للثورة والذكرى 68 للاستقلال ، مهم التصدي للآتي:
– عدم الاستجابة لدعوات الفلول لتسليح المواطنين لتحويل الحرب الي أهلية وعرقية واثنية وثقافية، مما يهدد وحدة البلاد.
– سدا منيعا ضد الاتفاقات الهشة التي تعيد إنتاج والحرب والهادفة لتصفية الثورة وقطع الطريق أمامها.

– لا بديل غير اوسع نهوض جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، ومقاومة جماهير المدن للتهجير والنزوح ، ومواصلة المطالبة بالعودة لمنازلهم وقراهم ،عدم ترك اراضيهم وممتلكاتهم لمليشيات الدعم السريع و”الكيزان”.
– مواصلة الوجود والمقاومة في الشارع في الداخل والخارج، حيثما ما أمكن حتى وقف الحرب و الانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وعودة العسكر للثكنات وحل الدعم السريع ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات ، والاسراع في الترتيبات الأمنية لنزع سلاح المليشيات وتسريجها ، ودمجها في المجتمع ، وعودة كل شركات الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن لولاية وزارة المالية، ومواصلة الثورة حنى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.

الوسومتاج السر عثمان بابو

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السریع کما فی

إقرأ أيضاً:

قائد الثورة: العدو الإسرائيلي يستهدف النازحين في مراكز إيوائهم التي يحددها كمناطق آمنة

يمانيون/ خاص

لفت السيد القائد إلى أن شهداء العمل الإنساني والطواقم الطبية في قطاع غزة بلغ أكثر من 1400 شهيد.

وقال السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي اليوم، حول مستجدات العدوان على قطاع غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية، أن العدو الإسرائيلي يستهدف النازحين في مراكز إيوائهم التي عادة ما يحددها كمناطق آمنة قبل ذلك.. مشيراً إلى أن العدو الإسرائيلي قصف ما يقارب 250 مركزا لإيواء النازحين.

وأشار قائد الثورة إلى أن العدو الإسرائيلي يستمر في سعيه للإبادة عن طريق التجويع كوسيلة من وسائل الإبادة، وأن الوضع الإنساني بات في غزة مأساوياً للغاية بعد نفاد ما تبقى من مخزونات الغذاء لدى المنظمات العاملة في مجال الإغاثة وإغلاق جميع الأفران ومعظم المطابخ.

ولفت السيد عبدالملك إلى المشاهد المأساوية المؤلمة التي تظهر صرخات الأطفال وبكائهم وهم يهيمون في الأرض بحثاً عن بقايا طعام ووقوف الأمهات حائرات دون حيلة أمام صرخات أطفالهن الرضع.

وأضاف السيد: “بعض الأطفال باتت جلودهم تلتصق على عظامهم بسبب انعدام حليب الأطفال”.

وأوضح السيد القائد أن العدو الإسرائيلي يستهدف حتى من يحاولون أن يذهبوا إلى البحر بهدف البحث عن الصيد لتوفير القوت الضروري.. لافتاً إلى أن هناك الكثير ممن استشهدوا وهم يحاولون جلب الأسماك والصيد من البحر بهدف إطعام أسرهم.

وأكد قائد الثورة أنه حتى أوراق الشجر لم يعد الوصول إليها سهلاً بعد تجريف العدو الإسرائيلي لـ80% من الأراضي الزراعية.

وقال السيد القائد أن 17 وكالة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة غير حكومية أكدت أن الغالبية العظمى من أطفال غزة يعانون من حرمان غذائي شديد.

مؤكداً على أن المأساة في غزة كبيرة جداً وتكشف حجم الإجرام والعدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيا وغربيا والمستفيد من التخاذل الإسلامي.

مقالات مشابهة

  • كيف أنقذ الإيمان ضابطًا سودانيًا من معتقلات الدعم السريع؟
  • هل هي “حمى الذهب والمعادن الثمينة” التي تحرك النزاع في السودان.. أم محاربة التطرف الإسلامي؟
  • الدعم السريع يقصف مستشفى بالأبيّض والجيش يستعيد بلدة جنوب كردفان
  • مسيرات “الدعم السريع” تقطع الكهرباء عن الخرطوم وعدد من الولايات
  • الدعم السريع تواصل قصف الأبيض واستهداف منشآت مدنية وأنباء عن سقوط ضحايا
  • ما وراء التسريب المفاجئ لقائد سابق في الدعم السريع
  • قائد الثورة: العدو الإسرائيلي يستهدف النازحين في مراكز إيوائهم التي يحددها كمناطق آمنة
  • السودان تعلن تعرض محطتين كهربائيتين لهجوم مسيّرة نفذته الدعم السريع
  • أبو الغيط: حكومة الاحتلال المتطرفة تنفذ مخططا بهدف البقاء في السلطة
  • رصاصة قناص تحول فرحة جندي في الدعم السريع الى كارثة “فيديو”