الخليج الجديد:
2025-05-11@14:05:37 GMT

ترامب الذاهب... ترامب الآتي

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

ترامب الذاهب... ترامب الآتي

ترامب الذاهب... ترامب الآتي

برع ترامب في اختيار الشعار الجاذب لكتلة واسعة من الناخبين في بلاده، والمتمثل في ما يصفه بإعادة العظمة إلى أميركا، التي يرى أنها فقدتها.

كابَر ترامب في الإقرار بهزيمته، ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، وما زالت يواجه اتهامات بالتحريض على الهجوم على مبنى "كابيتول".

هزيمة ترامب لا تعني أن الترامبية إلى زوال، فترامب عنوان لمرحلة مأزومة في أميركا، وليس هو من صنع الأزمة، وإنما الأزمة جاءت برجل مثله رئيساً.

الانطباع السائد يرجّح عودته إلى البيت الأبيض وربما مؤكدة، خصوصاً إزاء الصورة الضعيفة والمتردّدة لمنافسه الديمقراطي الرئيس الحالي بايدن.

إعلان ترامب أثار الجدل وفزع حلفاء واشنطن، أخيراً، حين قال إنه سيشجّع روسيا على مهاجمة بلدان منضوية في "الناتو"، إذا لم تدفع ما عليها لميزانية الحلف.

"أميركا أولًا".. هكذا يردّد داعياً لاهتمام أكبر بالوضع الداخلي، وتحرير أميركا، ما أمكن، من التزامات خارجية يراها مرهقة ماليّاً، تجاه حلفاء واشنطن في حلف الناتو.

فوز ترامب مرجّح ومخاوف خصومه كبيرة، لكن حتى إنْ حُرم حقّ الترشّح بأمر القضاء، فالترامبية لن تنتهي لأن الأمر يتعلق بميل شعبوي كاسح يجتاح الغرب كله، لا أميركا وحدها.

الغرب أمام منعطف كبير بدأت علاماته وتجلياته، الملموسة، في الظهور، سواء على مستوى كل بلد، أو على مستوى الغرب الشامل، ونشهد ظهور نسخٍ أخرى من ترامب، بمفردات الخطاب نفسه بدول مختلفة.

* * *

لم تكن فرص الرئيس الأميركي السابق، الجمهوري دونالد ترامب، بالفوز في الانتخابات التي فاز فيها الرئيس الحالي، الديمقراطي جو بايدن، قليلة.

يومها حصد ترامب ما يفوق سبعين مليون صوت من الناخبين، وهو عددٌ لم يحقّقه حتى بعض من فازوا في انتخاباتٍ رئاسية سابقة، وظلّ الوضع في الدوائر الموصوفة بالمتأرجحة مبعث قلقٍ لبايدن والديمقراطيين حتى آخر اللحظات، قبل الإعلان النهائي للنتائج، حتى إن محلّلين بارزين يومها تنبّأوا بأنّ هزيمة ترامب لن تكون كاسحة، لأن الشعب الأميركي أصبح منقسماً أيديولوجياً أكثر من أي وقت مضى.

يومها، كابَر ترامب في الإقرار بهزيمته، ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، وما زالت تُواجهه اتهاماتٌ بالتحريض على الهجوم على مبنى "كابيتول". ويومها أيضاً قيل إن هزيمة ترامب لا تعني أن الترامبية إلى زوال، فترامب عنوان لمرحلة مأزومة في أميركا، وليس هو من صنع الأزمة، وإنما الأزمة جاءت برجل مثله رئيساً.

بل إن محللين تنبّأوا، في حينه، وقبيل الانتخابات الأخيرة بقليل بما حدث بالفعل، وظلّ السبعون مليوناً الذين منحوه أصواتهم، خصوصاً من البيض، ضعيفي التعليم، متمسّكين بالأفكار التي يروّجها، وربما أكثر من ذي قبل، بل ازدادت أعدادهم، لذا فإن رأب الصدع عسير.

برع ترامب في اختيار الشعار الجاذب لكتلة واسعة من الناخبين في بلاده، والمتمثل في ما يصفه بإعادة العظمة إلى أميركا، التي يرى أنها فقدتها.

"أميركا أولًا"... هكذا يردّد داعياً إلى إيلاء الاهتمام الأكبر بالوضع الداخلي، وتحرير أميركا، ما أمكن، من التزامات خارجية يراها مرهقة ماليّاً، سواء تجاه حلفاء واشنطن في حلف الناتو، من خلال فرض شروط صعبة لإبقاء الدول الأوروبية تحت حماية المظلة الأميركية، أو تجاه المنظمات الدولية التي أظهر ويظهر تجاهها كثير من الازدراء.

والأمر نفسه يقوله عن الاتفاقات المبرمة مع الدول الأخرى، مشكّكًا في فكرة العولمة ذاتها وداعياً إلى التفات أميركا إلى وضعها الداخلي والاهتمام بمعيشة مواطنيها، فضلاً عن تعزيز الشعبوية والتطرّف والعنصرية ومناوأة المهاجرين.

هذا ما يكرّره ترامب اليوم في حملته الانتخابية الرئاسية الحالية للوصول إلى البيت الأبيض ثانيةً مرشّحاً أوفر حظاً عن الحزب الجمهوري، وإذا لم تحدُث مفاجآت غير محسوبة، كصدور حكم قضائي أو أكثر يحول دونه ومواصلة الترشّح للرئاسة، فإن هناك انطباعاً سائداً إلى أن عودته إلى البيت الأبيض مرجّحة، وربما مؤكدة، خصوصاً إزاء الصورة الضعيفة والمتردّدة لمنافسه الديمقراطي الرئيس الحالي بايدن.

يُركّز معارضو ترامب في حملتهم المضادّة عليه، على أن ما مارسه من نهج في فترة رئاسته الأولى، وما سيواصل السير عليه في حال إعادة انتخابه، سيخرّب العلاقات الدولية أكثر مما هي عليه حاليّاً، وسيؤدي إلى خسارة القيادة والنفوذ، وهذا ما تجسّد في إعلانه المثير لا للجدل وحده، وإنما أيضاً لفزع حلفاء واشنطن، حين قال، أخيراً، إنه سيشجّع روسيا على مهاجمة بلدان منضوية في "الناتو"، إذا لم تدفع ما عليها لميزانية الحلف.

وصف الرئيس بايدن تصريح ترامب بأنه "مروّع وفاقد للصواب"، فيما حذّر الأمين العام لحلف الأطلسي، ينس ستولتنبيرغ، من أن هذه التصريحات تقوّض الأمن الجماعي للدول الغربية كافة، بما فيها الولايات المتحدة نفسها، والأمر نفسه قاله مسؤولون أوروبيون كبار، وإنْ بعباراتٍ أو صياغات مختلفة.

وبدأ بعضهم في الدعوة، مجدّداً، إلى أن تولي أوروبا عناية خاصة بأمنها المستقل بعيداً عن الاعتماد الكلي على واشنطن، وهي دعوة قديمة، لكننا لم نشهد خطواتٍ نحو الأخذ بها، ولن يكون هذا متيسّراً بسهولة.

علماً أن الولايات المتحدة تمتلك عشرات القواعد وآلافاً من عديد قواتها العسكرية الفاعلة في دول أوروبية، مثل إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وتركيا، وقد ارتفع هذا العدد بعد الحرب الأوكرانية، خصوصاً في دول البلطيق وبولندا.

فوز ترامب ثانيةً مرجّح، ومخاوف خصومه من هذا كبيرة، لكن حتى إنْ حُرم حقّ الترشّح بأمر من القضاء، فإن الترامبية لن تنتهي. ولا يتعلق الأمر باسم صاحبها، بل بميل شعبوي كاسح يجتاح الغرب كله، لا الولايات المتحدة وحدها.

هذا الغرب أمام منعطف كبير بدأت علاماته، لا بل وتجلياته، الملموسة، في الظهور، سواء على مستوى كل بلد، أو على المستوى الغربي الشامل، وها نحن نشهد ظهور نسخٍ أخرى من ترامب، بمفردات الخطاب نفسه، في أمكنة مختلفة.

*د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب أميركا بايدن ترامب الشعبوية حلف الناتو العنصرية الحزب الجمهوري حلفاء واشنطن ترامب فی

إقرأ أيضاً:

الاستشراق والمثلث الحضاري

تابعتُ بشغف بعضا من فعاليات المؤتمر الدولي الأول للاستشراق: "الاستشراق الجديد، نحو تواصل حضاري متوازن"، والذي نظمته عدة جهات حكومية قطرية، من بينها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي"، خلال يومي 26 و27 نيسان/ أبريل الماضي. وأسعدني تنوع الحضور خاصة الأكاديميين من أنحاء العالم؛ وأيضا الانفتاح على طرف من المؤسسات الغربية المعنية بالأمر مثل "جامعة ليدن" الهولندية، وأيضا كان مما يبهج الوعدُ الواضح بعقد الدوحة المؤتمر سنويا مع تناول محاور أخرى؛ فإننا بهذا كمسلمين طالما دار علم الاستشراق حولنا وحان لنا أن نعتني بهذا العلم؛ ونحاول بذل ما نستطيع حوله، مخالفين بهذا النمط المعتاد عن هذا العلم من الاهتمام الغربي له، ومنه المؤتمرات التي اعتاد الغرب عقدها في عواصمه منذ عام 1873م في باريس.

ونرى هذا ضلع المثلث الرئيس الأول الذي نراه مكونا لتقدمنا في هذا المجال، أما الثاني فهو صدق عزيمتنا في سبر أغوار نظرة الغرب نحونا -أيا ما كانت- وهو ما نراه يستلزم نهضة في الجانب الآخر الواجب من النهر ألا وهو "الاستغراب"، أو دراسة الغرب دراسة تتناسب مع رغبتنا في معرفة أسرار تقدمه، ثم قدرتنا على مجاراته حتى في محاولته الإلمام بأحوالنا؛ وذلك حرصا على أن تجري أسفله مياه كثيرة في صالحنا. ويبقى الضلع الثالث الذي نراه لا يقل أهمية عن سابقيه بل لعله يفوقهما.

فغني عن التفصيل أن موقع الشرق الجغرافي يتضافر مع تاريخه وحضارته العربية الإسلامية التي سادت العالم؛ وإن لم تخل من المظالم -بدرجات- إلا أنها كانت خير حافظ وأكثر رحمة بالعالم كله، ومن هذا عدم بخل هذه الحضارة بما وصلت إليه من معارف، بل أتاحته للغرب، فتشرّبه ونبَغَ، وبنى حضارة عظمى على أسسها، وإن كان يحاذر "الدوران الحضاري" وعودة السيادة لموضع شروق الشمس لدينا حتى اليوم.

وإن كنا نقر بأن هذا ليس الغرض الغربي الوحيد من الاستشراق، إلا أننا لا ننكره في المقابل، ونقر برغبته التي ما تزال متقدة بمعرفة كنهنا، وبماذا نختلف عنه، وهل نظل نراوح أماكننا أم نفارقها. وفي هذا السياق نتقبل عقد نحو35 مؤتمرا عن الاستشراق منذ عام 1873م حتى 1997م؛ وعلى مدار جميع هذه المؤتمرات لم تستقبل عاصمة عربية فعاليات أحدها سوى الجزائر في النسخة الـ14 منه، وكانت هذ أول مرة تعقد خارج أوروبا، وغني عن البيان أنها كانت تحت الاحتلال وقتها؛ فلم يكن الأشقاء هناك يملكون القرار بعقده فضلا عن الاستفادة منه، أما المرة الثانية التي يعقد في بلد مسلم وإن كان غير عربي فهي في النسخة الـ22، حيث عقد في إسطنبول التركية عام 1951م. وفي جميع الأحوال نشطت الجمعيات الاستشراقية بين أمريكية وفرنسية وبريطانية وما تزال.

يُحمد للدوحة الاهتمام بهذا التوجه الذي يجب أن تتبعه معاهد عربية وإسلامية تدرس كيف يرانا الغرب أو "الآخر" بلغة بعض مفكريه التبادلية، فنحن لديه "آخر"، وهم يظنون أننا لديهم "آخر"؛ نعم نحن بحاجة لنفي خطاب المتطرفين الغربيين والداعين للقضاء على معارضي استمرار الحضارة الغربية -وهذه النزعة الشعوبية غير خافتة سياسيا- وما نعانيه كعرب ومسلمين خاصة كأقليات، واستمرار احتلال فلسطين العزيزة رغم انتهاء الاحتلال المباشر من العالم كله، فضلا عن تولي رئاسة أمريكا "دونالد ترامب" للدورة الثانية، ولكننا في جوهرنا وحقيقة ديننا دعاة سلام وعدل للعالم، وهو أمر يعرفه الغرب، وتثبته الدوحة منذ نسخة مؤتمر الاستشراق، ويبقى أن نبادر بدراسة الغرب دراسة علمية على أسس منهجية وافية لنعرف فيم وكيف تفوق علينا، كما فعل معنا في أوج تأخرنا، وقبل أن ندري كنه موقعنا الحضاري قرب نهاية القرن دراسات العشرين.

توقف المذيع الغربي في إحدى فقرات حفل ختام مؤتمر الدوحة للاستشراق سائلا رئيس الجامعة الأمريكية في القاهرة ورئيس إحدى فروع الجامعات الغربية في الدوحة وهما مصريايا متسائلا عن اللغة التي يجب أن يتحدث بها؛ أهي العربية، ثم مضى بلغة التكنولوجيا، أو كما قال في لفظة تبدو عابرة جرت على لسانه ثم مضى بالإنجليزية متسائلا: هل أنتم -حقا- مستعدون لمعرفة وجهة النظر الغربية عنكم أو ما يراه الأشرار عن الأخيار؟ فيما بدأ الأول بالدفاع عن "وجهة النظر الغربية" وأنها ليست كذلك، وتجاوز الثاني لمجهودات الراحل إدوارد سعيد في الاستشراف، وعلق السؤال بالذهن: متى يكتمل المثلث؟!

إننا مطالبون عالميا بملاحقة دراسات الغرب عنا (الاستشراق)، ومطالبون بنفس النهج والقدر -ثانيا- على الأقل بألا نكون مدافعين على طول الخط، أي أن نبرع في علم "الاستغراب"؛ وهذا ضلع المثلث الثاني الذي لا يتأتى أبدا في ظل غياب الضلع الأول، أما الثالث فهو تقدمنا حضاريا لنبرع في الدارسات، ونملك ما يجعل العالم يحترمنا عبره، وهو ما يستحق مواجهات تحديات موقفنا الحالي الحضاري، ويدعو لتماسك العالم العربي الإسلامي أولا، وهو ما يفوق موقف الدوحة الحالي، وإن تمنينا أن تساهم فيه كما نجحت في تنظيم مؤتمر الاستشراق!

مقالات مشابهة

  • الاستشراق والمثلث الحضاري
  • عشرة أهداف جعلت الرئيس ترامب يوقف الغارات الجوية على المليشيات الحوثية في اليمن بشكل مفاجئ
  • الرئيس السيسي يشارك في مأدبة الغداء التي أقامها «بوتين» على شرف المشاركة باحتفالات عيد النصر
  • النظام العالمي أسسته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية.. هل يهدمه ترامب؟
  • ليو الرابع عشر.. هل يمثل تحديا لترامب وشعار "أميركا أولا"؟
  • أوكرانيا تصادق على اتفاقية "المعادن النادرة" مع أميركا
  • أميركا وبريطانيا تتوصلان إلى اتفاق تجاري “تاريخي”
  • توتر غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب.. ترامب يقرر قطع الاتصال مع نتنياهو
  • أميركا وبريطانيا تتوصلان إلى اتفاق تجاري وصفتاه بالعظيم
  • فايننشال تايمز: أميركا تطلب من بريطانيا التركيز على أوروبا والابتعاد عن آسيا