جنوب أفريقيا تعلن طلب 22 دولة الانضمام إلى مجموعة بريكس
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
قالت جنوب أفريقيا إن 22 دولة تقدمت بطلبات للانضمام إلى مجموعة "بريكس" (BRICS) بينما أبدت دول أخرى اهتمامها بذلك، وكانت بريكس لمحت إلى أنها منفتحة على التوسع.
وقال مندوب جنوب أفريقيا في المجموعة أنيل سوكلال إن "22 دولة تواصلت رسميا مع دول بريكس لتصبح عضوا بشكل كامل، وهناك عدد مماثل من الدول التي سألت على نحو غير رسمي عن الانضمام للمجموعة".
وأشار سوكلال إلى أن الاهتمام المتزايد بالتكتل "ليس بالأمر الجديد" لكنه يشير إلى "الثقة" بالعمل الذي قامت به بريكس طوال 15 عاما من وجودها.
ورأى أن بريكس ليست مجرد "قوة سياسية عبر محاولتها تغيير خطوط الصدع في مجال السياسة العالمية، بل تغير أيضا ما يحدث في الفضاء الاقتصادي على مستوى العالم".
وتترأس جنوب أفريقيا مجموعة دول بريكس (جنوب أفريقيا، البرازيل، الصين، الهند، روسيا)، وستستضيف من 22 إلى 24 أغسطس/آب القادم القمة الـ15 لهذه الدول.
يشار إلى أن مجموعة "بريكس" (BRICS) تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في سبتمبر/أيلول 2006، حينما عُقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وتم إطلاق مجموعة بريكس رسميا عام 2009.
يضم هذا التكتل 5 دول تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وكلمة "بريكس" (BRICS) بالإنجليزية عبارة عن اختصار يضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول.
وكانت الصين قد رحبت خلال زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لبكين بانضمام الجزائر للمجموعة.
يذكر أن دول مجموعة بريكس تشكل مجتمعة نحو 40% من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من 40% من سكان الأرض، حيث تضم أكبر 5 دول مساحة في العالم وأكثرها كثافة سكانية، وهي بذلك تهدف إلى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة "مجموعة السبع" (G7) التي تستحوذ على 60% من الثروة العالمية.
وقد وصلت مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5%، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع عند 30.7%.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مجموعة بریکس جنوب أفریقیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
جذور الإسلام بجنوب أفريقيا.. من المنفى إلى التنوع والتحديات المعاصرة
في صباح بارد من عام 1659، وطأت أقدام رجل مسلم مجهول أرض رأس الرجاء الصالح على متن سفينة هولندية. ولم يكن يدرك أن خطوته تلك ستفتح صفحة جديدة في تاريخ جنوب أفريقيا، وتؤسس لمجتمع إسلامي يضم اليوم نحو 1.6 مليون نسمة، أي ما يقارب 3% من سكان البلاد البالغ عددهم 60 مليونا.
وقد تشكل هذا المجتمع -الذي نشأ من رحم المنفى والعبودية والهجرة- عبر قرون من الاضطهاد والمقاومة، وقد أصبح اليوم جزء لا يتجزأ من النسيج الجنوب أفريقي، يحمل في طياته قصصا متشابكة من الصمود والنجاح والإسهام في بناء الدولة بعد الفصل العنصري.
يقول نعيم جينا كبير الباحثين في معهد مابونغوبوي للتفكير الإستراتيجي "عندما نتحدث عن المسلمين في جنوب أفريقيا، لا يمكننا التعامل معهم ككتلة واحدة. هناك 5 موجات متميزة من الوصول، كل منها تركت بصمتها الخاصة على ما نراه اليوم".
الموجة الأولى: المنفيون والعبيد (1659-1800)بدأت القصة مع وصول الشيخ يوسف المقاساري عام 1694 من إندونيسيا، منفيا مع 49 من أتباعه. وقد أسس هؤلاء أول جماعة إسلامية منظمة في زاندفليت قرب كيب تاون.
ولاحقا، وصل العالم الإندونيسي توان غورو إلى سجن روبن آيلاند عام 1780، ليؤسس بعد 11 عاما مسجد "أوال" (أقدم مسجد في البلاد) ويبتكر نظام "العربية الأفريكانية" لكتابة اللغة الأفريكانية بالحروف العربية.
ويقول الباحث عبد الديان بيترسن إن هذا النظام هو أقدم شكل مكتوب للأفريكانية، ويكشف كيف استخدم المسلمون الأوائل معرفتهم بالعربية لحفظ لغة المهمشين ومنحها هوية وكرامة.
مع اكتشاف الذهب والماس، جُلب آلاف العمال المسلمين من شبه القارة الهندية إلى ناتال. وجاء بعضهم بعقود عمل قاسية، وآخرون كمهاجرين أحرار. ومن أبرز الوافدين المحامي الشاب موهانداس غاندي عام 1893 الذي استدعاه تجار مسلمون للدفاع عنهم.
إعلانوهنا بدأ تطوير فلسفته في المقاومة السلمية، رغم أن سيرته في جنوب أفريقيا تكشف جوانب عنصرية تجاه الأفارقة، كما توضح الباحثة موريين سوان في كتابها "Gandhi: The South African Experience" (غاندي: التجربة الجنوب أفريقية).
الموجة الثالثة: الزنجباريونيصفهم جينا بمجتمع صغير لكنه مثير للجدل في ديربان، إذ تحيط بأصوله قصص متضاربة: غرق سفينة، تجارة رقيق، أو هجرة قسرية. ومع قوانين الفصل العنصري في الستينيات، أعيد تصنيفهم بضغط من المجتمع المسلم الهندي كـ"آسيويين آخرين" ليتمكنوا من العيش في أحياء المسلمين.
يعتبرها جينا "الأهم حاليا رغم أنها ليست الأكبر" حيث وجد بعض الأفارقة في الإسلام أيديولوجية مقاومة للأبارتايد، في حين جذب هذا الدين آخرين بسبب تعاليمه حول النظافة أو مكانة المرأة.
الموجة الخامسة: التنوع المعاصربعد عام 1994، تدفقت موجات جديدة من الصومال ونيجيريا والسنغال وباكستان وبنغلاديش، جالبة معها مذاهب وتيارات مختلفة، بينها السلفية التي لم تكن معروفة في جنوب أفريقيا قبل ذلك.
في جامعة كيب تاون، يكشف الباحث عبد الديان بيترسن عن وثائق عثمانية تثبت أن المسلمين الأوائل لم يكونوا معزولين. فجده الأكبر كاريل بيلغريم، الذي كان أول مسلم من الكيب يؤدي الحج عام 1834، نسج علاقات مع السلطان عبد الله من أنجوان، مما مهد الطريق لرحلته.
ويقول بيترسن "هذه الوثائق تكشف أن مجتمع الكيب كان جزءا من شبكة إسلامية عالمية، يتبادل المعرفة والأموال مع العثمانيين وسلطنات جنوب شرق آسيا". ويحذر من ضياع المخطوطات الملايوية التي تؤرخ لهذه المرحلة، مؤكدا أنها "الأكثر حاجة للحفظ".
من المقاومة إلى التهميش السياسيبرز الإمام عبد الله هارون في ستينيات القرن الماضي كأول من نقل المقاومة الإسلامية من الطائفية إلى النضال الشامل ضد الأبارتايد. وقد دفع حياته ثمنا لذلك، إذ توفي تحت التعذيب عام 1969 بعد 123 يوما من الاعتقال.
لكن رد فعل المجتمع كان صادماً، إذ ترددت قياداته في إقامة جنازته. ويقول جينا "كتبت صحيفة مسلم نيوز أنه لم يُستشهد من أجل الإسلام بل من أجل السياسة".
وبعد عام 1994، بلغ تمثيل المسلمين ذروته في حكومة مانديلا (10% من الوزراء) لكنه تراجع تدريجيا حتى اختفى تقريبا في حكومة الوحدة الوطنية عام 2024.
يتركز المسلمون في الكيب الغربي بنسبة 6.6% من سكان المقاطعة، ويشكلون نحو نصف مسلمي البلاد. وتأتي كوازولو-ناتال بنسبة 3.2%، ثم غاوتنغ بنسبة 2.8%.
وعرقياً، يشكل الملايو الكيبيون 45%، والهنود 35%، والأفارقة 15%، كما يمثل المهاجرون الجدد 5%.
واقتصاديا، يساهم المسلمون بـ12% من الناتج المحلي (180 مليار راند سنويا) لكن الفوارق الطبقية صارخة، إذ يعيش مسلمو الأحياء الفقيرة مثل هانوفر بارك في بطالة تتجاوز 60%.
وفي المقابل، يخصص المجتمع 500 مليون راند سنويا للتعليم الإسلامي، ويدير 74 مدرسة معتمدة بمعدل نجاح 94% في الثانوية العامة، متفوقاً على المعدل الوطني.
التحديات الثقافية والفنيةرغم القوة الاقتصادية والتعليمية، يواجه المسلمون تحديات معاصرة تتمثل في استمرار العنصرية ضد الأفارقة والصوماليين، والخلافات المذهبية بين الصوفية والسلفية، إضافة إلى تهديد السياحة المفرطة لهوية أحياء تاريخية مثل بو-كاب.
إعلانوثقافيا، يبرز اسم موسيقي الجاز العالمي عبد الله إبراهيم الذي مزج بين الجاز والإيقاعات الأفريقية والروح الإسلامية.
كما يزدهر فن القوالي الصوفي في ديربان وجوهانسبرغ. وأما المطبخ، فيعكس بدوره التنوع: برياني الكيب بالزبيب والبطاطس الحلوة، مقابل برياني ديربان الحار بالتوابل الهندية، إضافة إلى مطابخ باكستانية وصومالية ونيجيرية في غاوتنغ.
شبكة عالمية وهوية متجددةيحافظ المسلمون في جنوب أفريقيا على صلات وثيقة بالعالم الإسلامي، من دعم خليجي لترميم المساجد إلى برامج الحج الممولة.
ويقول بيترسن "لم نكن أبدا مجتمعا معزولا، بل في تدفق مستمر مع حركات إسلامية متنوعة. وهذا التواصل العالمي يثري المجتمع المحلي ويحافظ على حيويته".
ومن المتسلل المجهول عام 1659 إلى مجتمع متنوع يضم 1.6 مليون نسمة اليوم، تظل قصة الإسلام في جنوب أفريقيا مرآة لتعقيدات البلاد نفسها: تاريخ من المنفى والمقاومة، حاضر من التنوع والتحديات، ومستقبل مفتوح على إمكانات كبرى إذا ما نجح المسلمون في تجاوز انقساماتهم الداخلية وتعزيز دورهم في بناء جنوب أفريقيا الجديدة.