يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:

أطلقت إيران وحلفائها في المنطقة أكثر من 300 صاروخ باليستي وطائرة مسيّرة انتحارية على إسرائيل، في أول هجوم مباشر من الأراضي الإيرانية انتقاماً لمقتل قادتها بهجوم جوي إسرائيلي على سفارتها في دمشق.

مع ذلك تقول الولايات المتحدة إن الوضع الحالي لا يقترب من توسع الحرب لتشمل الإقليم، لكن على عكس ذلك وعبرت الصواريخ والطائرات الإيرانية 16 دولة مختلفة في المنطقة.

وردا على الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي شنتها إيران يوم السبت، حلقت الولايات المتحدة بطائرات وأطلقت صواريخ دفاع جوي من ثماني دول على الأقل، في حين أطلقت إيران ووكلاؤها أسلحة من لبنان والعراق وسوريا والحوثيين من اليمن.

وقال الباحث والصحافي أليكس روسي إنها لحظة “خطيرة للغاية” بالنسبة للشرق الأوسط.  ويشير إلى أنه من الصعب للغاية التنبؤ  بما سيحدث، إذ يمكن للضربة أن “تطلق سلسلة من الأحداث” التي تشعل صراعا أوسع.

روزاليند ماثيسون مديرة الأخبار فيEMEA News) ) تقول أيضاً: هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها إيران مقذوفات مباشرة من أراضيها على إسرائيل ، وهو ما يساعد في تفسير مستوى القلق من أن يكون هذا هو السبب وراء صراع أوسع وأعمق في المنطقة.

تم إطلاق حوالي 170 طائرة بدون طيار وأكثر من 30 صاروخ كروز وأكثر من 120 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل ليلة السبت

تجاوز للخطوط

وحتى لو لم يتسبب الهجوم في وقوع إصابات أو أضرار مادية كبيرة في الأراضي المحتلة، فإن التداعيات عميقة. وبعد ضربة دمشق، اعتقد مسؤولو الأمن الإسرائيليون أن إيران لن تنتقم بقواتها، وذلك تماشياً مع السياسة المتبعة منذ فترة طويلة، بالاستهداف في مناطق الوكلاء في حرب الظل، لكن هذا التقييم كان مخطئا.

ويقول المحللون إن إيران بعثت برسالة مفادها أنها مستعدة للتصعيد وتغيير قواعد الاشتباك في حرب الظل التي تخوضها مع إسرائيل.

وقال ماجنوس رانستورب، المستشار الاستراتيجي في جامعة الدفاع السويدية: “إنها طلقة تحذيرية، تقول إنه إذا انتهكت إسرائيل القواعد، فستكون هناك عواقب”.

وقالت مجلة الإيكونوميست: الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل يتجاوز خطًا جديدًا، فمن المحتمل أن تضطر إسرائيل إلى الانتقام: أي تطبيع للضربات المباشرة من قبل إيران أمر غير مقبول بالنسبة للجمهور والقيادة الإسرائيلية.

اقرأ/ي.. اليمن وسياسة القوى العظمى الجديدة.. كيف يقوم التحالف الناشئ بتشكيل العالم؟ تحقيق التوازن

وأدلى بنيامين نتنياهو، رئيس وزارء حكومة الاحتلال، ببيان متلفز قبل الهجوم الإيراني، قال فيه: “لقد وضعت مبدأ واضحا: من يؤذينا نؤذيه”.

وأبلغت إسرائيل الأميركيين والحكومات في المنطقة أن ردها لا مفر منه. وتشمل خياراتها العسكرية إطلاق طائرات بدون طيار وضربات جوية بعيدة المدى على إيران، ربما على قواعد عسكرية أو منشآت نووية. ومن غير المرجح أن تطلق إسرائيل صواريخ من غواصاتها المخصصة لأخطر المواجهات.

لكن منى يعقوبيان، نائبة رئيس مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الأمريكي للسلام، تقول إن إيران تمكنت من تحقيق التوازن بين الرد العلني على الغارة في دمشق وتجنب إثارة المزيد من العمل العسكري الإسرائيلي الذي يؤدي إلى صراع أوسع بكثير.

وقالت يعقوبيان: “كلا (إيران وإسرائيل) قادران في هذه المرحلة على إعلان النصر والتراجع عن الهاوية، خاصة أنه لم يقتل مدنيون إسرائيليون”.

اقرأ/ي.. الحوثيون مركز إقليمي جديد لتصدير الثورة الإيرانية… صنعاء بدلاً من طهران وبيروت! تشكيل رد الفعل الأمريكي

وقال جيمس ماثيوز المحلل السياسي الأمريكي هناك “كل أنواع احتمالات التصعيد” وسيكون الرئيس الأمريكي “لاعباً رئيسياً” في تشكيل رد الفعل الأمريكي.

وأشار إلى أن  حجم الضرر الذي سيلحقه الهجوم الإيراني هو ما سيشكل الرد الإسرائيلي والأمريكي.

وأضاف: “الولايات المتحدة وإسرائيل متفقتان إلى حد كبير في هذه المرحلة ونحن نقترب مما يمكن أن يكون لحظة حاسمة، ليس فقط في صراع الشرق الأوسط، ولكن لحظة حاسمة بالنسبة للرئيس جو بايدن.”

وكان نتنياهو والرئيس جو بايدن على خلاف منذ أشهر بشأن سلوك إسرائيل في غزة حيث ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجازر وحشية بحق الفلسطيين في جرائم إبادة جماعية منذ أكتوبر/تشرين الأول. ومع ذلك، حذر بايدن إيران من اختبار التزامه تجاه إسرائيل. وقال في 12 نيسان/أبريل: “نحن ملتزمون بالدفاع عن إسرائيل”. و نشرت أمريكا قواتها الجوية الخاصة، وأنظمة الدفاع الصاروخي البحرية، التي ساعدت في إسقاط الطائرات والصواريخ الإيرانية إلى جانب القوات البحرية الملكية البريطانية.

أما ما إذا كان بايدن مستعداً لدعم الانتقام الإسرائيلي فهو أمر مختلف. وقد أدت التوترات بالفعل إلى ارتفاع أسعار الطاقة في عام الانتخابات. ارتفع سعر خام برنت إلى أكثر من 90 دولارًا ويمكن أن يرتفع أكثر بعد اختطاف الحرس الثوري الإيراني لسفينة شحن  أثناء عبورها مضيق هرمز، وهو قناة أكثر حيوية لتدفقات الطاقة من البحر الأحمر الذي أغلق جزئياً من قِبل الحوثيين المدعومين من إيران.

 ومع ذلك، يتعرض بايدن لهجوم من الجمهوريين لأنه متساهل للغاية. وفي أعقاب الهجمات، انتقد مايك جونسون، رئيس مجلس النواب، “استرضاء إيران  بعدم مواجهة الحوثيين”. فهل يستخدم بايدن تكثيف الهجمات على الحوثيين لاسترضاء المعارضين لاستراتيجيته تجاه إيران في عام الانتخابات؟!

اقرأ/ي.. تراجع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.. ضغوط إيرانية أم ضعف المخزون؟!

يمن مونيتور15 أبريل، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام التحالفات الاستبدادية الجديدة مقالات ذات صلة التحالفات الاستبدادية الجديدة 15 أبريل، 2024 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض “جسما مشبوها” في البحر الأحمر 14 أبريل، 2024 تقرير حكومي: نشوب أكثر من 34 حريقاً في مخيمات النازحين بمأرب منذ مطلع 2024 14 أبريل، 2024 باير ليفركوزن يحقق الدوري الألماني رسميًا لأول مرة في تاريخه 14 أبريل، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية نجاة قيادي بارز في حزب الإصلاح من محاولة اغتيال شرقي اليمن 14 أبريل، 2024 الأخبار الرئيسية تجاوز حدود حرب الظل.. إسرائيل وإيران تدفعان الشرق الأوسط إلى لحظة خطيرة (تقرير خاص) 15 أبريل، 2024 تقرير حكومي: نشوب أكثر من 34 حريقاً في مخيمات النازحين بمأرب منذ مطلع 2024 14 أبريل، 2024 نجاة قيادي بارز في حزب الإصلاح من محاولة اغتيال شرقي اليمن 14 أبريل، 2024 جبل صبر.. المتنفس الطبيعي البديل عن الحدائق النادرة في مدينة تعز المحاصرة! 14 أبريل، 2024 إيران تعلن انتهاء الرد على إسرائيل! 14 أبريل، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 اخترنا لكم تقرير حكومي: نشوب أكثر من 34 حريقاً في مخيمات النازحين بمأرب منذ مطلع 2024 14 أبريل، 2024 نجاة قيادي بارز في حزب الإصلاح من محاولة اغتيال شرقي اليمن 14 أبريل، 2024 جبل صبر.. المتنفس الطبيعي البديل عن الحدائق النادرة في مدينة تعز المحاصرة! 14 أبريل، 2024 إيران تعلن انتهاء الرد على إسرائيل! 14 أبريل، 2024 شبكة أمريكية: واشنطن تتوقع مشاركة الحوثيين في الرد الإيراني خلال ساعات 14 أبريل، 2024 الطقس صنعاء سماء صافية 19 ℃ 25º - 18º 55% 2.21 كيلومتر/ساعة 25℃ الأثنين 25℃ الثلاثاء 26℃ الأربعاء 25℃ الخميس 25℃ الجمعة تصفح إيضاً تجاوز حدود حرب الظل.. إسرائيل وإيران تدفعان الشرق الأوسط إلى لحظة خطيرة (تقرير خاص) 15 أبريل، 2024 التحالفات الاستبدادية الجديدة 15 أبريل، 2024 الأقسام أخبار محلية 26٬276 غير مصنف 24٬153 الأخبار الرئيسية 13٬232 اخترنا لكم 6٬732 عربي ودولي 6٬323 رياضة 2٬175 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬080 كتابات خاصة 2٬020 منوعات 1٬882 مجتمع 1٬778 تراجم وتحليلات 1٬591 تقارير 1٬511 صحافة 1٬460 آراء ومواقف 1٬432 ميديا 1٬298 حقوق وحريات 1٬249 فكر وثقافة 852 تفاعل 775 فنون 463 الأرصاد 209 أخبار محلية 92 بورتريه 62 كاريكاتير 28 صورة وخبر 25 اخترنا لكم 8 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 أكثر المقالات تعليقاً 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين 19 يوليو، 2022 تامر حسني يثير جدل المصريين وسخرية اليمنيين.. هل توجد دور سينما في اليمن! 27 سبتمبر، 2023 “الحوثي” يستفرد بالسلطة كليا في صنعاء ويعلن عن تغييرات لا تشمل شركائه من المؤتمر أخر التعليقات yahya Sareea

What’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...

Tarek El Noamany

الله يصلح الاحوال store.divaexpertt.com...

Tarek El Noamany

الله يصلح الاحوال...

Fathi Ali Alfaqeeh

الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...

راي ااخر

ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: البحر الأحمر الحوثیین فی على إسرائیل فی المنطقة فی الیمن أکثر من

إقرأ أيضاً:

٧ أكتوبر.. لحظة انكشاف العالم ودور اليمن في كسر معادلة الاقتصاد والهيمنة

 

 

لم يكن السابع من أكتوبر يومًا عاديًا في الوعي الإنساني والسياسي، بل كان زلزالًا استراتيجيًا هزّ أسس النظام العالمي، وفتح باب الحقيقة على مصراعيه: الكيان الصهيوني المحتل الذي كان يُقدَّم كقوة لا تُقهر، تهاوى أمام مشهد المقاومة، وانكشف أمام العالم بوجهه الحقيقي — هشٌّ أمنيًا، مأزوم اقتصاديًا، ومنخور سياسيًا من الداخل.
منذ ذلك اليوم، لم تعد الحرب مجرد معركة ميدانية، بل تحولت إلى اختبارٍ شاملٍ لاقتصاد الاحتلال وقدرته على البقاء. الاقتصاد الإسرائيلي المحتل، الذي طالما تغنّى به الغرب كأنموذج للاستقرار، أصبح اليوم يواجه واحدة من أسوأ أزماته منذ تأسيس الكيان. توقف قطاعات الإنتاج، انهيار السياحة، هروب الاستثمارات، وانخفاض حاد في الثقة بالعملة والأسواق، فيما تضاعفت ميزانية الدفاع لتلتهم ما تبقّى من موارد. كل قبة حديدية تُطلَق، وكل صاروخٍ يُعترض، له ثمنٌ مالي باهظ يزيد من عمق العجز والعناء الداخلي.
ومع اتساع رقعة الحرب، لم يعد العدوّ يواجه فصائل داخل غزة فقط، بل محور مقاومةٍ يتّسع جغرافيًا وروحيًا، يمتدّ من فلسطين إلى لبنان، فالعراق، وصولًا إلى اليمن. هنا تحديدًا دخلت صنعاء بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي كعاملٍ استراتيجيٍّ غيّر المعادلة بالكامل. لم يكن اليمن يتحدث من فراغ حين أعلن أن البحر الأحمر لن يبقى ممرًّا آمنًا لبواخر الاحتلال، بل أثبت بالفعل أن الميدان الاقتصادي أصبح ميدان مواجهة.
كل صاروخٍ يُطلق من اليمن نحو موانئ الاحتلال، وكل تهديدٍ لممرٍ بحريٍّ استراتيجي، يعني خسائر مباشرة في بورصة تل أبيب، وارتفاعًا في تكاليف التأمين والشحن، وتراجعًا في شهية المستثمرين الأجانب. إنها حرب اقتصادية صامتة تخنق الكيان ببطء، وتكشف أن المقاومة لم تعد تُقاس بعدد العمليات العسكرية، بل بقدرتها على زعزعة الأسس المالية التي يعتمد عليها الاحتلال في بقائه.
في المقابل، هرعت واشنطن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فالإدارة الأمريكية واللوبيات الصهيونية، وعلى رأسها جماعات الضغط المالي والإعلامي، تحركت بسرعة لتقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي. مليارات الدولارات تدفقت تحت عنوان “أمن إسرائيل”، لكنّها في الحقيقة كانت محاولات إنعاشٍ اصطناعيٍّ لكيانٍ يحتضر. اللوبيات الصهيونية في واشنطن تعلم أن سقوط الاقتصاد الإسرائيلي يعني سقوط المشروع كله، ولذلك دفعت الكونغرس والإدارة الأمريكية لتخصيص حزم مساعدات عاجلة، بعضها معلن، وبعضها سري، لضمان استمرار عجلة الحرب ولو على حساب المواطن الأمريكي نفسه.
ومع كل دعمٍ جديد، تزداد الأزمة وضوحًا: الاحتلال لم يعد قادرًا على تمويل وجوده دون أن يمدّ يده إلى الخارج. لقد تحوّل إلى عبء اقتصادي على حلفائه، وإلى خطرٍ ماليٍّ على شركاتهم وأسواقهم. فكل عملية مقاومة جديدة تعني تكلفة إضافية في التأمين، وكل تهديدٍ بحريٍّ يرفع أسعار الطاقة عالميًا، ويضع واشنطن في مواجهة اقتصادية مع شعوبها الغاضبة من ارتفاع الأسعار وتضخم الديون.
هكذا نجحت المقاومة — وعلى رأسها اليمن — في نقل المعركة إلى عمق الاقتصاد العالمي، وتحويل نقاط ضعف العدو إلى أوراق ضغط فاعلة. فاليمن لم يواجه بالسلاح فقط، بل قدّم درسًا استراتيجيًا في استخدام الموقع الجغرافي كمفتاحٍ للمواجهة الاقتصادية. حين يُغلق اليمن البحر الأحمر أو يهدد السفن المتجهة إلى الموانئ المحتلة، فإنه يضع العالم أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها: أن الكيان الصهيوني لم يعد محميًا لا بترسانته العسكرية ولا بتحالفاته المالية.
اليوم، يعيش الاقتصاد الإسرائيلي المحتل حالة “الإنعاش المالي الدائم”، لا النمو الطبيعي. معدلات الدين ترتفع، والاستثمار الأجنبي يهرب، والتضخم يتصاعد، والبطالة تلوح في الأفق. ومع كل صاروخ يسقط في سماء غزة، وكل طائرة يمنية تقصف هدفًا استراتيجيًا، تتراجع ثقة العالم بالكيان أكثر، ويزداد يقين العدو بأن زمن الهيمنة الاقتصادية دون ثمن قد انتهى.
ما حاولت أمريكا إخفاءه عبر حملات التضليل الإعلامي أصبح واضحًا: خطة إنقاذ الكيان الصهيوني ليست سوى محاولة لتأجيل سقوطه. واللوبيات التي تحرّك الإعلام والاقتصاد في واشنطن تدرك أن كل دولار يُضَخّ لن يُعيد التوازن إلى اقتصادٍ ينهار من الداخل، لأن أساس قوته كان مبنيًا على وهم الردع والسيطرة، لا على واقع الاستقرار.
لقد أرادوا إنعاش الكيان المتهالك، لكنهم أنعشوا المقاومة وأيقظوا الوعي العالمي. أرادوا إنقاذ اقتصاد الاحتلال، فإذا بالعالم يكتشف أن قوة الشعوب لا تُقاس بالأسواق المالية، بل بالإرادة والسيادة والكرامة. ومن هنا يبرز دور اليمن ليس كداعم معنوي فحسب، بل كقوة إقليمية فرضت حضورها بالعمل لا بالخطاب، وشاركت فعليًا في إسقاط أسطورة “الاقتصاد الحصين”.
في المحصلة، أثبتت الأيام أن السابع من أكتوبر لم يكن مجرد يومٍ في التاريخ، بل لحظة انكشافٍ عالميٍّ شامل: انكشاف الكيان الصهيوني، وانكشاف الغرب الذي يقيس القيم بالأرباح، وانكشاف العجز الأمريكي عن حماية مشروعه المفضل. وبينما تحاول اللوبيات الصهيونية إنعاش كيانٍ يتهاوى، يواصل اليمن ومعه محور المقاومة إعادة كتابة القواعد بلغةٍ جديدة: لغة الردع، والسيادة، والاقتصاد المقاوم.
ولعلّ التاريخ سيكتب ذات يوم أن اليمن — البلد الذي أنهكته الحروب لكنه لم ينحنِ — كان أحد أهم المفاتيح التي فتحت الباب نحو زمنٍ عربيٍّ جديد، لا مكان فيه للهيمنة، ولا بقاء فيه للاحتلال مهما امتلك من المال أو السلاح.

مقالات مشابهة

  • تقرير أمريكي يدعو إلى تحرك غربي لردع الحوثيين وعدم الركون إلى الاتفاقات معهم (ترجمة خاصة)
  • الكاميرات ترصد اللحظة الحاسمة: لحظة تسلّم ترامب ورقة روبيو حول اتفاق حماس وإسرائيل
  • ماذا قال ترامب عن إيران وعملية السلام في الشرق الأوسط؟
  • عاجل | مصادر للجزيرة: الاتفاق قيد الصياغة النهائية مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعد تجاوز كل العقبات الأساسية
  • عبر صفقة الظل.. الصين تنقذ إيران من الحصار الأميركي
  • ليبرمان: جولة جديدة من الحرب بين إسرائيل وإيران تقترب
  • ٧ أكتوبر.. لحظة انكشاف العالم ودور اليمن في كسر معادلة الاقتصاد والهيمنة
  • نتنياهو: غيرنا وجه الشرق الأوسط لنضمن استمرار إسرائيل
  • أرقام قياسية حول تمويل حروب إسرائيل بأموال دافعي الضرائب بأميركا
  • تقرير أمريكي يستبعد أي نهاية قريبة للصراع في اليمن