أكّدت الولايات المتّحدة الأربعاء أنّها تواصل العمل من أجل تأمين عودة جندي أميركي فرّ إلى كوريا الشمالية، رافضة التعليق على تصريحات نسبتها إليه بيونغ يانغ.

وكانت وسائل إعلام رسمية كورية شمالية قد أبلغت في وقت سابق أن الجندي الأميركي ترافيس كينغ يريد اللجوء إلى أرضيها أو أي دولة أخرى بسبب ما وصفته بالمعاملة غير الإنسانية والتمييز العنصري داخل الجيش الأميركي.

ويعد هذا أول اعتراف علني من كوريا الشمالية بعبور كينغ من جارتها الجنوبية في 17 يوليو/ تموز الماضي.

وقال المتحدّث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتل "ما زلنا نركّز على تأمين عودته".

وأوضح أنّ "أولوية الإدارة هي إعادة الجندي كينغ إلى الوطن، ونحن نعمل من خلال جميع القنوات المتاحة لتحقيق هذه النتيجة".

وأكّد باتل أنّه لم يجرِ أيّ اتصال مع كوريا الشمالية منذ بيان الثلاثاء، وأنّ الولايات المتّحدة تبذل جهودا عبر السويد التي ترعى المصالح الأميركية في بيونغ يانغ.

وسبق لواشنطن أن قالت إنّ كينغ عبَر الحدود في المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين الكوريتين الشمالية والجنوبية "عمدا ودون إذن".

The United States has still not received any response from North Korea to its continuing efforts to make contact about Private Travis King, State Department deputy spokesperson Vedant Patel said https://t.co/Lork2935eE pic.twitter.com/uVbGlv4zhL

— Reuters (@Reuters) August 17, 2023

اجراءات تأديبية

وأفاد الجيش الأميركي في وقت سابق أنه كان مقررا أن يعود كينغ، وهو جندي من الصف الثاني جند في 2021، إلى الولايات المتحدة لمواجهة إجراءات تأديبية عندما غادر مطار إنشيون في سول وانضم إلى مجموعة سياح يزورون المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين ثم عبَر الحدود.

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية إن محققين كوريين شماليين خلصوا -أيضا- إلى أن كينغ عبَر عمدا وبشكل غير قانوني بقصد البقاء في كوريا الشمالية أو في دولة ثالثة.

وأضافت الوكالة أن كينغ اعترف خلال التحقيق بأنه قرر القدوم إلى كوريا الشمالية "لشعوره بالضيق من سوء المعاملة غير الإنسانية والتمييز العنصري داخل الجيش الأميركي"، مشيرة إلى أنه "يكنّ ضغينة" للجيش الأميركي.

وتعليقا على هذه الأنباء، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار للصحفيين "نلفت عناية الجميع إلى النظر في المصدر. هذا مهم للغاية".

وأضافت "لا يغير ذلك أي شيء. نريد ضمان عودة آمنة له إلى لوطن".

وكثيراما تسلط الدعاية الكورية الشمالية الضوء على العنصرية في الولايات المتّحدة.

وقبل عبوره الحدود، أوقفت سلطات كوريا الجنوبية ترافيس كينغ فترة بتهمة الاعتداء وكان مقررا إعادته إلى الولايات المتحدة حيث كان من المحتمل أن يواجه إجراء تأديبيا.

كينغ (يسار) يرتدي قميصا أسود اللون أثناء جولة في المنطقة العازلة بين الكوريتين (روتيرز) وضع ومشكلات

ولم يحدد الجيش الأميركي بعد وضع الجندي البالغ من العمر 23 عاما، وهو مؤهل لاعتباره أسير حرب لأنه جندي في الخدمة الفعلية، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لا تزالان في حالة حرب من الناحية النظرية، فقد انتهت الحرب الكورية التي دارت رحاها من 1950 إلى 1953 بهدنة وليس معاهدة سلام، لا تزال شبه الجزيرة الكورية من الناحية الفنية في حالة حرب في حين تشرف قيادة الأمم المتحدة على الهدنة.

وقال مسؤولون أميركيون إن هناك عوامل تحرم كينغ من الحصول على وضع أسير الحرب منها قراره العبور إلى كوريا الشمالية بمحض إرادته بزي مدني.

والتحق كينغ بالجيش الأميركي في يناير/كانون الثاني 2021، وهو أحد أفراد سلاح الفرسان الكشفي ضمن قوة التناوب الكورية، وهو جزء من الالتزام الأمني الأميركي تجاه كوريا الجنوبية.

لكنه يعاني من مشكلات قانونية، إذ تشير وثائق قضائية إلى أنه يواجه زعمين بالاعتداء في كوريا الجنوبية، وأقر في النهاية بأنه مذنب في إحدى واقعتي الاعتداء وتدمير الممتلكات العامة لإلحاق الضرر بسيارة شرطة. وكان من المنتظر أن يواجه المزيد من الإجراءات التأديبية لدى عودته إلى الولايات المتحدة.

وكان كينغ قد أنهى فترة الاعتقال العسكري قبل أن ينقله الجيش الأميركي إلى المطار للعودة إلى وحدته في الولايات المتحدة، لكنه غادر المطار وانضم إلى جولة في المنطقة الحدودية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى کوریا الشمالیة الولایات المتحدة الجیش الأمیرکی إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحول في الرهان الأميركي في سوريا من قسد إلى دمشق

دمشق – تشهد السياسة الأميركية تجاه سوريا تحوّلا كبيرًا تجلى في تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي دعا فيها إلى تولي الحكومة السورية مسؤولية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، تزامنًا مع توقيع أمر تنفيذي برفع جزئي للعقوبات عن دمشق.

وتعكس هذه الخطوة توجها لإعادة رسم أولويات واشنطن وموازين القوى في شمالي شرقي سوريا، وتوجهًا جديدا في مقاربة الوجود الأميركي هناك.

ويهدف الأمر التنفيذي الذي وقع عليه ترامب والذي يتضمن بقاء العقوبات على الرئيس السابق بشار الأسد ومساعديه وبعض الفصائل المدعومة من إيران، إلى دعم الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع بما يعزز استقرار سوريا، ويعيد ترتيب الأولويات الإقليمية مع التركيز على مكافحة الإرهاب.

كما يهدف رفع العقوبات الأميركية عن سوريا أيضًا إلى إزالة العقبات أمام التعافي الاقتصادي للبلاد، ودعم وحدة البلاد، وأن لا توفر ملاذًا للإرهابيين.

الرهانات الأميركية

أوضح الباحث محمود علوش للجزيرة نت أن هذا التوجه يعكس أهمية دور الدولة السورية الجديدة في "مكافحة الإرهاب"، ويتقاطع مع المصالح التركية التي تطالب بأن تكون الدولة السورية هي الجهة الوحيدة المسؤولة في هذا الملف، مما يسحب ورقة مهمة من يد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي استثمرت في ملف مكافحة الإرهاب للحصول على الدعم الأميركي والغربي.

وأكد علوش أن الولايات المتحدة تراهن اليوم على الحكومة السورية الجديدة في رسم مستقبل سوريا ضمن رؤية إقليمية أوسع، مع تقليص الدعم لـ"قسد"، التي لم تعد تحتل مركز التحالف كما في السنوات الماضية.

وأشار علوش إلى أن واشنطن تدفع باتجاه دمج "قسد" ضمن الدولة السورية، وهو أمر يتعارض مع مصالح القوات الكردية وأهدافها، مما يخلق تحديات كبيرة للمرحلة المقبلة.

ويقول علوش إن الولايات المتحدة تسعى إلى تنفيذ اتفاقية الدمج التي تم التوصل إليها بين الرئيس السوري وقائد "قسد" مظلوم عبدي في مارس/آذار الماضي، والتي تعتبر الخيار الأفضل للحفاظ على وحدة سوريا، وتمكين الدولة من مواجهة الإرهاب، ويقول "رغم بطء تنفيذ الاتفاق، فإن واشنطن حريصة على إنجاحه سياسيا وعسكريا".

إعلان

وأضاف أن "معالجة غير صحيحة لقضية قسد قد تخلق فراغات أمنية تستغلها الجماعات الإرهابية، مما يعرض جهود سحب القوات الأميركية للخطر"، كما أكد وجود انسجام بين السياسات الأميركية والتركية في سوريا، أسهم في إنجاح اتفاقية دمشق-قسد، والتوافق في التعامل مع الوضع السوري بشكل عام، بما في ذلك التحديات الإسرائيلية.

مقاتلون من "قسد" في مناورة عسكرية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2022 (الفرنسية) إعادة تقييم

ينعكس هذا التحول الكبير في السياسة الأميركية بشكل خاص على قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت الحليف الميداني الأساسي لواشنطن في شمالي شرقي سوريا، خصوصا مع دعوة ترامب دمشق لتحمّل مسؤولية مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة، وبذلك تضع واشنطن "قسد" تحت ضغط غير مسبوق للاندماج في مؤسسات الدولة السورية.

وكشف مصدر عسكري داخل الجناح العربي لـ"قسد"، في حديث للجزيرة نت، عن وجود مهلة من دمشق حتى نهاية سبتمبر/أيلول المقبل لتنفيذ اتفاق سياسي وأمني شامل، مع تحذير من فرض الاتفاق بالقوة إذا تأخرت "قسد" أو رفضته.

وأشار المصدر إلى انقسامات واضحة داخل قيادة قسد بين من يدعم التسوية السلمية ومن يفضل المواجهة المسلحة، كما ذكر أن مسؤولين أميركيين نقلوا للقيادة الكردية رسالة مفادها أنه لا بديل عن الالتزام بالاتفاق مع دمشق، وأن واشنطن لن توفر أي غطاء عسكري لقسد في حال نشوب صراع، مؤكّدين دعمهم الكامل للحكومة السورية باعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة.

وأضاف أن المقاتلين العرب ضمن صفوف قسد سيلتحقون مباشرة بهياكل وزارة الدفاع السورية، في حين يُنتظر دمج العناصر الكردية في كيان عسكري مستقل داخل الجيش السوري شرقي البلاد، كما تحدث عن خطة لتسليم مدينتي الرقة والطبقة وحقول النفط للنظام خلال الفترة القادمة.

كما أشار عضو منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة" الدكتور بكر غبيس، في حديثه للجزيرة نت، أن هناك توجهًا أميركيا لإعادة تموضع الدور العسكري في سوريا، مع احتمال انسحاب تدريجي من مناطق الشمال الشرقي بسبب تراجع مبررات البقاء المرتبطة بمحاربة تنظيم الدولة.

وبيّن غبيس أن العلاقة بين واشنطن وقسد لم تكن تحالفًا إستراتيجيًا بقدر ما كانت "ترتيبات مؤقتة لخدمة هدف محدد"، ومع تلاشي هذا الهدف بدأت إعادة تقييم دور قسد، مع توجهات لإدماجها ضمن مؤسسات الدولة أو تقليل دورها ككيان منفصل.

وأوضح غبيس أن ملف سجون تنظيم الدولة استُخدم كورقة ضغط من قبل قسد على المجتمع الدولي، مما أثار انزعاجا داخل دوائر صنع القرار الأميركي، وبيّن أن الطرح التركي لتسليم هذه السجون لدمشق يتقاطع مع رغبة أميركية وإقليمية أوسع لإنهاء هذا الملف بشكل نهائي.

يؤكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية فراس علاوي، في حديثه للجزيرة نت، أن تصريحات ترامب تعكس اعترافًا ضمنيا بشرعية الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، وسعيًا لدمج "قسد" في الدولة السورية، وأوضح أن هناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين الجانبين، رغم الوتيرة البطيئة بسبب رفض تيار قوي داخل قسد أي تقارب مع دمشق.

إعلان

وشدد علاوي على أن الولايات المتحدة تضغط على قسد لتسوية قد تؤدي إلى تسليم تدريجي للجغرافيا التي تسيطر عليها، وأن الحكومة السورية ستكون البديل الأبرز في حال انسحاب القوات الأميركية.

وعلى الرغم من نفي قسد وجود تحضيرات لحملة أمنية ضد فلول تنظيم الدولة، فإن أنباء التحركات العسكرية والتصعيد الميداني تثير تساؤلات عن مستقبل قسد المدعومة أميركيا، خاصة مع اقتراب تسوية محتملة مع دمشق.

الرؤية التركية

يقول الصحفي والباحث التركي إسماعيل جوكتان للجزيرة نت إن ترامب عبّر عن رغبة باستقرار سوريا، وأن البديل الوحيد للقوات الأميركية في المنطقة لمواصلة ملاحقة تنظيم الدولة هو تركيا، مضيفا أن الأخيرة طالبت منذ البداية أن تكون شريكا لأميركا في محاربة التنظيم بدلًا من قسد، التي تعتبرها منظمة إرهابية.

وذكر جوكتان أن التوجهات الأميركية الحالية تصب في مصلحة تركيا، خصوصًا مع استمرار مسار السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، وأوضح أن واشنطن ترى في الحكومة السورية الجديدة شريكًا في جهود السلام وعدم مهاجمة الأكراد، بل ودمجهم في المجتمع والسياسة السورية.

وأشار جوكتان إلى أن هذا التوجه يتماشى مع سياسة ترامب، التي تركز على استقرار سوريا، مع إعادة توجيه الاهتمام نحو تحديات إقليمية وعالمية أكبر مثل الصين وحروب إسرائيل.

ولفت إلى أن لقاء ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع وقرار رفع العقوبات يعكسان اعترافًا أميركيا بالحكومة السورية الجديدة، ويفتحان الباب أمام حل العديد من المشاكل العالقة بين واشنطن ودمشق.

مقالات مشابهة

  • لأول مرة كوريا الشمالية تكشف عن مقتل جنود لها في أوكرانيا
  • تحول في الرهان الأميركي في سوريا من قسد إلى دمشق
  • زعيم كوريا الشمالية يحضر جنازة جنود قتلوا في معارك أوكرانيا
  • تنصّت أميركي يكشف ارتباكًا إيرانيًا بعد ضربات واشنطن
  • بعد إيران.. هل تستطيع أميركا تنفيذ السيناريو نفسه في كوريا الشمالية؟
  • ضربات ترامب على إيران تعزز تمسّك كوريا الشمالية بترسانتها النووية.. نظرة على تجاربها
  • لماذا أصبحت كوريا الشمالية أكثر إصرارا على الاحتفاظ بأسلحتها النووية؟
  • تنصت أميركي على اتصالات إيرانية بعد ضربات واشنطن.. ماذا كشف؟
  • أين أوروبا من نزاعات الشرق الأوسط في زمن القرار الأميركي؟
  • الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في شمال قطاع غزة